الجماعة السلالية لآيت نعمان: وضعية مقلقة و رهانات صعبة
ذ. فـــريد وشطــين.
الجمـــاعة السلاليـــة لأيت نعمــــان:
وضعية مزرية و رهانات صعبة.
توطئة حول الجماعة السلالية"
تطلق الجماعة السلالية أو الجماعة الأصلية على مجموعة الأشخاص المنتمين لنفس القبيلة أو الدوار. يرتبطون فيما بينهم بعلاقة النسب أو العرق أو الدم. و يُخوّل لهم القانون الحق في التصرف بحقوق الملكية على الأراضي القابلة للحرث أو لرعي الماشية وفق الأعراف المعمول بها في الاستغلال و التصرف، لكن تحت ولاية الدولة في شخص مؤسسة مجلس الوصاية التابعة لوزارة الداخلية.
جاء في الفصل الأول من ظهير 27 أبريل 1919 كما وقع تعديله و تتميمه بظهير 06 فبراير 1963:
" لا يمكن للقبائل و لفصائل القبائل و غيرهم من العشائر الأصلية أن يتصرفوا بحقوق الملكية على الأراضي المعدة للحرث أو لرعي المواشي المشتركة بينهم حسب العوائد المألوفة في الاستغلال و التصرف إلا تحت ولاية الدولة. "
و كانت تتكلف برعاية و تتبع أوضاع الممتلكات الجماعية و فض النزاعات بين أفراد القبيلة (ذوي الحقوق) مؤسسة عرفية تضم حكماء القبيلة و كبارهم العارفين بالأعراف المحلية و يطلق عليها اسم "الجماعة". لكن بغية تقنين هذه المؤسسة و خضوعها للدولة و إعطائها صفة "الرسمية"، ارتأت الدولة أن تكون هي المشرفة عليها و على تعيين أعضائها و على وضع الشروط التي ينبغي أن تتوفر فيهم، و أطلقت عليهم اسم " جماعة النواب" أو جماعة المندوبين"، كما تعرف أحيانا باسم "الهيئة النيابية" أو "مؤسسة النواب".
و قد حددت مديرية الشؤون القروية طريقتين لاختيار هؤلاء النواب: إما عن طريق التعيين و إما عن طريق الانتخاب. كما حددت مجموعة من المعايير و الشروط المؤهلة لتولي النائب لهذه المسؤولية، من بينها :
- أن يحسن القراءة و الكتابة بالعربية على الأقل - أن يكون قادرا عقليا و بدنيا على تحمل هذه المسؤولية - أن يكون عمره بين 40 و 70 سنة ... كما حددت مدة ولاية النائب في ست (06) سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط.
لكن الملاحظ أن السلطات المشرفة على جماعة النواب لا تلجأ إلا لطريقة التعيين في اختيارهم، و نادرا ما تعتمد على طريقة الانتخاب حتى يتسنى لها وضع نواب على مقاسها، ينفذون أوامرها و لا يعارضون أجندتها. كما يلاحظ أن أغلب الشروط الواردة في دليل النائب لا يتم احترامها و تتغاضى السلطات عن توفرها في النائب. فأغلب النواب أميون يوقعون على عقود يجهلون مضامينها، و بعضهم تجاوز السبعين السنة و لا تسعفهم حالتهم الصحية في التنقل داخل الأراضي الجماعية المترامية الأطراف لحمايتها من التراميات. و منهم من تجاوز المدة القانونية للولاية، و لنا في الجماعة السلالية لـ "آيت نعمان" المثال الحي لهذه الحقائق. فيكفي للنائب أن يبارك قرارات السلطات المحلية لنيل رضاها و الخلود في منصبه.
أما إذا كان النائب يعارض هذه القرارات لإضرارها بمصالح القبيلة و ذوي الحقوق، فإن السلطات المعنية أو الجهات المستفيدة من ريع الأراضي الجماعية تبحث له عن أسباب لعزله و تنسج له المكائد لدفعه للتخلي عن مسؤوليته.
