ذكريات النصر(قصة قصيرة)
طرت من الفرح عندما أبلغني القائد بأنني في إجازة لمدة أسبوع0 لم أصدق نفسي بعد سماع هذا الخبر من القائد، فهنافى هذه الصحراء الشاسعة قليلا ما نسمع الأخبار السارة ، ونحن محاطون بسياج من القواعد والقوانين التي لا يمكن أن نخرج عنها ، ومن يكسرها يتعرض للمساءلة والمحاكمة. مكثت أكثر من ثلاثة شهور لم أر فيها الحياة المدنية وصخبها ... و انتظر اليوم الذي سأرى فيه خالد شقيقي، وأبى وأمي، ونصفى الثاني الذي أصابني كيوبيد بأحد سهامه ؛ ليصيب قلبي وأقع في حب سمية التي جعلتني أشعر بالحياة وجعلت لي أهمية ، وأعد الأيام والشهور ، كي يجمعنا عش الزوجية السعيد ، ونكون أسرة صغيرة تعيش في سعادة ، ستكون هي دنياي ومملكتي ...وتلقيت خبر الإجازة قبل منتصف الليل بقليل ، وقمت مسرعا بتجهيز حقيبتي ، لألحق بآخر سيارة ستقلني إلى العاصمة، وبعدها أركب سيارة توصلني لقريتي ....وعدوت لألحق بهذه السيارة بعد كيلو من الكتيبة، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن... لقد انطلقت السيارة، ونظرت في ساعتي فوجدتني تأخرت نصف ساعة عن موعدها .. وتحيرت ماذا أفعل ... ؟ ... هل أعود للكتيبة مرة أخرى وانتظر حتى الصباح؛ لألحق بسيارة الظهيرة ، أم أبيت هنا حتى الصباح و أسير في هذه الصحراء الشاسعة التي لا نهاية لها ...ولم أمهل نفسي حتى التفكير في ماذا افعل ... ؟
سرت في الصحراء مهتديا بضوء القمر والنجوم في السماء ، وقطعت مسافة لا أعلم مقدارها ، حتى توقفت قليلا لأستريح من عناء الطريق،و أستأنف سيرى، كي أتمكن من الوصول إلى الطريق العمومي ،وأركب سيارة تمر تقربني من أقرب محطة .ولكن فجأة تناهى إلى أسماعي صوت يناديني ، تلفتت حولي يمينا ويسارا ، فلم أر شيئا ، ومرة أخرى سمعت صوتا آخرا، لم ألق له بالا ، واستأنفت سيرى حتى لا أتأخر ، أو أضل في الصحراء. واقترب الصوت شيئا فشيئا ، حتى خيل إلى بأن هناك من يتتبعني إلى أن اقترب منى تماما
الصوت: لا تتركنا وحدنا يا سليم ، نحتاج إلى عونك ... خذ بيدنا وفك أسرنا من سجن الصهاينة
سليم:
وماذا بيدي أفعله لكم .... لقد انتهت الحرب وأصبح بيننا وبينهم سلام
الصوت
:لقد أذاقونا العذاب ، وقتلونا رميا بالرصاص ،و داسوا علينا بالدبابات ، وآخرون دفنوهم أحياء
سليم :
وماذا بيدي ...؟
وظل الصوت يبتعد شيئا فشيئا ، وصرخ .. خذ بالثأر يا سليم ، واعترتني الدهشة وظننت اننى احلم ، وسألت نفسي اى ثار يطالب به هذا الصوت، لقد أذقناهم هزيمة نكراء، ولقناهم دروسا في فنون الحرب ؛ حتى اهتزت صورتهم ، وتحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر .
وواصلت مسيري ، لأن هذه الأصوات مجرد أوهام،كثيرا ما تتراءى لمن يسير وحده في الصحراء.. وفجأة تناهى إلى أسماعي صوت آخر يأمرني بالتوقف ، والاستماع إليه، ولم الق إليه بالا، حتى اقترب منى
الصوت: من فضلك قف ، واستمع إلينا
سليم
:أكاد اجن ، أنا لا أرى شيئا
الصوت: لن ترانا أبدا
سليم:
ماذا تريدون منى ...؟ أريد أن اهتدى للطريق العام قبل طلوع الصباح
الصوت: حطم أسطورة الصهاينة ، واعبر القناة ، وحطم خط بارليف ..!
