التاريخ ....الثانوي
التاريخ ....الثانوي
بقلم الدكتور محمد رفعت الإمام
آريف- العدد 82 أكتوبر 2004
...........
.
في العدد رقم"21" سبتمبر 1999 نشرت مجلة " آريف" بعنوان " ثقوب في ذاكرة الأمة" للدكتور عماد احمد هلال الذي يشغل حاليا وظيفة مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بكلية تربية السويس جامعة قناة السويس، وفي هذا المقال انتقد الدكتور عماد وزارة التربية والتعليم فيما يخص منهج التاريخ المقرر علي طلبة الثانوية العامة. وذكر أن الكتاب يحتوي علي حشد كم هائل من المعلومات في تاريخ مصر والعالم العربي وأحيانا الأوروبي تغطي فترة زمنية تمتد من عام 1300 ق. م وحتي الوقت الحاضر ؛ أي حوالي 3300 سنة ومعظمها أحداث متداخلة ومكررة مع كثير من الحشو الذي لا لزوم له ولا فائدة ترجي منه ، حيث سينساها الطالب بمجرد خروجه من الامتحان ؛لأن ليست قضايا يناقشها ، بل معلومات يحفظها مما يجعل التاريخ عبئا ثقيلا علي كاهل الطلبة.
ورصد د. عماد بين ثنايا الكتاب عددا ليس بالقليل من المعلومات التاريخية الخاطئة والأفكار الملتبسة الواردة في طبعة كتاب الوزارة للعام الدراسي 1998 -1999 . وكما قال لي د. عماد يومها إن عددا من المجلات والصحف التي عرض عليها نشر المقال، رفضت الفكرة من أساسها. ولا يدري لماذا؟ تحمست لنشر المقال في " آريف" نظرا لغيرتي العلمية علي تخصصي " التاريخ" ، وحرصي علي سلامة الأفكار والمعلومات التاريخية الخاصة بمصر التي نعمل ونجتهد للإعلاء من شأنها. ناهيك عن سلامة ودقة قاعدة البيانات والقضايا التي تريد الوزارة إرسائها في ذهن ونفس الطلبة وهم بلا شك عماد المستقبل . ويومها أثار نشر المقال جدلا واسعا بين طلاب الثانوية العامة والمهتمين عموما حيث جاءتنا ردود أفعال إيجابية.
ومنذ أسابيع قليلة كنت أقلب في مكتبة أحد باعة الكتب القديمة والكتب المدرسية المستعملة، فوجدت نسخة من كتاب" التاريخ" للثانوية العامة ( طبعة 1998- 1999 ) وأخري حديثة ( طبعة 2003 2004 ) وطاف بخاطري ان ألتقط الكتابين لأقارن بين الطبعتين فيما يخص المعلومات الخاطئة التي وردت في مقال د . عماد آنف الإشارة . فإذا بى أكتشف وكلي سعادة ، أن بها عددا ليس بالقليل من الملاحظات الواردة في المقال قد تم تعديلها في أحدث طبعة لكتاب مادة " التاريخ" للثانوية العامة . اتصلت علي الفور بالدكتور عماد هلال وسألته : هل نشرت مقال " ثقوب في ذاكرة الأمة في أية صحيفة أخري غير آريف ؟ أجاب : لا . وهذا يعني ببساطة أن "آريف" كانت حصريا الجهة الوحيدة التي نشرت المقال. وبطريقة ما وصل إلي المسئولين في الوزارة عن إعداد كتاب مادة " التاريخ". ما أسعدني حقا هو استجابة هؤلاء المسئولين لما ورد في المقال وتعديل أغلب الملاحظات في الطبعات اللاحقة للعام الدراسي 1998 1999 .
وبمراجعتي- شخصيا- لما ورد في المقال ومقارنته في الطبعتين آنفتي الإشارة ، لاحظت أن التعديل اقتصر علي المعلومات فقط، بيد أن الأفكار ظلت كما هي. وفي تقديري أن الاختلاف في تفسير أو تحليل أية ظاهرة تاريخية تبقي محل جدل ودليل علي مرونة وحيوية التاريخ. وليسمح لي قرء"آريف" ان أذكر بعض ملاحظات د . عماد هلال التي تم تعديلها. يذكر د . عماد في ص 42 ( طبعة 98 1999 ) أن عدد سور القرآن114 منها 88 مكية و26 مدنية. والصحيح 86 مكية و28 مدنية . تم التصحيح في ص 44 ( طبعة 2003 2004 ) . وفي نفس الصفحة ( ص42) أن الذي قام بتنقيط القرآن نصر بن عامر والصواب نصر بن عاصم . تم التصحيح في ص 44 أيضا من أحدث طبعة. في ص 59 ( طبعة 98 1999) يذكر الكتاب أن جابر بن حيان توفي سنة 147 ه وأنه عاش في بغداد ودفن بها أيام الرشيد مع أن الرشيد تولي الخلافة سنة 170 ه ! تم التعديل في ص 61 من طبعة 2004 وأن الوفاة كانت أيام أبي جعفر المنصور لا الرشيد . وفي ص 61 ( 1999 ) أن من مؤلفات المقريزي " اتعاظ الحنف بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء" والصواب " اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطمية الخلفا". وقع التصحيح في ص 63 ( طبعة 2004) ولكن اسم الكتاب خطأ: " اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء" . وفي ص 167 يذكر الكتاب سياسة " الجلنزة " والصواب " النجلزة" وتم التصحيح في ص 169 ( طبعة 2004) وفي ص 126 ( طبعة 1999 ) ان لائحة المقابلة صدرت عام 1870 والصحيح أنها صدرت عام 1871 وقد تم التعديل في ص 128 ( طبعة 2004) ...إلخ .
ورغم أن أفكارا ومعلومات مما وردت في المقال لم يستجب إليها المسئولون عن إعداد كتاب مادة التاريخ للثانوية العامة- ربما لأن تعديلها يخل كثيرا من بناء الكتاب- إلا أن الكتاب مركز ومنظم وبه شبكه معلومات وأفكار ثمينة. وتحية للدكتور عماد هلال علي استقصائه دقة المعلومات وتحية لإدارة مجلة " آريف" علي نشرها مقال " ثقوب في ذاكرة الأمة" وتحية للمسئولين عن إعداد كتاب مادة" التاريخ" بوزارة التربة والتعليم الذين استجابوا للملاحظات المنشورة وتداركوا بعضها في الطبعات التالية.