هيبة الجنيه المصرى
فى الماضى القريب كان الجنية المصرى له قيمته فيمكنك أن تفكه إلى عملة صغيرة فئة العشرة قروش والخمسة قروش وكان يشترى الحلوى والكبريت والمناديل الورقية وتذكرة الأتوبيس ويمكنك أيضًا أن تتصدق بجزء منه؛ وعندما ظهر الجنيه الفضة قوبل من الناس إعراضًا ورفضًا وظهر ذلك واضحًا فى بداية التعامل به، فى محاولة للمحافظة على هيبة الجنيه الورقى الذى رفض العقل الباطن أن يساويه بالخمسين قرشًا والربع جنيه الفضية وتحوله إلى المستوى الفضى، كان يبدو وكأنه انتقاص من مكانته.
وسرعان ما فرض الجنيه الفضى سطوته وفقد الجنيه الورقى هيبته وتضاءلت قيمته؛ فلم يعد الجنيه الفضى يقوى على شراء الأشياء البسيطة التى كان يشتريها فى الماضى القريب وحتى الربع جنيه الذى كان يصلح لشراء بعض الأشياء مثل المناديل والشيبسى وبعض الحلوى لم يعد قادرًا على الحفاظ على نفسه فأهدرت كرامته وأصبح شيئًا تافهًا لا قيمة له فى التعامل، فيتجاهله المتعاملون به ولايقيمون له وزنًا وقد تجد حرجًا عندما تتمسك به فى أى مكان. وتعانى الخمسين قرشًا الآن من المعاناة التى يتعرض لها الربع جنيه.
وإذا أقدمت على التصدق فلا تجرؤ على استخدام هذه العملة التى باتت تترنح فى الأسواق. إن أجيال الستينات والسبعينات يتذكرون جيدًا الجنيه أو كما كان يحلو للبعض أن يطلق عليه اللحلوح.
كان يفوق عدد من العملات العربية وينظر للجنيه السودانى والليرة اللبنانية من علياء وويسبق فى القيمة الريال السعودى ويناطح الدرهم الإماراتى ولا يسمح للدولار الأمريكى أن يصرعه أرضًا.
كان الجنيه المصرى فى مكانته اللائقة بين أقرانه من العملات الأخرى يصرعهم أحيانًا ويصرعونه أحيانا. أما الآن فقد دخل الجنيه مرحلة الشيخوخة المبكرة ويحتاج إلى معجزة حقيقية ليعود إلى سالف عهده، وقد كتب الطبيب الاقتصادى الروشتة بالعلاج للجنيه المصاب وهى عبارة عن عدد من الأدوية الناجعة والعلاجات الشافية لا تجدها إلا فى زيادة الإنتاج وتنشيط السياحة وترشيد الاستهلاك، والتقليل من الواردات وزيادة الصادرات وتشجيع الاستثمار العربى والأجنبى وتوفير الرعاية لهم، وإعادة الأمن كاملا فى ربوع الوطن. وإذا قدمنا هذه الروشته بالعلاج للجنيه وحافظ على تنفيذ تعليمات الطبيب بكل عناية فسيتعود إليه عافيته وهيبته، وإذا أهمل العلاج وتكاسل عنه فسرعان مايفقد المزيد من وزنه وقيمته.