سليم :
لقد تحطمت الأسطورة، وعبرنا قناة السويس ، وحطمنا خط بارليف...وسكت الصوت وابتعد تماما حتى اختفى ....!! وساد الصمت المكان، ووقفت مكاني ،فغفوت قليلا عساى أستريح، ثم أستأنف سيرى ، لشعوري بالتعب الذي حل بى، بعد قطع مسافة كبيرة قد تكون نصف المسافة ما بين المعسكر والطريق العام .. وسمعت أصواتا تنادى
الأصوات :الخلاص ... الخلاص من العار.. عار 48وعار67 ..الخلاص ..الخلاص من الرابضين على شط القناة ... انتقم لمحمد وعبد الله ومينا وبشاي . واستيقظت من نومي مفزوعا ، و صرخت ...لا ... لقد جننت ، لا بد من الوصول إلى الطريق العام، حتى أحافظ على مابقى لي من عقل ، ولا أقع فريسة لهذه الهواجس التي تطاردني.وحملت حقيبتي، وجريت بأقصى سرعة ، وارتطمت قدمي بإحدى الصخور، ووقعت على الأرض ولم أستطع القيام ، وتحسست قدمي ، فوجدت الدماء تنزف منها ، وفتحت الحقيبة وأخرجت منديلا ربطت به الجرح لوقف نزيف الدم ، وحاولت القيام ، فلم أتمكن ووقعت على الأرض مرة أخرى .وخيل لي أنني سمعت نفس الأصوات مرة أخرى .. واقتربت منى ، ولكنها لم تكن هذه المرة أصواتا فقط ، بل أرى أمامي جنودا بملابسهم العسكرية ، لا أعرف لها عددا وسمعت قائدهم يأمرهم أن يلزم كل جندي خندقه، ولا يطلق النار قبل صدور الأوامر ... واندهشت لذلك... هل هذه عصابة، أم جنود يستعدون لمعركة، اى معركة الآن ونحن في سلام مع أعدائنا منذ فترة طويلة، هل هناك عدو جديد... ؟ أم ماذا... ؟وناديت على القائد فلم يسمعني وظللت أصرخ، أيها القائد .. اسمعني ... وسمعت أصوات طلقات نارية، وقنابل في أماكن متفرقة ، وصرخات الجنود وهم يرددون .... الله أكبر ...الله أكبر .... ووجدت نفسي أنا الآخر أردد معهم ... الله أكبر ... الله اكبر .... وصرخ جند بأعلى صوته صرخة هزت المكان وجعلتني أرتعد
الجندي: ثأرنا للشهداء في 48 .... و56 ...و67..... الله أكبر .... لله أكبر .... هذا هو النصر ...!!
جندي آخر:لقد ثأرت لشقيقتي الصغرى التي قتلها الصهاينة في بحر البقر ...!!
جندي آخر:
ارقد يا أخي بسلام ...لم يجف دمك بعد أن ضربوك في مصنع أبى زعبل .... لقد ثأرت لك اليوم ...ارقد بسلام يا أخي...لقد ثأرت لك اليوم....وانتابني إحساس بالفرحة، وأنا أرى الجنود يحتفلون بالنصر، ووجدتني أنهض مسرعا رغم الألم الذي أشعر به في قدمي؛ حتى قمت وواصلت مسيري ، متذكرا تلك الأيام الجميلة التي اجتمعنا فيها على كلمة واحدة نرددها وهى ...الله اكبر ...الله أكبر ... وعبرنا بها قناة السويس، وحطمنا خط بارليف ... وحققنا النصر للشعب الذي انتظره ست سنوات ، عانى فيها مرارة الهزيمة والألم الذي اعتصره؛ حتى جاء هؤلاء البواسل وأعادوا البسمة والفرحة لهذا الشعب .وسرت مسافة لا بأس بها؛ حتى وصلت للطريق العمومي ، وكانت تباشير الصباح تنذر بقدومها ، ووضعت حقيبتي على الأرض وجلست فوقها منتظرا سيارة تقلني لأقرب محطة؛ مودعا تلك الرحلة التي عبرتها في هذه الصحراء الشاسعة والخيالات والأطياف التي كانت لذيذة تذكرني بأيام رفعنا فيها الرأس شامخة ، وقدمنا فيها أغلى هدية للعظيمة مصر
سرت في الصحراء مهتديا بضوء القمر والنجوم في السماء ، وقطعت مسافة لا أعلم مقدارها ، حتى توقفت قليلا لأستريح من عناء الطريق،و أستأنف سيرى، كي أتمكن من الوصول إلى الطريق العمومي ،وأركب سيارة تمر تقربني من أقرب محطة .ولكن فجأة تناهى إلى أسماعي صوت يناديني ، تلفتت حولي يمينا ويسارا ، فلم أر شيئا ، ومرة أخرى سمعت صوتا آخرا، لم ألق له بالا ، واستأنفت سيرى حتى لا أتأخر ، أو أضل في الصحراء. واقترب الصوت شيئا فشيئا ، حتى خيل إلى بأن هناك من يتتبعني إلى أن اقترب منى تماما
الصوت: لا تتركنا وحدنا يا سليم ، نحتاج إلى عونك ... خذ بيدنا وفك أسرنا من سجن الصهاينة
سليم:
وماذا بيدي أفعله لكم .... لقد انتهت الحرب وأصبح بيننا وبينهم سلام
الصوت
:لقد أذاقونا العذاب ، وقتلونا رميا بالرصاص ،و داسوا علينا بالدبابات ، وآخرون دفنوهم أحياء
سليم :
وماذا بيدي ...؟
وظل الصوت يبتعد شيئا فشيئا ، وصرخ .. خذ بالثأر يا سليم ، واعترتني الدهشة وظننت اننى احلم ، وسألت نفسي اى ثار يطالب به هذا الصوت، لقد أذقناهم هزيمة نكراء، ولقناهم دروسا في فنون الحرب ؛ حتى اهتزت صورتهم ، وتحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر .
وواصلت مسيري ، لأن هذه الأصوات مجرد أوهام،كثيرا ما تتراءى لمن يسير وحده في الصحراء.. وفجأة تناهى إلى أسماعي صوت آخر يأمرني بالتوقف ، والاستماع إليه، ولم الق إليه بالا، حتى اقترب منى
الصوت: من فضلك قف ، واستمع إلينا
سليم
:أكاد اجن ، أنا لا أرى شيئا
الصوت: لن ترانا أبدا
سليم:
ماذا تريدون منى ...؟ أريد أن اهتدى للطريق العام قبل طلوع الصباح
الصوت: حطم أسطورة الصهاينة ، واعبر القناة ، وحطم خط بارليف ..!
سليم :
لقد تحطمت الأسطورة، وعبرنا قناة السويس ، وحطمنا خط بارليف...وسكت الصوت وابتعد تماما حتى اختفى ....!! وساد الصمت المكان، ووقفت مكاني ،فغفوت قليلا عساى أستريح، ثم أستأنف سيرى ، لشعوري بالتعب الذي حل بى، بعد قطع مسافة كبيرة قد تكون نصف المسافة ما بين المعسكر والطريق العام .. وسمعت أصواتا تنادى
الأصوات :الخلاص ... الخلاص من العار.. عار 48وعار67 ..الخلاص ..الخلاص من الرابضين على شط القناة ... انتقم لمحمد وعبد الله ومينا وبشاي . واستيقظت من نومي مفزوعا ، و صرخت ...لا ... لقد جننت ، لا بد من الوصول إلى الطريق العام، حتى أحافظ على مابقى لي من عقل ، ولا أقع فريسة لهذه الهواجس التي تطاردني.وحملت حقيبتي، وجريت بأقصى سرعة ، وارتطمت قدمي بإحدى الصخور، ووقعت على الأرض ولم أستطع القيام ، وتحسست قدمي ، فوجدت الدماء تنزف منها ، وفتحت الحقيبة وأخرجت منديلا ربطت به الجرح لوقف نزيف الدم ، وحاولت القيام ، فلم أتمكن ووقعت على الأرض مرة أخرى .وخيل لي أنني سمعت نفس الأصوات مرة أخرى .. واقتربت منى ، ولكنها لم تكن هذه المرة أصواتا فقط ، بل أرى أمامي جنودا بملابسهم العسكرية ، لا أعرف لها عددا وسمعت قائدهم يأمرهم أن يلزم كل جندي خندقه، ولا يطلق النار قبل صدور الأوامر ... واندهشت لذلك... هل هذه عصابة، أم جنود يستعدون لمعركة، اى معركة الآن ونحن في سلام مع أعدائنا منذ فترة طويلة، هل هناك عدو جديد... ؟ أم ماذا... ؟وناديت على القائد فلم يسمعني وظللت أصرخ، أيها القائد .. اسمعني ... وسمعت أصوات طلقات نارية، وقنابل في أماكن متفرقة ، وصرخات الجنود وهم يرددون .... الله أكبر ...الله أكبر .... ووجدت نفسي أنا الآخر أردد معهم ... الله أكبر ... الله اكبر .... وصرخ جند بأعلى صوته صرخة هزت المكان وجعلتني أرتعد
الجندي: ثأرنا للشهداء في 48 .... و56 ...و67..... الله أكبر .... لله أكبر .... هذا هو النصر ...!!
جندي آخر:لقد ثأرت لشقيقتي الصغرى التي قتلها الصهاينة في بحر البقر ...!!
جندي آخر:
ارقد يا أخي بسلام ...لم يجف دمك بعد أن ضربوك في مصنع أبى زعبل .... لقد ثأرت لك اليوم ...ارقد بسلام يا أخي...لقد ثأرت لك اليوم....وانتابني إحساس بالفرحة، وأنا أرى الجنود يحتفلون بالنصر، ووجدتني أنهض مسرعا رغم الألم الذي أشعر به في قدمي؛ حتى قمت وواصلت مسيري ، متذكرا تلك الأيام الجميلة التي اجتمعنا فيها على كلمة واحدة نرددها وهى ...الله اكبر ...الله أكبر ... وعبرنا بها قناة السويس، وحطمنا خط بارليف ... وحققنا النصر للشعب الذي انتظره ست سنوات ، عانى فيها مرارة الهزيمة والألم الذي اعتصره؛ حتى جاء هؤلاء البواسل وأعادوا البسمة والفرحة لهذا الشعب .وسرت مسافة لا بأس بها؛ حتى وصلت للطريق العمومي ، وكانت تباشير الصباح تنذر بقدومها ، ووضعت حقيبتي على الأرض وجلست فوقها منتظرا سيارة تقلني لأقرب محطة؛ مودعا تلك الرحلة التي عبرتها في هذه الصحراء الشاسعة والخيالات والأطياف التي كانت لذيذة تذكرني بأيام رفعنا فيها الرأس شامخة ، وقدمنا فيها أغلى هدية للعظيمة مصر