مولد النبي
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر نسب سيد البشر
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو القاسم سيد المرسلين ، وخاتم النبيين .
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، واسم عبد المطلب شيبة بن هاشم واسمه عمرو ، بن عبد مناف واسمه المغيرة ، بن قصي واسمه زيد ، بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ، واسمه عامر ، بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، وعدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم صلى الله عليهما وعلى نبينا وسلم - بإجماع الناس .
لكن اختلفوا فيما بين عدنان وبين إسماعيل من الآباء ، فقيل : بينهما تسعة آباء ، وقيل : سبعة ، وقيل مثل ذلك عن جماعة . لكن اختلفوا في أسماء بعض الآباء ، وقيل : بينهما خمسة عشر أبا ، وقيل : بينهما أربعون أبا وهو بعيد ، وقد ورد عن طائفة من العرب ذلك .
وأما عروة بن الزبير ، فقال : ما وجدنا من يعرف ما وراء عدنان ولا قحطان إلا تخرصا .
وعن ابن عباس قال : بين معد بن عدنان وبين إسماعيل ثلاثون أبا ، قاله هشام ابن الكلبي النسابة ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، ولكن هشام وأبوه متروكان .
[ ص: 30 ] وجاء بهذا الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انتهى إلى عدنان أمسك ويقول : " كذب النسابون قال الله تعالى : ( وقرونا بين ذلك كثيرا ( 38 ) ) [ الفرقان ] .
وقال أبو الأسود يتيم عروة : سمعت أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، وكان من أعلم قريش بأنسابها وأشعارها يقول : ما وجدنا أحدا يعلم ما وراء معد بن عدنان في شعر شاعر ولا علم عالم .
قال هشام ابن الكلبي : سمعت من يقول : إن معدا كان على عهد عيسى ابن مريم عليه السلام .
وقال أبو عمر بن عبد البر : كان قوم من السلف منهم عبد الله بن مسعود ، ومحمد بن كعب القرظي ، وعمرو بن ميمون الأودي إذا تلوا : ( والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله ( 9 ) ) [ إبراهيم ] قالوا : كذب النسابون . قال أبو عمر : ومعنى هذا عندنا على غير ما ذهبوا إليه ، وإنما المعنى فيها والله أعلم : تكذيب من ادعى إحصاء بني آدم . وأما أنساب العرب فإن أهل العلم بأيامها وأنسابها قد وعوا وحفظوا جماهيرها وأمهات قبائلها ، واختلفوا في بعض فروع ذلك .
والذي عليه أئمة هذا الشأن أنه : عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل ابن آزر ، واسمه تارح بن ناحور بن ساروح بن راعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام ابن لامك بن متوشلخ بن خنوخ ، وهو إدريس عليه السلام ، بن يرد بن مهليل بن قينن بن يانش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام . قال : وهذا الذي اعتمده محمد بن إسحاق في السيرة ، وقد اختلف أصحاب ابن إسحاق عليه في بعض الأسماء .
[ ص: 31 ] قال ابن سعد : الأمر عندنا الإمساك عما وراء عدنان إلى إسماعيل .
وروى سلمة الأبرش ، عن ابن إسحاق هذا النسب إلى يشجب سواء ، ثم خالفه فقال : يشجب بن يانش بن ساروغ بن كعب بن العوام بن قيذار بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهم السلام .
وقال ابن إسحاق : يذكرون أن عمر إسماعيل مائة وثلاثون سنة ، وأنه دفن في الحجر مع أمه هاجر .
وقال عبد الملك بن هشام : حدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي ، عن شيبان بن زهير ، عن قتادة ، قال : إبراهيم خليل الله هو ابن تارح بن ناحور بن أشرع بن أرغو بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن هنوخ بن يرد بن مهلاييل بن قاين بن أنوش بن شيث بن آدم .
وروى عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه ، أنه وجد نسب إبراهيم عليه السلام في التوراة : إبراهيم بن تارح بن ناحور بن شروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متشالخ بن خنوخ ، وهو إدريس ، بن يارد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم .
وقال ابن سعد : حدثنا هشام ابن الكلبي ، قال : علمني أبي وأنا غلام نسب النبي صلى الله عليه وسلم : محمد ، الطيب المبارك ولد عبد الله بن عبد المطلب ، واسمه شيبة الحمد بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن [ ص: 32 ] مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
قال أبي : وبين معد وإسماعيل نيف وثلاثون أبا ، وكان لا يسميهم ولا ينفذهم .
