جهات الغواية
جهات الغواية
يقول الله - تعالى - حكاية عن إبليس - عليه لعائن الله - :
" ثمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ "
هذه هي جهات الغواية التي يأتي منها إبلييس ... من بين أيديهم أي من أمامهم وهذه هي الجهة الأولى ... ومن خلفهم أي من ورائهم وهذه هي الجهة الثانية ... وعن أيمانهم أي من اليمين وهذه هي الجهة الثالثة .. و عن شمائلهم أي من الشمال وهذه هي الجهة الرابعة ... وكلنا يعلم أن الجهات ست وليست أربعا ... فما هما الجهتان اللتان لا يأتي منهما الشيطان ؟؟؟
هما فوق و تحت ... هرب إبليس من هاتين الجهتين بالذات .. و لم يقل سآتي لهم من فوقهم أو من تحتهم ، لأنه يعلم أن الجهة العليا تمثل الفوقية الالهية ... وأن الجهة السفلى تمثل العبويدة البشرية حينما يسجد الإنسان لله ( إن الشيطان إذا نودي للصلاة أدبر )... ولذلك ابتعد إبليس عن هاتين الجهتين تماما .
ومن العجيب أنك إذا نظرت الى أبواق الإلحاد في كل عصر ... تجدها تأتي من الجهات التي يأتي منها الشيطان . يقولون تقدمي ( جهة الإمام ) ... و رجعي ( جهة الخلف ) ويميني ( جهة اليمين ) ... و يساري ( جهة اليسار ) .. نقول لهم نحن لسنا في أي جهة من هذه الجهات ... لا تقدميين ندعو إلى التحلل والفجور ... ولا رجعيين نقول هذا ما وجدنا عليه آباءنا ... ولا يساريين ننكر الدين ونناصر الكفر ... و لا يمينين نؤمن بالرأسمالية واستغلال الإنسان ... و لكننا أمة محمدية فوقية .. كل أمورنا من الله وما دامت أمورنا من الله - سبحانه وتعالى - فنحن لا نخضع لمساو لنا ، و لكننا نخضع لله العلي القدير ... و ما دمت تخضع لأعلى منك .. فلا ذلة أبدا بل عزة و رفعة .. مصداقا لقوله - تبارك وتعالى - في كتابه الكريم :
"يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ? وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ "
فنحن أمة محمدية فوقية ... نعلن عبوديتنا وخضوعنا لله - عز وجل - .. ونتبع منهج السماء .. ولذلك فقد تميزنا عن البشر جميعا لأن كل إنسان في الدينا لا يخضع لله - سبحانه وتعالى - و لا يأخذ منهجه عنه فهو خاضع لمنهج بشري وضعه مساو له من البشر ...
من خواطر الإمام الشعرواي - رحمه الله -