العلاقات المغربية الجزائرية .الى أين تتجه القاطرة ؟ وأية آفاق لها
العلاقات المغربية الجزائرية .الى أين تتجه القاطرة ؟ وأية
آفاق لها
لا شك أن الجميع انتبه الى الوفقات الاحتجاجية التي نظمتها جمعيات المجتمع المدني ، و بعض الأحزاب السياسية أمام مقرات السفارة الجزائرية ، بكل من العاصمة الرباط و الدار البيضاء ، و التي غطتها جل المنابر الاعلامية السمعية البصرية و المكتوبة منها بسبب الرسالة التي تلاها وزير العدل الجزائري في قمة أبوجا بنجيريا، بالنيابة عن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة .
و التي تتغنى فيها الدولة الشقيقة بمبادئ حقوق الانسان و الحريات العامة ، داعية الى وجوب احترام المغرب لحقوق الانسان باللأقاليم الجنوبية و حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير ، والتي أعلنت فيها بصريح العبارة عن دعمها المباشر للجبهة المزعومة " البوليساريو" .
أقول من هذا المنبر اذا كان حضرة الرئيس الجزائري ينوي الترشح للنتخابات الرئاسية للمرة الرابعة على التوالي و ايضا الرغبة في الضفر بمقعد عضو غير دائم في المجلس الاممي لحقوق الانسان ، فهذا لا ينبغي أن يكون على حساب المغرب ، من خلال الترويج لحملته العدائية على المغرب و العبث بقضيته الوطنية خصوصا أن المغرب يعتزم تقديم ترشحه للضفر بهذا المقعد داخل المجلس ، ولكن الجارة سرعان ما علملت بذالك اعتزمت ايضا تقديم ترشيحها ، و هي بذالك تشوش على قضيتنا الوطنية وتدعو لاحترام الحقوق ، لكي تعرقل ضفر المغرب بهذا المقعد .
الدولة الوحيدة في العالم العربي و حسب تحليلات خبراء و متخصصين دولين فرنسيين وأمريكيين ، والأكثر بولسة (الدولة البوليسية) هي الجزائر ، الأمر الذي يقتضي ضرورة اجراء تغييرات في النظام السياسي الجزائري ، لاننا نعرف جميعا أن المتحكم في زمام الأمور هو الجيش ، و من يقوم باللعبة السياسية الحقيقية هم الجينيرالات ، وما هذه الخطوة اللامسؤولة الا واحدة من كثير من الخطوات التي كان الهدف منها هو جر المغرب الى الانشغال بمثل هذه الأمور ، بدل الانشغال و الاهتمام بوحدة بلده و أيضا الرقي بالمسيرة التنموية التي أطلقها العاهل المغربي .
بالرجوع الى قضية الانتخابات الرئاسية الجزائرية وإجماع أعضاء الحزب الحاكم على تقديم عبد العزيز بوتفليقة للترشح للمرة الرابعة على التوالي ، السؤال الذي يتبادر الى ذهننا كباحثين .
هو هل يسمح الدستور الجزائري لعبد العزيز بوتفليقة بالترشح مرة أخرى ؟ فاذا كان يسمح بذالك .فماهي مدة الولاية التي يسمح بها ؟ هل يسمح بثلاث ولايات أم أربعة أم أن الامر غير محدد .
هذا ما سنحاول الاجابة عليه، انطلاقا من الدستور الجزائري ل 1996 نجد في
المادة 74 : مدّة المهمة الرّئاسية خمس (5) سنوات.
يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية مرّة واحدة.
وبهذا فان امعان النظر في هذه المادة نجد أن الرئيس يمكن أن ينتخب لمدة ولايتين رئاسيتين أي أن يكون رئيسا للبلاد لمدة 10 سنوات ، غير أن الملاحظ هو أنه تم تعديل هده المادة بناءا على القانون رقم 08.19 و خصوصا في المادة الرابعة منه في 2008 و الذي يتضمن التعديل الدستوري و اصبحت الصيغة التالية .
ا لمادة 4 : تعدّل ا لمادة 74 من الدستور وتحرر كما يأتي :
" ا لمادة 74 : مدّة ا لمهمة الرئاسية خمس (5 ) سنوات .
يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية."
أي تم السماح لرئيس الجمهورية بالترشح للمرة الثالثة على التوالي بموجب هذا التعديل ، في اعتقادنا انه من الناحية القانونية يمكن القبول بهذا التعديل، و ذال قد يرجع الى مجموعة من الاعتبارات السياسية ... التي قد تمر منها البلاد ، لكن أن يتم تقديم الرئيس مرة أخرى للترشح و الاقدام مرة أخرى على تعديل الدستور ليسمح له ذالك ، فهذا لا ينم الا عن عرف أو ديمقراطية جزائرية خاصة غير الديمقراطية المتعارف عليها عالميا .
و التي تجلي بوضوح تزوير الانتخابات وتحكم العسكر في مسارها ، و هو ما يصرح به امين جبهة العدالة و التنمية بالجزائر عبد الله جاب الله في عدد من المنابر الاعلامية .
بالرجوع أيضا لتغني وزير العدل الجزائري نيابة عن رئيس بلاده خلال تلاوة رسالته ، بضرورة احترام المغرب لحقوق الانسان و الحريات و حقوق الشعوب ، فعن أي شعوب تتحدثون فنحن شعب واحد داخل وطن واحد وهو ما يظهر من خلال اللحمة و الألفة بين ملك البلاد و شعبه .
