الرقة من الالف الى الياء
في أقصى الشرق من سوريا تقع مدينة الرقة التي تحتفظ بأوابدها وآثارها وملامحها الجمالية المحاطة بنهر الفرات. وتعتبر الرقة من أقدم مدن بلاد الشام، وعبر التاريخ مرت عليها نكبات قاسية وغزوات مفاجئة، ومنها عبر هولاكو مع جيشه الغازي إلى المدن القريبة، وفيها أقام هارون الرشيد فترات طويلة، وماضيها يؤرخ للإنسان الحجري وهو يبني أول أسس حياته في الكهوف العميقة. ويكشف متحف الرقة عن بصمات كل الحقب القديمة، لتشير المدينة إلى استمرار بقائها عبر الأزمنة وتصديها للتغيرات الطارئة، بينما يستمر ترميم بعض آثارها المتهدمة، وأهمها سورها الواسع بإشراف من اليونيسكو، مما جعلها إحدى المحطات السياحية للأفواج الآتية من العالم لتقرأ من جديد سطور الحياة القديمة.
الرقة .. درّة الفرات
إعمار الرقة والتعاقد الحضري
قسّم الجغرافيون العرب الجزيرة استناداً إلى هيمنة القبائل العربية عليها إلى ديار ربيعة( ومركزها الموصل) وديار مضر( مركزها الرقة) وديار بكر( مركزها آمد).
وكانت الرقة وفق هذا التقسيم ( ديار مضر) الذين استقروا فيها منذ ماقبل الفتح الإسلامي لإقليم الجزيرة بقرون عديدة.
تقع الرقة على ضفة الفرات الشرقية، وسط زاوية اللقاء بين نهر الفرات ونهر البليخ.
ازدهرت تاريخياً بسبب موقعها العسكري( كمحطة تجمع عسكرية) والتجاري( كنقطة تقاطع بين الطرق التجارية المتجهة من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب بين الجزيرة الفراتية والشام والعراق وأرمينيا وآسيا الصغرى والبحر المتوسط)، والزراعي( بسبب تطور أنظمة الري فيها) والديني( كمركز ديني تاريخي سرياني أو يعقوبي تخرج منه حتى خرابه في القرن الرابع عشر أكثر من عشرين مطرناً وأسقفاً) .
شكّلت الرقة في العهد العثماني عاصمة المجال المعمور في الجزيرة، وكان والي حلب يطلق عليه اسم والي حلب والرقة ، لكنها تعرضت للخراب في أوائل القرن السابع عشر، بعد فشل برنامج الإعمار العثماني الأول لمنطقة البليخ والرقة.
وحين تم إعمارها في أواخر سبعينيات القرن التاسع عشر، لم يكن معموراً فيها سوى واحد بالمئة من أراضيها.
شكّل إنشاء الحكومة المركزية لمراكز إدارية حكومية" ثابتة" في عقد المواصلات الطرقيّة، لضمان أمنها، محور عملية التحضر ومن ثمّ عملية التمدين اللاحقة لعملية التحضر في الإقليم.
سرعان ماجذب الموقع الآمن نسبياً لهذه المراكز الإدارية تجمعات حضرية حوله نشأت في داخله نويّات المدن الجديدة حول تحالفات محلية خاصة ممهورة بعقد اجتماعي تحالفي" شرفي".
وكانت هذه هي حالة تكون مدينة الرقة نموذجياً.
ويشير مثال الرقة إلى تكون التجمع الحضري حول مركز إداري حكومي يوحي بالأمن والحماية.
بنيت الرقة في الموقع الذي كانت تقوم فيه مدينة نيقوفوريون Nicephorion و تأسست نويات بلدة الرقة كمركز حضري في جوار مدينة الرافقة التاريخية المندثرة ( كان قد أسّسها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في العام 772م) حول مخفر الدرك الذي أقامته السلطات العثمانية في العام 1865 لمراقبة عبور نهر الفرات نمواً سريعاً نسبياً.
كان إعمارها متأخراً نسبياً عن عمران بلدة دير الزور، إذ بدأ التحول من السكن في بيوت الشعر إلى بناء أول بيت طيني-حجري في العام 1880م .
تجمع المتحضرون الأوائل الذين أسسوا المدينة في اتحادين محليين هما " الأكراد" و" العشاريون"( نسبة إلى العشارة جنوب الميادين).
