فضاءات الاحراز

الاحراز

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
ناصر قطب محمد سليمان
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 52
إعلانات


سبق الذاكرون

قال الله تعالى: ?إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)? (طه).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ لِلهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِي قَالُوا يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ، وَيُكَبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ. قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لاَ وَاللهِ مَا رَأَوْكَ. قَالَ: فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا، قَالَ: يَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونِي قَالَ: يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ. قَالَ: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا، قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَة، قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ قَالَ: يَقُولُونَ: مِنَ النَّارِ، قَالَ: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لاَ وَاللهِ مَا رَأَوْهَا، قَالَ: يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً، قَالَ: فَيَقُولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، قَالَ: يَقُولُ: مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ فِيهِمْ فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: هُمُ الْجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ" (أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب: فَضْلِ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ 12/507 (6408)).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ فَقَالَ: "سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ" قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ" (أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب: فَضْلِ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ 12/507 (6408).
1- أهمية الذكر:
إن من أوجب الواجبات على العباد أن يذكروا الله تعالى؛ فإن ذكره من أنفع الأوية لقلوبهم وعقولهم، ومن أنجع الوسائل لإصلاح حياتهم؛ فإنه يطهر القلوب من كل أدرانها، وينقي المجتمعات من كل عللها، وليس هناك من شيء أخطر على الفرد والمجتمع من الغفلة عن ذكر الله تعالى، والتظاهر بالاستغناء عن فضله، وترك التعرض بالذكر والدعاء لاستمطار عفوه ورحمته.
2- الذكر فرض وسنة:
وذكر الله عز وجل منه المفروض ومنه المسنون فمعلوم أن الله عز وجل فرض على المسلمين أن يذكروه كلّ يوم وليلة خمس مرات، بإقامة الصلوات الخمس في مواقيتها: ?إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)? (طه).
وكذلك سائر ما افترض الله عز وجل على عباده من عبادات كالصيام والحج والزكاة، كما أن في ابتعاد المسلم عن المحرمات ذكرًا لله.
والذكر المسنون منه ما هو من جنس العبادات المفروضة ويكون مصاحبًا لهذه الفرائض، كصلاة النوافل وصوم النفل والتطوع وكذلك الصدقات الزائدة على الزكاة وكذلك الحج بعد الحج والعمرة بعد العمرة.
وبخصوص الصلاة نرى أن الشارع قد سن للمسلمين أن يصلوا مع الصلوات الخمس قبلها، أو بعدها، أو قبلها وبعدها سننًا، فتكون زيادة على الفريضة، فإن كان في الفريضة نقص، جبر بهذه النوافل، وإلا كانت النوافل زيادة على الفرائض.
وأطول ما يتخلل بين مواقيت الصلاة مما ليس فيه صلاة مفروضة ما بين صلاة العشاء وصلاة الفجر، وما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، فشرع بين كل واحدة من هاتين الصلاتين صلاة تكون نافلة؛ لئلا يطول وقت الغفلة عن الذكر، ففي الليل شرع صلاة الوتر وقيام الليل، وشرع صلاة الضحى بين الفجر والظهر على اختلاف بين الناس فيها، وفي استحباب المداومة عليها، وفي الترغيب فيها أحاديث صحيحة.
3 - الذكر باللسان:
