عنزه والفحيلي
نقلا من البادية بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر(لمحمد الخالد الشرعبي)
السلام عليكم ورحمة الله ،،
أبناء عمي وقبيلتي العظيمة قبيلة عنزة،،،
أهدي لكم بعض من ما تداركته الكتب ولم تستطيع حصره لكثرته ولعدم الاهتمام به في ذلك الوقت بتاريخ القبائل ، سيرة عطرة عن تاريخ قبيلة عنزة وتوضيح عظمة شأنها وقوة بأسها وأنها في نظري أنا لاتوجد قبيلة تضاهيها من القبائل الاخرى في تاريخها وأنسابها مما أخرجته من فرسان وحكام وشيوخ وأمراء وعلماء للجزيرة العربية بل وللعالم كله فإليكم هذه السيرة البسيطة...
بدأت رحلة قبائل عنزة من بلاد نجد الى في أوئل القرن الثاني عشر للهجرة وذلك على أثر القحط والجفاف الذي حل في البلاد والعباد فخرجت القبائل العنزية يتلو بعضها البعض ، وأول من هاجر هو جعدان اليعيش الملقب (أبو شاربين) وهو من اليعيش زعماء الخرشة من المصاليخ ، وسمي بهذا الاسم نظرا لكثافة شاربيه وافتراقهما الى نصفين عندما يحتدم الصراع في المعارك ، وهاجر معه جماعته من المصاليخ ومن المنابهة التي خرج بها من خيبر التي تعتبر المقر الاساسي لعموم قبائل عنزة ، وقد خرج بمن معه في جحفل ضخم مقداره سبعة عطف بينهم الموسر في البلصان وابن رشود على القرشة، وفي خلال مسيرته وصل الى مكان قبائل حلف الشمال وهم : السرحان وبني صخر والسردية والعيسى والفحيلية ، وأمير هذا الحلف هو المحفوظ السردي وكان مهمة هذا الحلف صد ورد أي موجة قادمة من الجنوب الى الشمال ، لان ذلك من شأنه أن يزاحمهم علىأرضهم وخيراتها ، بالاضافة الى تخوف هذ الحلف الكبير من تأثير تلك الموجات على نفوذهم وزعامتهم ، هذا بالاضافة لان تلك المناطق كانت أراضيها خصبة وبها موارد كثيرة للمياه..
بعد ذلك ، أنزلهم المحفوظ وسمح لهم بالنزول الى جانبه وقضو فترة من الزمن ، ولكن بعد فترة وجد أن قبائل عنزة تزداد ورأى أن لديهم فرسان وابل وخيل وأنها ليست قبيلةً سهلة وخشي من إستفحال أمرهم ، فتشاور هو وحلف الشمال ماذا يفعل كي يبعدهم عن بلاده ، فشار عليه أحد مستشاريه بأنه رأي فرسا أًصيلة عند أحد رجال قبيلة عنزة من الشراعبة من بني وهب ، وكان هذا الرجل جاراً للشيخ جعدان اليعيش (أبو شاربين ) ، فعندما علم بذلك المحفوظ السردي طلب تلك الفرس من الشيخ جعدان اليعيش ، فستأذن الشيخ جعدان جاره الشرعبي في الفرس ولكن الشرعبي رفض اعطاء فرسه مهما كانت الاسباب وكان المحفوظ مصر على تلك الفرس ، وقال للشيخ جعدان وقبائل عنزة الذين معه بأنه سيمنعهم من موارد الماء الموجودة في موقع (المزيريب والبجة) وسيعطيهم مهلة ثلاث أيام يتشاورون فيها أما الفرس أو يمنعهم من الموارد ، بعد ذلك تجمعت قبائل عنزة في مكان قرب أذرعات يسمى (رجم الشور) والذي لايزال يسمى كذلك حتى الان بهذا الاسم بالرغم مضي أكثر من مائتين وخمسين عاما,,,وهو في موقع قرب قرية (النعيمة) في بلاد حوران من سورية وتشاور القوم وكان أمامهم خيارين :
* أما أن يسلموا الفرس للمحفوظ السردي وهذا عار ما بعده عار لان من يفرط بحقوق الجار أو الدخيل ليس من شيم العرب ..
