جديدة المنزلة

من هنا مرت العائلة المقدسة
محمد عرفه فرح
مبارك شعبي مصر
(أشعيا19:25)
(إدخلوها بسلام آمنين)
(هو ذا الرب راكب علي سحابة سريعة وقادم إلي مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها) (أشعيا19:1)
ارتبطت مصر بعلاقات حميمة مع معظم الأنبياء وضمنهم السيد المسيح عليهم السلام-.ولا غرو أن أضحت مصر ملتقي الأديان السماوية.
واهم الوثائق التي يعتمد عليها في رحلة العائلة المقدسة لمصر كتاب البابا ثيوفيلوس،البابا الثالث والعشرين من بطاركة الإسكندرية(376-403م) ,وهو يروي فيه خلاصة رؤيا أخبرته فيها العذراء عن أنباء الرحلة المقدسة من فلسطين إلي مصر،ولا يوجد من كتابه هذا إلا ثلاثة مخطوطات باللغة العربية في مكتبات الفاتيكان والاهلية باريس والدير المحرق.وقد استمرت هذه الرحلة حوالي أربع سنوات بين عامي 2-4 ميلادية حتي مات الملك هيرودوس وحكم بدلا منه أرخيلاؤوس.
دخلت العائلة المقدسة مصر من الناحية الشمالية الشرقبة عن طريق مدينة الفرماPelusium أو مايعرف الآن ب(سهل الطينة)شرقي بورسعيد .ثم دخلت إلي تل بسطة بالقرب من الزقازيق حيث انبع المسيح عين ماء.بعد ذلك توجهت العائلة المقدسة إلي الجنوب حيث بلدة مسطرد وتسمي المحمة،أي مكان الاستحمام،إذ أن العذراء حمت السيد المسيح هناك وغسلت ملابسه.وتجدر الإشارة إلي وجود كنيسة السيدة العذراء الآن بمسطرد.
واتجهت شمالا بشرق إلي بلبيس حيث استظلت بشجرة عرفت بشجرة العذراء مريم,ومن بلبيس إلي بلدة منية سمنود ومنها عبرت النيل إلي سمنود وأحسن شعبها استقبال العائلة المقدسة ،ثم ارتحلت إلي مدينة سخا في محافظة كفر الشيخ حاليا ومنها تحركت جنوبا إلي وادي النطرون.
ومن منطقة وادي النطرون إرتحلت العائلة المقدسة جنوبا صوب مدينة القاهرة (حاليا)وعبرت النيل إلي الناحية الشرقية متجهة إلي ناحية المطرية وعين شمس،وتجدر الإشارة إلي أن عين شمس قد ذكرت في الكتاب المقدس باسم(مدينة الشمس)في سفر نبوة أشعيا،وسماها المصريون القدماء(أون)بينما كناها اليونانيون(هليوبوليس),
وعند زيارة المسيح لهذه المنطقة ،كان يقطنها كثير من اليهود ولهم معبد يسمي(أونياس).ونظرا لشدة الحرارة ساعتئذ،ىوت العائلة المقدسة تحت شجرة للاستظلال بها،ونبعت عين ماء شرب منها المسيح،ولا تزال قائمة ،وتجدر الإشارة إلي أنه قد أقيمت كنيسة العذراء مريم في المطرية ،وهي كنيسة أثرية هامة كانت ولا تزال ذات شهرة عظيمة ،يأتي إليها الناس للتبرك ،ناهيك عن وجود شارعي (البلسم)و(بئر مريم)في هذه المنطقة .
ننتقل إلي محطة أخري استراحت فيها العائلة المقدسة وهي مايسمي الآن شارع طومان باي بحي الزيتون.هنا أيضا شيدت كنيسة للسيدة العذراء.
ثم اتجهت العائلة المقدسة صوب مصر القديمة،وفي الطريق مرت علي مايسمي الآن ب(وسط القاهرة)حيث تقع حارة زويلة إحدي المحطات التي استراحت فيها العائلة المقدسة،
ولا غرو أن شهدت هذه المنطقة عددا من العتبات المقدسة،تأتي علي رأسهن كنيسة القديسة العذراء الكبري التي أنشئت في القرن الرابع الميلادي،وصارت مقرا للكرسي البابوي علي مدي ثلاثة قرون تقلد خلالها ثلاثة وعشرون بطريركا.
وصلت العائلة المقدسة إلي مصر القديمة،وهي أهم المحطات .لذا يوجد بها العديد من الكنائس والاديرة.فثمة كنائس حصن بابليون مثل كنيسة العذراء المعلقة-أقدم كنائس حصن بابليون،وكنيسة أبي سرجة في وسط الحصن الروماني بجوار المتحف القبطي،وكنيسة القديسة بربارة شرق حصن بابليون ودير مارجرجس..إلخ علاوة علي كنائس الفسطاط مثل كنيسة أبي سيفين والانبا شنودة والدمشيرية ودير أبي سيفين للراهبات,
وكانت منطقة(المعادي)هي آخر المحطات في القاهرة ،وفيها شيدت كنيسة السيدة العذراء العدوية لأن منها عدت إلي النيل في رحلتها تجاه صعيد مصر،وهي إحدي المزارات السياحية واماكن التبرك الهامة.
ومن المعادي إلي قرية دير الجرنوس غرب مغاغة حيث توجد كنيسة باسم السيدة العذراء،ثم مرت العائلة المقدسة ببلدة البهنسا بالقرب من بني مزار وأصبحت أسقفية كبيرة فيما بعد .ويذكر الأب بلاديوس أنه كان يوجد بها ثلاثون ألف راهبا وراهبة.
وبعد ذلك اتجهت جنوبا إلي بلدة سمالوط ،ومنها عبرت ناحية الشرق عند جبل الطير ،ثم ارتحلت العائلة المقدسة إلي ناحية الغرب متجهة إلي بلدة الأشمونيين بجوار ملوي ثم ناحية ديروط الشريف وكانت تعرف في ذلك الوقت باسم فيليس.
بعد ذلك اتجهت إلي قرية فسقام ،فبلدة مير،وجبل قسقام حيث يوجد بيت المحرق ،وهي أهم المحطات حتي أن هذا المكان سمي (بيت لحم الثاني).فقد استقر فيه مدة ستة أشهر وعشرة أيام.
كان طريق العودة إلي فلسطين بعد موت هيرودوس طريقا مباشرا مختصرا ،فمثلا مرت الرحلة علي بابليون ومسطرد وبلبيس ،ولم تكن محتاجة ان تدخل في الدلتا إلي سمنود أو تتجه غربا إلي سخا أو تنزل جنوبا إلي وادي النظرون ،وإنما اتجهت من بلبيس مباشرة إلي الفرما والعريش