فضاءات بلقطر الغربية

بلقطر الغربية

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
عباس طاهر صالح
مسجــل منــــذ: 2012-06-26
مجموع النقط: 72.95
إعلانات


حزين على المصريين

يعيش المصريون هذه الأيام حالة تعمَّق فيها الاستقطاب والخلاف السياسى، فبعد أن كانوا جميعهم على قلب رجل واحد، انقسموا إلى فريقين أو ثلاثة متنازعين، مما خلق حالة من المرارة والكراهية لدى الأطراف المتنازعة، لدرجة أن كل طرف منهم بات مشغولا بإقصاء الطرف الآخر وإبعاده من الحياة السياسية، ليست المشكلة فى الاختلاف فحسب، أو حتى الانقسام، لأن الدول المتحضرة الاختلاف فيها يقود إلى التقدم، لأنهم تعلموا كيف يختلفون، كيف يتحاورون، كل يحترم كل منهم الآخر، فهى ثقافات تعلموها منذ نعومة أظافرهم، لذلك فاختلافهم وحواراتهم تُدرس.
المجتمعات الغربية تؤكد أن الاختلاف ظاهرة صحية، بل فى بعض الأحيان يجدون أنه لا بد من الاختلاف ولكن شريطة أن يكون الهدف المراد واحدا، والمصلحة واحدة، وألا يفسد الخلاف العلاقة الودية بين الأطراف المختلفة، فالاختلاف لديهم نتيجة الممارسات الديمقراطية، التى تتمثل فى الرأى والرأى الآخر، مبادئهم وشعاراتهم، التى تترجم إلى آليات ملموسة، "أستمعُ لك بل أصغى وأنصت إلى كلامك وأحترمه حتى لو لم يتفق مع أفكارى، التى أؤمن بها، أما فى مصر فالأمر يختلف تماما تماما، بل "حدث ولاحرج"، فالاختلاف يتحول بسرعة البرق إلى خلاف بل إلى شقاق وكراهية تؤدى إلى تمزيق الأواصر وتشويه العلاقات الإنسانية.
إنه أمر بل شىء مستحدث على المصريين، فلم أرهم من قبل بهذه القسوة، وهذا الجفاء فى التعامل، لدرجة أصبحت تعكس أن الذى يختلف معك فى الرأى كأنه عدو لك.
صرنا أبعد ما يكون عن المودة والتراحم فأنا من غير المؤيدين لعودة الدكتور مرسى بأى حال من الأحوال حتى لو كانت معه الشرعية الدستورية لعدة اعتبارات، أولها: عدم قدرته على إدارة دولة بحجم مصر، حتى لو اجتهد لأنه لن يجد من يعينه ويساعده وسيفشل مرة أخرى، لذلك فأمر رجوعه بات أمرا مستحيلا وبعيد المنال فمصر ليست "حقل تجارب"، لأحد كائنا من كان.
كذلك الأمر بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، فإن عودة الثقة فيهم مرة أخرى يحتاج إلى سنوات عديدة، لأنهم هم الذين أضاعوا من أيديهم فرصة عمرهم عندما تعاطف معهم أغلبية الشعب المصرى، فى انتخابات مجلس الشعب والرئاسة، ولكنهم لم يكونوا على قدر المسئولية، فقد كان للمصريين طموحات كثيرة بعد الثورة، ولكن أداءهم أصاب الناس بإحباط شديد، فضلا عن أنهم لم يطوروا من أنفسهم ولا من أفكارهم، وفشلوا فى التواصل مع المجتمع المصرى بجميع أطيافه مما أسهم فى زيادة الاحتقان ضدهم، ناهيك عن نقص الخبرة السياسية، والتى ساعد على عدم اكتسابها خلال العام المنقضى لهم الأجواء غير الديمقراطية التى عاشوا فيها.