قلت : وسائر هذه الأسماء أعجمية ، وبعضها لا يمكن ضبطه بالخط إلا تقريبا .
وقد قيل في قوله تعالى : ( وفصيلته التي تؤويه ( 13 ) ) [ المعارج ] : فصيلة النبي صلى الله عليه وسلم بنو عبد المطلب أعمامه وبنو أعمامه ، وأما فخذه فبنو هاشم . قال : وبنو عبد مناف بطنه ، وقريش عمارته ، وبنو كنانة قبيلته ، ومضر شعبه .
قال الأوزاعي : حدثني شداد أبو عمار ، قال : حدثني واثلة بن الأسقع ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى هاشما من قريش ، واصطفاني من بني هاشم " . رواه مسلم .
وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، فهي أقرب نسبا إلى كلاب من زوجها عبد الله برجل .
مولده المبارك صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق ، قال : أخبرنا أحمد بن أبي الفتح ، والفتح بن عبد الله ، قالا : أخبرنا محمد بن عمر الفقيه ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور ، قال : أخبرنا علي بن عمر الحربي ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي ، قال : حدثنا يحيى بن معين ، قال : حدثنا حجاج بن محمد ، قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل " . صحيح .
وقال ابن إسحاق : حدثني المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة ، عن أبيه ، عن جده قيس بن مخرمة بن عبد المطلب ، قال : " ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل . كنا لدين " أخرجه الترمذي ، وإسناده حسن .
وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي : حدثنا سليمان النوفلي ، عن أبيه ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، قال : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل ، وكانت عكاظ بعد الفيل بخمس عشرة ، وبني البيت على رأس خمس وعشرين سنة من الفيل . وتنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس أربعين سنة من الفيل .
وقال شباب العصفري : حدثنا يحيى بن محمد ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عمران ، قال : حدثني الزبير بن موسى ، عن أبي [ ص: 34 ] الحويرث ، قال : سمعت قباث بن أشيم يقول : أنا أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أكبر مني ، وقفت بي أمي على روث الفيل محيلا أعقله ، وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل " .
يحيى هو أبو زكير ، وشيخه متروك الحديث .
وقال موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب قال : بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم على رأس خمس عشرة سنة من بنيان الكعبة ، وكان بين مبعثه وبين أصحاب الفيل سبعون سنة . كذا قال .
وقد قال إبراهيم بن المنذر وغيره : هذا وهم لا يشك فيه أحد من علمائنا . إن رسول الله ولد عام الفيل وبعث على رأس أربعين سنة من الفيل .
وقال يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن ابن أبزى ، قال : كان بين الفيل وبين مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين . وهذا قول منقطع .
وأضعف منه ما روى محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، وهو ضعيف ، قال : حدثنا عقبة بن مكرم ، قال : حدثنا المسيب بن شريك ، عن شعيب بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : حمل برسول الله صلى الله عليه وسلم في عاشوراء المحرم ، وولد يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان سنة ثلاث وعشرين من غزوة أصحاب الفيل . وهذا حديث ساقط كما ترى .
وأوهى منه ما يروى عن الكلبي - وهو متهم ساقط عن أبي صالح باذام ، عن ابن عباس ، قال : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفيل بخمس عشرة سنة . قد تقدم ما يبين كذب هذا القول عن ابن عباس بإسناد صحيح .
قال خليفة بن خياط : المجمع عليه أنه ولد عام الفيل .
[ ص: 35 ] وقال الزبير بن بكار : حدثنا محمد بن حسن ، عن عبد السلام بن عبد الله ، عن معروف بن خربوذ وغيره من أهل العلم ، قالوا : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل ، وسميت قريش " آل الله " وعظمت في العرب . ولد لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول ، وقيل : من رمضان يوم الاثنين حين طلع الفجر .
وقال أبو قتادة الأنصاري : سأل أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تقول في صوم يوم الاثنين ؟ قال : " ذاك يوم ولدت فيه وفيه أوحي إلي " . أخرجه مسلم .
وقال عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب وغيره ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد في ليلة الاثنين من ربيع الأول عند ابهرار النهار .
وروى ابن إسحاق قال : حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة ، قال : حدثني من شئت من رجال قومي ، عن حسان بن ثابت ، قال : إني والله لغلام يفعة ، إذ سمعت يهوديا وهو على أطمة يثرب يصرخ : يا معشر يهود ، فلما اجتمعوا إليه ، قالوا : ويلك ما لك ؟ قال : طلع نجم أحمد الذي يبعث به الليلة .
