زوايا الصحراء الدينية ج1
ذهب الدكتور محمد ظريف في كتابه " الحركة الصوفية وأثرها في أدب الصحراء المغربية"، إلى أن "الأقاليم الصحراوية عرفت طيلة القرون الأربعة الأخيرة حركة صوفية متميزة امتد تأثيرها إلى مختلف مجالات الحياة الصحراوية الاجتماعية والثقافية والسياسية". حيث شهدت هذه الأقاليم مختلف الطرق الصوفية من شمال المغرب وشرقه.
وهكذا في القرن السادس عشر، أخد الشيخ سيدي أحمد الركيبي مبادئ التصوف في توات وعمل على نشرها في الساقية الحمراء، وفي نفس الفترة أخد الشيخ سيد أحمد العروسي طريقة سيدي عبد الرحمن المجذوب وسيدي رحال البودالى، ونشرها في الساقية الحمراء أيضا،وأخذ سيدي محمد الطالبي الرقيبي الدرقاوية عن سيدي على الدرقاوي.
و استطاعت الزاوايا، بمختلف طرقها أن تلعب دورا فعالا في تحديد الملامح العامة للأقاليم الصحراوية، وتشكيل سماتها الاجتماعية والثقافية والسياسية. وهكذا عرفت زوايا الشيخ سيدي أحمد الرقيبي، وسيدي أحمد العروسي، وزاوية الشيخ ماء العينين، وغيرها من زوايا الصحراء، بأنها الملاذات الآمنة للمظلومين، ومحاكم عليا للفصل في مختلف المنازعات، وهي في نفس الآن منارات للعلم وقلاعا حصينة للدفاع عن سيادة المغرب والمحافظة على وحدته.
و يقع إقليم السمارة بين خطي الطول والعرض 11 و 26 درجــة ، ويعلو عن سطح البحـر بحوالي 110 أمتار ، يحده شمالا إقليمي طانطان واسا الزاك ، وجنوبا إقليم بوجدور والحدود الموريتانية ، وغربا إقليم العيون ومن الشرق الحدود الموريتانية ، ويخترقه طريقان أساسيان الأول ويربطه بالعيون إلى الغرب ، والثاني بطانطان ، وعبرهــا إلــى الأقاليم الشماليــة من المملكة مرورا بكلميم باب الصحراء .
ويمتــاز الإقليم ، بثرائه التاريخي و الأركيولوجي ، المتمثل في العديد من المباني التاريخيـة والمواقع الأثرية،منها ما يرجع إلى فترات ما قبل التاريخ ومنها ما يعود إلى القرن العشرين. إلا أن أهم ما يشد الانتباه هو الحضور القوي للطرق الصوفية ضمن تاريخ الإقليم الذي يعتبر من أهم المناطق التي تتمركز فيها الزوايا الدينيــة خاصة على وادي الساقية الحمراء ووادي درعــة في منطقــة عيون أغمـــان. وتنتمي كل الزوايــا التي يزخر بها إقليم السمارة إلــى نفس الطريقة الصوفية وهي الطريقة الدرقاوية.