اليوم العالمي للمراة
أوصى الإسلام برعاية الأنثى، سواء كانت ابنة أم زوجة أم أمّاً؛ بل وأكد على رعاية حقوقها حتى في حال العبودية، ففي حديث الثلاثة الذين يؤتيهم الله أجرهم مرتين ذكر صلى الله عليه وسلم (( الرجل تكون له الأمة، فيعلمها فيحسن تعليمها، ويؤدبها فيحسن أدبها، ثم يعتقها فيتزوجها، فله أجران )) رواه البخاري.
فأما المرأة حين تكون أمّاً فللإسلام معها شأن آخر، فلئن كانت النصوص التي تأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما كثيرة في القرآن والسنة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّم حق الأم على حق الأب، فاعتبرها أحق العالمين بحسن صحبة الابن وأولى الناس ببره وإحسانه
فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (( أمك ))، قال: ثم من؟ قال: (( ثم أمك )) ، قال: ثم من؟ قال: (( ثم أمك ))، قال: ثم من؟ قال: (( ثم أبوك )) رواه البخاري ومسلم.
وأما الزوجة فهي شريكة الرجل في بيته، تشاركه السراء والضراء، وما فتئ النبي يوصي بها مرة بعد مرة، حتى إذا اجتمع أمامه مائة ألف من أصحابه في حجة الوداع قام فخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه وقال: (( ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم [أي مثل الأسيرات عندكم] .. ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً )).أخرجه الترمذي وابن ماجه .
وما زال صلى الله عليه وسلم يوصي بحق المرأة، ويحذر الرجل من الاغترار بقوته وظلمها والإضرار بها، فيشهد الله على تأكيده على حقها وبراءته ممن آذاها: (( اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة )).أخرجه ابن ماجه وأحمد.
والزوجة درة مصانة، لا يلزمها أن تكدح وتشقى بالعمل لتضمن مكاناً لها في بيت الزوجية، فهذا ليس من واجباتها ولا هو متناسب مع أنوثتها وطبيعة مهمتها السامية في إدارة بيتها وتربية أبنائها وإعطائهم حقهم من الحنو والرعاية (( كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته. .. والرجل راعٍ في أهله، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها )).أخرجه البخاري ومسلم.
والأنثى – في الإسلام – مكفولة النفقة، أمّاً كانت أو زوجة، أختاً كانت أو ابنة، فمن واجب الرجل الإنفاق على الأسرة عموماً وعلى الزوجة خصوصاً، ولو كانت ذات مال ووظيفة،
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في خطبة يوم عرفة العظيم وفي أكبر اجتماع لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: (( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )).أخرجه مسلم
وأوجب الله تعالى للزوجة السكن الكريم المتناسب مع قدرة الزوج المالية قال تعالى (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ) (الطلاق: 6)، وكذا أوجب لها العشرة بالمعروف حال الحب وفي حال الكراهية (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ) (النساء 19).
وهذه العشرة للزوجة بالمعروف تصبح ميزاناً للخيرية عند الله يستبق فيه المسلمون إلى محبة الله ورضاه، فقد قال صلى الله عليه وسلم ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)) أخرجه الترمذي وابن ماجه ، وفي رواية: ((إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله)). أخرجه الترمذي وأبوداود وأحمد.
وهكذا فالعلاقة الزوجية سلسلة متبادلة من الحقوق والواجبات، وهي قائمة على مبدأ الأخذ والعطاء (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ) (البقرة: 288)، وهذه الدرجة هي القوامة.
وليس هذا التفضيل بسبب قعود جنس النساء عن جنس الرجال ، بل تفضيل متناسب مع ما أودعه الله في الرجل من استعدادات فطرية تلائم مهمته وتتناسب أيضاً مع دوره في إدارة الأسرة والإنفاق عليها، كما قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) (النساء: 34).
تقول الصحفية الإنجليزية روز ماري هاو: ” إن الإسلام قد كرم المرأة وأعطاها حقوقها كإنسانة، وكامرأة، وعلى عكس ما يظن الناس من أن المرأة الغربية حصلت على حقوقها.. فالمرأة الغربية لا تستطيع مثلاً أن تمارس إنسانيتها الكاملة وحقوقها مثل المرأة المسلمة. فقد أصبح واجباً على المرأة في الغرب أن تعمل خارج بيتها لكسب العيش. أما المرأة المسلمة فلها حق الاختيار، ومن حقها أن يقوم الرجل بكسب القوت لها ولبقية أفراد الأسرة. فحين جعل الله للرجال القوامة على النساء كان المقصود هنا أن على الرجل أن يعمل ليكسب قوته وقوت عائلته. فالمرأة في الإسلام لها دور أهم وأكبر مجرد الوظيفة، وهو الإنجاب وتربية الأبناء، ومع ذلك فقد أعطى الإسلام للمرأة الحق في العمل إذا رغبت هي في ذلك، وإذا اقتضت ظروفها ذلك“
وما زالت مجتمعات المسلمين ترعى هذه الحقوق حق الرعاية ، مما جعل للمرأة قيمة واعتباراً لا يوجد لها عند المجتمعات غير المسلمة.ثم إن للمرأة في الإسلام حق التملك ، والإجارة ، والبيع ، والشراء ، وسائر العقود.ولها حق التعلم ، والتعليم ، بما لا يخالف دينها ، بل إن من العلم ما هو فرض عين يأثم تاركه ذكراً كان أم أنثى.بل إن لها ما للرجال إلا بما تختص به من دون الرجال ، أو بما يختصون به دونها من الحقوق والأحكام التي تلائم كلا منهما على نحو ما هو مفصل في مواضعه.
ومن إكرام الإسلام للمرأة أن أمرها بما يصونها ، ويحفظ كرامتها ، ويحميها من الألسنة البذيئة ، والأعين الغادرة ، والأيدي الباطشة ؛ فأمرها بالحجاب والستر ، والبعد عن التبرج ، وعن الاختلاط بالرجال الأجانب ، وعن كل ما يؤدي إلى فتنتها.ومن إكرام الإسلام لها أن أمر الزوج بالإنفاق عليها ، وإحسان معاشرتها ، والحذر من ظلمها ، والإساءة إليها.
ومن المحاسن – أيضا – أن أباح للزوجين أن يفترقا إذا لم يكن بينهما وفاق ، ولم يستطيعا أن يعيشا عيشة سعيدة ؛ فأباح للزوج طلاقها بعد أن تخفق جميع محاولا ت الإصلاح ، وحين تصبح حياتهما جحيماً لا يطاق.وأباح للزوجة أن تفارق الزوج إذا كان ظالما لها ، سيئا في معاشرتها ، فلها أن تفارقه على عوض تتفق مع الزوج فيه ، فتدفع له شيئاً من المال ، أو تصطلح معه على شيء معين ثم تفارقه.
الكاتبة : سناء الهاشمية
×××××