قدموا إلى الرقة لأسباب اقتصادية أو وظيفية أو لأسباب النزاع العشائري، ولكن بصفة عائلات وليس بصفة عشائر، كان هناك عدد من العائلات العربية في حلف" الأكراد" المنحدر من طي والمليين والدليم.
وشكل وجود مخفر الدرك، وتحسن حالة الأمن جاذباً لهم للاستقرار وللجمع بين نمطي الحياة الزراعية في الشتاء والرعوية في الربيع والخريف.
ربما كان استظلال العائلات الأولى التي استقرت في الرقة تحت حماية الدرك هو الذي دفع إلى وصفها من قبل البدو باسم"الغول" وهي تعريب محرّف لكلمة" قرقول" التركية التي تعني مخفر درك.
وقد عقدت هذه العائلات فيما بينها نوعاً من عقد تحالف أمان وتضامن في مواجهة البدو، يمكن وصفه بنوع من تعاقد اجتماعي حضري وليد.
لم يكن هذا التحالف يخلو من التوتر والصراع على الموارد، وتحديداً مورد الأرض المشاع الذي كان يوزع سنوياً بين الاتحادين، ولكنه كان يجد دوماً تسويةً له صبت نتائجها في تعزيز عملية التحضر، والتوسع في زراعة مناطق الطمي التي تنحسر عنها فيضانات الفرات.
الزراعة التي كانت زراعة معاشية وليست زراعة تجارية وتعزز ذلك بالتفاهم مع رئيس عشائر الفدعان( عنزة) بن مهيد الضاربة في تلك المنطقة، والمسيطرة عليها من تل أبيض إلى مشارف حلب، والتي اعتمدت عليها السلطات العثمانية في سياقٍ معقدٍ من الصراع في حماية طريق حلب- منبج- أورفة
أحدث إقبال تجار أورفة( الرها) وحلب على شراء أراض في واديي البليخ الأسفل والأعلى منذ العام 1881 تغييراً كبيراً في تحويل الزراعة من زراعة الاكتفاء الذاتي المعاشية إلى زراعة تجارية موجهة إلى التصدير ..
بات ارتباط الرقة أكثر تشابكاً مع أورفة من خلال تحسين الحكومة لطرق العربات من منبج إلى أورفة، وافتتاح الطريق الجديد في العام1907. .
كان معظم الأراضي يقع في" الدلتا الخصبة جداً" بين البليخ والفرات شرقي الرقة.
كما طور أنظمة الريّ وفق بقاياها التاريخية الاستثمار الزراعي لتجار حلب وأورفة .
حتى أواخر العهد العثماني وبدء عهد الانتداب الفرنسي كان هناك عدة قنوات ري كبيرة على امتداد بضعة كيلومترات عن البليخ .
وبفضل ذلك وصل عدد قرى الرقة في غضون عقدين ونيف إلى( 148) قرية.
طوّرت الحكومة فضاء البلدة، فافتتحت في أواخر عهد السلطان عبد الحميد الثاني بعض المدارس الابتدائية فيها.
في العام 1912 وصل عدد سكان الرقة إلى حوالي( 300) عائلة مستقرة حضرياً. .
لايرتد هذا التوسع الذي سيستمر حتى أواخر عهد الدولة العثمانية إلى حركة الزيادة الطبيعية بقدر مايرتد إلى الهجرة الخارجية الوافدة، فلقد استقبلت الرقة عدداً من المهاجرين الأتراك من سكان براجيك( البراجكلية)، الذين أخذوا يوسعون المجال الحضري بزراعة كروم الأشجار المثمرة، ودربوا سكان البلدة على تقنيات زراعة البطيخ الأصفر(القاوون) الذي تبذر بذراته في الأراضي القريبة من الفرات.
ثم استقبلت الرقة في سنة 1906 وسنة 1917حوالي(200) عائلة جركسية من قبائل قبرداي بقيادة طالوستان أنزور و قبائل يجدوغ، ومنحتهم البلدية العثمانية أراضٍ لزراعتها.
انضم المهاجرون فعلياً إلى تحالف أو تعاقد( الغول) المؤسس للبلدة عبر حماية آل العجيلي لهم.
ولكن حوالي ثلاثة أرباع هذه العائلات انتقلت من الرقة إلى أماكن أخرى في منبج والشمال الغربي في حلب.
ثم أخذت تفد بعض الموجات الصغيرة لعشيرة السخانة وتستقر منذ العام 1895 في البلدة، ثم مجموعات تنحدر من الجبور والنعيم.
