هداية الدلالة وهداية المعونة
هداية الدلالة وهداية المعونة
الهداية نوعان : هداية دلالة وهداية معونة .... هداية الدلالة هي للناس جميعا ... وهداية المعونة هي للمؤمنين فقط المتبعين لمنهج الله ...
والله - سبحانه وتعالى - هدى كل عباده هداية دلالة أي دلهم على طريق الخير وبينه لهم ... فمن أراد أن يتبع طريق الخير اتبعه ... ومن أراد ألا يتبعه تركه الله لما أراد ...
هذه الهداية العامة هي أساس البلاغ عن الله ... فقد بين لنا الله - تبارك وتعالى - في منهجه بافعل ولا تفعل ما يرضيه وما يغضبه ... وأوضح لنا الطريق الذي نتبعه لنهتدي .. والطريق الذي لو سلكناه حق علينا غضب الله وسخطه ... ولكن هل كل من بين له الله - سبحانه وتعالى -طريق الهداية اهتدى ؟ نقول لا .. واقرأ قوله - جل جلاله - :
" وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "
إذن هناك من لا يأخد طريق الهداية بالاختيار الذي أعطاه الله له ... فلو أن الله - سبحانه وتعالى - أرادنا جميعا مهديين .. ما استطاع واحد من خلقة أن يخرج على مشيئته .. ولكنه - جل جلاله -خلقنا مختارين لنأتيه عن حب ورغبة بدلا من أن يقهرنا على الطاعة ... ما الذي يحدث للذين اتبعوا طريق الهداية والذين لم يتبعوه وخالفوا مراد الله الشرعي في كونه ؟؟
الذين اتبعوا طريق الهداية يعينهم الله - سبحانه وتعالى - عليه ويحببهم في الإيمان والتقوى و يحببهم في طاعته ... واقرأ قوله - تبارك وتعالى - في سورة محمد :
" وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ "
أي أن كل من يتخذ من طريق الهداية يعينه الله عليه ... و يزيده تقوى
و حبا في الدين ... أما الذين إذا جاءهم الهدى ابتعدوا عن منهج الله
و خالفوه فإن الله - تبارك وتعالى - يتخلى عنهم ويتركهم في ضلالهم .. واقرأ قوله - تعالى - في سورة الزخرف :
" وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ "
والله -سبحانه وتعالى - قد بين لنا المحرومين من هداية المعونة على الإيمان هم ثلاثة كما بينهم لنا في القرآن الكريم :
" ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ "
" ذَلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ "
" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
إذن فالمطرودون من هداية الله في المعونة على الإيمان هم الكافرون والفاسفون والظالمون ... الحق - سبحانه وتعالى - يقول : " اهدنا الصراط المستقيم " ما هو الصراط ؟؟ ... إنه الطريق الموصلة إلى الغاية .. ولماذا نص على أنه الصراط المستقيم .. لأن الله - سبحانه وتعالى - وضع لنا في منهجه الطريق المستقيم ... وهو أقصر الطرق إلى تحقيق الغاية .. فأقصر طريق بين نقطتين هو الطريق المستقيم .. ولذلك إذا كنت تقصد مكانا فأقصر طريق تسلكه هو الطريق الذي لا اعوجاع فيه و لكنه مستقيم تماما...
و لا تحسب أن البعد عن الطريق المستقيم يبدأ باعوجاج كبير ... بل باعوجاج صغير جدا و لكنه ينتهي إلى بعد كبير .
من خواطر الإمام الشعراوي - رحمه الله -