*وأما أن يرفضوا الطلب وعندئذ فلا مفر من المجابهة مع المحفوظ المدعم بحلف من أقوى القبائل حينذاك..
مناخ ميقوع
فكان القوم بين مؤيد للحرب وبين تريث لها فقرروابإرضاءالمحفوظ بثلاثة من الخيل الاصايل بدلا من تلك الفرس ، وهذا ما تم فعلا ، الا أن إصرار المحفوظ على الفرس هذه بالذات قد أثار حفيظة أحد رجال المصاليخ وهو (حزيل الرعوجي) الذي دق على رأسه وقال : حيز، وهو اسم يطلقه على إبله (والله لا يشربن الحيز من هالماء لونه بين براطم عجايب) وهذه عجايب هي زوجة المحفوظ ..
ولكن الشيخ جعدان اليعيش(أبو شاربين) كان هو الشيخ صاحب النظر الثاقب وبعد أن درس الموقف وجد أنه غير قادر على مواجهة هذا الحلف لوحده والذي يترأسه المحفوظ السردي والذي يضم خمسة قبائل :السرحان وبني صخر والسردية والعيسى والفحيلية ، فقرر الشيخ جعدان بالرجوع الى دياره خيبر ليستنجد بباقي قبائل عنزة هناك ويستعدوا للهجرة ، وعندما انتهت المهربات الثلاث التي أعطاها المحفوظ لقبائل عنزة ورأى أنهم رحلوا فأقسم بأن يلحقهم في عقر دارهم ويبيدهم عن بكرة أبيهم ، فخرج ولحق بهم وأدركهم في مكان اسمه ميقوع قرب الجوف فناوخهم ومعه عشرين بيرق من قبائل حلف الشمال وكان الامر بالنسبة لقبائل عنزة أما حياة أو موت ، فاستبسلوا في الدفاع عن جارهم ووفرسه وهزموا المحفوظ وجيشه الرهيب في مناخ ميقوع ..وانتصرت قبيلة عنزة..
وبعد ذلك وجد الشيخ جعدان أنه لا مفر من مواجهة هذا الحلف ودحره ، فأرسل الشيخ جعدان اليعيش (أبو الشاربين) هذه القصيدة على لسانه والتي قالها النجيدي بن مذهل المصلوخي ليستنفر قبائل عنزة في خيبر ليستحثهم على الخروج من مناطقهم واللحاق به مرغبا اياهم بطيب هواء البلاد التي وصل اليها وخصب أرضها وصفاء مواردها ، كما أرسل اليهم بعض من الاعشاب الورود دليلا على صدق ماوجده من خير تلك المناطق وكذلك لنجدة أقربائهم المنابهة ومن معهم من عنزة ضد هذا المحفوظ ومن معه من حلف الشمال..
وعند وصول النجيدي الى خيبر قال هذه القصيدة يستحث الشيخ ابن سمير ، وابن معجل وباروخ بن خليل من مشايخ عنزة فقال :
قال النجيدي من عذيات النبـــا @@ ألذ من در البكار العسايــــــف
وخلاف ذا ياركب فوق عوصـــــــا @@ مافوقها كود خرجها والسفايــــف
فوقها اللي لقطع الفيافي امضرا @@ يبي السرى وعن نومة الليل عايـف
أدل من القطاة في داجي الدجــى @@ رامت ضنها بالحزوم الصلايــــــف
قم يانديبي بالعجل لاتونــــــا @@ أزبن على اللي زبنوا كل خايـــف
أولاد وايل وين ربعي نخيتكــــم @@ مروين مصقول السيوف الرهايــــف
سلم على صبيان وايل جميعهــــم @@ اكبارهم واصغارهم باللفايـــــف
سلم على كل المشايخ وحثهـــــم @@ من روس لابة ما خلطهم عذايـــــف
سلم على القعقاع وانخ ابن جندل @@ وسلم على الطيار والشيخ نايـــف
وسلم على ابن سمير ثم ابن معجل @@ وباروخ زبن التلافات التلايـــــف
سلم وعلمهم بيوم جرالنـــــــا @@ جتنا جموعٍ كثيرة وأغلبتها ردايف