ومنذ العام 1915 توطّن في البلدة حوالي( 150) أسرة أرمنية مهجّرة قسرياً من أورفة في المدينة الفتية، كانوا ممن تبقى من اللاجئين الأرمن الذين مكثوا لفترة قصيرةٍ في الرقة .
في أواخر العهد العثماني كانت مدينة الرقة تتميز بتنوعها الاثني المركب، وتشير أصول العائلات الأولى التي أسست نواة المدينة، كما الهجرات التي استوعبتها، إلى أن سكان الرقة كانوا مؤلفين من عرب منحدرين من عدة عشائر عربية( بو بدران، عقيدات، مصاليخ شمر، موالي، طيّ، دليم) وقد قدموا من نواحي الموصل ومن بلدة العشارة ومن نواحي أورفة، ومن أكراد ينحدرون من عشيرة المليّة في نواحي أورفة وشرقي ديار بكر، وأتراك ينحدرون من براجيك، وجراكسة وشيشان، وأرمن.
وقد تعزز الترابط مابين أبناء المدينة من خلال الزواج المختلط مع تحالف( الغول) المؤسس للمدينة، فتزاوج الجراكسة مع الأكراد والعرب، والأرمن مع المسلمين.
أهم المعالم السياحية
باب بغداد الذي بني في عصر ابو جعفر المنصور وهو اشهر اثار الرقة التي لاتزال موجودة الى يومنا هذا
قصور الرقة
على بعد ثلاثة كيلو مترات وفي الشمال من باب بغداد تم الكشف عن آثار ثلاثة قصور، اطلق على أحد هذه القصور اسم قصر المعتصم 219ـ228هـ/833 ـ 842 م، وهو قصر كبير المساحة يبلغ طوله /168/ متراً وعرضه /74/ متراً، وفي الجهة الشمالية يقع مدخله الرئيسي المؤلف من ثلاثة أبواب مدعمة بأبراج نصف دائرية، ويتقدم القصر حديقة كبيرة تقع في القسم الشمالي من القصر.
قلعة جعبر
القلعة اليوم تقوم على جزء صغير داخل بحيرة الأسد وفي داخلها متحف لآثارها , وهي من العمارات السلجوقية التي جددها نور الدين في القرن الثاني عشر , وفيها زخارف وأبراج فريدة . أما المئذنتان فقد تم نقلهما حجراً حجراً إلى مكان مرتفع على شاطئ البحيرة وأعيد تركيبهما كما كانتا من قبل .
ومن ينظر اليوم إلى مشهد البحيرة الزرقاء الرائعة والسد العظيم الذي يحتجز مياهها بأحدث وسائل العصر الحديث ثم يرى في الوقت ذاته تلك الأوابد القديمة التي تم إنقاذها مازالت ترتفع جنباً إلى جنب مع هذا الإنجاز العصري يدرك حتماً أن سورية تحرص على الماضي حرصها على المستقبل , وأن كنوز تراثها الحافل والعريق تتساوى في الأهمية مع مستقبل شعبها ورفاهه وسعادته.
قصور البنات الأثرية في الرقة
مكتشفات سور الرقة الأثري
إنَّ الرقّة اليوم، التي تنعم بالخيرات الوافرة، الغنية بزراعتها الكثيفة المتنوعة تبدو في صورةٍ مشرقة ناصعة، فقد شيّدت فيها الأبنية الحديثة، وأقيمت فيها العديد من الساحات العامة، والحدائق التي يركن في إحداها تمثال هارون الرشيد، الخليفة العباسي وفاءً لذكراه، بالإضافة لأسدين اثنين عثر عليهما مع المكتشفات الأثرية الحديثة، في الرقّة.
تحتفظ المرأة الريفية والبدوية منذ القديم وحتى الآن بلباسها التقليدي في حين نرى بمدينة الرقة قسماً كبيراً من النساء وخاصة المتقدمات في السن يرتدين اللباس الشعبي وحتى الصبايا وأثناء الأعراس والدبكات والمناسبات الشعبية يرتدين اللباس الشعبي القديم.