1- أصول قبيلة آيت نعمان:
تنتمي قبيلة آيت نعمان لمجموعة قبائل "آيت نظير" و "آيت نظير" إحدى الفروع القبلية لـ "آيت يدارسن" من فرقة "مسوفة" إحدى قبائل "صنهاجة اللثام" التي كانت تقطن الصحراء الكبرى جنوب جبل "درن". و ينحدر "آيت نعمان" من اتحادية "آيت عطا" كما هو الشأن بالنسبة لـ "آيت ولال" و" آيت لحسن ويوسف" و "آيت حرز الله". و تنقسم قبيلة آيت نعمان إلى فرعين رئيسيين : "إشواون" و " آيت عيسى" ، كل فرع ينقسم بدوره إلى مجموعة دواوير ( تيكما و مفردها تيكمي)
فرع "إشواون" ينقسم إلى قسمين :
- "آيت لحسن وعمرو" و يضم أربعة دواوير: - "إشواون" إقبلين و يضم خمسة دواوير :
- آيت بنيوسف - آيت موسى
- آيت يشو
- آيت حنذ و حسين
- آيت حسين - آيت عمرو
- آيت عبو
- آيت سعيد
- آيت عمو إقلين
فرع "آيت عيسى" و يضم ثمانية دواوير:
- آيت منصور - آيت علي - آيت عمو باقسو
- آيت شعو - آيت يوسف وحمو - آيت يوسف وعثمان
- آيت بوهو - آيت حنذ
2- المشاكل و التحديات:
أ- كثرة النواب السلاليين تعيق تحقيق المصلحة:
تتكون الجماعة السلالية لقبيلة "آيت نعمان" من سبعة عشر (17) دوارا، كل دوار يمثله نائب سلالي يرعى شؤونه حسب المهام المنوطة به. و هذا العدد الكبير من النواب يُعقد من وضعية الممتلكات الجماعية بل و يَضُرّ بها في بعض الأحيان. فمن الصعب أن يتفق النواب بهذا العدد الكبير على أمر أو اتخاذ قرار حاسم مما يرجئ العديد من القضايا المصيرية للقبيلة و لذوي الحقوق و تركها معلقة و إهمالها. و تكفي الإشارة إلى تهاونهم في مطالب التحفيظ العقاري للأراضي الجماعية في إقليم إفران ك "كديات" و "أفقفاق ، ألمو أبوري" و تماطلهم في متابعة الدعوى المرفوعة ضد أحد المترامين وعدم اتفاقهم حول أوجه صرف المدخرات الجماعية المجمدة في صندوق مجلس الوصاية.
ب - القسمة غير العادلة:
جدير بالذكر أن موارد الجماعة السلالية لآيت نعمان لا تُقسم بالتساوي بين الدواوير. فالدواوير المجتمعة في مجموعة واحدة ( أنظر أعلاه) تشترك في نصيب واحد، و قد لا يوزع بينها كذلك بالتساوي. فمثلا، يشترك "آيت منصور" و "آيت شعو" و "آيت بوهو" في نصيب واحد لكن الدوّار الأول يحظى بنصفه بينما يقتسم الآخران النصف الباقي.
و مرد هذا التوزيع إلى حصة الأسر (الأملاك أو الخيام) التي كانت لدى كل دوّار إبان فترة الحماية. و رغم أن عدد السكان طرأ عليه تغيير كبير، فَتصَاعَد في بعضها و تَناقصَ في البعض الآخر إلا أن الجماعة النيابية لا تزال تعمل بنفس العرف.
ج - تكريس الطبقية:
الجماعة السلالية لـ "آيت نعمان" من بين الجماعات القليلة جدا، التي تشترط توفر أصول الشخص على الملكية منذ الحماية - و المسجلة في لائحة الأملاك العقارية لدى المحاكم من أجل اكتساب صفة ذي حق. و هو شرط يضرب في العمق الفلسفة التي تقوم عليها أراضي الجموع، إذ الغرض منها هو احتضان الجماعة لمن لا ملكية له و تمكين فقرائها من موارد للعيش الكريم. فأراضي الجموع هي انعكاس لروح التضامن و التآزر بين أفراد القبيلة.
