مصر المصورة
مصر المصورة
بقلم الدكتور محمد رفعت الإمام
مقال منشور في آريك عدد نوفمبر 2012
..........
منذ 173 عاما ، وتحديدا في 7 نوفمبر 1839 ، التقطت آلة ( داجير) للتصوير الفوتوغرافي في أول صورة لوالي مصر محمد علي باشا ( 1805- 1848) بواسطة فردريك جوبيل فيسكه وهوراس فيرنيه الفرنسيين . وبذا كان الوالي المصري أبا المتصورين في مصر وأفريقيا والعالم العربي والشرق الأدنى . ومنذ هذا التاريخ جاب المصورون مصر من الإسكندرية حتي أسوان بحثا عن تقديم المشهد الأكثر اكتمالا لا سيما مشاهد تفاصيل مشاهد الحياة المحلية العديدة للواقع المصري . وبمرور الوقت،تمكن المصورون من التقاط جوانب عديدة من مفردات الحياة المحلية لاسيما عالم الحرف بزخمه وجاذبيته وفولكلوريته . وتعد الصور الخاصة بالحرف الصغيرة مصدرا وثائقيا للاطلاع علي آليات الطبقة الدنيا والعوام في ممارسة أعمالهم علاوة علي أنماط حياتهم . وفضلا عن الحرف أضحت الصور الطوبوغرافية مهمة جدا بسبب تأثيرها القوي علي الرسامين المستشرقين. كما انجذب المصورون إلي أروع المناظر الريفية والأحياء الشعبية والقصور الراقية.
بيد أن الآثار المصرية القديمة كانت بمثابة القطب الأكبر الجاذب للمصورين وآلاتهم حتي أن القائمين علي هذه الصناعة قد طوروا من تقنياتها لتلبي الاحتياجات اللازمة لإنجاز منتج فوتوغرافي رفيع المستوي. وبذا غدا التصوير الشمسي لعلم المصريات أداة لاغني عنها في العمل .وبموجب هذا الفن، حصل استكشاف مصر علي منفعة متزايدة ، ومثلت رحلات آلات داجير عصرا جديدا ؛ إذ أصبحت الصور وثائق يتم الاسترشاد بها ولم تعد مجرد مناظر للتأمل وهكذا ، قام التصوير الشمسي بدور مهم في استكشاف صروح مصر القديمة وفي دراستها ، وقام بدور فاعل في اكتشاف سيرابيوم ممفيس ، وتأسيس أول متحف للآثار في بولاق . وقد تباري المصورون لتقديم أفضل اللقطات المصورة عن الآثار المصرية . وبذا كانت مصر المصورة أولا وقبل كل شيء هي بلاد الآثار.
وإذا كانت الآثار بمثابة الملف الأكثر زخما ، فقد كانت المرأة الملف الأكثر حساسية؛ إذ أن المرأة الشرقية كانت تخشي أن تلتقطها عدسة آلة التصوير ز ولذا كانت البورتريهات النسائية من الصعوبة بمكان. والأكثر اعتبرت الصور النسائية أشياء جنسية وتعبيرا مجازيا عن الشرق ذاته. وبمرور الزمن أصبحت النساء ذاتها رمزا لوجود التحديث أو غيابه . ومن منظور نقدي استشراقي ، نظر الدارسون إلي صور الشرقيات بمثابة موضوعات سلبية ، وتنفي تمتعهن بأية قوة.
ومهما يكن من أمر ، أسهم مجمل الإنتاج الفوتوغرافي في تغيير صورة مصر النمطية الاستشراقية القائمة علي خيالات الأدباء وإيحاء الرسامين. واطلع الأوروبي علي الآخر المصري وعلي مصر الأخرى الواقعية من خلال الرؤية البصرية الصادقة لتكون بمثابة بصمات حية وتؤرخ لمصر : الإنسان والزمان والمكان .
بقلم الدكتور محمد رفعت الإمام
مقال منشور في آريك عدد نوفمبر 2012
..........
منذ 173 عاما ، وتحديدا في 7 نوفمبر 1839 ، التقطت آلة ( داجير) للتصوير الفوتوغرافي في أول صورة لوالي مصر محمد علي باشا ( 1805- 1848) بواسطة فردريك جوبيل فيسكه وهوراس فيرنيه الفرنسيين . وبذا كان الوالي المصري أبا المتصورين في مصر وأفريقيا والعالم العربي والشرق الأدنى . ومنذ هذا التاريخ جاب المصورون مصر من الإسكندرية حتي أسوان بحثا عن تقديم المشهد الأكثر اكتمالا لا سيما مشاهد تفاصيل مشاهد الحياة المحلية العديدة للواقع المصري . وبمرور الوقت،تمكن المصورون من التقاط جوانب عديدة من مفردات الحياة المحلية لاسيما عالم الحرف بزخمه وجاذبيته وفولكلوريته . وتعد الصور الخاصة بالحرف الصغيرة مصدرا وثائقيا للاطلاع علي آليات الطبقة الدنيا والعوام في ممارسة أعمالهم علاوة علي أنماط حياتهم . وفضلا عن الحرف أضحت الصور الطوبوغرافية مهمة جدا بسبب تأثيرها القوي علي الرسامين المستشرقين. كما انجذب المصورون إلي أروع المناظر الريفية والأحياء الشعبية والقصور الراقية.
بيد أن الآثار المصرية القديمة كانت بمثابة القطب الأكبر الجاذب للمصورين وآلاتهم حتي أن القائمين علي هذه الصناعة قد طوروا من تقنياتها لتلبي الاحتياجات اللازمة لإنجاز منتج فوتوغرافي رفيع المستوي. وبذا غدا التصوير الشمسي لعلم المصريات أداة لاغني عنها في العمل .وبموجب هذا الفن، حصل استكشاف مصر علي منفعة متزايدة ، ومثلت رحلات آلات داجير عصرا جديدا ؛ إذ أصبحت الصور وثائق يتم الاسترشاد بها ولم تعد مجرد مناظر للتأمل وهكذا ، قام التصوير الشمسي بدور مهم في استكشاف صروح مصر القديمة وفي دراستها ، وقام بدور فاعل في اكتشاف سيرابيوم ممفيس ، وتأسيس أول متحف للآثار في بولاق . وقد تباري المصورون لتقديم أفضل اللقطات المصورة عن الآثار المصرية . وبذا كانت مصر المصورة أولا وقبل كل شيء هي بلاد الآثار.
وإذا كانت الآثار بمثابة الملف الأكثر زخما ، فقد كانت المرأة الملف الأكثر حساسية؛ إذ أن المرأة الشرقية كانت تخشي أن تلتقطها عدسة آلة التصوير ز ولذا كانت البورتريهات النسائية من الصعوبة بمكان. والأكثر اعتبرت الصور النسائية أشياء جنسية وتعبيرا مجازيا عن الشرق ذاته. وبمرور الزمن أصبحت النساء ذاتها رمزا لوجود التحديث أو غيابه . ومن منظور نقدي استشراقي ، نظر الدارسون إلي صور الشرقيات بمثابة موضوعات سلبية ، وتنفي تمتعهن بأية قوة.
ومهما يكن من أمر ، أسهم مجمل الإنتاج الفوتوغرافي في تغيير صورة مصر النمطية الاستشراقية القائمة علي خيالات الأدباء وإيحاء الرسامين. واطلع الأوروبي علي الآخر المصري وعلي مصر الأخرى الواقعية من خلال الرؤية البصرية الصادقة لتكون بمثابة بصمات حية وتؤرخ لمصر : الإنسان والزمان والمكان .