و اللباس الشعبي للمرأة في الرقة خصوصية اعتادت النسوة على ارتدائه وبشكل منظم رغم كثرة قطعه الموزعة على كامل أنحاء الجسم، إذ يتألف من عدة أقسام منها العصابة غطاء الرأس، ويسميها أهل الرقة الهباري، ومفردها هبرية، ولها عدة معانٍ من الناحية اللغوية, وهي على أنواع , فمنها الهباري ذات الدمغين الأزرق والأصفر, وهباري حمراء اللون وداكنة وبعضها لها لون فاتح, ومنها ما يسمى وارد الموصل والهباري ذات ألوان وأشكال مختلفة ومتعددة
بقي أن نقول، إنّ الرقّة واحة للراحة، يقصدها السيّاح من كل بقاع الدنيا، للتمتع بمائها، وخضرتها، وآثارها القيمة، ودعوة لزيارة هذه البقعة الجميلة للتعرف عليها عن كثب.
تمّ بحمد الله
الرقة .. درّة الفرات
إعمار الرقة والتعاقد الحضري
قسّم الجغرافيون العرب الجزيرة استناداً إلى هيمنة القبائل العربية عليها إلى ديار ربيعة( ومركزها الموصل) وديار مضر( مركزها الرقة) وديار بكر( مركزها آمد).
وكانت الرقة وفق هذا التقسيم ( ديار مضر) الذين استقروا فيها منذ ماقبل الفتح الإسلامي لإقليم الجزيرة بقرون عديدة.
تقع الرقة على ضفة الفرات الشرقية، وسط زاوية اللقاء بين نهر الفرات ونهر البليخ.
ازدهرت تاريخياً بسبب موقعها العسكري( كمحطة تجمع عسكرية) والتجاري( كنقطة تقاطع بين الطرق التجارية المتجهة من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب بين الجزيرة الفراتية والشام والعراق وأرمينيا وآسيا الصغرى والبحر المتوسط)، والزراعي( بسبب تطور أنظمة الري فيها) والديني( كمركز ديني تاريخي سرياني أو يعقوبي تخرج منه حتى خرابه في القرن الرابع عشر أكثر من عشرين مطرناً وأسقفاً) .
شكّلت الرقة في العهد العثماني عاصمة المجال المعمور في الجزيرة، وكان والي حلب يطلق عليه اسم والي حلب والرقة ، لكنها تعرضت للخراب في أوائل القرن السابع عشر، بعد فشل برنامج الإعمار العثماني الأول لمنطقة البليخ والرقة.
وحين تم إعمارها في أواخر سبعينيات القرن التاسع عشر، لم يكن معموراً فيها سوى واحد بالمئة من أراضيها.
شكّل إنشاء الحكومة المركزية لمراكز إدارية حكومية" ثابتة" في عقد المواصلات الطرقيّة، لضمان أمنها، محور عملية التحضر ومن ثمّ عملية التمدين اللاحقة لعملية التحضر في الإقليم.
سرعان ماجذب الموقع الآمن نسبياً لهذه المراكز الإدارية تجمعات حضرية حوله نشأت في داخله نويّات المدن الجديدة حول تحالفات محلية خاصة ممهورة بعقد اجتماعي تحالفي" شرفي".
وكانت هذه هي حالة تكون مدينة الرقة نموذجياً.
ويشير مثال الرقة إلى تكون التجمع الحضري حول مركز إداري حكومي يوحي بالأمن والحماية.
بنيت الرقة في الموقع الذي كانت تقوم فيه مدينة نيقوفوريون Nicephorion و تأسست نويات بلدة الرقة كمركز حضري في جوار مدينة الرافقة التاريخية المندثرة ( كان قد أسّسها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في العام 772م) حول مخفر الدرك الذي أقامته السلطات العثمانية في العام 1865 لمراقبة عبور نهر الفرات نمواً سريعاً نسبياً.
كان إعمارها متأخراً نسبياً عن عمران بلدة دير الزور، إذ بدأ التحول من السكن في بيوت الشعر إلى بناء أول بيت طيني-حجري في العام 1880م .
تجمع المتحضرون الأوائل الذين أسسوا المدينة في اتحادين محليين هما " الأكراد" و" العشاريون"( نسبة إلى العشارة جنوب الميادين).
قدموا إلى الرقة لأسباب اقتصادية أو وظيفية أو لأسباب النزاع العشائري، ولكن بصفة عائلات وليس بصفة عشائر، كان هناك عدد من العائلات العربية في حلف" الأكراد" المنحدر من طي والمليين والدليم.
وشكل وجود مخفر الدرك، وتحسن حالة الأمن جاذباً لهم للاستقرار وللجمع بين نمطي الحياة الزراعية في الشتاء والرعوية في الربيع والخريف.
ربما كان استظلال العائلات الأولى التي استقرت في الرقة تحت حماية الدرك هو الذي دفع إلى وصفها من قبل البدو باسم"الغول" وهي تعريب محرّف لكلمة" قرقول" التركية التي تعني مخفر درك.
وقد عقدت هذه العائلات فيما بينها نوعاً من عقد تحالف أمان وتضامن في مواجهة البدو، يمكن وصفه بنوع من تعاقد اجتماعي حضري وليد.
لم يكن هذا التحالف يخلو من التوتر والصراع على الموارد، وتحديداً مورد الأرض المشاع الذي كان يوزع سنوياً بين الاتحادين، ولكنه كان يجد دوماً تسويةً له صبت نتائجها في تعزيز عملية التحضر، والتوسع في زراعة مناطق الطمي التي تنحسر عنها فيضانات الفرات.
الزراعة التي كانت زراعة معاشية وليست زراعة تجارية وتعزز ذلك بالتفاهم مع رئيس عشائر الفدعان( عنزة) بن مهيد الضاربة في تلك المنطقة، والمسيطرة عليها من تل أبيض إلى مشارف حلب، والتي اعتمدت عليها السلطات العثمانية في سياقٍ معقدٍ من الصراع في حماية طريق حلب- منبج- أورفة
أحدث إقبال تجار أورفة( الرها) وحلب على شراء أراض في واديي البليخ الأسفل والأعلى منذ العام 1881 تغييراً كبيراً في تحويل الزراعة من زراعة الاكتفاء الذاتي المعاشية إلى زراعة تجارية موجهة إلى التصدير ..
بات ارتباط الرقة أكثر تشابكاً مع أورفة من خلال تحسين الحكومة لطرق العربات من منبج إلى أورفة، وافتتاح الطريق الجديد في العام1907. .
كان معظم الأراضي يقع في" الدلتا الخصبة جداً" بين البليخ والفرات شرقي الرقة.
كما طور أنظمة الريّ وفق بقاياها التاريخية الاستثمار الزراعي لتجار حلب وأورفة .
حتى أواخر العهد العثماني وبدء عهد الانتداب الفرنسي كان هناك عدة قنوات ري كبيرة على امتداد بضعة كيلومترات عن البليخ .
وبفضل ذلك وصل عدد قرى الرقة في غضون عقدين ونيف إلى( 148) قرية.
طوّرت الحكومة فضاء البلدة، فافتتحت في أواخر عهد السلطان عبد الحميد الثاني بعض المدارس الابتدائية فيها.
في العام 1912 وصل عدد سكان الرقة إلى حوالي( 300) عائلة مستقرة حضرياً. .
لايرتد هذا التوسع الذي سيستمر حتى أواخر عهد الدولة العثمانية إلى حركة الزيادة الطبيعية بقدر مايرتد إلى الهجرة الخارجية الوافدة، فلقد استقبلت الرقة عدداً من المهاجرين الأتراك من سكان براجيك( البراجكلية)، الذين أخذوا يوسعون المجال الحضري بزراعة كروم الأشجار المثمرة، ودربوا سكان البلدة على تقنيات زراعة البطيخ الأصفر(القاوون) الذي تبذر بذراته في الأراضي القريبة من الفرات.
ثم استقبلت الرقة في سنة 1906 وسنة 1917حوالي(200) عائلة جركسية من قبائل قبرداي بقيادة طالوستان أنزور و قبائل يجدوغ، ومنحتهم البلدية العثمانية أراضٍ لزراعتها.
انضم المهاجرون فعلياً إلى تحالف أو تعاقد( الغول) المؤسس للبلدة عبر حماية آل العجيلي لهم.
ولكن حوالي ثلاثة أرباع هذه العائلات انتقلت من الرقة إلى أماكن أخرى في منبج والشمال الغربي في حلب.
ثم أخذت تفد بعض الموجات الصغيرة لعشيرة السخانة وتستقر منذ العام 1895 في البلدة، ثم مجموعات تنحدر من الجبور والنعيم.
ومنذ العام 1915 توطّن في البلدة حوالي( 150) أسرة أرمنية مهجّرة قسرياً من أورفة في المدينة الفتية، كانوا ممن تبقى من اللاجئين الأرمن الذين مكثوا لفترة قصيرةٍ في الرقة .