لكن مما يؤسف له أن جماعة "آيت نعمان" سارت ضد التيار و عكست الآية تماما. فالغني تزيده غنا بتمكينه من الممتلكات الجماعية و الفقير تزيد في إفقاره بحرمانه منها. و الغريب في الأمر أن السلطات الوصية اتخذت موقفا سلبيا من هذه القضية و لم تتدخل لتصحيح هذا الوضع المختل رغم الشكايات المتكررة و رغم استنكار العديد من أفراد القبيلة لهذا العرف العتيق و المتجاوز. فالعرف إذا خالف الشرع أو القانون أو المصلحة العامة و جب إلغاؤه و إبطاله.
د- الاستفادة غير المتوازنة:
تنحصر الاستفادة من كراءات الأراضي الزراعية و الرعوية، التي تتم بشكل اتفاقي و دون تحرير عقود، في قلة من الأشخاص فقط و في فئة من المتنفذين بالإقليم. و لا يتم الإعلان عنها و لا تخضع للمناقصة بل غالبا ما تكون سرية. و هناك أشخاص دائمو الاستغلال من هذه الأراضي بينما يُحرم منها من هم في أمس الحاجة إليها.
3- موارد الجماعة السلالية لآيت نعمان:
تتكون موارد الجماعة من مداخيل الكراءات التي تُضخّ في حسابها البنكي في صندوق مجلس الوصاية ككراء المقلع الواقع ب "أزرا نلحد" و المشروع المنجز فوق الأرض الجماعية "الرمعون" و المشروع المشيد على الوعاء العقاري "تيفراتين". و كثيرا ما يتم تجديد العقود دون مراعاة مدى احترام المكترين لدفاتر التحملات و مدى التزامهم بتعهداتهم.
أما المداخيل الناتجة عن كراء الأراضي الزراعية و الرعوية و المستعملة لتربية النحل و عن بيع الرمال المستعملة في المشاتل و غيرها، فلا تعرف طريقها إلى صندوق الوصاية لأنها تتم بدون عقود رسمية بل بالتوافق و التراضي بين بعض النواب و المستفيدين. و رغم أن القانون يمنع أية معاملة تخص الجماعة السلالية خارج الإطار التعاقدي إلا أن السلطة تغض عنها الطرف. و تشوب هذا النوع من المعاملات خروقات و التباس و ضبابية كبيرة إذ لا يُصرح النواب بالقيمة الحقيقية لهذه المداخيل و لا بعددها و لا بصفة المستفيدين منها، هل هم من ذوي الحقوق و أبناء القبيلة أم من الأغيار.
و تتوفر الجماعة السلالية في صندوق الوصاية على مبلغ 865 مليون ريال كتعويض عن الأرض التي أنجزت فوقها تجزئة البلدية بإفران. لكن النواب السلاليين فشلوا في الاتفاق على نوعية المشروع الذي ينبغي إنجازه أو اقتناؤه بهذه الأموال فبقي حبيسا و متجمدا في الصندوق.
كما يرفضون توزيعها على ذوي الحقوق أسوة بباقي القبائل المجاورة التي قسمت مدخراتها الجماعية. و الوصاية نفسها لا ترى مانعا في تقسيمها. " جاء في موقع الجماعات السلالية و الأراضي الجماعية على الإنترنت في الشق المتعلق بتسيير مداخيل هذه الجماعات: "يمكن لنواب الجماعات السلالية بصفتهم الممثلين الشرعيين لجماعتهم السلالية الإطلاع على هذا الحساب كلما رغبوا في ذلك من أجل اتخاذ القرارات المتعلقة باستخدام مواردهم المالية إما في إنجاز مشاريع لفائدة الجماعات السلالية أو توزيع هذه الموارد على ذوي الحقوق."
