معذرة رجال التعليم لا تغضبوا من عناكر المساء
لكل أمة رسلها وأنبياؤها، ولكل شعوب الأرض منوروها ومعلموها، ولم يسبق لنبي أو رسول أن حضي بالإجماع حول دعوته، فهناك من كفر بهم وهناك من استهزأ بدعوتهم، لكن ذوي المصالح الضيقة هم من كانوا اكثر اجتهادا و تفننا و ابداعا في التنكيل بهم وتشويه سمعتهم بالكذب والبهتان وشهادة الزور. ولكم في تاريخ البشرية كثير العبر في هذا الشأن. لذا أطلب من نساء ورجال التعليم بالمغرب أن يصفحوا، والصفح من شيم الشجعان، عن معنكر كل مقال يسبهم ويمس سمعتهم بسوء. فصاحب -لا ترسلوا أبناءكم إلى المدرسة-، أراد أن يدخل التاريخ من باب من تبول في زمزم، ولا أحسبه إلا قلما مأجورا يتكالب على سمعة المعلم . وكثير الضن أن من علموه الكتابة عانوا الأمرين معه لكي يفك أبجدية اللغة، ويفتح عينيه على أمور الحياة ونورها, معتقدا أنهم نكلوا به، في حين لم يفهم أنهم أرادوا أن يخرجوه من ظلمات الجهل وأتون الفقر ليسترزق بمقاله حول أسياده.
إن أول سؤال سأطرحه على هذا الماجور هو الى اين سنرسل ابناءنا ان لم نرسلهم الى المدرسة؟
ومن سنوكل اليه مهمة تعليم الناشئة حتى تتجاوز الفكر المأجور, وركاكة أسلوب أمثال هذا الكويتب اللئيم، الذي لم يقف على تضحيات المعلم في قمم الجبال و شعاب المغرب العميق، بل و لم يقف على ما يعيق هؤلاء الجنود من ظنك العيش وظروف التنقل في المدن والقرى، ولا يحفزهم في ذلك لا أجرهم الهزيل ولا إرهاق العمل، لكن ما يحفزهم هو أن يروا أبناء الشعب المغربي يتعلمون ويتبوؤون أسمى المناصب. فالأب لا يفضل أن يكون أحدا أفضل منه, إلا أبناءه البار منهم والعاق.
إن صاحب المقال الملغوم وقف على حالات شاذة، والشاذ لايقاس عليه لا في الفقه ولا في السوسيولوجيا، و بالتالي فهو يقدم صورة قاتمة وحالكة عن المعلم في بلادنا. ولا أحسبه إلا واضعا نظارات سوداء على عينيه ومتسلحا بمهارة الذئب في إقتناص الشاة القصية حتى يحضى بإعجاب أفراد قطيعه من الذئاب. او احسبه اتانا تدور برحى معصرة الزيتون, وحتى لا تستشعر انها تدور بالحجرة في نفس المكان, يضع لها صاحب المعصرة طرفين من الورق المقوى على جانب عينيها كي تعتقد انها تسير في خط مستقيم. ولي اليقين انه نادم في قرارة نفسه على فعلته, لان من علموه الكتابة ايام الصبى علموه ايضا كيف يؤنب الظمير صاحب الكذب و شهادة الزور.
اننا و الحالة هذه لا يجب ان نعير لهذا الشاذ كبير اهتمام, لكن لا يجب ان نترك من هب ودب يحمل قلمه او كاميراته ليسب نساء و رجال التعليم او يخرج روبورتاجات مشبوهة عن من علمهم ابجديات القراءة والكتابة في المدارس و المعاهد و الجامعات. ففي الدول المتحضرة يحضى المعلمون باحترام كبير وتقدير قل نظيره. لانهم بناة الحضارة و رسل البشرية على مر العصور, و هنا اكتفي بالقول لهؤلاء الشرفاء, لا تنزعجوا من الكلاب التي تنبح في يوميات الرداءة لانها لا تعض. فقافلة التعليم تمحو الجهل و الاقلام الماجورة تنبح, فاتقوا شر من احسنتم اليهم.
?العناكر جمع عنكور و هو حشرة طفيلية تقتات على القذارة في المساء يسميها اهل دكالة الحنكور او العنكر
العباس الفراسي
ازمور