التعاون طريق إلي مجتمع أفضل لنعيم غزال
التعاون ...
طريق إلي مجتمع أفضل
نعيم غزال
إذا نظرنا إلي كلمة تعاون من حيث تأثيرها النفسي في سامعها أو من حيث مدلولها الذهني،وما يرتبط بها من خير أو شر،نجد أنها من المشتقات التي تترك نوعا من الاستجابة النفسية الطيبة في الفرد.وتوقظ فيه شعورا أخلاقيا إيجابيا مثل كلمات(الرحمة)و(الشفقة)و(العطف):فكلها مدلولات خيرة أخلاقية.
إذن .فالعون والمعونة والإعانة والمعاونة كلها ألفاظ تدل علي عمل طيب يفعله فرد لآخر أو جماعة لأخرى.ولهذا،كان لكلمة (التعاون)من الواقع النفسي مايرتاح إليه الضمير لأنها تعطي علي التو فكرة التضامن.كما تترك انطباعا ذهنيا يضع (العمل المشترك)من أجل تحقيق نتيجة إيجابية في إطار أخلاقي جميل،إذ يندر أن يقترن لفظ (التعاون)بالعمل المشترك من أجل جريمة أو غيرها من ألوان الشر.
ونظرا لما لهذه الكلمة من واقع طيب علي أسماع الناس،نجدها ركنا هاما في الفلسفات الاجتماعية والأخلاقية .ونظرا لما يجب أن ينطوي عليه معني (التعاون)من الإيحاء بفعل الخير .نجد الأديان والشرائع تحث عليه من حيث أنه أسلوب يجب اتباعه في الحياة.ففي المسيحية إشارات وتوجيهات تدعو إلي التعاون مثل(أحملوا أثقال بعض)وفي الإسلام(وتعاونوا علي البر والتقوى ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان).
وهكذا نجد الأديان،وهي أعلي مراتب المثل الأخلاقية والاجتماعية التي يتخذ منها الفرد فلسفته في الحياة،تحث علي التعاون والعمل المشترك من اجل خير الفرد والجماعة.
وكما تدعو الأديان إلي التعاون.نجد أيضا الفلسفات السياسية تدعو إليه كما يتأكد مما نقله إلينا مؤرخو المذاهب والفلسفات السياسية القديمة.ففي المجتمع الإغريقي القديم علي الرغم من مساوئ الرق والنزعات الانفصالية التي أدت إلي استمرار الصراع بين المدن الإغريقية ،كان التعاون أساس الحياة الاجتماعية في الدولة،سواء في تصوير فلاسفة الإغريق للحياة المثلي أو في النظم التطبيقية التي كانت سائدة بالفعل.
فقد ظلت فكرة استمتاع كل مواطن بحق المشاركة في شئون المجتمع هي الطابع المميز لاتجاهات الفكر الإغريقي. وهنا يتضح لنا مظهر اجتماعي من مظاهر التعاون وهو المناقشة البناءة الرشيدة العاقلة.وضرورة اعتراف المجتمع بأن خير الوسائل للتنظيم الاجتماعي وأحسن النظم السياسية لابد أن تتولد عن جهد مشترك لأشخاص كثيرين .
وأخيرا يهمنا أن نوضح أن (التعاون)يؤمن بالعمل كسبيل للبناء,ولا يرضي عن منطق (الاستيلاء).والتعاون أساسا نظام اقتصادي-اجتماعي ينبثق من صحيح احتياجات الناس الذين يتضامنون في تنظيم قائم علي أساس مسئولية الممالك صاحب الشيء والإدارة المشتركة،ويستهدف ليس فقط انتفاع الأعضاء بالخدمات واقتسام الفائض،بل أيضا النهوض بهم إلي مستوي أخلاقي رفيع يجعل منهم مواطنين صالحين قادرين علي خلق المجتمع الديمقراطي السليم الذي يضع مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد ،ويؤمن الفرد ويحفزه إلي إطلاق أقصي طاقاته وإمكانياته للإسهام في إعادة تشكيل الحياة نحو خلق المجتمع الأفضل