التطور العمراني في الرقة
تتمتع "الرقة" بموقع جغرافي مميز، أهّلها لتكون محطة هامة على طريق القوافل التجارية، إضافة لما تتمتع به "الرقة" من أراضٍ خصبة، ومراعٍ دائمة الخضرة، جعل منها على مر التاريخ مركزاً لتجمع الحاصلات، وتبادل السلع، وتصدير المؤن إلى كثير من البلاد، وإذا أضفنا هذه المزايا إلى موقع "الرقة" الإستراتيجي، فإننا نقدر أهمية هذه المنطقة كمركز لتجمع البشر، والثروات وتعاقب الحضارات الإنسانية.
مرت "الرقة" بمراحل تاريخية هامة، أولها العصر الحجري القديم الذي يعود إلى ما قبل الألف السادس قبل الميلاد، يليها العصر الحجري الحديث الذي يستمر من الألف السادس إلى الثالث قبل الميلاد، وآثاره موجودة في تل "زيدان" على ضفاف نهر "البليخ"، والعصر البرونزي الذي يمتد من الألف الثالث إلى الثاني قبل الميلاد، وقد اكتشفت آثاره في تل "البيعة"، أما المدينة "الهلينية" فيعود تاريخها ما بين الألفين الثاني، ونهاية القرن الأول قبل الميلاد، وقد بناها "سلوقس"، وسماها "نيكوفوريوم"».
ذكر ذلك المهندس "بهاء الماخوذ"، وهو يتحدث لموقع eRaqqa بتاريخ (13/11/2009)، عن تاريخ النمو العمراني، وتطور المخطط التنظيمي لمدينة "الرقة" عبر التاريخ.
وأضاف "الماخوذ"، قائلاً: «تعاقبت الحضارات على أرض مدينة "الرقة" بعد الميلاد، ومنها المدينة الرومانية ما بين القرنين الأول والثالث الميلاديين، والمدينة البيزنطية من نهاية القرن الثالث وحتى السابع الميلادي، وعرفت باسم "كالينكوم"، ولعل أشهر مدن "الرقة"، هي مدينة "الرافقة" التي بناها الخليفة "أبو جعفر المنصور" سنة /772/م، وقد بناها على نموذج مدينة "بغداد"، باختلاف بسيط هو أن سور "بغداد" أخذ شكلاً دائرياً، أما "الرافقة" فأخذت شكل حدوة الحصان، وذلك لمحاذاة ضلع السور الجنوبي لنهر "الفرات".
أما مدينة "الرشيد"، فهي التوسع الأفقي لمدينة "الرافقة" في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين، وقد سماها "ياقوت الحموي" باسم "الرقة" الوسطى، وفي عام /812/م حدث حريق أتى على أجزاء واسعة من المدينة، وفي عام /1262/م اجتاحتها جيوش المغول، قبل أن يدخلها العثمانيون في عام /1516/م وكانت أطلالاً خربة، واستمر الحال كذلك حتى عام /1862/ عندما تضافرت عدة عوامل بشرية وتاريخية في انطلاقة جديدة لمدينة "الرقة"».
وعن النمو العمراني لمدينة "الرقة"، بعد الحرب العالمية الثانية، يحدثنا "الماخوذ"، قائلاً: «تعود الإشارة الأولى لقيام مسكن داخل خرائب "الرافقة" إلى عام /1862/، عندما قام العثمانيون ببناء مخفر محاذي لنهر "الفرات"، بهدف تنظيم عبور النهر وحفظ الأمن، وقد شيد من اللبن المجفف وضم مهاجع للدرك وإسطبلات للخيول، وعلى مقربة من المخفر من الجهة الشرقية بني مسجد مساحته /800/م2.
الحياة الاجتماعية يأخذ بعداً جديداً ببناء السرايا عام /1863/، وهناك صور جوية أخذت في عام /1936/ تعطي معلومات قيمة عن هيئة المدينة في ذلك التاريخ، حيث تتجه المساكن بصورة عامة حسب محور شرقي غربي، بينما تنفتح النوافذ نحو الجنوب والشمال، وتشتمل البيوت عموماً على باحتين تنفصلان عن بعضهما البعض بزمرة من الغرف، ويتم الوصول إلى الخارج عن طريق الباحة، كما يلاحظ وجود عدد من المساكن ذات طابق واحد، ونوافذ تطل على الشارع، وشرفات من خشب، ويتم بلوغ الطابق العلوي بواسطة درج خارجي، وقد شُيّدت بعض المساكن، وفي وسطها باحة عريضة، وذلك بقصد احتفاظ المسكن بطابع البيوت الشرقية».
وعن الإجراءات المتخذة لحماية المدينة القديمة من التخريب، يضيف "الماخوذ"، قائلاً: «إن أعمال التخريب التي طالت آثار مدينة "الرافقة"، وامتداد المدينة الجديدة باتجاهها، دفع السلطات العامة إلى اتخاذ التدابير التي تحد من أضرار هذه الأعمال، وبذلك قسمت "الرقة" إلى ثلاثة زمر، تضم الأولى قائمة بالبنية المعتبرة أبنية أثرية، والثانية مناطق تنقيب، والثالثة مناطق الأراضي غير المذكورة، وكان من المنتظر أن تكون هذه المناطق أرضية لمخطط توسع المدينة بتجنب حواشي الأطلال، ولكن مخطط التوسع هذا لم ير النور، بسبب القيود التي فرضها المرسوم على التوسع شمال وشرق المدينة من جهة، وبناء الفرنسيين لمطار عسكري جنوب غربي المدينة من جهة أخرى، ووجود الأراضي الزراعية جنوبها، كل هذه الأمور لم تترك للسكان خيارات واسعة في بحثهم عن مناطق التوسع السكني المحتملة، وهو ما تم لاحقاً على حساب أطلال مدينة "الرافقة" القديمة.
ظل توسع مدينة "الرقة" محدوداً حتى الحرب العالمية الثانية، وفي عام /1941/ أُنجز شق طريق يجتاز البلدة من الشرق إلى الغرب، محاذياً الخندق المجاور للسور، وقد ساعد هذا الطريق على تمركز شطر كبير من نشاط البلدة التجاري، وظهرت في الوقت ذاته ملامح طريق متعامد معه يتجه من الشمال إلى الجنوب، وهو الطريق الذي أخذ لاحقاً اسم شارع "تل أبيض"، وتم فيه افتتاح بعض الحوانيت، ويمكن القول أن مدينة "الرقة" لم تعرف الاتساع الحقيقي إلا بدءاً من نهاية الحرب العالمية الثانية».
مرت "الرقة" بمراحل تاريخية هامة، أولها العصر الحجري القديم الذي يعود إلى ما قبل الألف السادس قبل الميلاد، يليها العصر الحجري الحديث الذي يستمر من الألف السادس إلى الثالث قبل الميلاد، وآثاره موجودة في تل "زيدان" على ضفاف نهر "البليخ"، والعصر البرونزي الذي يمتد من الألف الثالث إلى الثاني قبل الميلاد، وقد اكتشفت آثاره في تل "البيعة"، أما المدينة "الهلينية" فيعود تاريخها ما بين الألفين الثاني، ونهاية القرن الأول قبل الميلاد، وقد بناها "سلوقس"، وسماها "نيكوفوريوم"».
ذكر ذلك المهندس "بهاء الماخوذ"، وهو يتحدث لموقع eRaqqa بتاريخ (13/11/2009)، عن تاريخ النمو العمراني، وتطور المخطط التنظيمي لمدينة "الرقة" عبر التاريخ.
وأضاف "الماخوذ"، قائلاً: «تعاقبت الحضارات على أرض مدينة "الرقة" بعد الميلاد، ومنها المدينة الرومانية ما بين القرنين الأول والثالث الميلاديين، والمدينة البيزنطية من نهاية القرن الثالث وحتى السابع الميلادي، وعرفت باسم "كالينكوم"، ولعل أشهر مدن "الرقة"، هي مدينة "الرافقة" التي بناها الخليفة "أبو جعفر المنصور" سنة /772/م، وقد بناها على نموذج مدينة "بغداد"، باختلاف بسيط هو أن سور "بغداد" أخذ شكلاً دائرياً، أما "الرافقة" فأخذت شكل حدوة الحصان، وذلك لمحاذاة ضلع السور الجنوبي لنهر "الفرات".
أما مدينة "الرشيد"، فهي التوسع الأفقي لمدينة "الرافقة" في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين، وقد سماها "ياقوت الحموي" باسم "الرقة" الوسطى، وفي عام /812/م حدث حريق أتى على أجزاء واسعة من المدينة، وفي عام /1262/م اجتاحتها جيوش المغول، قبل أن يدخلها العثمانيون في عام /1516/م وكانت أطلالاً خربة، واستمر الحال كذلك حتى عام /1862/ عندما تضافرت عدة عوامل بشرية وتاريخية في انطلاقة جديدة لمدينة "الرقة"».
وعن النمو العمراني لمدينة "الرقة"، بعد الحرب العالمية الثانية، يحدثنا "الماخوذ"، قائلاً: «تعود الإشارة الأولى لقيام مسكن داخل خرائب "الرافقة" إلى عام /1862/، عندما قام العثمانيون ببناء مخفر محاذي لنهر "الفرات"، بهدف تنظيم عبور النهر وحفظ الأمن، وقد شيد من اللبن المجفف وضم مهاجع للدرك وإسطبلات للخيول، وعلى مقربة من المخفر من الجهة الشرقية بني مسجد مساحته /800/م2.
الحياة الاجتماعية يأخذ بعداً جديداً ببناء السرايا عام /1863/، وهناك صور جوية أخذت في عام /1936/ تعطي معلومات قيمة عن هيئة المدينة في ذلك التاريخ، حيث تتجه المساكن بصورة عامة حسب محور شرقي غربي، بينما تنفتح النوافذ نحو الجنوب والشمال، وتشتمل البيوت عموماً على باحتين تنفصلان عن بعضهما البعض بزمرة من الغرف، ويتم الوصول إلى الخارج عن طريق الباحة، كما يلاحظ وجود عدد من المساكن ذات طابق واحد، ونوافذ تطل على الشارع، وشرفات من خشب، ويتم بلوغ الطابق العلوي بواسطة درج خارجي، وقد شُيّدت بعض المساكن، وفي وسطها باحة عريضة، وذلك بقصد احتفاظ المسكن بطابع البيوت الشرقية».
وعن الإجراءات المتخذة لحماية المدينة القديمة من التخريب، يضيف "الماخوذ"، قائلاً: «إن أعمال التخريب التي طالت آثار مدينة "الرافقة"، وامتداد المدينة الجديدة باتجاهها، دفع السلطات العامة إلى اتخاذ التدابير التي تحد من أضرار هذه الأعمال، وبذلك قسمت "الرقة" إلى ثلاثة زمر، تضم الأولى قائمة بالبنية المعتبرة أبنية أثرية، والثانية مناطق تنقيب، والثالثة مناطق الأراضي غير المذكورة، وكان من المنتظر أن تكون هذه المناطق أرضية لمخطط توسع المدينة بتجنب حواشي الأطلال، ولكن مخطط التوسع هذا لم ير النور، بسبب القيود التي فرضها المرسوم على التوسع شمال وشرق المدينة من جهة، وبناء الفرنسيين لمطار عسكري جنوب غربي المدينة من جهة أخرى، ووجود الأراضي الزراعية جنوبها، كل هذه الأمور لم تترك للسكان خيارات واسعة في بحثهم عن مناطق التوسع السكني المحتملة، وهو ما تم لاحقاً على حساب أطلال مدينة "الرافقة" القديمة.
ظل توسع مدينة "الرقة" محدوداً حتى الحرب العالمية الثانية، وفي عام /1941/ أُنجز شق طريق يجتاز البلدة من الشرق إلى الغرب، محاذياً الخندق المجاور للسور، وقد ساعد هذا الطريق على تمركز شطر كبير من نشاط البلدة التجاري، وظهرت في الوقت ذاته ملامح طريق متعامد معه يتجه من الشمال إلى الجنوب، وهو الطريق الذي أخذ لاحقاً اسم شارع "تل أبيض"، وتم فيه افتتاح بعض الحوانيت، ويمكن القول أن مدينة "الرقة" لم تعرف الاتساع الحقيقي إلا بدءاً من نهاية الحرب العالمية الثانية».