الديكتاتور المثير للضحك
يرى مرسى مصر باعتبارها مؤخرة كبيرة، يخشى عليها من الأصابع الداخلية والخارجية التى تريد العبث بها، يهدد أنه سيقطع أى إصبع يحاول أن يدخل فيها أو حتى يتحرش بها، للأسف هذه هى مصر فى نظر الرئيس مرسى وجماعته، وفى النهاية يغضب من باسم يوسف ويضع خططاً ويعقد جلسات للتخلص منه ومن برنامجه.. ويصل الأمر به للتفكير فى إغلاق قناة cbc نهائياً، لتكون عبرة لباقى الفضائيات، مثلما يفكر فى إغلاق الفجر لتكون عبرة لباقى الصحف،
هذه هى طريقة تفكير رئيس جاء بعد ثورة قام بها الشعب لخلع ديكتاتور مكث على كرسيه لأكثر من ثلاثين عاماً، وفى النهاية سقط هذا الديكتاتور تحت أقدام شعبه بكل جبروته ونفوذه وعسكره ورجاله وحاشيته.
لكن مرسى وجماعته لم يتعلموا الدرس، يرددون فى جلساتهم أن هذا الشعب لا يستحق سوى ديكتاتور، حتى إن جماعته نصحوه بتغيير لغة خطابه، واستعمال الشدة والتهديد والوعيد، ليشعر الشعب أن حاكمهم الجديد قوى وفظ يستطيع أن يبطش بهم إذا ما نفد صبره!
هذه هى الطريقة التى يفكر بها رجال الجماعة، للحفاظ على هيبة مرسييهم وكرسيه!
وهو ما جعل الرجل يرتجل فى خطابه، ليظهر فجأة كأنه حاصل على دبلوم صنايع قسم لسان عصفور، فالرئيس الذى يحمل أعلى الدرجات العلمية وهى درجة الدكتوراه، وحافظ لكتاب الله، وخطيب، يحدث شعبه بطريقة الصنايعية ويشير بإصبعه مقاس الـ44، ليهدد الناس ويتوعدهم!
وبطريقة لا تصلح لتكون لغة رؤساء وأشبه بلغة المصاطب، يلمح المرسى فى خطابه إلى أن الإعلام المأجور، ويقف خلفه رجل أعمال لديه مشكلة مع الضرائب، فى تلميح واضح لقضية نجيب ساويرس، ويواصل سقوطه بالتلميح إلى أحمد بهجت صاحب قنوات دريم قائلاً: وصاحب فضائية أخرى يعانى من مشاكل بسبب أراضى حصل عليها بدون وجه حق، يطلب من مذيعى قنواته الهجوم على الرئاسة ليحصن نفسه.
هذا هو ما يراه مرسى فقط فيمن ينتقدونه، كلهم أصحاب مصالح لذا انتقدوه، لا أحد ينتقده لصالح الوطن، فهو يرى نفسه منزهاً عن النقد، يردد بملء فمه أنه ليس ضد النقد البناء، هذه الجملة المطاطية التى يرددها دائماً من يضيقون بنقدهم، دون أن يمنحونا تعريفاَ دقيقاً لمفهوم النقد البناء، أو حتى يشيروا لنا على نموذج لنقتدى به.
مرسى وجماعته وكل تيارات الإسلام السياسى، لا يريدون نقدا من الأساس، فهم يريدون من الأعلام أن يحنى رأسه ويغض بصره عن أفعالهم، ومن يخالف هذه الأوامر، يطلقون عليه كلابهم المسعورة ليحاصروهم ويتوعدوهم بالذبح أمام أعين الجميع،
ولو أننا فى دولة قانون مثل التى يتغنى بها مرسى فى خطبه، لتم تحويله فوراً للنيابة هو ومحمد بديع مرشد الإخوان وأكثر من قيادى آخر بالجماعة، بعد الحصار الذى شهدته مدينة الإنتاج الإعلامى، وبعد التهديدات العلنية بذبح أى إعلامى يحاول الاقتراب من تصرفات الرئيس وجماعته، نتيجة إتهام مرسى وجماعته الدائم للإعلام بالفساد وتصفية الحسابات، وهو ما يعتبر بنص القانون تحريضا على ما حصار لمدينة الإنتاج الإعلامى، وتهديداً للإعلاميين بالذبح والسحل.
ولكن النائب العام نائب مرسى لا يرى فيما حدث ما يستحق التحقيق أو توجيه الاتهام لمرسى وجماعته لأنهم أكبر من القانون.
مرسى يريد أن يصبح ديكتاتورا له مريدون، يدافعون عن فاشيته، ويهددون من ينتقدها، ولكنه نسى أن قراره بأن يصبح ديكتاتور ليس باختياره فقط، فالشعب هو من يختار ديكتاتوره، ويصنعه بالمواصفات التى يحلم بها، غير أن مرسى استيقظ من النوم فجأة ليقرر أن يتحول لديكتاتور، بعد أن فشل فى أداء دور الرئيس المؤمن الزاهد فى الحكم، الذى يخاف الله فى شعبه، وللأسف تحول لديكتاتور كوميدى، أشبه بمن يقدم فقرة هزلية بخطبه ولغته المهلهلة التى تمتلئ بالأصابع والفجوات، ليتفوق بخطبه على ما كان يقدمه القذافى من وصلات كوميدية لشعوب العالم، ولو أن مؤسسة الرئاسة فكرت لدقيقة واحدة، للتخلص من باسم يوسف الذى يستغل خطب مرسى للسخرية منه، لاتخذوا قراراً بمنع مرسى من إلقاء الخطابات لثلاثة أشهر، وبعدها لن يجد باسم ما يسخر منه وسيقوم من تلقاء نفسه بإنهاء برنامجه والانسحاب فى هدوء، ووقتها لن يكونوا فى حاجة لتدبير مؤامرات وعقد صفقات للتخلص من باسم وبرنامجه.
ولكن نتيجة لقصر تفكيرهم، نرى كل يومين وصلة كوميدية للرئيس مرسى، كأنه يتقاضى أجراً من باسم يوسف ليمنحه هذه العبارات التى تحمل إيحاءات جنسية فى خطبه، ليستغلها باسم ويحقق مزيداً من النجاح بتناولها بطريقته الساخرة.
مصر من الممكن أن تكون الآن فى حاجة إلى ديكتاتور عادل بمواصفات الرئيس جمال عبدالناصر، ولكنها فى أى حال من الأحوال لن تقبل بديكتاتور تثير خطبه ضحكاتهم وسخريتهم، لأنه من وجهة نظرها سيكون ديكتاتورا مثيراً للضحك!