كما يرفضون بالمطلق فكرة تقسيم الأراضي الجماعية بين الدواوير السبعة عشر رغم النداءات المتكررة لذوي الحقوق و إلحاحهم الشديد على ذلك. فعملية التقسيم ستتيح لكل نائب جماعي إمكانية تتبع نصيبه بشكل دقيق و استغلاله بطريقة سليمة و استفادة ذوي الحقوق بشكل منتج و فعال من خلال انتظام أبناء الدوار الواحد في شكل تعاونيات. لكن هذا الإجراء سيقطع الطريق أمام النواب المتلاعبين بهذه الممتلكات و يحرمهم من مداخيل الكراءات السرية غير المصرح بها لذلك فهم لا يخفون معارضتهم الشديدة لعملية التقسيم رغم أن دليل النائب الصادر عن مديرية الشؤون القروية يتيح هذه الإمكانية حيث جاء فيه : "يمكن أن تكون هذه الأراضي بناء على طلب جمعية المندوبين موضوع تقسيم يعطى بموجبه لكل رب عائلة من العشيرة حق دائم الانتفاع ضمن الكيفيات و الشروط المحددة بموجب مرسوم."
4- الجماعة السلالية مساحة معتمة و جب تسليط الأضواء عليها:
كانت الجماعة السلالية إلى وقت قريب، حكرا على السلطات و مؤسسة و النواب و يلف شؤونها الكثير من الغموض. كانت الأملاك الجماعية نوعا من الطابو الذي لا يقترب منه إلا وجهاء القبيلة و عرفاؤها باعتبارهم العالمين بخباياها و أسرارها و أعرافها. كان هؤلاء يزعمون أن هذه الممتلكات و طرق تدبيرها طلاسمُ معقدة هم وحدهم القادرون على فك رموزها و حل شفراتها.
لكن مع انبعاث العهد الجديد و الرغبة في الشفافية. و مع تزايد جشع لوبيات العقار في الاستحواذ على الأراضي الجماعية من أجل إقامة تجزئات سكنية و مشاريع فوقها. و مع ما عرفته أسعار العقار من قفزة نوعية، أدرك الجميع ضرورة تحريك هذه البركة الآسنة و الكشف عن الطفيليات الجشعة التي تقتات منها. كما تنامى الوعي لدى الشباب بضرورة إيلاء الاهتمام لهذا الرصيد العقاري غير المتحرك و استثماره و حسن استغلاله بطريقة تشاركية بين ذوي الحقوق.
و في هذا الصدد تحرك المنتخبون الغيورون بتحريك ملفات الفساد كما فعل النائب البرلماني الأستاذ عبد الصمد الإدريسي الذي طرح في مجلس النواب ما تعرفه أراضي الجموع بإقليم الحاجب من خروقات و فساد و تزوير لعقود موقعة على بياض. كما تحمل المجتمع المدني رهانات الكشف عن مجموعة الاختلالات التي يعرفها هذا الملف و لعب أدوارا طلائعية في طرح اقتراحات و مشاريع من أجل استغلال أمثل و تدبير معقلن لهذه الأراضي، و ذلك عبر تأطير وقفات احتجاجية و تنظيم ندوات تنويرية و الخروج بتوصيات عملية و توجيه مراسلات في هذا الشأن إلى الجهات المعنية. و لا يخفى على أحد الدور الذي تلعبه جمعية " إجموعن نايت نعمان" بالحاجب، على غرار باقي الجمعيات التي تتقاسم معها نفس الأهداف، في توعية ذوي الحقوق بحقوقهم و تشجيعهم على الدفاع عن مصالحهم الجماعية و فضح كل أنواع التلاعبات التي طالت أراضيهم. و ما التجاوب السريع و الإقبال الكبير الذي تعرفه لقاءات الجمعية إلا دليل على تبلور تصور جديد و تكوين رأي عام وطني واعٍ و متنور حول أراضي الجماعة السلالية.