وقال ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ، عن حنش ، عن ابن عباس ، قال : ولد نبيكم صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ونبئ يوم الاثنين ، وخرج من مكة يوم الاثنين ، وقدم المدينة يوم الاثنين ، وتوفي يوم الاثنين . رواه أحمد في مسنده ، وأخرجه الفسوي في [ ص: 36 ] تاريخه .
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي في " السيرة " من تأليفه ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، قال : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لعشر ليال خلون من ربيع الأول ، وكان قدوم أصحاب الفيل قبل ذلك في النصف من المحرم .
وقال أبو معشر نجيح : ولد لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول .
قال الدمياطي : والصحيح قول أبي جعفر ، قال : ويقال : إنه ولد في العشرين من نيسان .
وقال أبو أحمد الحاكم : ولد بعد الفيل بثلاثين يوما . قاله بعضهم : قال : وقيل بعده بأربعين يوما .
قلت : لا أبعد أن الغلط وقع من هنا على من قال ثلاثين عاما أو أربعين عاما ، فكأنه أراد أن يقول يوما فقال عاما .
وقال الوليد بن مسلم ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن عطاء الخراساني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن عبد المطلب ختن النبي صلى الله عليه وسلم يوم سابعه ، وصنع له مأدبة وسماه محمدا .
وهذا أصح مما رواه ابن سعد : أخبرنا يونس بن عطاء المكي ، قال : حدثنا الحكم بن أبان العدني ، قال حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس ، عن أبيه العباس قال : ولد النبي صلى الله عليه وسلم مختونا مسرورا ، فأعجب ذلك عبد المطلب وحظي عنده ، وقال : ليكونن لابني هذا شأن .
تابعه سليمان بن سلمة الخبائري ، عن يونس ، لكن أدخل فيه بين يونس والحكم : عثمان بن ربيعة الصدائي .
[ ص: 37 ] قال شيخنا الدمياطي : ويروى عن أبي بكرة ، قال : ختن جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طهر قلبه .
قلت : هذا منكر .
وللحديث بقيه.....
ذكر نسب سيد البشر
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو القاسم سيد المرسلين ، وخاتم النبيين .
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، واسم عبد المطلب شيبة بن هاشم واسمه عمرو ، بن عبد مناف واسمه المغيرة ، بن قصي واسمه زيد ، بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ، واسمه عامر ، بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، وعدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم صلى الله عليهما وعلى نبينا وسلم - بإجماع الناس .
لكن اختلفوا فيما بين عدنان وبين إسماعيل من الآباء ، فقيل : بينهما تسعة آباء ، وقيل : سبعة ، وقيل مثل ذلك عن جماعة . لكن اختلفوا في أسماء بعض الآباء ، وقيل : بينهما خمسة عشر أبا ، وقيل : بينهما أربعون أبا وهو بعيد ، وقد ورد عن طائفة من العرب ذلك .
وأما عروة بن الزبير ، فقال : ما وجدنا من يعرف ما وراء عدنان ولا قحطان إلا تخرصا .
وعن ابن عباس قال : بين معد بن عدنان وبين إسماعيل ثلاثون أبا ، قاله هشام ابن الكلبي النسابة ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، ولكن هشام وأبوه متروكان .
[ ص: 30 ] وجاء بهذا الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انتهى إلى عدنان أمسك ويقول : " كذب النسابون قال الله تعالى : ( وقرونا بين ذلك كثيرا ( 38 ) ) [ الفرقان ] .
وقال أبو الأسود يتيم عروة : سمعت أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، وكان من أعلم قريش بأنسابها وأشعارها يقول : ما وجدنا أحدا يعلم ما وراء معد بن عدنان في شعر شاعر ولا علم عالم .
قال هشام ابن الكلبي : سمعت من يقول : إن معدا كان على عهد عيسى ابن مريم عليه السلام .
وقال أبو عمر بن عبد البر : كان قوم من السلف منهم عبد الله بن مسعود ، ومحمد بن كعب القرظي ، وعمرو بن ميمون الأودي إذا تلوا : ( والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله ( 9 ) ) [ إبراهيم ] قالوا : كذب النسابون . قال أبو عمر : ومعنى هذا عندنا على غير ما ذهبوا إليه ، وإنما المعنى فيها والله أعلم : تكذيب من ادعى إحصاء بني آدم . وأما أنساب العرب فإن أهل العلم بأيامها وأنسابها قد وعوا وحفظوا جماهيرها وأمهات قبائلها ، واختلفوا في بعض فروع ذلك .