أما جيشنا العظيم فهو دائما ينحاز إلى شعبه، فهو السلاح التى يبطش بأعداء الوطن فى الخارج، وهو اليد التى تمنع معوقى التقدم فى الداخل ولكن على قدر حبى لجيشنا العظيم على قدر خوفى عليه من الانخراط فى معترك السياسة من جديد، فأنا أرى أنه قد أدى دوره على أكمل وجه، حتى هذه اللحظة فى إعادة الأمور إلى نصابها وحان الوقت ليعود إلى ثكناته، لاسيما بعدما تعافت الشرطة وعادت أقوى من وجهة نظرى المتواضعة من 25 يناير، فأنا مع عودة الشرطة بهيبتها وقوتها لكنى أيضا ضد عودة القمع والقهر، والاعتقال والحبس بدون تهم ثابتة لأن ذلك سيعيدنا إلى نقطة الصفر من جديد، لابد أن يكون هناك مصالحة حقيقية وطنية، ليست شعارات بين الشرطة والشعب، لابد أن يتغير شعار الشرطة فى خدمة الشعب لأنه أبعد ما يكون عن الصدق، ولكن نريد أن يكون الشعار الجديد "الشرطة فى قلوب الشعب"، هل أحلم"؟ أتمنى أن يتحقق الحلم ولا يتحول إلى كابوس.
أما الإعلام فهو من وجهة نظرى المتواضعة إما أن يكون معول هدم أو ركيزة بناء، وكما تقول العبارة الشهيرة "إعطنى إعلاما بلا ضمير، اعطك شعبا بلا وعى" نعم إعلامنا فى حاجة إلى أن يدخل غرفة العناية المركزة إلا من رحم ربى- فهو إعلام يكيل بمكيالين، هو إعلام يرى ما يتبناه ولا يرى الحقيقة المجردة، إعلامنا فاشل لأنه هو من جعل المواطن البسيط يلجأ لقنوات فضائية أخرى، يستشعر أنها تنقل له الحقيقة بالصوت والصورة، إعلامنا ليس لديه مهنية حقيقية، إعلامنا للأسف يعمل لصالح دول معروفة لا تريد استقرارا لمصر، ورجال أعمال لا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية- فمتى يتحرر هذا الإعلام؟
القضاء فى الإسلام يعد من أعلى المراتب، لأنه وببساطة شديدة سيف العدالة القاطع، فهو الملاذ الأخير للمظلومين والضعفاء، للحصول على حقوقهم المسلوبة، ومن أجل ذلك فالقاضى يعتبر بمثابة ميزان العدل فى أى مجتمع، فلا تستقيم أمور الدولة إلا بقضاء عادل، ولا تنصلح أحوال المجتمع إلا بقاض نزيه، ولأن القاضى بشر فمن الطبيعى أن يخطئ أحيانا، ولكن خطأه ليس كأى خطأ، حيث يترتب عليه ضياع حقوق، أو أرواح تزهق بلا جريمة، لذلك فقد كان سيدنا عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه (خامس الخلفاء الراشدين)، يدقق فى اختيار القضاة حتى لا يُبتلى الناس بقاضٍ يتخبط فيهم بغير حق، وكان يشترط فى القاضى خمسة شروط أساسية، فلا ينبغى للقاضى أن يكون قاضيًا حتى تتوافر فيه هذه الخمسة: أولها أن يكون عفيفا، حليما، عالما بما كان قبله، يستشير ذوى الرأى، لا يبالى ملامة الناس. لأنه سيسأل ذات يوم من رب الناس هل حكمت بالعدل، وهل حكمت بما أنزلت؟ ولكن بكل أسف فقد وضع بعض القضاة أنفسهم موضع الملائكة والأنبياء وكأن الله اصطفاهم وأنزلهم من السماء، رغم أن فى خطأهم ابتلاء، من يتفوه عليهم بكلمة عتاب أو لوم يضعوه فى حزمة الجهلاء، ويتهمونه بالغباء والجهل وعدم الولاء، وفى النهاية يدخلونه السجن بتهمه "إهانة القضاء"!!!
فى النهاية تعلم أن تقول رأيك بحيادية وبموضوعية وبتجرد، فالكلمة أمانة ستحاسب عليها يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة