الفكر الجمعى للإخوان المسلمين
الفارق دائما بين الإخواني وغيره أن الإخوانى حين يلوم انتقادك لقيادات الجماعة يستخدم دوما ضمير متصل فيقول "ارحمنا" من النقد شوية، أو خف "علينا" شوية يا عم، مع أنك لا تكون قد طلت شخصه أو أهله أو عشيرته بأي شىء، وإنما طلت رموز إدارية في جماعة (سياسية) ينتمي إليها، بصفتهم لا بشخصهم!
وحين يصل التظاهر إلى مقر الإخوان تجده يبرر نزول شباب الجماعة لصد التظاهرات بدلا من الشرطة والجهات المخوّلة بذلك قانونيًا بحجج من قبيل.. لو حد شتمك قدام "بيتك" هتعمل فيه إيه؟ أو هو مش من حقنا نحمى "بيتنا"؟، مع أنه مجرد مقر لجماعة (سياسية) تحكم مصر، وليس صالون بيته مثلاً!
ببساطة.. الإخواني لا يستطيع أبداً رؤية ذاته منفصلة عن كيان قياداته وتنظيمه، وهذه ظاهرة بدت واضحة للعيان ولا أحد يستطيع تجاهلها. بعضُ معارضي الجماعة يلقبونها بعقلية "القطيع"، بينما يراها الإخوان "انتماءًا حقيقيًا"؛ انتماء للتنظيم وانتماء لقيادته (البشر)، وربما انتماء للمبنى بطوبه وخراسانته وشبابيكه.
لكننا سنحاول تناول الظاهرة بصيغة أكثر توازنا، فهذه العقلية قد تنطوي تحت ما يسمونه "الفكر الجمعي"، وهو فكر قد نعده وسطًا بين الفكر الفردي المستقل والعقلية العسكرية؛ فأفكار الإخوان متجانسة إلى حد كبير، حتى على مواقع التواصل الاجتماعي تجدهم يعبرون عن فكرهم الجمعي بانتظام كجيش واحد، هم جنود بملابس مدنية وحياة مدنية، لكن أفكارهم التنظيمية متجانسة تماما، لا يشذ عنها إلا قليل منهم، وهي ميزة في نظرهم، وعيبًا شنيعا في نظر غيرهم.
حاولت أن أجري هذه التجربة، بأن أعقد مقارنات بسيطة بين صور "بروفايلات" حساباتهم على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، لأختبر تجانس أفكارهم خلال تقلبات العامين الماضيين، فوجدت تناغما كبيرًا بين كثير منهم، سأعطيك نبذة من ذلك:
(نعم للتعديلات الدستورية، قاطعوا موبينيل، صوتي لحزب الحرية والعدالة، يوسف هذا العصر خيرت الشاطر رئيسًا، خرج من السجن ليحكم مصر، أنا أدعم مشروع النهضة، النهضة إرادة شعب، محمد مرسى رئيسا، وانتصرت إرادة الشعب المصري، وطن نظيف، تضامنا مع مسلمي بورما، أدعم قرارات الرئيس، نعم للدستور، بالدستور العجلة تدور، اغضضضب يا ريس، 30 سنة فساد، أنا متضامن مع الضباط الملتحين.. إلخ).
تخيل أن قطاعًا واسعًا من الشعب يتخذ نفس هذه الاختيارات في نفس التوقيت وبصيغ متقاربة تماما في تناغم وتجانس فكري شبه تام! وهنا نتسائل: طب دا حاجة حلوة ولّا حاجة وحشة؟
عادة الفكر الجمعي مفيد داخل المؤسسات النمطية ذات المنهجية المحددة.. مفيد في الإنجاز العملي لشركة ما أو جيش ما، لكنه كارثة مجتمعية وسياسية؛ فشيوع الفكر الجمعي يقتل القدرة على النقد والفرز والتمييز والابتكار، ويجعل الأفراد المعتنقين له مجرد أدوات في يد سلطة أكبر تحركهم أنى شاءت دون درايتهم.
المنتمي للعقلية الجمعية يستطيع أن يبتكر أفضل الطرق لرفع كفاءة سفينة جماعته، لكنه لا يستطيع تغيير الدفة، هو لا يستطيع أصلا أن يميز أي تناقض بين الخريطة ووجهة الرحلة وبين الاتجاه الفعلي لسير السفينة. ولو أدرك خللا في اتجاه سير السفينة وحاول الوصول إلى الدفة، فلربما قتلته آليات الترقي التنظيمية أو طبعته بطباع رباَنه.
ولذلك قال الحكيم الأثيني صولون مقولته "الأثينيون يبدو كل منهم بمفرده وكأنه ثعلب، ولكنهم عندما يجتمعون لا يختلفون عن قطيع من الإوز".
بالأمس انحنى إلىّ أحد المارة هامساً: خِف على "مرسي" شوية يا عم يوسف. اندهشت من استخدامه اسم "مرسي" بدلا من ضمير المتكلم (علينا)، فرفعت بصري إليه لأجده أحد الإخوان القلائل الذين أصابتهم حيرة التفكير المستقل -والعياذ بالله- في جولة انتخابات الرئاسة الأولى بين مرسى وأبوالفتوح. لعلهم يعتبرونه "إخواني ضعيف الأخونة"
آه.. نسيت أقول إن الفكر الجمعي هو الخطوة الأولى نحو الفاشية، والله المستعان.
يوسف ابوعالية
وحين يصل التظاهر إلى مقر الإخوان تجده يبرر نزول شباب الجماعة لصد التظاهرات بدلا من الشرطة والجهات المخوّلة بذلك قانونيًا بحجج من قبيل.. لو حد شتمك قدام "بيتك" هتعمل فيه إيه؟ أو هو مش من حقنا نحمى "بيتنا"؟، مع أنه مجرد مقر لجماعة (سياسية) تحكم مصر، وليس صالون بيته مثلاً!
ببساطة.. الإخواني لا يستطيع أبداً رؤية ذاته منفصلة عن كيان قياداته وتنظيمه، وهذه ظاهرة بدت واضحة للعيان ولا أحد يستطيع تجاهلها. بعضُ معارضي الجماعة يلقبونها بعقلية "القطيع"، بينما يراها الإخوان "انتماءًا حقيقيًا"؛ انتماء للتنظيم وانتماء لقيادته (البشر)، وربما انتماء للمبنى بطوبه وخراسانته وشبابيكه.
لكننا سنحاول تناول الظاهرة بصيغة أكثر توازنا، فهذه العقلية قد تنطوي تحت ما يسمونه "الفكر الجمعي"، وهو فكر قد نعده وسطًا بين الفكر الفردي المستقل والعقلية العسكرية؛ فأفكار الإخوان متجانسة إلى حد كبير، حتى على مواقع التواصل الاجتماعي تجدهم يعبرون عن فكرهم الجمعي بانتظام كجيش واحد، هم جنود بملابس مدنية وحياة مدنية، لكن أفكارهم التنظيمية متجانسة تماما، لا يشذ عنها إلا قليل منهم، وهي ميزة في نظرهم، وعيبًا شنيعا في نظر غيرهم.
حاولت أن أجري هذه التجربة، بأن أعقد مقارنات بسيطة بين صور "بروفايلات" حساباتهم على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، لأختبر تجانس أفكارهم خلال تقلبات العامين الماضيين، فوجدت تناغما كبيرًا بين كثير منهم، سأعطيك نبذة من ذلك:
(نعم للتعديلات الدستورية، قاطعوا موبينيل، صوتي لحزب الحرية والعدالة، يوسف هذا العصر خيرت الشاطر رئيسًا، خرج من السجن ليحكم مصر، أنا أدعم مشروع النهضة، النهضة إرادة شعب، محمد مرسى رئيسا، وانتصرت إرادة الشعب المصري، وطن نظيف، تضامنا مع مسلمي بورما، أدعم قرارات الرئيس، نعم للدستور، بالدستور العجلة تدور، اغضضضب يا ريس، 30 سنة فساد، أنا متضامن مع الضباط الملتحين.. إلخ).
تخيل أن قطاعًا واسعًا من الشعب يتخذ نفس هذه الاختيارات في نفس التوقيت وبصيغ متقاربة تماما في تناغم وتجانس فكري شبه تام! وهنا نتسائل: طب دا حاجة حلوة ولّا حاجة وحشة؟
عادة الفكر الجمعي مفيد داخل المؤسسات النمطية ذات المنهجية المحددة.. مفيد في الإنجاز العملي لشركة ما أو جيش ما، لكنه كارثة مجتمعية وسياسية؛ فشيوع الفكر الجمعي يقتل القدرة على النقد والفرز والتمييز والابتكار، ويجعل الأفراد المعتنقين له مجرد أدوات في يد سلطة أكبر تحركهم أنى شاءت دون درايتهم.
المنتمي للعقلية الجمعية يستطيع أن يبتكر أفضل الطرق لرفع كفاءة سفينة جماعته، لكنه لا يستطيع تغيير الدفة، هو لا يستطيع أصلا أن يميز أي تناقض بين الخريطة ووجهة الرحلة وبين الاتجاه الفعلي لسير السفينة. ولو أدرك خللا في اتجاه سير السفينة وحاول الوصول إلى الدفة، فلربما قتلته آليات الترقي التنظيمية أو طبعته بطباع رباَنه.
ولذلك قال الحكيم الأثيني صولون مقولته "الأثينيون يبدو كل منهم بمفرده وكأنه ثعلب، ولكنهم عندما يجتمعون لا يختلفون عن قطيع من الإوز".
بالأمس انحنى إلىّ أحد المارة هامساً: خِف على "مرسي" شوية يا عم يوسف. اندهشت من استخدامه اسم "مرسي" بدلا من ضمير المتكلم (علينا)، فرفعت بصري إليه لأجده أحد الإخوان القلائل الذين أصابتهم حيرة التفكير المستقل -والعياذ بالله- في جولة انتخابات الرئاسة الأولى بين مرسى وأبوالفتوح. لعلهم يعتبرونه "إخواني ضعيف الأخونة"
آه.. نسيت أقول إن الفكر الجمعي هو الخطوة الأولى نحو الفاشية، والله المستعان.
يوسف ابوعالية