والذي عليه أئمة هذا الشأن أنه : عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل ابن آزر ، واسمه تارح بن ناحور بن ساروح بن راعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام ابن لامك بن متوشلخ بن خنوخ ، وهو إدريس عليه السلام ، بن يرد بن مهليل بن قينن بن يانش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام . قال : وهذا الذي اعتمده محمد بن إسحاق في السيرة ، وقد اختلف أصحاب ابن إسحاق عليه في بعض الأسماء .
[ ص: 31 ] قال ابن سعد : الأمر عندنا الإمساك عما وراء عدنان إلى إسماعيل .
وروى سلمة الأبرش ، عن ابن إسحاق هذا النسب إلى يشجب سواء ، ثم خالفه فقال : يشجب بن يانش بن ساروغ بن كعب بن العوام بن قيذار بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهم السلام .
وقال ابن إسحاق : يذكرون أن عمر إسماعيل مائة وثلاثون سنة ، وأنه دفن في الحجر مع أمه هاجر .
وقال عبد الملك بن هشام : حدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي ، عن شيبان بن زهير ، عن قتادة ، قال : إبراهيم خليل الله هو ابن تارح بن ناحور بن أشرع بن أرغو بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن هنوخ بن يرد بن مهلاييل بن قاين بن أنوش بن شيث بن آدم .
وروى عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه ، أنه وجد نسب إبراهيم عليه السلام في التوراة : إبراهيم بن تارح بن ناحور بن شروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متشالخ بن خنوخ ، وهو إدريس ، بن يارد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم .
وقال ابن سعد : حدثنا هشام ابن الكلبي ، قال : علمني أبي وأنا غلام نسب النبي صلى الله عليه وسلم : محمد ، الطيب المبارك ولد عبد الله بن عبد المطلب ، واسمه شيبة الحمد بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن [ ص: 32 ] مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
قال أبي : وبين معد وإسماعيل نيف وثلاثون أبا ، وكان لا يسميهم ولا ينفذهم .
قلت : وسائر هذه الأسماء أعجمية ، وبعضها لا يمكن ضبطه بالخط إلا تقريبا .
وقد قيل في قوله تعالى : ( وفصيلته التي تؤويه ( 13 ) ) [ المعارج ] : فصيلة النبي صلى الله عليه وسلم بنو عبد المطلب أعمامه وبنو أعمامه ، وأما فخذه فبنو هاشم . قال : وبنو عبد مناف بطنه ، وقريش عمارته ، وبنو كنانة قبيلته ، ومضر شعبه .
قال الأوزاعي : حدثني شداد أبو عمار ، قال : حدثني واثلة بن الأسقع ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى هاشما من قريش ، واصطفاني من بني هاشم " . رواه مسلم .
وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، فهي أقرب نسبا إلى كلاب من زوجها عبد الله برجل .
مولده المبارك صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق ، قال : أخبرنا أحمد بن أبي الفتح ، والفتح بن عبد الله ، قالا : أخبرنا محمد بن عمر الفقيه ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور ، قال : أخبرنا علي بن عمر الحربي ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي ، قال : حدثنا يحيى بن معين ، قال : حدثنا حجاج بن محمد ، قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل " . صحيح .
وقال ابن إسحاق : حدثني المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة ، عن أبيه ، عن جده قيس بن مخرمة بن عبد المطلب ، قال : " ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل . كنا لدين " أخرجه الترمذي ، وإسناده حسن .
وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي : حدثنا سليمان النوفلي ، عن أبيه ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، قال : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل ، وكانت عكاظ بعد الفيل بخمس عشرة ، وبني البيت على رأس خمس وعشرين سنة من الفيل . وتنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس أربعين سنة من الفيل .
وقال شباب العصفري : حدثنا يحيى بن محمد ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عمران ، قال : حدثني الزبير بن موسى ، عن أبي [ ص: 34 ] الحويرث ، قال : سمعت قباث بن أشيم يقول : أنا أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أكبر مني ، وقفت بي أمي على روث الفيل محيلا أعقله ، وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل " .
يحيى هو أبو زكير ، وشيخه متروك الحديث .
