دعوة مرفوضة
مصــر قد عرفت الثقافة اليونانية طويلا بعد أن اتصلت باليونان وكانت الإسكندرية مناراً للمعرفة، لها علماؤها وأساتذتها وتخرج فيها أفلاطون ذو الفلسفة المعروفة باسمه، ثم بعدت الصلة بينها وبيننا بعد غزو الثقافة الإسلامية ولكن ما إن قامت الحضارة الحديثة واعتمدت فى تراثها على تلك الحضارة الإغريقية واستلهمت فنها وأدبها وفلسفتها ودرستها دراسة تعمق واستوحتها فترة طويلة من الزمن حتى أعادت إليها رواءها وجاذبيتها بعد أن جعلتها مصدراً من مصادر ثقافتها.
ومرت مصــر فى تاريخها الطويل بأطوار من الحضارة وعاشت فيها ثقافات مختلفة تمثل هذه الحضارات؛ فهناك الحضارة الفرعونية التى تضرب جذورها فى أعماق الماضى السحيق حتى بعد ما بيننا وبينها وكادت صلتها تنقطع عنا وبخاصة قبل أن يطالعنا العصر الحديث بفك طلاسم اللغة الهيروغليفية لغة قدماء المصرييـــــن، ثم كانت أخريات هذا العهد فاستطعنا أن نزيح الرماد عن أكفانها وأن نكشف بعض ما خفى منها وأن نعيد عصرها الزاهر وأيامها المشرقة ! فإذا أدباؤنا وعلماؤنا يتناولون هذا التاريخ الدارس بالاستقصاء، والكشف والتجلية، وإذا نحن نقف على بعض أدبهم؛ قصصهم ومعتقدهم ومجتمعهم فتتوافر عليه بالدرس والإضافة.
واتصلت مصــر بالحضارة الحديثة سواء فى ديارها أو فى خارجها وكان الاتصال شديداً فى آخر العهد بنا فأخرجت الروائع الإغريقية وترجمت المصادر اليونانية الأصلية كالألياذه والأودسا وعرفنا هوميروس وسوفوكليس ويوربيديس ودرسنا سقراط وأفلاطون وأرسطو وانتبهنا إلى ما لم ينتبه إليه أجدادنا ووقفنا على ما لم يقفوا عليه من علم وفلسفة وفن ومعتقد، وأحدث كل أولئك هزة فى الثقافة الحاضرة، ولم يعد مثقف يهمل هذه الثقافة الإغريقية إن لم يعتمد عليها فى أسلوبه أو منهاجه، ثم انتقلت إلينا الثقافة العربيـة، بلغتها ودينها وأدبها وتاريخها وتشريعها وأسلوبها فى الحكم والسياسة وكان سلطانها فى مصــر عظيماً وخطرها قوياً حتى عفت على غيرها من الثقافات وظلت إلى يومنا هذا الثقافة الأولى والمنبع الأول الذى نستقى منه فى حاضرنا ولم تستطع ثقافة أخرى أن تزلزلها أو تأخذ مكانها أو تنزلها من عليائها، وأصبح تاريخ العرب تاريخنا ولغتهم لغتنا ودينهم ديننا فهم منا ونحن منهم سواء بالدم أو المصاهرة، وأملت الظروف على مصـر أن تكون زعيمة العالم العربـى، فإذا كانت النهضة المصرية الحديثة تطلعنا إلى بعث المصادر العربية القديمة سواء فى الأدب أو فى التاريخ أو فى الفلسفة أو فى العلوم الإسلامية، وأتيح لمصـر فى هذا العصر كتاب وشعراء نابهون استطاعوا فى يسر أن يردونا إلى المنابع الثرة والحقول الخصيبة، فإذا ثقافتنا تعود من جديد أيام أن كانت عليه فى عصورها الذهبية الرائعة، وفى هذا الوقت قامت محاولات لإحلال لغتنا العامية محل اللغة العربية زعماً من الداعين إليها أنها لغة الحياة والواقعية، لغة الفن والأدب، ولكنها محاولات على الرغم من اقتدار الداعين إليها قد باءت بالفشل والخذلان وأصبحت الآن فى خبر كان.. لم؟ لأن وضعنا السياسى يحتم علينا أن نقف من هذه الدعوة موقف المعارضة والمعارضة الشديدة حتى لا نفقد مجالنا السياسى والحضارى وحتى لا نباعد بيننا وبين تاريخنا الحافل فنقع فى الخطأ الذى وقع فيه الأتراك عندما أحلوا اللاتينية محل العربيـة.. ونحن بشىء من التعقل نستطيع أن ندخل الألفاظ الذائعة على الألسنة محل الألفاظ التى لا نستخدمها إلا حين نكتب.. وهى ألفاظ من غير شك عربية صميمة.
ومرت مصــر فى تاريخها الطويل بأطوار من الحضارة وعاشت فيها ثقافات مختلفة تمثل هذه الحضارات؛ فهناك الحضارة الفرعونية التى تضرب جذورها فى أعماق الماضى السحيق حتى بعد ما بيننا وبينها وكادت صلتها تنقطع عنا وبخاصة قبل أن يطالعنا العصر الحديث بفك طلاسم اللغة الهيروغليفية لغة قدماء المصرييـــــن، ثم كانت أخريات هذا العهد فاستطعنا أن نزيح الرماد عن أكفانها وأن نكشف بعض ما خفى منها وأن نعيد عصرها الزاهر وأيامها المشرقة ! فإذا أدباؤنا وعلماؤنا يتناولون هذا التاريخ الدارس بالاستقصاء، والكشف والتجلية، وإذا نحن نقف على بعض أدبهم؛ قصصهم ومعتقدهم ومجتمعهم فتتوافر عليه بالدرس والإضافة.
واتصلت مصــر بالحضارة الحديثة سواء فى ديارها أو فى خارجها وكان الاتصال شديداً فى آخر العهد بنا فأخرجت الروائع الإغريقية وترجمت المصادر اليونانية الأصلية كالألياذه والأودسا وعرفنا هوميروس وسوفوكليس ويوربيديس ودرسنا سقراط وأفلاطون وأرسطو وانتبهنا إلى ما لم ينتبه إليه أجدادنا ووقفنا على ما لم يقفوا عليه من علم وفلسفة وفن ومعتقد، وأحدث كل أولئك هزة فى الثقافة الحاضرة، ولم يعد مثقف يهمل هذه الثقافة الإغريقية إن لم يعتمد عليها فى أسلوبه أو منهاجه، ثم انتقلت إلينا الثقافة العربيـة، بلغتها ودينها وأدبها وتاريخها وتشريعها وأسلوبها فى الحكم والسياسة وكان سلطانها فى مصــر عظيماً وخطرها قوياً حتى عفت على غيرها من الثقافات وظلت إلى يومنا هذا الثقافة الأولى والمنبع الأول الذى نستقى منه فى حاضرنا ولم تستطع ثقافة أخرى أن تزلزلها أو تأخذ مكانها أو تنزلها من عليائها، وأصبح تاريخ العرب تاريخنا ولغتهم لغتنا ودينهم ديننا فهم منا ونحن منهم سواء بالدم أو المصاهرة، وأملت الظروف على مصـر أن تكون زعيمة العالم العربـى، فإذا كانت النهضة المصرية الحديثة تطلعنا إلى بعث المصادر العربية القديمة سواء فى الأدب أو فى التاريخ أو فى الفلسفة أو فى العلوم الإسلامية، وأتيح لمصـر فى هذا العصر كتاب وشعراء نابهون استطاعوا فى يسر أن يردونا إلى المنابع الثرة والحقول الخصيبة، فإذا ثقافتنا تعود من جديد أيام أن كانت عليه فى عصورها الذهبية الرائعة، وفى هذا الوقت قامت محاولات لإحلال لغتنا العامية محل اللغة العربية زعماً من الداعين إليها أنها لغة الحياة والواقعية، لغة الفن والأدب، ولكنها محاولات على الرغم من اقتدار الداعين إليها قد باءت بالفشل والخذلان وأصبحت الآن فى خبر كان.. لم؟ لأن وضعنا السياسى يحتم علينا أن نقف من هذه الدعوة موقف المعارضة والمعارضة الشديدة حتى لا نفقد مجالنا السياسى والحضارى وحتى لا نباعد بيننا وبين تاريخنا الحافل فنقع فى الخطأ الذى وقع فيه الأتراك عندما أحلوا اللاتينية محل العربيـة.. ونحن بشىء من التعقل نستطيع أن ندخل الألفاظ الذائعة على الألسنة محل الألفاظ التى لا نستخدمها إلا حين نكتب.. وهى ألفاظ من غير شك عربية صميمة.