معركة الكرامة ملحمة الصمود
معركة الكرامة: ملحمة الصمود...وثائق حية في ذاكرة الأردنيين
الكرك 24 آذار(بترا)- من خلدون حباشنة- يلقي بنظرة فاحصة إلى أفق البحر الميت وهو يتنقل بخياله في سجل الذكريات دون أن يلقي بالا لقطرات العرق التي يرسلها جبينه إلى الأرض التي تعطرت بالعرق والدم ويروي بثقة قصة عشق بين الشمس وأبناء الأغوار.
يفاخر خالد عطية العشوش مؤرخ الأغوار بأن غور الأردن "اخفض بقعة في العالم" رفع الروح المعنوية العربية إلى أعلى مستوى وبث الجيش العربي الأردني منها لأمته نشيد النصر، ويسميه غور الكرامة وروح قائد الكرامة، وأرواح شهدائها تتفقد ساحات البطولة في الكرامة واللطرون وباب الواد والقدس والجولان.
يستعذب صاحب كتاب "الأغوار عبق الماضي واشراقة المستقبل" كما يقول، سيرة الملح عبر تحليل عميق يعتمد الربط التاريخي للأحداث منذ معركة بحيرة الملح قبل خمسة آلاف عام التي استف فيها العدو مرارة ملح الأرض الأردنية وحتى معركة الكرامة التي جاءت بذات المعنى والقسوة على عدو متغطرس.
ويبين "لم يكن حشد العدو لخيرة قواته ذات الخبرة القتالية العالية إلا وعيا لطبيعة من سيواجه رغم انه أخفى وعيه تحت وهم الغرور.. اللواء المدرع 7 واللواء المدرع 60 ولواء المظليين 35 ولواء المشاة 80 و5 كتائب مدفعية إضافة إلى قوات التماس وسلاح جوي بالغ السيطرة وقوة هجوم كبيرة أخرى استخدمها للهجوم على غور الصافي من خلال كتيبة دبابات وكتيبة مشاة آلية وسريتي مظليين وكتيبة مدفعية عدا عن مواقع العبور الثلاثة في جسر داميا وجسر الملك حسين وجسر الأمير عبدالله حيث أسفر فجر 21 آذار عن حرب حقيقية تصدى لها الجيش الأردني بجدارة على مقتربات القتال الثلاثة.
ويتابع العشوش "في الصافي ألقى العدو بمنشورات ضمن حملة إعلامية نفسية تدعو إلى الاستسلام وعدم المقاومة اعتقادا منه بأن حسم الأمور على المحاور الأخرى مسألة وقت، لكن إرادة التضحية الأردنية جعلت من الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية سطرها أبطال الجيش".
رئيس جمعية المتقاعدين العسكريين مفلح العشيبات قال لـ (بترا) "اعتبر الهجوم على غور الصافي بالمقاييس العسكرية هجوما تضليليا ولكن القوة الإسرائيلية الكبيرة كانت تسعى لهدف استراتيجي يتمثل باحتلال الجبال الشرقية لمحافظة الكرك، والقوة الأردنية المتواجدة كانت عبارة عن سرية مشاة وجيب ولز واحدة عليها مدفع 106بثلاث قذائف فقط متمركزة في منطقة النميرة استطاعت تعطيل تقدم القوات الغازية بعد إعطاب ثلاث آليات للعدو بالقذائف الثلاث".
وأضاف "لعبت المقاومة الشعبية دورا كبيرا واستشهد 10 مقاومين كانوا يواجهون الدبابات ببنادق الميم ون حتى نفاد ذخيرتهم، لم يذكرهم التاريخ العسكري ومنهم موسى حمدان وموسى حمادة وعبدالرحيم عبدالرحمن وعفاش عبدالعزيز وعنبر عفاش وعلي هيشان وجميل خضر".
الثمانيني الرقيب المتقاعد يعقوب حمود من مرتب مخفر غور الصافي الحدودي قال "كان معي شحادة زعل يتمترس خلف رشاش ميم ستين وأنا على اللاسلكي أخابر شرطة الكرك وقدمت كامل المعلومات ونوع الأسلحة التي بحوزة القوات الإسرائيلية، حينها تمركزت القوات الغازية خلف مسجد القرية واعتقلت أنا وزميلي ونقلت إلى أريحا ومكثت في الاعتقال 75 يوما وكان فرحنا عظيما لم نخفه ونحن في الاعتقال عندما علمنا أن بواسل الجيش الأردني حققوا النصر التاريخي على العدو".
من بندقيته ال ميم ون حتى حددت الدبابات موقعه وتقدمت باتجاهه وداسته وهو يطلق النار دون أن يلتفت خلفه أو يحاول الفرار، واستشهد رحمه الله".
ويضيف حمود "ومن المقاومين الشعبيين فلاح الياسين من مشايخ الغور المعروفين اسر وأوسعوه ضربا بأعقاب البنادق وهو الذي أشار على المقاومين من المواطنين بالانتشار برشاشاتهم في مزارع الفاصوليا وإطلاق النار على الطائرات العمودية كونها ترتفع لمترين وتخفي من فيها"، وأضاف استمر تواجد العدو من ساعات الصباح حتى المساء ولما بلغتهم أخبار الهزيمة في الكرامة انسحبوا من المنطقة.
ولفت حمود إلى أن النصب التذكاري للشهداء في المريصد مقابل البوتاس لا يزال دون رايات أردنية ومغلقا في وجوه زواره داعيا إلى توثيق أسماء الشهداء والمقاومين من المواطنين والقوات المسلحة الباسلة وفاء وتقديرا .
الوكيل جمعة عودة المعاقلة من المشاركين في الكرامة قال "بعد حرب عام 1967استمرت حرب الكر والفر على محور غور الصافي وهو ما سمي بالاستنزاف"، مشيرا الى انني "كنت احد أفراد مجموعة الصاعقة الأردنية أرسلت لاستطلاع مواقع العدو من الجهة الغربية من غور الصافي لأن وادي الحسا يقسم المنطقة إلى قسمين شرقي تحت السيطرة الأردنية والغربي تحت السيطرة الإسرائيلية، وارتديت ثياب نساء وأخذت أسوق معي بقرة لإيهام العدو بأني أريد سقايتها الماء من عيون الماء المنتشرة في المنطقة واستطعت الوصول إلى اقرب نقطة للعدو، ووجدت طائرة عمودية جاثمة في المكان وآليات مجنزرة وغفيرا يتواجد على سطح بناء من طابقين، وعندما أحس الغفير بوجودي تركت البقرة وأطلقت ساقي للريح وركضت بسرعة كبيرة وسرعان ما تبعتني المروحية وهي تكثف من رماياتها باتجاهي ولكني وصلت وقدمت تقييما سريعا بما شاهدت".
ولفت إلى أن القوات المسلحة الأردنية منحته وساما وكرمته على شجاعته، داعيا النشامى من أبناء الأردن إلى حماية الانجازات الوطنية التي ذاد عنها الشهداء وان لا يسمحوا لأحد بالعبث بها التي ما كانت لتتحقق لولا تضحيات الأردنيين شعبا وقيادة.
وعن أهم ما علق بذاكرته من أحداث قال "شاهدت بأم عيني الشهيد عبدالرحيم عبدالرحمن الدغوم يتمركز في خندق مياه ويطلق النار على الدبابات
-- (بترا) خ ح /اح/ ف ج 24/3/2013 - 02:37 م
الكرك 24 آذار(بترا)- من خلدون حباشنة- يلقي بنظرة فاحصة إلى أفق البحر الميت وهو يتنقل بخياله في سجل الذكريات دون أن يلقي بالا لقطرات العرق التي يرسلها جبينه إلى الأرض التي تعطرت بالعرق والدم ويروي بثقة قصة عشق بين الشمس وأبناء الأغوار.
يفاخر خالد عطية العشوش مؤرخ الأغوار بأن غور الأردن "اخفض بقعة في العالم" رفع الروح المعنوية العربية إلى أعلى مستوى وبث الجيش العربي الأردني منها لأمته نشيد النصر، ويسميه غور الكرامة وروح قائد الكرامة، وأرواح شهدائها تتفقد ساحات البطولة في الكرامة واللطرون وباب الواد والقدس والجولان.
يستعذب صاحب كتاب "الأغوار عبق الماضي واشراقة المستقبل" كما يقول، سيرة الملح عبر تحليل عميق يعتمد الربط التاريخي للأحداث منذ معركة بحيرة الملح قبل خمسة آلاف عام التي استف فيها العدو مرارة ملح الأرض الأردنية وحتى معركة الكرامة التي جاءت بذات المعنى والقسوة على عدو متغطرس.
ويبين "لم يكن حشد العدو لخيرة قواته ذات الخبرة القتالية العالية إلا وعيا لطبيعة من سيواجه رغم انه أخفى وعيه تحت وهم الغرور.. اللواء المدرع 7 واللواء المدرع 60 ولواء المظليين 35 ولواء المشاة 80 و5 كتائب مدفعية إضافة إلى قوات التماس وسلاح جوي بالغ السيطرة وقوة هجوم كبيرة أخرى استخدمها للهجوم على غور الصافي من خلال كتيبة دبابات وكتيبة مشاة آلية وسريتي مظليين وكتيبة مدفعية عدا عن مواقع العبور الثلاثة في جسر داميا وجسر الملك حسين وجسر الأمير عبدالله حيث أسفر فجر 21 آذار عن حرب حقيقية تصدى لها الجيش الأردني بجدارة على مقتربات القتال الثلاثة.
ويتابع العشوش "في الصافي ألقى العدو بمنشورات ضمن حملة إعلامية نفسية تدعو إلى الاستسلام وعدم المقاومة اعتقادا منه بأن حسم الأمور على المحاور الأخرى مسألة وقت، لكن إرادة التضحية الأردنية جعلت من الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية سطرها أبطال الجيش".
رئيس جمعية المتقاعدين العسكريين مفلح العشيبات قال لـ (بترا) "اعتبر الهجوم على غور الصافي بالمقاييس العسكرية هجوما تضليليا ولكن القوة الإسرائيلية الكبيرة كانت تسعى لهدف استراتيجي يتمثل باحتلال الجبال الشرقية لمحافظة الكرك، والقوة الأردنية المتواجدة كانت عبارة عن سرية مشاة وجيب ولز واحدة عليها مدفع 106بثلاث قذائف فقط متمركزة في منطقة النميرة استطاعت تعطيل تقدم القوات الغازية بعد إعطاب ثلاث آليات للعدو بالقذائف الثلاث".
وأضاف "لعبت المقاومة الشعبية دورا كبيرا واستشهد 10 مقاومين كانوا يواجهون الدبابات ببنادق الميم ون حتى نفاد ذخيرتهم، لم يذكرهم التاريخ العسكري ومنهم موسى حمدان وموسى حمادة وعبدالرحيم عبدالرحمن وعفاش عبدالعزيز وعنبر عفاش وعلي هيشان وجميل خضر".
الثمانيني الرقيب المتقاعد يعقوب حمود من مرتب مخفر غور الصافي الحدودي قال "كان معي شحادة زعل يتمترس خلف رشاش ميم ستين وأنا على اللاسلكي أخابر شرطة الكرك وقدمت كامل المعلومات ونوع الأسلحة التي بحوزة القوات الإسرائيلية، حينها تمركزت القوات الغازية خلف مسجد القرية واعتقلت أنا وزميلي ونقلت إلى أريحا ومكثت في الاعتقال 75 يوما وكان فرحنا عظيما لم نخفه ونحن في الاعتقال عندما علمنا أن بواسل الجيش الأردني حققوا النصر التاريخي على العدو".
من بندقيته ال ميم ون حتى حددت الدبابات موقعه وتقدمت باتجاهه وداسته وهو يطلق النار دون أن يلتفت خلفه أو يحاول الفرار، واستشهد رحمه الله".
ويضيف حمود "ومن المقاومين الشعبيين فلاح الياسين من مشايخ الغور المعروفين اسر وأوسعوه ضربا بأعقاب البنادق وهو الذي أشار على المقاومين من المواطنين بالانتشار برشاشاتهم في مزارع الفاصوليا وإطلاق النار على الطائرات العمودية كونها ترتفع لمترين وتخفي من فيها"، وأضاف استمر تواجد العدو من ساعات الصباح حتى المساء ولما بلغتهم أخبار الهزيمة في الكرامة انسحبوا من المنطقة.
ولفت حمود إلى أن النصب التذكاري للشهداء في المريصد مقابل البوتاس لا يزال دون رايات أردنية ومغلقا في وجوه زواره داعيا إلى توثيق أسماء الشهداء والمقاومين من المواطنين والقوات المسلحة الباسلة وفاء وتقديرا .
الوكيل جمعة عودة المعاقلة من المشاركين في الكرامة قال "بعد حرب عام 1967استمرت حرب الكر والفر على محور غور الصافي وهو ما سمي بالاستنزاف"، مشيرا الى انني "كنت احد أفراد مجموعة الصاعقة الأردنية أرسلت لاستطلاع مواقع العدو من الجهة الغربية من غور الصافي لأن وادي الحسا يقسم المنطقة إلى قسمين شرقي تحت السيطرة الأردنية والغربي تحت السيطرة الإسرائيلية، وارتديت ثياب نساء وأخذت أسوق معي بقرة لإيهام العدو بأني أريد سقايتها الماء من عيون الماء المنتشرة في المنطقة واستطعت الوصول إلى اقرب نقطة للعدو، ووجدت طائرة عمودية جاثمة في المكان وآليات مجنزرة وغفيرا يتواجد على سطح بناء من طابقين، وعندما أحس الغفير بوجودي تركت البقرة وأطلقت ساقي للريح وركضت بسرعة كبيرة وسرعان ما تبعتني المروحية وهي تكثف من رماياتها باتجاهي ولكني وصلت وقدمت تقييما سريعا بما شاهدت".
ولفت إلى أن القوات المسلحة الأردنية منحته وساما وكرمته على شجاعته، داعيا النشامى من أبناء الأردن إلى حماية الانجازات الوطنية التي ذاد عنها الشهداء وان لا يسمحوا لأحد بالعبث بها التي ما كانت لتتحقق لولا تضحيات الأردنيين شعبا وقيادة.
وعن أهم ما علق بذاكرته من أحداث قال "شاهدت بأم عيني الشهيد عبدالرحيم عبدالرحمن الدغوم يتمركز في خندق مياه ويطلق النار على الدبابات
-- (بترا) خ ح /اح/ ف ج 24/3/2013 - 02:37 م