جونا هل البلقا جموع يجرهــــا @@ شيخٍ يبي يوفي ديون وحلايـــــــف
جونا على ميقوع عشرين بيــــرق @@ وأقفوا يجرون الندم والحسايـــف
بالقيض حدونا على شان جارنـــا @@ وعيوا علينا بطيبات المصايــــف
خيل اقبلانا يوم اتشلا بخيلـــنا @@ مثل السباع الجايعات الهوايـــف
ينخن الصاعديات في صيحة لـــهن @@ ينخننا عن عايزات الكشايــــــف
وعجنا رقاب الخيل لعيون خودنـا @@ صفوة رجال وعايزين الكلايــــــف
عاداتنا بالكون نرخص عمارنـــا @@ ونجود بالارواح دون العطايـــــف
وحنا الذي مانقبل الضيم والقهر @@ غش على كبد المعادي امسايـــــف
ويلان وين انتم ترى اليوم يومكم @@ والا مع الاجنا ننهج عرايـــــــف
وعند وصول القصيدة الى قبائل عنزة سرعان ماخرج فاضل بن مزيد الملحم شيخ قبيلة الحسنة ومعه الموجة الاول من قبائل عنزة من أبناء عمومته من ولد علي والشراعبة والخماعلة وقسم من المصاليخ الذين بقوا بخيبر ولحق بالشيخ جعدان اليعيش (أبو شاربين) ومن معه من المصاليخ وعندما علم المحفوظ السردي بوصول موجة أخرى من قبائل عنزة هاجر الى بلاده ولحقته قبيلة عنزة بقوة رادعة هناك وتقابل الجمعان في معركة (المزيريب) الشهيرة عام 1720م تقريبا حيث انتصرت فيها قبائل عنزة من المصاليخ والحسنة بالاشتراك مع قسم من الشراعبة والخماعلة ، على حلف الشمال وقتل بهذه المعركة المحفوظ السردي زعيم الحلف وسلبت خيوله وأخذت عنزة جميع حلاله وتديرت بنو وهب من عنزة ديرة حوران ، ثم بعد ذلك بعامين أتى الفوج الثالث من قبائل عنزة وهم ولد علي بزعامة ابن سمير ، وكان يتحتم على عنزة انهاء هذا الحلف نهائيا وإسقاط آخر معقل من معاقل حلف الشمال ،فبعد قتل المحفوظ السردي ومن معه من قبائل حلف الشمال ، تجمع هذا الحلف تحت زعامة الفحيلي زعيم قبيلة الفحيلية ، وكان بمرتبة أمير تؤدى إليه (الخوة) من كافة القبائل التي تقطن ديرة حوران ، وحيث أن قبيلة عنزة قبيلة كبيرة أو بمعنى آخر قبائل كبيرة رفضت هذا المطلب أنفة وكبرياء ، فأصطدمت مع الفحيلي في موقعة أو معركة (البجة) المشهورة وسميت بمذبحة الفحيلي لكثرة القتلي بها ، وتم إنتصار قبائل عنزة على هذا الحلف مرة أخرى ، وأسقاط نفوذ حلف الشمال ودحره الذي استمر فترة زمنية طويلة ، لينتقل وتصبح إذارة هذه المناطق وسلطتها في يد قبائل عنزة حيث تم إعتراف الحكومة التركية بذلك ، وأصبحت تؤدي لهم (الصر) مقابل حماية قوافلها المتجهة الى البلاد المقدسة ..
وتديرت بعد ذلك قبائل عنزة سلطة المنطقة ردحا من الزمن ثم بعد ذلك حدث خلاف بين قبائل عنزة لاداعي لذكره، مما دعى قبيلة الحسنة أن تستأنف تقدمها نحو الشمال أيضا وكانت هذه المرة ديرة الشنبل وفي براري حمص وحماة حيث الهواء النقي والتربة الاكثر خصوبة والمراعي الواسعة وكان أيضا من أسباب هجرة الحسنة توافد موجات أخرى من قبائل عنزة وبالذات من قدم من بقية ولد علي بزعامة الطيار ..
الا أن تقدم الحسنة للشمال لم يكن بسهولة لان هناك قبيلة أخرى تحتم عليهم أن يواجهوها ، وهي قبيلة الموالي والتي كان لها النفوذ الاوسع علىعموم البادية السورية في بلاد الشام وكان هناك منظقة باسم (عامود الحمى) يحرم على أي وافد تجاوزه الا بأمرهم وبعد أن يخضع لطاعتهم ويدفع لهم (الخوة) المفروضة ، وطبعا قبيلة عنزة ذات كبرياء وسلطة وجاه ولاتقبل ذلك الامر أبدا ، فما كان للحسنة أن يتجاوبوا مع نظام الموالي وكانت الحرب الطاحنة بينهم ويذكر أحمد وصفي زكريا في كتاب عشائر الشام :
لقد تم إنتصار الحسنة بقيادة الملحم وتم فرض الامر الواقع وتديروا ديرة الشنبل وتقلص نفوذ الموالي إلى حد كبير وأصبح سكان تلك الديار يتوافدون مباركين ومؤيدين وقد استمرت هذه الاحداث ثمانين عاما إلى عهد محمود بن مزيد الملحم..
وهجرات عنزة لم تتوقف وكان بين قبائل عنزة اتصال دائم سواء بين الذين بنجد أو شمال الحجاز وخيبر الى وادي السرحان والجوف وحتى الشام والعراق ..فعندما علم بعض قبائل عنزة الاخرى بخصوبة الاراضي وتوفر الموارد والكلاء في تلك الديار ، بدأت هجرة ثانية من ضنا عبيد تتوافد على تلك البلاد وكانت مسيرة ابن مهيد وابن غبين وابن قعيشيش حيث اندفعت بقوة واستوطنت في منطقة الفرات وما يسمى بالبادية الشامية ..
ثم قبيلة السبعة بقيادة ابن مرشد وابن هديب حيث استقرت ببادية تدمر..
ثم تلتها الهجرة الثالثة من ضنا مسلم بقيادة الدريعي بن شعلان ونايف بن شعلان ، فهاجروا من الجوف ومن معهم من قبيلة الرولة وبعض قبائل الجلاس من :
السوالمة بقيادة ابن جندل..
والاشاجعة بقيادة ابن معجل..
والعبدالله بقيادة ابن مجيد..
حيث استقروا في الحدود الشرقية لغوطة دمشق وفي مناطق ضمير والناصرية وجيرود..
السلام عليكم ورحمة الله ،،
أبناء عمي وقبيلتي العظيمة قبيلة عنزة،،،
أهدي لكم بعض من ما تداركته الكتب ولم تستطيع حصره لكثرته ولعدم الاهتمام به في ذلك الوقت بتاريخ القبائل ، سيرة عطرة عن تاريخ قبيلة عنزة وتوضيح عظمة شأنها وقوة بأسها وأنها في نظري أنا لاتوجد قبيلة تضاهيها من القبائل الاخرى في تاريخها وأنسابها مما أخرجته من فرسان وحكام وشيوخ وأمراء وعلماء للجزيرة العربية بل وللعالم كله فإليكم هذه السيرة البسيطة...
بدأت رحلة قبائل عنزة من بلاد نجد الى في أوئل القرن الثاني عشر للهجرة وذلك على أثر القحط والجفاف الذي حل في البلاد والعباد فخرجت القبائل العنزية يتلو بعضها البعض ، وأول من هاجر هو جعدان اليعيش الملقب (أبو شاربين) وهو من اليعيش زعماء الخرشة من المصاليخ ، وسمي بهذا الاسم نظرا لكثافة شاربيه وافتراقهما الى نصفين عندما يحتدم الصراع في المعارك ، وهاجر معه جماعته من المصاليخ ومن المنابهة التي خرج بها من خيبر التي تعتبر المقر الاساسي لعموم قبائل عنزة ، وقد خرج بمن معه في جحفل ضخم مقداره سبعة عطف بينهم الموسر في البلصان وابن رشود على القرشة، وفي خلال مسيرته وصل الى مكان قبائل حلف الشمال وهم : السرحان وبني صخر والسردية والعيسى والفحيلية ، وأمير هذا الحلف هو المحفوظ السردي وكان مهمة هذا الحلف صد ورد أي موجة قادمة من الجنوب الى الشمال ، لان ذلك من شأنه أن يزاحمهم علىأرضهم وخيراتها ، بالاضافة الى تخوف هذ الحلف الكبير من تأثير تلك الموجات على نفوذهم وزعامتهم ، هذا بالاضافة لان تلك المناطق كانت أراضيها خصبة وبها موارد كثيرة للمياه..
