أيها المهاجر.. ما بالك باثنين الله ثالثهما
لقد سطَّر الصحابة الكرام ملحمةً خالدةً من البذل والعطاء والتضحية..
سطَّروا حروفًا من ضياء، ترفع الهامات، وتحيي النفوس وتزرع الأمل، وتنير دروب السائرين إلى الحق والعدل والسلام..
لقد رأينا أسرة أبي بكر كاملة تضحِّي بالمال والجهد والنفس راضيةً فرحةً بقبول الله لهم..
رأينا سيدنا علي بن أبي طالب وليدًا، يعلم أن سيوف الباطل تلمع فوق رأسه، وتبرق المنايا على أسنتها القميئة، وهو نائم فوق فراش النبي صلى الله عليه وسلم، فما لانت له قناة، وما خارت قواه، وما تردد لحظةً في بذل الحياة..
رأينا أسرة أبي سلمة كلها في محراب التضحية لهذا الدين، تفترق قلوبها، وتتشتت أبدانها وتغترب أرواحها؛ لكن ذرات الإيمان الحاني الباقي تداوي لهم الجراح، فما ترددوا وما تلعثموا وما خارت قواهم..
رأينا صهيب الرومي يترك كل ثروته مقابل أن يترك له إيمانه القابع في حنايا قلبه الثائر المهاجر، به يسمو في آفاق علوية رحبة لاحبة، ويستعين به وحده على ظروف الحياة..
ورأينا الفاروق عمر ينادي على رءوس الأشهاد، ويعلم أن ثمن النداء قد يكون حياته وعمره الغالي الثمين (إني مهاجر، فمن أراد أن تثكله أمه؛ فليتبعني خلف هذا الوادي).
قد رأينا النبي صلى الله عليه وسلم تبحث عنه قريش تتوعده وتهدده تريد رأسه حيًّا أو ميتًا، بعدما أغروه بكل غالٍ وبكل حطام دنيوي فانٍ.. بالرئاسة بالمال بالشرف بالنساء.. فأطلقها عنيفًة في وجوههم "قولوا لا إله لا الله"؛ ليبين لأصحابه وإخوانه من بعده أنه تعالٍ عن حظوظ الدنيا من أجل هذه الدعوة المباركة.
لم ترهبه الجموع المضطربة الخانقة المارقة اللاهثة خلفه تريد أن تفتك به.. قالها لأبي بكر:
بكل ثقة مغلفة بالحنو والشفقة.
وبكل يقين مدجج بالعزة والكرامة..
وبكل ثبات محاط بالأمان والرضا..
"ما بالك باثنين الله ثالثهما"..
إنها ليست عبارةً تُقال ويلوكها اللسان.. إنها منهج حياة، شهد بها سراقة بن مالك بعدما رأى ما رأى من صدق الحادي "يا سراقة لك سواري كسرى".
وهذه هي البلدة الطيبة المدينة المنورة:
ليس أهلها فقط من الأنصار: والكبار والصغار.. النساء والرجال.. بل بيوتها العتيقة..
طرقاتها الضيقة.. وأشجارها الوارفة.. وحبات الندى الصبوح.. وذرَّات الرمال اللاهبة..
صخورها الحرة الصاخبة.. أنطقت الأشواق تعصف بالوجدان، تتلهف إلى بشاشة الإيمان، وتتوق إلى الحب والسلام.. بعد سنين طوال من الظلم والجوع والحروب والغش والتزوير، وآن لها أن تستريح.. بحق أغبطك يا طيبة الطيبة.. أغبط كل شبر فيك لامس قدم الحبيب.. أقبِّل كل زاوية فيك نثرت حنينها على جبينه المضيء.. كل قطرة دم من أنصارك العظماء بذلوها ورءوا بها شجرة النور والضياء.. نعم إنها الهجرة.. هذه الهجرة التي ظهرت معانيها، وإخواننا يخوضون عرس الانتخابات.. عرس المناداة لشرع الله.
كم رأينا شبابًا يُعذَّب ويُعتقل ويُجرَّد من ملابسه ويُصعق بالكهرباء، وبعدما يخرج يخرج مباشرةً على أعماله الدعوية على الجولة، ويوزِّع الدعاية ويتحدث مع الناس.
كم رأينا شبابًا يؤجِّلون سفرهم وأعمالهم وحتى أعراسهم وزواجهم حتى ينالوا شرف الدعاية لدين الله..
كم رأينا رجالاً يبذلون قوت أبنائهم ويجودون بأموالهم القليلة التي انتزعوها من براثن الفاسدين المترفين الجباة القساة غلاظ الأكباد..
كم رأينا أخواتنا يتبرعن بما تبقى لهن من قطعة حليٍّ يتيمة، جاد عليهن بها الزمان؛ سواء كانت تتزين بها أو تدخرها لعوادي الزمن..
كم رأينا رجال أعمال أُغلقت شركاتهم، وشُرد الموظفون فيها، وهددوهم في أرواحهم وأموالهم فلم يتغيروا، ولم يتبدلوا، وما ضعفوا وما استكانوا، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل..
كم وكم.. وكم رأينا مصارع المزورين ونهايات المرتشين المزورين اليوم والأمس القريب أو غدًا المقبل كفلق الصبح.. دعا الشيخ على من سلب مقعد "المرأة" المؤمنة في 2005م، فابتلى وترك كل شيء.. لم يدع عليه في شخصه، بل دعاء في شكل كل مزور غشاش ظالم..
رأينا رجلاً مسكينًا كان يصول ويجول في المجلس الفائت صاحب جسم قوي وصوت مدوٍ ونظرة حادة تخفي خلفها تلالاً من الضعف والوهن، ولما هجم عليه المرض ومزَّق مظاهر القوة المصطنعة.. وضاع كل شيء ما نفعه إلا أعمال بسيطة فعلها لله، نسأل الله لنا وله المغفرة.. وشتان بين من عاش ومات في الحق والعدل والطهارة، ومن مات في منابت الغش ومزابل الظلمات والتزوير ومستنقع الفساد الآن..
الهجرة أيها الأحبة..
نريد أن نهاجر من جديد.. نريد أن نستلهم الدروس.. وأن نبذل من جديد.. سيمضي العمر.. ويسرع الخطا نحو النهاية..
علينا أن ننتهز الفرصة، ونقف وقفةً كلها هجرة.. هجرة مع النفس نحو الأوراد والأذكار نحو بيوت الله، ونحو كتاب الله.. نحو الأعمال الصالحة.. والمحافظة على وحدة صفنا وإخواننا ومحاضننا التربوية.. هجرة نحو المجتمع المذبوح الصريع ننقذه من تلك الأيدي الآثمة التي تهرب به بعيدًا عن ربه.. على كل فرد أن يهاجر بـ10 أفراد يخدمهم ويعلمهم ويمشي في قضاء حوائجهم..
هجرة نحو بلدنا الحبيب وأمتنا الحبيبة.. ننشر الخير والسلام في جنباتها.. بأن نتخذ من أنفسنا قدوة بعدما عزت القدوة..
هجرة طيبة وشعارنا (ما بالك بجماعة الله معها).. هو حاديها ومرشدها ومجتبيها ومقربها إلى أعتاب عبوديته
سطَّروا حروفًا من ضياء، ترفع الهامات، وتحيي النفوس وتزرع الأمل، وتنير دروب السائرين إلى الحق والعدل والسلام..
لقد رأينا أسرة أبي بكر كاملة تضحِّي بالمال والجهد والنفس راضيةً فرحةً بقبول الله لهم..
رأينا سيدنا علي بن أبي طالب وليدًا، يعلم أن سيوف الباطل تلمع فوق رأسه، وتبرق المنايا على أسنتها القميئة، وهو نائم فوق فراش النبي صلى الله عليه وسلم، فما لانت له قناة، وما خارت قواه، وما تردد لحظةً في بذل الحياة..
رأينا أسرة أبي سلمة كلها في محراب التضحية لهذا الدين، تفترق قلوبها، وتتشتت أبدانها وتغترب أرواحها؛ لكن ذرات الإيمان الحاني الباقي تداوي لهم الجراح، فما ترددوا وما تلعثموا وما خارت قواهم..
رأينا صهيب الرومي يترك كل ثروته مقابل أن يترك له إيمانه القابع في حنايا قلبه الثائر المهاجر، به يسمو في آفاق علوية رحبة لاحبة، ويستعين به وحده على ظروف الحياة..
ورأينا الفاروق عمر ينادي على رءوس الأشهاد، ويعلم أن ثمن النداء قد يكون حياته وعمره الغالي الثمين (إني مهاجر، فمن أراد أن تثكله أمه؛ فليتبعني خلف هذا الوادي).
قد رأينا النبي صلى الله عليه وسلم تبحث عنه قريش تتوعده وتهدده تريد رأسه حيًّا أو ميتًا، بعدما أغروه بكل غالٍ وبكل حطام دنيوي فانٍ.. بالرئاسة بالمال بالشرف بالنساء.. فأطلقها عنيفًة في وجوههم "قولوا لا إله لا الله"؛ ليبين لأصحابه وإخوانه من بعده أنه تعالٍ عن حظوظ الدنيا من أجل هذه الدعوة المباركة.
لم ترهبه الجموع المضطربة الخانقة المارقة اللاهثة خلفه تريد أن تفتك به.. قالها لأبي بكر:
بكل ثقة مغلفة بالحنو والشفقة.
وبكل يقين مدجج بالعزة والكرامة..
وبكل ثبات محاط بالأمان والرضا..
"ما بالك باثنين الله ثالثهما"..
إنها ليست عبارةً تُقال ويلوكها اللسان.. إنها منهج حياة، شهد بها سراقة بن مالك بعدما رأى ما رأى من صدق الحادي "يا سراقة لك سواري كسرى".
وهذه هي البلدة الطيبة المدينة المنورة:
ليس أهلها فقط من الأنصار: والكبار والصغار.. النساء والرجال.. بل بيوتها العتيقة..
طرقاتها الضيقة.. وأشجارها الوارفة.. وحبات الندى الصبوح.. وذرَّات الرمال اللاهبة..
صخورها الحرة الصاخبة.. أنطقت الأشواق تعصف بالوجدان، تتلهف إلى بشاشة الإيمان، وتتوق إلى الحب والسلام.. بعد سنين طوال من الظلم والجوع والحروب والغش والتزوير، وآن لها أن تستريح.. بحق أغبطك يا طيبة الطيبة.. أغبط كل شبر فيك لامس قدم الحبيب.. أقبِّل كل زاوية فيك نثرت حنينها على جبينه المضيء.. كل قطرة دم من أنصارك العظماء بذلوها ورءوا بها شجرة النور والضياء.. نعم إنها الهجرة.. هذه الهجرة التي ظهرت معانيها، وإخواننا يخوضون عرس الانتخابات.. عرس المناداة لشرع الله.
كم رأينا شبابًا يُعذَّب ويُعتقل ويُجرَّد من ملابسه ويُصعق بالكهرباء، وبعدما يخرج يخرج مباشرةً على أعماله الدعوية على الجولة، ويوزِّع الدعاية ويتحدث مع الناس.
كم رأينا شبابًا يؤجِّلون سفرهم وأعمالهم وحتى أعراسهم وزواجهم حتى ينالوا شرف الدعاية لدين الله..
كم رأينا رجالاً يبذلون قوت أبنائهم ويجودون بأموالهم القليلة التي انتزعوها من براثن الفاسدين المترفين الجباة القساة غلاظ الأكباد..
كم رأينا أخواتنا يتبرعن بما تبقى لهن من قطعة حليٍّ يتيمة، جاد عليهن بها الزمان؛ سواء كانت تتزين بها أو تدخرها لعوادي الزمن..
كم رأينا رجال أعمال أُغلقت شركاتهم، وشُرد الموظفون فيها، وهددوهم في أرواحهم وأموالهم فلم يتغيروا، ولم يتبدلوا، وما ضعفوا وما استكانوا، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل..
كم وكم.. وكم رأينا مصارع المزورين ونهايات المرتشين المزورين اليوم والأمس القريب أو غدًا المقبل كفلق الصبح.. دعا الشيخ على من سلب مقعد "المرأة" المؤمنة في 2005م، فابتلى وترك كل شيء.. لم يدع عليه في شخصه، بل دعاء في شكل كل مزور غشاش ظالم..
رأينا رجلاً مسكينًا كان يصول ويجول في المجلس الفائت صاحب جسم قوي وصوت مدوٍ ونظرة حادة تخفي خلفها تلالاً من الضعف والوهن، ولما هجم عليه المرض ومزَّق مظاهر القوة المصطنعة.. وضاع كل شيء ما نفعه إلا أعمال بسيطة فعلها لله، نسأل الله لنا وله المغفرة.. وشتان بين من عاش ومات في الحق والعدل والطهارة، ومن مات في منابت الغش ومزابل الظلمات والتزوير ومستنقع الفساد الآن..
الهجرة أيها الأحبة..
نريد أن نهاجر من جديد.. نريد أن نستلهم الدروس.. وأن نبذل من جديد.. سيمضي العمر.. ويسرع الخطا نحو النهاية..
علينا أن ننتهز الفرصة، ونقف وقفةً كلها هجرة.. هجرة مع النفس نحو الأوراد والأذكار نحو بيوت الله، ونحو كتاب الله.. نحو الأعمال الصالحة.. والمحافظة على وحدة صفنا وإخواننا ومحاضننا التربوية.. هجرة نحو المجتمع المذبوح الصريع ننقذه من تلك الأيدي الآثمة التي تهرب به بعيدًا عن ربه.. على كل فرد أن يهاجر بـ10 أفراد يخدمهم ويعلمهم ويمشي في قضاء حوائجهم..
هجرة نحو بلدنا الحبيب وأمتنا الحبيبة.. ننشر الخير والسلام في جنباتها.. بأن نتخذ من أنفسنا قدوة بعدما عزت القدوة..
هجرة طيبة وشعارنا (ما بالك بجماعة الله معها).. هو حاديها ومرشدها ومجتبيها ومقربها إلى أعتاب عبوديته