أئمة التزوير وانتقام القدير
بقلم / محمد عبد الباسط محمد مصطفى داعية وكاتب إسلامى
بالبلطجة والعدوان، وبالزور والبهتان، كسب النظام الحاكم فى مصر جولة ضد شعبه ورعيته فى انتخابات مجلس الشعب لسنة 2010م، وبذلك سطر صفحة سوداء أخرى، تنضاف إلى سجله الحافل بالقهر والكبت والجبروت، دون خشية لرب الملك والملكوت، وكأنما بات الشعب قطيعاً يسوقه الراعى، إلى الوجهة التى يريد، ومن شذ أو خالف فالسياط تلهب ظهره، وترغم أنفه.
إنهم أحفاد الفراعنة الذين قال جدهم الأظلم من قبل لرعيته: "أنا ربكم الأعلى"- (النازعات/24)، وقال أيضاً: "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد"-(غافر 29).
لقد حبس العالم كله أنفاسه، وهو يتابع مهزلة الديمقراطية التى جرت أحداثها فى مصر المحروسة ذات الحضارة التى تربو على السبعة آلاف سنة، فما وجدها غير مأساة وملهاة، وإنها لحقاً مأساة وملهاة فى آن واحد.
أرأيتم كذاباً يلبس ثوب صديق، ومدنسا يرتدى مسوح قديس، وخائناً يتزيا بزى أمين؟!!، إنهم من قاموا على هذه المسرحية الهزلية...
إنه النفاق السياس برذائله وبوائقه، ذكرت أوصاف المنافقين التى حددها رسول الله- صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريف الذى رواه أبو هريرة، ويقول فيه: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" وفى رواية أخرى لعبد الله بن عمرو وبن العاص: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".
وقلت فى نفس كم هى منطبقة عليهم ومتحققة فيهم تلك الصفات، بل تلك الرذائل، وأدركت أن أولئك الأفاكين يعيشون فى الجنة المزعومة للنفاق التى عناها الشاعر بقوله:
ما دمـت فـى جنة النفـاق - ولا تقــارب ولا تبـاعـد
وضاحك الشمس فى الدياحى -ولا تحقـق ولا تدقـــق
وقل كلامـاً بغيـر معنـى - ولا تصـادق ولا تخاصـم
فأى شخص كأى شخـص - وأى شـئ كـأى شئ
فاعدل بساق ومل بسـاق - ودر مع الثور فى السواقى
وداعب البدر فى المحـاق - وانسب شاماً إلى عـراق
واحلف على الإفك بالطلاق - واستقبل الكل بالعنـــاق
بلا اختلاف ولا إتفـــاق - ما دمت فى جنة النفـــاق
والثمرة المرة لهذا النفاق هى هذه الانتكاسات التى يعانى منها هذا الشعب المهضوم الحق، المحروم من الصدق بسبب ولاة أمر لا تعنيهم إلا مصالحهم الشخصية، وشعارهم فى الحياة: "أنا وبعدى الطوفان".
ساءلت نفسى فى حسرة وأسى: ألم يطرق سمع أولئك الفراعنة دعاء النبى- صلى الله عليه وسلم- عليهم وعلى من على شاكلتهم: "اللهم مَنْ ولى من أمر أمتى شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولى من أمر أمتى شيئا فرفق بهم فارفق به" (رواه مسلم).
وليس هذا فقط، بل وينتظرهم العقاب الشديد والحرمان من الجنة والرضوان، كما بين ذلك أيضاً سيد الإنسانية، وإمام البشرية فى حديثه الذى رواه معقل بن يسار، ويقول فيه: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت ، وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة". (متفق عليه).
تبادر إلى ذهنى بيتان من الشعر قالهما شاعر عاش جانباً من عصر المماليك فى مصر منذ ما يربو على مائتى سنة، يقول فيهما:
نبكى على مصر وسكانها - وباتت بالذل مقهــورة
فقد خربت أركانها العامرة - بعد أن كانت هى القاهرة
قلت فى نفسى ترى ماذا كان يقول هذا الشاعر المكلوم لو أنه عاش عصرنا هذا الذى ارتفع فيه الأسافل، وساد فيه السفهاء، فضيعت الأمانات، وانتهكت الحرمات، وكثرت الحماقات؟! أعتقد أن ملكة الشعر عنده كانت ستموت، بل كان سيموت هو نفسه كمداً وغماً، لهول ما كان سيرى من زور وببهتان، وإهدار لكرامة الإنسان.