بعد ذلك ، أنزلهم المحفوظ وسمح لهم بالنزول الى جانبه وقضو فترة من الزمن ، ولكن بعد فترة وجد أن قبائل عنزة تزداد ورأى أن لديهم فرسان وابل وخيل وأنها ليست قبيلةً سهلة وخشي من إستفحال أمرهم ، فتشاور هو وحلف الشمال ماذا يفعل كي يبعدهم عن بلاده ، فشار عليه أحد مستشاريه بأنه رأي فرسا أًصيلة عند أحد رجال قبيلة عنزة من الشراعبة من بني وهب ، وكان هذا الرجل جاراً للشيخ جعدان اليعيش (أبو شاربين ) ، فعندما علم بذلك المحفوظ السردي طلب تلك الفرس من الشيخ جعدان اليعيش ، فستأذن الشيخ جعدان جاره الشرعبي في الفرس ولكن الشرعبي رفض اعطاء فرسه مهما كانت الاسباب وكان المحفوظ مصر على تلك الفرس ، وقال للشيخ جعدان وقبائل عنزة الذين معه بأنه سيمنعهم من موارد الماء الموجودة في موقع (المزيريب والبجة) وسيعطيهم مهلة ثلاث أيام يتشاورون فيها أما الفرس أو يمنعهم من الموارد ، بعد ذلك تجمعت قبائل عنزة في مكان قرب أذرعات يسمى (رجم الشور) والذي لايزال يسمى كذلك حتى الان بهذا الاسم بالرغم مضي أكثر من مائتين وخمسين عاما,,,وهو في موقع قرب قرية (النعيمة) في بلاد حوران من سورية وتشاور القوم وكان أمامهم خيارين :
* أما أن يسلموا الفرس للمحفوظ السردي وهذا عار ما بعده عار لان من يفرط بحقوق الجار أو الدخيل ليس من شيم العرب ..
*وأما أن يرفضوا الطلب وعندئذ فلا مفر من المجابهة مع المحفوظ المدعم بحلف من أقوى القبائل حينذاك..
مناخ ميقوع
فكان القوم بين مؤيد للحرب وبين تريث لها فقرروابإرضاءالمحفوظ بثلاثة من الخيل الاصايل بدلا من تلك الفرس ، وهذا ما تم فعلا ، الا أن إصرار المحفوظ على الفرس هذه بالذات قد أثار حفيظة أحد رجال المصاليخ وهو (حزيل الرعوجي) الذي دق على رأسه وقال : حيز، وهو اسم يطلقه على إبله (والله لا يشربن الحيز من هالماء لونه بين براطم عجايب) وهذه عجايب هي زوجة المحفوظ ..
ولكن الشيخ جعدان اليعيش(أبو شاربين) كان هو الشيخ صاحب النظر الثاقب وبعد أن درس الموقف وجد أنه غير قادر على مواجهة هذا الحلف لوحده والذي يترأسه المحفوظ السردي والذي يضم خمسة قبائل :السرحان وبني صخر والسردية والعيسى والفحيلية ، فقرر الشيخ جعدان بالرجوع الى دياره خيبر ليستنجد بباقي قبائل عنزة هناك ويستعدوا للهجرة ، وعندما انتهت المهربات الثلاث التي أعطاها المحفوظ لقبائل عنزة ورأى أنهم رحلوا فأقسم بأن يلحقهم في عقر دارهم ويبيدهم عن بكرة أبيهم ، فخرج ولحق بهم وأدركهم في مكان اسمه ميقوع قرب الجوف فناوخهم ومعه عشرين بيرق من قبائل حلف الشمال وكان الامر بالنسبة لقبائل عنزة أما حياة أو موت ، فاستبسلوا في الدفاع عن جارهم ووفرسه وهزموا المحفوظ وجيشه الرهيب في مناخ ميقوع ..وانتصرت قبيلة عنزة..