وقال موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب قال : بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم على رأس خمس عشرة سنة من بنيان الكعبة ، وكان بين مبعثه وبين أصحاب الفيل سبعون سنة . كذا قال .
وقد قال إبراهيم بن المنذر وغيره : هذا وهم لا يشك فيه أحد من علمائنا . إن رسول الله ولد عام الفيل وبعث على رأس أربعين سنة من الفيل .
وقال يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن ابن أبزى ، قال : كان بين الفيل وبين مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين . وهذا قول منقطع .
وأضعف منه ما روى محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، وهو ضعيف ، قال : حدثنا عقبة بن مكرم ، قال : حدثنا المسيب بن شريك ، عن شعيب بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : حمل برسول الله صلى الله عليه وسلم في عاشوراء المحرم ، وولد يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان سنة ثلاث وعشرين من غزوة أصحاب الفيل . وهذا حديث ساقط كما ترى .
وأوهى منه ما يروى عن الكلبي - وهو متهم ساقط عن أبي صالح باذام ، عن ابن عباس ، قال : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفيل بخمس عشرة سنة . قد تقدم ما يبين كذب هذا القول عن ابن عباس بإسناد صحيح .
قال خليفة بن خياط : المجمع عليه أنه ولد عام الفيل .
[ ص: 35 ] وقال الزبير بن بكار : حدثنا محمد بن حسن ، عن عبد السلام بن عبد الله ، عن معروف بن خربوذ وغيره من أهل العلم ، قالوا : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل ، وسميت قريش " آل الله " وعظمت في العرب . ولد لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول ، وقيل : من رمضان يوم الاثنين حين طلع الفجر .
وقال أبو قتادة الأنصاري : سأل أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تقول في صوم يوم الاثنين ؟ قال : " ذاك يوم ولدت فيه وفيه أوحي إلي " . أخرجه مسلم .
وقال عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب وغيره ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد في ليلة الاثنين من ربيع الأول عند ابهرار النهار .
وروى ابن إسحاق قال : حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة ، قال : حدثني من شئت من رجال قومي ، عن حسان بن ثابت ، قال : إني والله لغلام يفعة ، إذ سمعت يهوديا وهو على أطمة يثرب يصرخ : يا معشر يهود ، فلما اجتمعوا إليه ، قالوا : ويلك ما لك ؟ قال : طلع نجم أحمد الذي يبعث به الليلة .
وقال ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ، عن حنش ، عن ابن عباس ، قال : ولد نبيكم صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ونبئ يوم الاثنين ، وخرج من مكة يوم الاثنين ، وقدم المدينة يوم الاثنين ، وتوفي يوم الاثنين . رواه أحمد في مسنده ، وأخرجه الفسوي في [ ص: 36 ] تاريخه .
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي في " السيرة " من تأليفه ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، قال : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لعشر ليال خلون من ربيع الأول ، وكان قدوم أصحاب الفيل قبل ذلك في النصف من المحرم .
وقال أبو معشر نجيح : ولد لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول .
قال الدمياطي : والصحيح قول أبي جعفر ، قال : ويقال : إنه ولد في العشرين من نيسان .
وقال أبو أحمد الحاكم : ولد بعد الفيل بثلاثين يوما . قاله بعضهم : قال : وقيل بعده بأربعين يوما .
قلت : لا أبعد أن الغلط وقع من هنا على من قال ثلاثين عاما أو أربعين عاما ، فكأنه أراد أن يقول يوما فقال عاما .
وقال الوليد بن مسلم ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن عطاء الخراساني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن عبد المطلب ختن النبي صلى الله عليه وسلم يوم سابعه ، وصنع له مأدبة وسماه محمدا .
وهذا أصح مما رواه ابن سعد : أخبرنا يونس بن عطاء المكي ، قال : حدثنا الحكم بن أبان العدني ، قال حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس ، عن أبيه العباس قال : ولد النبي صلى الله عليه وسلم مختونا مسرورا ، فأعجب ذلك عبد المطلب وحظي عنده ، وقال : ليكونن لابني هذا شأن .
تابعه سليمان بن سلمة الخبائري ، عن يونس ، لكن أدخل فيه بين يونس والحكم : عثمان بن ربيعة الصدائي .
[ ص: 37 ] قال شيخنا الدمياطي : ويروى عن أبي بكرة ، قال : ختن جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طهر قلبه .
قلت : هذا منكر .
وللحديث بقيه.....