ناهيك عن كون عدد من الصحف الجزائرية التي شنت حملة ضدد المغرب ، و اعتبرت المحتجين أمام السفارات بكل من الرباط و الدار البيضاء " بلطجية " أقول أنهم ليسوا بلطجية كما تدعي الصحف ، فهؤلاء النساء و الشباب والفاعلون المدنيون و السياسيون حركتهم الوحدة الوطنية لا غير، وحركهم الانتهاء لهذا الوطن المسالم لا غير، والإيمان بقضيتهم الوطنية .
وترديد عبارات " عاش جلالة الملك محمد السادس " ليس من باب تلقيهم للدروس والعبارات التي سيقولونها على حد ما تزعمته الصحف الجزائرية ، بل لكون جلالة الملك محمد السادس هو ملك البلاد أولا وهو الساهر على حمى الوطن و الدين ثانيا .
لكي لا ابتعد كثيرا عن الموضوع أعود لقضية العلاقات والى اين تسير ، أعتقد و من خلال ما تقوم به الجزائر و من خلال مواقفها العدائية الدائمة ، ضدد المملكة المغربية ، أنها ستبقى دائما ضدد قضيتنا الوطنية أولا لانها اختارت طريق دعم جبهة البوليساريو و لن تتنازل عن ذالك الا اذا تحقق مرادها ، فهي لا تدعم الجبهة لسواد عيونها . بل لابد من مصالح و نحن نعلم رغبة الأخيرة في الانفتاح على الواجهة الأطلنتية ، ونعلم ما تزخر به المنطقة من معادن وغاز طبيعي .
كما أننا نعلم أن منبع النفط الجزائري هو في جنوب الصحراء ، على خط يبعد عن ساحل البحر الأبيض المتوسط بحوالي 2000 كلم أي الى الميناء لتصديره ، ونعلم ان طول الخط من جنوب الصحراء الى الواجهة الأطلنتية لا يتعدى الا 300 كلم .
اذا المعادلة واضحة وهي سعي الجزائر الى الحصول على واجه بحرية اطلنتية على حساب المغرب ، و هوما سيجعلها تتفادى تكلفة نقل النفط الخام الى الموانئ المتوسطية .
أضف لذال أن المغرب عليه ايضا أن يكف عن نهج سياسة اليد الممدودة الى الجزائر من خلال رهانه على خيار الاتحاد المغاربي ، لان الجزائر لا تسعى أبدا و من خلال بحوثنا الى بلورة و أجرأة هذا الاتحاد الذي ولد ميتا ، من خلال التبريرات الغير المعقولة لتأجيل عقد القمة المغاربية ...؟ و هو ما فطن له جلالة الملك على الرغم من مجهوداته الحتيتة لبلورة الاتحاد ، من خلال نهج سياسة جنوب- جنوب والانفتاح على دول الساحل و الصحراء .
و سأستشهد بمثل مغربي معروف يقوله الجميع " عطي عصاتك... تضرب بيها..." الشيء الذي يقتضي ضرورة تجاوز هذا الرهان و عدم التركيز عليه من خلال طرح بدائل أخرى عوض تضييع الوقت مع الجارة العدوة اللذوذة .
اما بالنسبة لمستقبل العلاقات المغربية الجزائرية سأحاول أن أعالجها انطلاقا من معطيات ووقائع وأحداث .
المعروف أن موجة الربيع العربي قد عصفت بعدد من الأنظمة الديكتاتورية التي تمسكت بدواليب الحكم لعقود خلت، كنظام تونس و مصر و ليبيا و اليمن ، مع بعض الاستثناءات التي انقلبت الامور فيها لحرب أهلية ...
في الجزائر مر الربيع العربي مرور الكرام ، هذا يعتبر أمرا طبيعيا في اعتقادنا لترجيح نظرية الدولة البوليسية على الدولة المدنية .
كيف يمكن الخروج للشارع و نحن في دولة بوليسية حشدت أعدادا كبيرة من الشرطة و الدرك الوطني و رجال الجيش لكي تتصدى و تقمع أي محاولة لتنظيم وقفة احتجاجية ، خصوصا بعد معاينتها لما وقع في تونس و مصر.
بمعنى آخر يمكن القول أن الدولة عملت على اتخاذ ما يعرف التدابير الوقائية ، معلنة عن حالة الطوارئ .
فالدولة التي مازالت متشبثة بقانون الطوارئ يكون هامش الحقوق و الحريات فيها ضعيفا ، و حتى و ان كان و الدستور يضمنه و من خلال معاينتنا لعدد من الحقوق الكثيرة ، لكن السؤال؟
ما هي ضمانات ممارسة هذه الحقوق و الاستفادة منها ، منها يمكن القول أن هذه الحقوق لها فقط طبيعة تصريحية اشهارية لا غير.
لكن في الغد القريب أو المستقبل البعيد فالجزائر ستعرف تغييرات جذرية في النظام السياسي، لانه في ظل هذه الظرفية و المرحلة الحساسة بالضبظ ، فالشعوب تحتاج الى هامش أكبر من الحريات و الحقوق و الى دمقرطة العملية الانتخابية ، و السياسية .
لان زمن التحكم و السيطرة والدكتاتورية قد أفل، وان الضغط يولد الانفجار، ويوما ما سينفجر الشعب الجزائري في وجه حكامه المتسلطين و الذي يمسكون السلطة بقبضة من حديد .
وإذاك ستتغير قواعد اللعبة السياسية
عيسات بوسلهام مشرف جهة الرباط سلا زمور ازعير بموقع اخبار بلادي
طالب باحث في القانون العام و العلوم السياسية