وبعد ذلك وجد الشيخ جعدان أنه لا مفر من مواجهة هذا الحلف ودحره ، فأرسل الشيخ جعدان اليعيش (أبو الشاربين) هذه القصيدة على لسانه والتي قالها النجيدي بن مذهل المصلوخي ليستنفر قبائل عنزة في خيبر ليستحثهم على الخروج من مناطقهم واللحاق به مرغبا اياهم بطيب هواء البلاد التي وصل اليها وخصب أرضها وصفاء مواردها ، كما أرسل اليهم بعض من الاعشاب الورود دليلا على صدق ماوجده من خير تلك المناطق وكذلك لنجدة أقربائهم المنابهة ومن معهم من عنزة ضد هذا المحفوظ ومن معه من حلف الشمال..
وعند وصول النجيدي الى خيبر قال هذه القصيدة يستحث الشيخ ابن سمير ، وابن معجل وباروخ بن خليل من مشايخ عنزة فقال :
قال النجيدي من عذيات النبـــا @@ ألذ من در البكار العسايــــــف
وخلاف ذا ياركب فوق عوصـــــــا @@ مافوقها كود خرجها والسفايــــف
فوقها اللي لقطع الفيافي امضرا @@ يبي السرى وعن نومة الليل عايـف
أدل من القطاة في داجي الدجــى @@ رامت ضنها بالحزوم الصلايــــــف
قم يانديبي بالعجل لاتونــــــا @@ أزبن على اللي زبنوا كل خايـــف
أولاد وايل وين ربعي نخيتكــــم @@ مروين مصقول السيوف الرهايــــف
سلم على صبيان وايل جميعهــــم @@ اكبارهم واصغارهم باللفايـــــف
سلم على كل المشايخ وحثهـــــم @@ من روس لابة ما خلطهم عذايـــــف
سلم على القعقاع وانخ ابن جندل @@ وسلم على الطيار والشيخ نايـــف
وسلم على ابن سمير ثم ابن معجل @@ وباروخ زبن التلافات التلايـــــف
سلم وعلمهم بيوم جرالنـــــــا @@ جتنا جموعٍ كثيرة وأغلبتها ردايف
جونا هل البلقا جموع يجرهــــا @@ شيخٍ يبي يوفي ديون وحلايـــــــف
جونا على ميقوع عشرين بيــــرق @@ وأقفوا يجرون الندم والحسايـــف
بالقيض حدونا على شان جارنـــا @@ وعيوا علينا بطيبات المصايــــف
خيل اقبلانا يوم اتشلا بخيلـــنا @@ مثل السباع الجايعات الهوايـــف
ينخن الصاعديات في صيحة لـــهن @@ ينخننا عن عايزات الكشايــــــف
وعجنا رقاب الخيل لعيون خودنـا @@ صفوة رجال وعايزين الكلايــــــف
عاداتنا بالكون نرخص عمارنـــا @@ ونجود بالارواح دون العطايـــــف
وحنا الذي مانقبل الضيم والقهر @@ غش على كبد المعادي امسايـــــف
ويلان وين انتم ترى اليوم يومكم @@ والا مع الاجنا ننهج عرايـــــــف
وعند وصول القصيدة الى قبائل عنزة سرعان ماخرج فاضل بن مزيد الملحم شيخ قبيلة الحسنة ومعه الموجة الاول من قبائل عنزة من أبناء عمومته من ولد علي والشراعبة والخماعلة وقسم من المصاليخ الذين بقوا بخيبر ولحق بالشيخ جعدان اليعيش (أبو شاربين) ومن معه من المصاليخ وعندما علم المحفوظ السردي بوصول موجة أخرى من قبائل عنزة هاجر الى بلاده ولحقته قبيلة عنزة بقوة رادعة هناك وتقابل الجمعان في معركة (المزيريب) الشهيرة عام 1720م تقريبا حيث انتصرت فيها قبائل عنزة من المصاليخ والحسنة بالاشتراك مع قسم من الشراعبة والخماعلة ، على حلف الشمال وقتل بهذه المعركة المحفوظ السردي زعيم الحلف وسلبت خيوله وأخذت عنزة جميع حلاله وتديرت بنو وهب من عنزة ديرة حوران ، ثم بعد ذلك بعامين أتى الفوج الثالث من قبائل عنزة وهم ولد علي بزعامة ابن سمير ، وكان يتحتم على عنزة انهاء هذا الحلف نهائيا وإسقاط آخر معقل من معاقل حلف الشمال ،فبعد قتل المحفوظ السردي ومن معه من قبائل حلف الشمال ، تجمع هذا الحلف تحت زعامة الفحيلي زعيم قبيلة الفحيلية ، وكان بمرتبة أمير تؤدى إليه (الخوة) من كافة القبائل التي تقطن ديرة حوران ، وحيث أن قبيلة عنزة قبيلة كبيرة أو بمعنى آخر قبائل كبيرة رفضت هذا المطلب أنفة وكبرياء ، فأصطدمت مع الفحيلي في موقعة أو معركة (البجة) المشهورة وسميت بمذبحة الفحيلي لكثرة القتلي بها ، وتم إنتصار قبائل عنزة على هذا الحلف مرة أخرى ، وأسقاط نفوذ حلف الشمال ودحره الذي استمر فترة زمنية طويلة ، لينتقل وتصبح إذارة هذه المناطق وسلطتها في يد قبائل عنزة حيث تم إعتراف الحكومة التركية بذلك ، وأصبحت تؤدي لهم (الصر) مقابل حماية قوافلها المتجهة الى البلاد المقدسة ..