الجمـــاعة السلاليـــة لأيت نعمــــان:
وضعية مزرية و رهانات صعبة.
توطئة حول الجماعة السلالية"
تطلق الجماعة السلالية أو الجماعة الأصلية على مجموعة الأشخاص المنتمين لنفس القبيلة أو الدوار. يرتبطون فيما بينهم بعلاقة النسب أو العرق أو الدم. و يُخوّل لهم القانون الحق في التصرف بحقوق الملكية على الأراضي القابلة للحرث أو لرعي الماشية وفق الأعراف المعمول بها في الاستغلال و التصرف، لكن تحت ولاية الدولة في شخص مؤسسة مجلس الوصاية التابعة لوزارة الداخلية.
جاء في الفصل الأول من ظهير 27 أبريل 1919 كما وقع تعديله و تتميمه بظهير 06 فبراير 1963:
" لا يمكن للقبائل و لفصائل القبائل و غيرهم من العشائر الأصلية أن يتصرفوا بحقوق الملكية على الأراضي المعدة للحرث أو لرعي المواشي المشتركة بينهم حسب العوائد المألوفة في الاستغلال و التصرف إلا تحت ولاية الدولة. "
و كانت تتكلف برعاية و تتبع أوضاع الممتلكات الجماعية و فض النزاعات بين أفراد القبيلة (ذوي الحقوق) مؤسسة عرفية تضم حكماء القبيلة و كبارهم العارفين بالأعراف المحلية و يطلق عليها اسم "الجماعة". لكن بغية تقنين هذه المؤسسة و خضوعها للدولة و إعطائها صفة "الرسمية"، ارتأت الدولة أن تكون هي المشرفة عليها و على تعيين أعضائها و على وضع الشروط التي ينبغي أن تتوفر فيهم، و أطلقت عليهم اسم " جماعة النواب" أو جماعة المندوبين"، كما تعرف أحيانا باسم "الهيئة النيابية" أو "مؤسسة النواب".
و قد حددت مديرية الشؤون القروية طريقتين لاختيار هؤلاء النواب: إما عن طريق التعيين و إما عن طريق الانتخاب. كما حددت مجموعة من المعايير و الشروط المؤهلة لتولي النائب لهذه المسؤولية، من بينها :
- أن يحسن القراءة و الكتابة بالعربية على الأقل - أن يكون قادرا عقليا و بدنيا على تحمل هذه المسؤولية - أن يكون عمره بين 40 و 70 سنة ... كما حددت مدة ولاية النائب في ست (06) سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط.
لكن الملاحظ أن السلطات المشرفة على جماعة النواب لا تلجأ إلا لطريقة التعيين في اختيارهم، و نادرا ما تعتمد على طريقة الانتخاب حتى يتسنى لها وضع نواب على مقاسها، ينفذون أوامرها و لا يعارضون أجندتها. كما يلاحظ أن أغلب الشروط الواردة في دليل النائب لا يتم احترامها و تتغاضى السلطات عن توفرها في النائب. فأغلب النواب أميون يوقعون على عقود يجهلون مضامينها، و بعضهم تجاوز السبعين السنة و لا تسعفهم حالتهم الصحية في التنقل داخل الأراضي الجماعية المترامية الأطراف لحمايتها من التراميات. و منهم من تجاوز المدة القانونية للولاية، و لنا في الجماعة السلالية لـ "آيت نعمان" المثال الحي لهذه الحقائق. فيكفي للنائب أن يبارك قرارات السلطات المحلية لنيل رضاها و الخلود في منصبه.
أما إذا كان النائب يعارض هذه القرارات لإضرارها بمصالح القبيلة و ذوي الحقوق، فإن السلطات المعنية أو الجهات المستفيدة من ريع الأراضي الجماعية تبحث له عن أسباب لعزله و تنسج له المكائد لدفعه للتخلي عن مسؤوليته.
1- أصول قبيلة آيت نعمان:
تنتمي قبيلة آيت نعمان لمجموعة قبائل "آيت نظير" و "آيت نظير" إحدى الفروع القبلية لـ "آيت يدارسن" من فرقة "مسوفة" إحدى قبائل "صنهاجة اللثام" التي كانت تقطن الصحراء الكبرى جنوب جبل "درن". و ينحدر "آيت نعمان" من اتحادية "آيت عطا" كما هو الشأن بالنسبة لـ "آيت ولال" و" آيت لحسن ويوسف" و "آيت حرز الله". و تنقسم قبيلة آيت نعمان إلى فرعين رئيسيين : "إشواون" و " آيت عيسى" ، كل فرع ينقسم بدوره إلى مجموعة دواوير ( تيكما و مفردها تيكمي)
فرع "إشواون" ينقسم إلى قسمين :
- "آيت لحسن وعمرو" و يضم أربعة دواوير: - "إشواون" إقبلين و يضم خمسة دواوير :
- آيت بنيوسف - آيت موسى
- آيت يشو
- آيت حنذ و حسين
- آيت حسين - آيت عمرو
- آيت عبو
- آيت سعيد
- آيت عمو إقلين
فرع "آيت عيسى" و يضم ثمانية دواوير:
- آيت منصور - آيت علي - آيت عمو باقسو
- آيت شعو - آيت يوسف وحمو - آيت يوسف وعثمان
- آيت بوهو - آيت حنذ
2- المشاكل و التحديات:
أ- كثرة النواب السلاليين تعيق تحقيق المصلحة:
تتكون الجماعة السلالية لقبيلة "آيت نعمان" من سبعة عشر (17) دوارا، كل دوار يمثله نائب سلالي يرعى شؤونه حسب المهام المنوطة به. و هذا العدد الكبير من النواب يُعقد من وضعية الممتلكات الجماعية بل و يَضُرّ بها في بعض الأحيان. فمن الصعب أن يتفق النواب بهذا العدد الكبير على أمر أو اتخاذ قرار حاسم مما يرجئ العديد من القضايا المصيرية للقبيلة و لذوي الحقوق و تركها معلقة و إهمالها. و تكفي الإشارة إلى تهاونهم في مطالب التحفيظ العقاري للأراضي الجماعية في إقليم إفران ك "كديات" و "أفقفاق ، ألمو أبوري" و تماطلهم في متابعة الدعوى المرفوعة ضد أحد المترامين وعدم اتفاقهم حول أوجه صرف المدخرات الجماعية المجمدة في صندوق مجلس الوصاية.
ب - القسمة غير العادلة:
جدير بالذكر أن موارد الجماعة السلالية لآيت نعمان لا تُقسم بالتساوي بين الدواوير. فالدواوير المجتمعة في مجموعة واحدة ( أنظر أعلاه) تشترك في نصيب واحد، و قد لا يوزع بينها كذلك بالتساوي. فمثلا، يشترك "آيت منصور" و "آيت شعو" و "آيت بوهو" في نصيب واحد لكن الدوّار الأول يحظى بنصفه بينما يقتسم الآخران النصف الباقي.
و مرد هذا التوزيع إلى حصة الأسر (الأملاك أو الخيام) التي كانت لدى كل دوّار إبان فترة الحماية. و رغم أن عدد السكان طرأ عليه تغيير كبير، فَتصَاعَد في بعضها و تَناقصَ في البعض الآخر إلا أن الجماعة النيابية لا تزال تعمل بنفس العرف.
ج - تكريس الطبقية:
الجماعة السلالية لـ "آيت نعمان" من بين الجماعات القليلة جدا، التي تشترط توفر أصول الشخص على الملكية منذ الحماية - و المسجلة في لائحة الأملاك العقارية لدى المحاكم من أجل اكتساب صفة ذي حق. و هو شرط يضرب في العمق الفلسفة التي تقوم عليها أراضي الجموع، إذ الغرض منها هو احتضان الجماعة لمن لا ملكية له و تمكين فقرائها من موارد للعيش الكريم. فأراضي الجموع هي انعكاس لروح التضامن و التآزر بين أفراد القبيلة.
لكن مما يؤسف له أن جماعة "آيت نعمان" سارت ضد التيار و عكست الآية تماما. فالغني تزيده غنا بتمكينه من الممتلكات الجماعية و الفقير تزيد في إفقاره بحرمانه منها. و الغريب في الأمر أن السلطات الوصية اتخذت موقفا سلبيا من هذه القضية و لم تتدخل لتصحيح هذا الوضع المختل رغم الشكايات المتكررة و رغم استنكار العديد من أفراد القبيلة لهذا العرف العتيق و المتجاوز. فالعرف إذا خالف الشرع أو القانون أو المصلحة العامة و جب إلغاؤه و إبطاله.
د- الاستفادة غير المتوازنة:
تنحصر الاستفادة من كراءات الأراضي الزراعية و الرعوية، التي تتم بشكل اتفاقي و دون تحرير عقود، في قلة من الأشخاص فقط و في فئة من المتنفذين بالإقليم. و لا يتم الإعلان عنها و لا تخضع للمناقصة بل غالبا ما تكون سرية. و هناك أشخاص دائمو الاستغلال من هذه الأراضي بينما يُحرم منها من هم في أمس الحاجة إليها.
3- موارد الجماعة السلالية لآيت نعمان:
تتكون موارد الجماعة من مداخيل الكراءات التي تُضخّ في حسابها البنكي في صندوق مجلس الوصاية ككراء المقلع الواقع ب "أزرا نلحد" و المشروع المنجز فوق الأرض الجماعية "الرمعون" و المشروع المشيد على الوعاء العقاري "تيفراتين". و كثيرا ما يتم تجديد العقود دون مراعاة مدى احترام المكترين لدفاتر التحملات و مدى التزامهم بتعهداتهم.
أما المداخيل الناتجة عن كراء الأراضي الزراعية و الرعوية و المستعملة لتربية النحل و عن بيع الرمال المستعملة في المشاتل و غيرها، فلا تعرف طريقها إلى صندوق الوصاية لأنها تتم بدون عقود رسمية بل بالتوافق و التراضي بين بعض النواب و المستفيدين. و رغم أن القانون يمنع أية معاملة تخص الجماعة السلالية خارج الإطار التعاقدي إلا أن السلطة تغض عنها الطرف. و تشوب هذا النوع من المعاملات خروقات و التباس و ضبابية كبيرة إذ لا يُصرح النواب بالقيمة الحقيقية لهذه المداخيل و لا بعددها و لا بصفة المستفيدين منها، هل هم من ذوي الحقوق و أبناء القبيلة أم من الأغيار.
و تتوفر الجماعة السلالية في صندوق الوصاية على مبلغ 865 مليون ريال كتعويض عن الأرض التي أنجزت فوقها تجزئة البلدية بإفران. لكن النواب السلاليين فشلوا في الاتفاق على نوعية المشروع الذي ينبغي إنجازه أو اقتناؤه بهذه الأموال فبقي حبيسا و متجمدا في الصندوق.
كما يرفضون توزيعها على ذوي الحقوق أسوة بباقي القبائل المجاورة التي قسمت مدخراتها الجماعية. و الوصاية نفسها لا ترى مانعا في تقسيمها. " جاء في موقع الجماعات السلالية و الأراضي الجماعية على الإنترنت في الشق المتعلق بتسيير مداخيل هذه الجماعات: "يمكن لنواب الجماعات السلالية بصفتهم الممثلين الشرعيين لجماعتهم السلالية الإطلاع على هذا الحساب كلما رغبوا في ذلك من أجل اتخاذ القرارات المتعلقة باستخدام مواردهم المالية إما في إنجاز مشاريع لفائدة الجماعات السلالية أو توزيع هذه الموارد على ذوي الحقوق."
كما يرفضون بالمطلق فكرة تقسيم الأراضي الجماعية بين الدواوير السبعة عشر رغم النداءات المتكررة لذوي الحقوق و إلحاحهم الشديد على ذلك. فعملية التقسيم ستتيح لكل نائب جماعي إمكانية تتبع نصيبه بشكل دقيق و استغلاله بطريقة سليمة و استفادة ذوي الحقوق بشكل منتج و فعال من خلال انتظام أبناء الدوار الواحد في شكل تعاونيات. لكن هذا الإجراء سيقطع الطريق أمام النواب المتلاعبين بهذه الممتلكات و يحرمهم من مداخيل الكراءات السرية غير المصرح بها لذلك فهم لا يخفون معارضتهم الشديدة لعملية التقسيم رغم أن دليل النائب الصادر عن مديرية الشؤون القروية يتيح هذه الإمكانية حيث جاء فيه : "يمكن أن تكون هذه الأراضي بناء على طلب جمعية المندوبين موضوع تقسيم يعطى بموجبه لكل رب عائلة من العشيرة حق دائم الانتفاع ضمن الكيفيات و الشروط المحددة بموجب مرسوم."
4- الجماعة السلالية مساحة معتمة و جب تسليط الأضواء عليها:
كانت الجماعة السلالية إلى وقت قريب، حكرا على السلطات و مؤسسة و النواب و يلف شؤونها الكثير من الغموض. كانت الأملاك الجماعية نوعا من الطابو الذي لا يقترب منه إلا وجهاء القبيلة و عرفاؤها باعتبارهم العالمين بخباياها و أسرارها و أعرافها. كان هؤلاء يزعمون أن هذه الممتلكات و طرق تدبيرها طلاسمُ معقدة هم وحدهم القادرون على فك رموزها و حل شفراتها.
لكن مع انبعاث العهد الجديد و الرغبة في الشفافية. و مع تزايد جشع لوبيات العقار في الاستحواذ على الأراضي الجماعية من أجل إقامة تجزئات سكنية و مشاريع فوقها. و مع ما عرفته أسعار العقار من قفزة نوعية، أدرك الجميع ضرورة تحريك هذه البركة الآسنة و الكشف عن الطفيليات الجشعة التي تقتات منها. كما تنامى الوعي لدى الشباب بضرورة إيلاء الاهتمام لهذا الرصيد العقاري غير المتحرك و استثماره و حسن استغلاله بطريقة تشاركية بين ذوي الحقوق.
و في هذا الصدد تحرك المنتخبون الغيورون بتحريك ملفات الفساد كما فعل النائب البرلماني الأستاذ عبد الصمد الإدريسي الذي طرح في مجلس النواب ما تعرفه أراضي الجموع بإقليم الحاجب من خروقات و فساد و تزوير لعقود موقعة على بياض. كما تحمل المجتمع المدني رهانات الكشف عن مجموعة الاختلالات التي يعرفها هذا الملف و لعب أدوارا طلائعية في طرح اقتراحات و مشاريع من أجل استغلال أمثل و تدبير معقلن لهذه الأراضي، و ذلك عبر تأطير وقفات احتجاجية و تنظيم ندوات تنويرية و الخروج بتوصيات عملية و توجيه مراسلات في هذا الشأن إلى الجهات المعنية. و لا يخفى على أحد الدور الذي تلعبه جمعية " إجموعن نايت نعمان" بالحاجب، على غرار باقي الجمعيات التي تتقاسم معها نفس الأهداف، في توعية ذوي الحقوق بحقوقهم و تشجيعهم على الدفاع عن مصالحهم الجماعية و فضح كل أنواع التلاعبات التي طالت أراضيهم. و ما التجاوب السريع و الإقبال الكبير الذي تعرفه لقاءات الجمعية إلا دليل على تبلور تصور جديد و تكوين رأي عام وطني واعٍ و متنور حول أراضي الجماعة السلالية.