في أواخر العهد العثماني كانت مدينة الرقة تتميز بتنوعها الاثني المركب، وتشير أصول العائلات الأولى التي أسست نواة المدينة، كما الهجرات التي استوعبتها، إلى أن سكان الرقة كانوا مؤلفين من عرب منحدرين من عدة عشائر عربية( بو بدران، عقيدات، مصاليخ شمر، موالي، طيّ، دليم) وقد قدموا من نواحي الموصل ومن بلدة العشارة ومن نواحي أورفة، ومن أكراد ينحدرون من عشيرة المليّة في نواحي أورفة وشرقي ديار بكر، وأتراك ينحدرون من براجيك، وجراكسة وشيشان، وأرمن.
وقد تعزز الترابط مابين أبناء المدينة من خلال الزواج المختلط مع تحالف( الغول) المؤسس للمدينة، فتزاوج الجراكسة مع الأكراد والعرب، والأرمن مع المسلمين.
أهم المعالم السياحية
باب بغداد الذي بني في عصر ابو جعفر المنصور وهو اشهر اثار الرقة التي لاتزال موجودة الى يومنا هذا
قصور الرقة
على بعد ثلاثة كيلو مترات وفي الشمال من باب بغداد تم الكشف عن آثار ثلاثة قصور، اطلق على أحد هذه القصور اسم قصر المعتصم 219ـ228هـ/833 ـ 842 م، وهو قصر كبير المساحة يبلغ طوله /168/ متراً وعرضه /74/ متراً، وفي الجهة الشمالية يقع مدخله الرئيسي المؤلف من ثلاثة أبواب مدعمة بأبراج نصف دائرية، ويتقدم القصر حديقة كبيرة تقع في القسم الشمالي من القصر.
قلعة جعبر
القلعة اليوم تقوم على جزء صغير داخل بحيرة الأسد وفي داخلها متحف لآثارها , وهي من العمارات السلجوقية التي جددها نور الدين في القرن الثاني عشر , وفيها زخارف وأبراج فريدة . أما المئذنتان فقد تم نقلهما حجراً حجراً إلى مكان مرتفع على شاطئ البحيرة وأعيد تركيبهما كما كانتا من قبل .
ومن ينظر اليوم إلى مشهد البحيرة الزرقاء الرائعة والسد العظيم الذي يحتجز مياهها بأحدث وسائل العصر الحديث ثم يرى في الوقت ذاته تلك الأوابد القديمة التي تم إنقاذها مازالت ترتفع جنباً إلى جنب مع هذا الإنجاز العصري يدرك حتماً أن سورية تحرص على الماضي حرصها على المستقبل , وأن كنوز تراثها الحافل والعريق تتساوى في الأهمية مع مستقبل شعبها ورفاهه وسعادته.
قصور البنات الأثرية في الرقة
مكتشفات سور الرقة الأثري
إنَّ الرقّة اليوم، التي تنعم بالخيرات الوافرة، الغنية بزراعتها الكثيفة المتنوعة تبدو في صورةٍ مشرقة ناصعة، فقد شيّدت فيها الأبنية الحديثة، وأقيمت فيها العديد من الساحات العامة، والحدائق التي يركن في إحداها تمثال هارون الرشيد، الخليفة العباسي وفاءً لذكراه، بالإضافة لأسدين اثنين عثر عليهما مع المكتشفات الأثرية الحديثة، في الرقّة.
تحتفظ المرأة الريفية والبدوية منذ القديم وحتى الآن بلباسها التقليدي في حين نرى بمدينة الرقة قسماً كبيراً من النساء وخاصة المتقدمات في السن يرتدين اللباس الشعبي وحتى الصبايا وأثناء الأعراس والدبكات والمناسبات الشعبية يرتدين اللباس الشعبي القديم.
و اللباس الشعبي للمرأة في الرقة خصوصية اعتادت النسوة على ارتدائه وبشكل منظم رغم كثرة قطعه الموزعة على كامل أنحاء الجسم، إذ يتألف من عدة أقسام منها العصابة غطاء الرأس، ويسميها أهل الرقة الهباري، ومفردها هبرية، ولها عدة معانٍ من الناحية اللغوية, وهي على أنواع , فمنها الهباري ذات الدمغين الأزرق والأصفر, وهباري حمراء اللون وداكنة وبعضها لها لون فاتح, ومنها ما يسمى وارد الموصل والهباري ذات ألوان وأشكال مختلفة ومتعددة
بقي أن نقول، إنّ الرقّة واحة للراحة، يقصدها السيّاح من كل بقاع الدنيا، للتمتع بمائها، وخضرتها، وآثارها القيمة، ودعوة لزيارة هذه البقعة الجميلة للتعرف عليها عن كثب.
تمّ بحمد الله