تنفست الصعداء، وأيقنت أننا بحق نعيش فى السنوات الخادعات التى أخبر عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم، والتى تنقلب فيها الموازين، وتسود الرذائل، وتنكمش الفضائل ، فقد صح عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "سيأتى على الناس سنوات خادعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، ويتكلم فيها الرويبضة؛ قيل من الرويبضة يا رسول الله؟ قال الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة".
إن مصرنا الحبيبة الآن كسفينة تتلاطمها الأمواج، وتتهددها الأخطار، وهى معرضة للغرق والبوار، فهى معطوبة فى كيانها، والأنواء شديدة من خارجها، فمن غلاء وبطالة، وقهر وكبت فى الداخل إلى تهديد خارجى، بل وتربص وترصد من أعدائها للانقضاض عليها، بينما ساستها الأشاوس وقادتها المغاوير لا يبالون، ولا يأبهون.
إن السفه نفسه ليعجب من أولئك السفهاء الذين ينفقون الملايين لنصرة التزوير، ورفع لواء البهتان، وإسكات صوت كل من يقول ربى الله ودينى، الإسلام، وشريعة السماء هى الكفيلة وحدها بإحقاق الحق، وإرساء قواعد العدل، فى الوقت الذى ينفق الأعداء أموالهم لتقوية أنفسهم، وللصد عن سبل الله، بل ويصر قادتهم على يهودية دولتهم المغصوبة وإرساء ملكهم على أسس من التوراة المحرفة، والعقيدة الباطلة.
يقول الإمام ابن القيم- رحمه الله: "إن الله لينصر الدولة الكافرة بعدلها على الدولة المسلمة بظلمها".
والواقع خير شاهد على صدق قول الإمام، فهل سمعنا مرة عن تزوير فى انتخابات الكنيست الإسرائيلى، أو مجلس النواب الأمريكى، أو مجلس العموم البريطانى؟!
من أجل ذلك: هم يرتفعون، ونحن نسقط، وهم يتقدمون، ونحن نتقهقر، وهم يقوون ونحن نضعف، وهم يسودون ونحن نستعبد0
إنه الظلم الذى حرمه الله على نفسه، وجعله بين عباده محرماً ... إنه الداء العياء، وسبب انتقام رب الأرض والسماء، فلا يغترن الظلمة بحلم الله وإمهاله، فإن وراء ذلك أخذاً إليماً، وبطشا شديداً، فعن أبى موسى رضى الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- (إن الله ليملى للظالم، فإذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد") (الحديث متفق عليه، والآية 10 من سورة هود).
ولنردد فى يقين مع شاعر الدعوة الإسلامية الدكتور/ جابر قميحة:
أيها الظالمون فى الأرض مهلاً - فاتقـوا الله إن للهـول يومـاً
يوم تبيض من تقاهـا وجـوه - لا تظنون السلطان يبقى لحـى
إن تر اليـوم منـه أمنـاً ووداً - فاتقـوا الله فـى العبـاد وإلا
إن فى الأرض والسما جبـاراً - فيه من ظلمكم ستصلون نـاراً
ووجوه تسـود خزياً وعـاراً - خلــق الدهـر ُقلبـاً دواراً
فستلقـاه فـى غـد غـداراً - سوف تغدون عبرة واعتباراً
فاصبر وا أنصار دعوة الحق، وتوقعوا فى قابل الأيام مزيداً من بطش الطغاة، وكيد البغاة، ولكن أيقنوا أن خيوط الفجر سوف تشق ليل الظلم والظلام بقدرة وعون العزيز العلام، وأن يد القدرة الإلهية ستأخذ الظالمين أخذاً لا هوادة فيما ولا رحمة.
"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون" (يوسف / 21).
تقييم:
0
0
بالبلطجة والعدوان، وبالزور والبهتان، كسب النظام الحاكم فى مصر جولة ضد شعبه ورعيته فى انتخابات مجلس الشعب لسنة 2010م، وبذلك سطر صفحة سوداء أخرى، تنضاف إلى سجله الحافل بالقهر والكبت والجبروت، دون خشية لرب الملك والملكوت، وكأنما بات الشعب قطيعاً يسوقه الراعى، إلى الوجهة التى يريد، ومن شذ أو خالف فالسياط تلهب ظهره، وترغم أنفه.
إنهم أحفاد الفراعنة الذين قال جدهم الأظلم من قبل لرعيته: "أنا ربكم الأعلى"- (النازعات/24)، وقال أيضاً: "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد"-(غافر 29).
لقد حبس العالم كله أنفاسه، وهو يتابع مهزلة الديمقراطية التى جرت أحداثها فى مصر المحروسة ذات الحضارة التى تربو على السبعة آلاف سنة، فما وجدها غير مأساة وملهاة، وإنها لحقاً مأساة وملهاة فى آن واحد.
أرأيتم كذاباً يلبس ثوب صديق، ومدنسا يرتدى مسوح قديس، وخائناً يتزيا بزى أمين؟!!، إنهم من قاموا على هذه المسرحية الهزلية...
إنه النفاق السياس برذائله وبوائقه، ذكرت أوصاف المنافقين التى حددها رسول الله- صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريف الذى رواه أبو هريرة، ويقول فيه: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" وفى رواية أخرى لعبد الله بن عمرو وبن العاص: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".
وقلت فى نفس كم هى منطبقة عليهم ومتحققة فيهم تلك الصفات، بل تلك الرذائل، وأدركت أن أولئك الأفاكين يعيشون فى الجنة المزعومة للنفاق التى عناها الشاعر بقوله:
ما دمـت فـى جنة النفـاق - ولا تقــارب ولا تبـاعـد
وضاحك الشمس فى الدياحى -ولا تحقـق ولا تدقـــق
وقل كلامـاً بغيـر معنـى - ولا تصـادق ولا تخاصـم
فأى شخص كأى شخـص - وأى شـئ كـأى شئ
فاعدل بساق ومل بسـاق - ودر مع الثور فى السواقى
وداعب البدر فى المحـاق - وانسب شاماً إلى عـراق
واحلف على الإفك بالطلاق - واستقبل الكل بالعنـــاق
بلا اختلاف ولا إتفـــاق - ما دمت فى جنة النفـــاق
والثمرة المرة لهذا النفاق هى هذه الانتكاسات التى يعانى منها هذا الشعب المهضوم الحق، المحروم من الصدق بسبب ولاة أمر لا تعنيهم إلا مصالحهم الشخصية، وشعارهم فى الحياة: "أنا وبعدى الطوفان".
ساءلت نفسى فى حسرة وأسى: ألم يطرق سمع أولئك الفراعنة دعاء النبى- صلى الله عليه وسلم- عليهم وعلى من على شاكلتهم: "اللهم مَنْ ولى من أمر أمتى شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولى من أمر أمتى شيئا فرفق بهم فارفق به" (رواه مسلم).
وليس هذا فقط، بل وينتظرهم العقاب الشديد والحرمان من الجنة والرضوان، كما بين ذلك أيضاً سيد الإنسانية، وإمام البشرية فى حديثه الذى رواه معقل بن يسار، ويقول فيه: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت ، وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة". (متفق عليه).
تبادر إلى ذهنى بيتان من الشعر قالهما شاعر عاش جانباً من عصر المماليك فى مصر منذ ما يربو على مائتى سنة، يقول فيهما:
نبكى على مصر وسكانها - وباتت بالذل مقهــورة
فقد خربت أركانها العامرة - بعد أن كانت هى القاهرة
قلت فى نفسى ترى ماذا كان يقول هذا الشاعر المكلوم لو أنه عاش عصرنا هذا الذى ارتفع فيه الأسافل، وساد فيه السفهاء، فضيعت الأمانات، وانتهكت الحرمات، وكثرت الحماقات؟! أعتقد أن ملكة الشعر عنده كانت ستموت، بل كان سيموت هو نفسه كمداً وغماً، لهول ما كان سيرى من زور وببهتان، وإهدار لكرامة الإنسان.
تنفست الصعداء، وأيقنت أننا بحق نعيش فى السنوات الخادعات التى أخبر عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم، والتى تنقلب فيها الموازين، وتسود الرذائل، وتنكمش الفضائل ، فقد صح عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "سيأتى على الناس سنوات خادعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، ويتكلم فيها الرويبضة؛ قيل من الرويبضة يا رسول الله؟ قال الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة".
إن مصرنا الحبيبة الآن كسفينة تتلاطمها الأمواج، وتتهددها الأخطار، وهى معرضة للغرق والبوار، فهى معطوبة فى كيانها، والأنواء شديدة من خارجها، فمن غلاء وبطالة، وقهر وكبت فى الداخل إلى تهديد خارجى، بل وتربص وترصد من أعدائها للانقضاض عليها، بينما ساستها الأشاوس وقادتها المغاوير لا يبالون، ولا يأبهون.
إن السفه نفسه ليعجب من أولئك السفهاء الذين ينفقون الملايين لنصرة التزوير، ورفع لواء البهتان، وإسكات صوت كل من يقول ربى الله ودينى، الإسلام، وشريعة السماء هى الكفيلة وحدها بإحقاق الحق، وإرساء قواعد العدل، فى الوقت الذى ينفق الأعداء أموالهم لتقوية أنفسهم، وللصد عن سبل الله، بل ويصر قادتهم على يهودية دولتهم المغصوبة وإرساء ملكهم على أسس من التوراة المحرفة، والعقيدة الباطلة.
يقول الإمام ابن القيم- رحمه الله: "إن الله لينصر الدولة الكافرة بعدلها على الدولة المسلمة بظلمها".
والواقع خير شاهد على صدق قول الإمام، فهل سمعنا مرة عن تزوير فى انتخابات الكنيست الإسرائيلى، أو مجلس النواب الأمريكى، أو مجلس العموم البريطانى؟!
من أجل ذلك: هم يرتفعون، ونحن نسقط، وهم يتقدمون، ونحن نتقهقر، وهم يقوون ونحن نضعف، وهم يسودون ونحن نستعبد0
إنه الظلم الذى حرمه الله على نفسه، وجعله بين عباده محرماً ... إنه الداء العياء، وسبب انتقام رب الأرض والسماء، فلا يغترن الظلمة بحلم الله وإمهاله، فإن وراء ذلك أخذاً إليماً، وبطشا شديداً، فعن أبى موسى رضى الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- (إن الله ليملى للظالم، فإذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد") (الحديث متفق عليه، والآية 10 من سورة هود).
ولنردد فى يقين مع شاعر الدعوة الإسلامية الدكتور/ جابر قميحة:
أيها الظالمون فى الأرض مهلاً - فاتقـوا الله إن للهـول يومـاً
يوم تبيض من تقاهـا وجـوه - لا تظنون السلطان يبقى لحـى
إن تر اليـوم منـه أمنـاً ووداً - فاتقـوا الله فـى العبـاد وإلا
إن فى الأرض والسما جبـاراً - فيه من ظلمكم ستصلون نـاراً
ووجوه تسـود خزياً وعـاراً - خلــق الدهـر ُقلبـاً دواراً
فستلقـاه فـى غـد غـداراً - سوف تغدون عبرة واعتباراً
فاصبر وا أنصار دعوة الحق، وتوقعوا فى قابل الأيام مزيداً من بطش الطغاة، وكيد البغاة، ولكن أيقنوا أن خيوط الفجر سوف تشق ليل الظلم والظلام بقدرة وعون العزيز العلام، وأن يد القدرة الإلهية ستأخذ الظالمين أخذاً لا هوادة فيما ولا رحمة.
"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون" (يوسف / 21).
تقييم:
0
0