كَم تَحتَ أَذيالِ الظَلامِ مُتَيَّمُ
كَم تَحتَ أَذيالِ الظَلامِ مُتَيَّمُ
شعر :حافظ إبراهيم
كَم تَحتَ أَذيالِ الظَلامِ مُتَيَّمُ ... دامي الفُؤادِ وَلَيلُهُ لا يَعلَمُ
ما أَنتَ في دُنياكَ أَوَّلُ عاشِقٍ ... راميهِ لا يَحنو وَلا يَتَرَحَّمُ
أَهرَمتَني يا لَيلُ في شَرخِ الصِبا ... كَم فيكَ ساعاتٍ تُشيبُ وَتُهرِمُ
لا أَنتَ تَقصُرُ لي وَلا أَنا مُقصِرٌ ... أَتعَبتَني وَتَعِبتَ هَل مَن يَحكُمُ
لِلَّهِ مَوقِفُنا وَقَد ناجَيتُها ... بِعَظيمِ ما يُخفى الفُؤادُ وَيَكتُمُ
قالَت مَنِ الشاكي تُسائِلُ سِربَها ... عَنّي وَمَن هَذا الَّذي يَتَظَلَّمُ
فَأَجَبنَها وَعَجِبنَ كَيفَ تَجاهَلَت ... هُوَ ذَلِكَ المُتَوَجِّعُ المُتَأَلِّمُ
أَنا مَن عَرَفتِ وَمَن جَهِلتِ وَمَن لَهُ ... لَولا عُيونُكِ حُجَّةٌ لا تُفحَمُ
أَسلَمتُ نَفسي لِلهَوى وَأَظُنُّها ... مِمّا يُجَشِّمُها الهَوى لا تَسلَمُ
وَأَتَيتُ يَحدو بي الرَجاءُ وَمَن أَتى ... مُتَحَرِّماً بِفِنائِكُم لا يُحرَمُ
أَشكو لِذاتِ الخالِ ما صَنَعَت بِنا ... تِلكَ العُيونُ وَما جَناهُ المِعصَمُ
لا السَهمُ يَرفُقُ بِالجَريحِ وَلا الهَوى ... يُبقي عَلَيهِ وَلا الصَبابَةُ تَرحَمُ
لَو تَنظُرينَ إِلَيهِ في جَوفِ الدُجى ... مُتَمَلمِلاً مِن هَولِ ما يَتَجَشَّمُ
يَمشي إِلى كَنَفِ الفِراشِ مُحاذِراً ... وَجِلاً يُؤَخِّرُ رِجلَهُ وَيُقَدِّمُ
يَرمي الفِراشَ بِناظِرَيهِ وَيَنثَني ... جَزِعاً وَيُقدِمُ بَعدَ ذاكَ وَيُحجِمُ
فَكَأَنَّهُ وَاليَأسُ يُنشِفُ نَفسَهُ ... لِلقَتلِ فَوقَ فِراشِهِ يَتَقَدَّمُ
رُشِقَت بِهِ في كُلِّ جَنبٍ مُديَةٌ ... وَاِنسابَ فيهِ بِكُلِّ رُكنٍ أَرقَمُ
فَكَأَنَّهُ في هَولِهِ وَسَعيرِهِ ... وادٍ قَدِ اِطَّلَعَت عَلَيهِ جَهَنَّمُ
هَذا وَحَقِّكَ بَعضُ ما كابَدتُهُ ... مِن ناظِرَيكَ وَما كَتَمتُكَ أَعظَمُ
قالوا أَهَذا أَنتَ وَيحَكَ فَاِتَّئِد ... حَتّامَ تُنجِدُ في الغَرامِ وَتُتهِمُ
كَم نَفثَةٍ لَكَ تَستَثيرُ بِها الهَوى ... هاروتُ في أَثنائِها يَتَكَلَّمُ
إِنّا سَمِعنا عَنكَ ما قَد رابَنا ... وَأَطالَ فيكَ وَفي هَواكَ اللُوَّمُ
فَاِذهَب بِسِحرِكَ قَد عَرَفتُكَ وَاِقتَصِد ... فيما تُزَيِّنُ لِلحِسانِ وَتوهِمُ
أَصغَت إِلى قَولِ الوُشاةِ فَأَسرَفَت ... في هَجرِها وَجَنَت عَلَيَّ وَأَجرَموا
حَتّى إِذا يَئِسَ الطَبيبُ وَجاءَها ... أَنّي تَلِفتُ تَنَدَّمَت وَتَنَدَّموا
وَأَتَت تَعودُ مَريضَها لا بَل أَتَت ... مِنّي تُشَيِّعُ راحِلاً لَو تَعلَمُ