موقف العرب من مذبحة الأرمن
موقف العرب من مذبحة الأرمن
بقلم الدكتور محمد رفعت الإمام
آريف أبريل 1998
..............
كان موقف العرب مشرفا أيام المذبحة الكبرى في عام 1915 تجاه إخوانهم الأرمن ، أبناء الشعب المنكوب ، وكذلك في السنوات التالية عندما بدأ الأرمن بتجميع الأيتام ، لم يكن باستطاعتهم أن ينجحوا في مهمتهم لولا مساعدة ملك الحجاز الشريف حسين بن علي وابنه الأمير فيصل . فقد أصدر الشريف حسين أوامره إلي الحكام العرب بتسليم الأولاد والنساء الأرمنيات إلي الجهات المخصصة لذلك ، ومد يد العون والمساعدة إليهم . هنا نسوق هذه الوثيقة ذات الدلالات التاريخية الهامة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحمده
" من الحسين بن علي ملك البلاد العربية وشريف مكة وأميرها إلي الأمراء الأجلاء الأمجاد الأمير فيصل والأمير عبد العزيز الجربا ، السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد صدرت الأحرف من أم القرى بتاريخ 18 رجب 1336 نحمد الله الذي لا إله إلا هو إليكم ثم نصلي ونسلم علي نبيه وآله وصحبه وسلم . نخبركم بأنه والثناء له تبارك وتعالي بصحة وعافية ونعمة من فضله ضافية وافية أسبل الله علينا وإياكم سوابغ نعمه. وإن المرغوب بتحريره المحافظة علي كل من تخلف بأطرافكم وجهاتكم وبين عشائركم من الطائفة اليعقوبية الأرمنية تساعدوهم علي كل أمورهم وتحافظون عليهم كما تحافظون علي أنفسكم وأموالكم وأبنائكم وتسهلون كل مايحتاجون إليه في ظعنهم إقامتهم فإنهم أهل ذمة المسلمين والذي قال فيهم صلوات الله عليه وسلامه من أخذ عليهم عقال بعير كنت خصمه يوم القيامه وهذا من أهم مانكلفكم به وننتظره من شيمكم وهممكم والله من يتولانا وإياكم بتوفيقه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته "
وفعلا نفذ الابن أوامر والده فقامت القوات العربية بقيادة فيصل التي تعمل مع القوات البريطانية في فلسطين بإنقاذ جماعة من الرجال والنساء والأطفال الأرمن الذين أبعدهم الأتراك إلي الصحاري الواقعة شرقي الأردن. وإزاء هذا ترامت البرقيات الشاكرة فيصل علي موقفه النبيل . وهنا نورد برقية بوغوص نوبار باشا زعيم أرمن المهجر آنذاك لما فيها من دلالات علي عمق أواصر العلاقات العربية الأرمنية .
" إلي فرع دوحة المجد الأمير فيصل نبئنا الساعة بخبر مواطنينا المنكودي الحظ الذين أنقذهم جنودكم البواسل في سورية الجنوبية . بارك الله بهمتكم وكل أعلامكم بالنصر , فمكارم المسلمين الأمجاد يحاربون تحت رايتكم تزيد في بهاء مجد الجيش العربي الخالد في التاريخ. وليس في الدنيا أرمني اليوم إلا وهو حليف العرب في مساعيهم وجهادهم وسيعلم الناس طرا ما جبلتم عليه من الرحمة وما في جهادكم من العدل ، ويسمعون ذلك في كل مكان للأرمن فيه صوت يسمع " .
وقد رد الشريف حسين علي بوغوص نوبار باشا في وثيقة هامة نذكرها كاملة : " إن تلغرافكم الرقيق إلي فيصل دليل علي حي سجيتكم ومحبتكم والله المسئول أن نكون جديرين بحسن ظنكم. وما فعل فيصل في إغاثة المظلوم والملهوف سوي واجب من الواجبات التي يفرضها علينا ديننا وعقيدة العرب. أقول بملء الثقة والفخر أننا نعد الأرمن وسائر الشعوب المظلومة شركاء لنا في السراء والضراء. ونسأل الله قبل كل شيء أن يمنحنا القوة لخدمتهم ومساعدتهم فنثبت للعالم طرا شعور الإسلام الحقيقي الذي شعاره الحرية. تولاكم الله برعايته وحقق آمالكم وأمانيكم بمنه وكرمه" .