وتديرت بعد ذلك قبائل عنزة سلطة المنطقة ردحا من الزمن ثم بعد ذلك حدث خلاف بين قبائل عنزة لاداعي لذكره، مما دعى قبيلة الحسنة أن تستأنف تقدمها نحو الشمال أيضا وكانت هذه المرة ديرة الشنبل وفي براري حمص وحماة حيث الهواء النقي والتربة الاكثر خصوبة والمراعي الواسعة وكان أيضا من أسباب هجرة الحسنة توافد موجات أخرى من قبائل عنزة وبالذات من قدم من بقية ولد علي بزعامة الطيار ..
الا أن تقدم الحسنة للشمال لم يكن بسهولة لان هناك قبيلة أخرى تحتم عليهم أن يواجهوها ، وهي قبيلة الموالي والتي كان لها النفوذ الاوسع علىعموم البادية السورية في بلاد الشام وكان هناك منظقة باسم (عامود الحمى) يحرم على أي وافد تجاوزه الا بأمرهم وبعد أن يخضع لطاعتهم ويدفع لهم (الخوة) المفروضة ، وطبعا قبيلة عنزة ذات كبرياء وسلطة وجاه ولاتقبل ذلك الامر أبدا ، فما كان للحسنة أن يتجاوبوا مع نظام الموالي وكانت الحرب الطاحنة بينهم ويذكر أحمد وصفي زكريا في كتاب عشائر الشام :
لقد تم إنتصار الحسنة بقيادة الملحم وتم فرض الامر الواقع وتديروا ديرة الشنبل وتقلص نفوذ الموالي إلى حد كبير وأصبح سكان تلك الديار يتوافدون مباركين ومؤيدين وقد استمرت هذه الاحداث ثمانين عاما إلى عهد محمود بن مزيد الملحم..
وهجرات عنزة لم تتوقف وكان بين قبائل عنزة اتصال دائم سواء بين الذين بنجد أو شمال الحجاز وخيبر الى وادي السرحان والجوف وحتى الشام والعراق ..فعندما علم بعض قبائل عنزة الاخرى بخصوبة الاراضي وتوفر الموارد والكلاء في تلك الديار ، بدأت هجرة ثانية من ضنا عبيد تتوافد على تلك البلاد وكانت مسيرة ابن مهيد وابن غبين وابن قعيشيش حيث اندفعت بقوة واستوطنت في منطقة الفرات وما يسمى بالبادية الشامية ..
ثم قبيلة السبعة بقيادة ابن مرشد وابن هديب حيث استقرت ببادية تدمر..
ثم تلتها الهجرة الثالثة من ضنا مسلم بقيادة الدريعي بن شعلان ونايف بن شعلان ، فهاجروا من الجوف ومن معهم من قبيلة الرولة وبعض قبائل الجلاس من :
السوالمة بقيادة ابن جندل..
والاشاجعة بقيادة ابن معجل..
والعبدالله بقيادة ابن مجيد..
حيث استقروا في الحدود الشرقية لغوطة دمشق وفي مناطق ضمير والناصرية وجيرود..