وأما الذكر باللسان، فهو مشروع في جميع الأوقات، ويتأكد في بعضها.
فمما يتأكد فيه عقب الصلوات المفروضات، وبعد الصلاتين اللتين لا تطوع بعدهما، وهما الفجر والعصر، فيشرع الذكر بعد صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس، وهما من أفضل أوقات الذكر بالنهار، وفي ذلك قال الله تعالى: ?وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42)? (الأحزاب)، وقال تعالى: ?وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ (205)? (الأعراف).
وجميع ما يفعله الإنسان في آناء الليل والنهار من مصالح دينه ودنياه، يشرع ذكر اسم الله عليه، فيشرع له ذكر اسم الله وحمده على أكله وشربه ولباسه، وجماعه لأهله، ودخوله منزله، وخروجه منه، ودخوله الخلاء وخروجه منه، وركوبه دابته، وعند الذبح.. وغير ذلك.
كما يشرع له حمد الله تعالى على عطاسه، وعند رؤية أهل البلاء في الدين أو الدنيا، وعند التقاء الإخوان، وسؤال بعضهم بعضًا عن حاله، وعند تجدد ما يحبه الإنسان من النعم، واندفاع ما يكرهه من النقم، وأكمل من ذلك أن يحمد الله على السراء والضراء، والشدة والرخاء، ويحمده على كل حال.
ويشرع له دعاء عند دخول السوق، وعند سماع صوت الديكة بالليل، وعند سماع صوت الرعد، وعند نزول المطر، وعند اشتداد هبوب الرياح، وعند رؤية الأهلة، وعند رؤية باكورة الثمار.. وغير ذلك مما ورد فيه أدعية مأثورة يرجع إليها في كتب السنة، ومن أفضل الكتب في ذلك كتاب الأذكار للإمام النووي- رحمه الله.
فمن حافظ على تلك الأذكار، لم يزل لسانه رطبًا بذكر الله في كل أحواله.
والذكر المطلق يدخل فيه الصلاة، وتلاوة القرآن، وتعلمه، وتعليمه، والعلم النافع، كما يدخل فيه التسبيح والتكبير والتهليل..
4- ذكر القلب واللسان:
قال القاضي عياض رحمه الله: وذكْر الله تعالى ضربان: ذكر بالقلب، وذكر باللسان.
وذكر القلب نوعان:
أحدهما: وهو أرفع الأذكار وأجلها الفكر في عظمة الله تعالى وجلاله وجبروته وملكوته وآياته في سمواته وأرضه، ومنه حديث خير الذكر الخفي، والمراد به هذا.
والثاني: ذكره بالقلب عند الأمر والنهي فيمتثل ما أمر به ويترك ما نهي عنه، ويقف عما أشكل عليه.
وأما ذكر اللسان مجردًا فهو أضعف الأذكار، ولكن فيه فضل عظيم، كما جاءت به الأحاديث.
وقال الفخر الرازي: المراد بذكر اللسان الألفاظ الدالة على التسبيح والتحميد والتمجيد، والذكر بالقلب التفكر في أدلة الذات والصفات، وفي أدلة التكاليف من الأمر والنهي حتى يطلع على أحكامها، وفي أسرار مخلوقات الله. والذكر بالجوارح هو أن تصير مستغرقة في الطاعات، ومن ثَمّ سمى الله الصلاة ذكرًا، فقال: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)? (الجمعة).
ونقل عن بعض العارفين قال: "الذكر على سبعة أنحاء: فذكر العينين بالبكاء، وذكر الأذنين بالإصغاء، وذكر اللسان بالثناء، وذكر اليدين بالعطاء، وذكر البدن بالوفاء، وذكر القلب بالخوف والرجاء، وذكر الروح بالتسليم والرضاء" (فتح الباري 11/ 209).
5- أيهما أفضل: ذكر القلب أم ذكر اللسان؟
قال الإمام النووي: وذكر ابن جرير الطبري وغيره اختلاف السلف في ذكر القلب وذكر اللسان أيهما أفضل؟ قال القاضي: والخلاف إنما يتصور في مجرد ذكر القلب، تسبيحًا وتهليلاً وشبههما، وعليه يدل كلامهم، لا أنهم مختلفون في الذكر الخفي، الذي ذكرناه، وإلا فذلك لا يقاربه ذكر اللسان، فكيف يفاضله، وإنما الخلاف في ذكر القلب بالتسبيح المجرد ونحوه، والمراد بذكر اللسان مع حضور القلب، فإن كان لاهيًا فلا.
واحتج من رجح ذكر القلب بأن عمل السر أفضل، ومن رجح ذكر اللسان قال: إن العمل فيه أكثر، فإن زاد باستعمال اللسان اقتضى زيادة أجر.
6- كتابة الملائكة للذكر:
قال القاضي: واختلفوا هل تكتب الملائكة ذكر القلب؟ فقيل: تكتبه، ويجعل له تعالى له علامة، يعرفونها بها. وقيل: لا يكتبونه؛ لأنه لا يطلع عليه غير الله.
يقول الإمام النووي: الصحيح أنهم يكتبونه، وأن ذكر اللسان مع حضور القلب أفضل من القلب وحده (صحيح مسلم بشرح الإمام النووي 17/ 15 - 16).


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة