شذرات تاريخية أوجفتية
يسرني أن اشرف على إنتاج مقال هادف إلى فهم الحقول التي كان أمس أوجفت يدور حولها .حيث سنتطرق في هذا المقال إلى الحالة الاجتماعية و الاقتصادية و الدينية للسكان.وذلك بإعتبار مدينة ـ أوجفت نموذجا متميزا و فريدا تصلح مكانته التاريخية لاعتبارها مكان مناسب لهذه الدراسة.
كيف تأسست مدينة أوجفت؟و لمن الدور السامي في ذلك؟وماذا عن البعد الديني ؟وكيف تم التوفيق بين البلورات الاجتماعية في المقاطعة؟ و تلك الاقتصادية في ظل الإنسجام التام وروح التضامن بين الأهالي.
على بعد أمتار زمنية من تأسيس شنقيط قامت مدينة أوجفت,و قد كانت في السابق تعبر عن تجمعات لبعض الأهالي التي تمارس نشاطاتها الاقتصادية المحصورة حول الزراعة و الرعي هناك.و كان الدور السامي من التأسيس لرجال من أبرزهم محمد فاضل إبن شمس الدين,حيث تمثل الهدف الأساسي بعد طور التأسيس في تحقيق الحماية البشرية للسكان و المحافظة على نمو نشاطاتهم الاقتصادية محاربين بذلك عدوهم البارز وهو الجفاف.و كانت من أوائل الخطوات التي اتخذت من قبل المؤسسين هي تكوين لقاءات و اجتماعات مثلت المساجد فيها الدور السامي من أجل التمسك بالألفة والتماسك بين الأهالي و التي يرغب الإسلام فيها بشكل مفروض.
و كان الإمام في ذلك العصر يملك مكانة مكرمة حيث لكل تجمع تفصله الأبعاد المكانية إمام يهتم بالشؤون الدينية و السياسية و حتى الاجتماعية لتلك المجموعة.أما مكانة الشيخ فتزيد اهتماماته على اهتمامات الإمام بإضافة الشؤون الاقتصادية المشتركة و التي غالبا ما تشكل 50% من شخصية الشيخ و مكانته الاجتماعية في القبيلة.و ذلك لأن الشؤون الاقتصادية تشكل الجانب الحساس لفكرة الوحدة والترابط
كانت أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته سجية أبناء أوجفت ، يلتزمون بتعاليم الدين و يحاكون أخلاق الحبيب في تعاملاته وكل جوانب سيرته العطرة
أما عن المجالات العلمية فكانت العلوم المحظرية تجسد ملهم هذا المجال حيث تملك العلوم الدينية وعلوم اللغة و التاريخ جوهر المعرفة بالنسبة لهم.
وقد برزت أعلام لامعة في ذالك العصر يعود الفضل لها في الإزدهارات التي شهدتها المحظرة والتي ساهمت بالشكل المطلوب في تجسيد فكرة الوحدة والتآخي وجعلها بصمة على الأمر الواقع .وسعت إلا طي كل الصفحات السوداء التي واجهتها الفكرة ولم تكن تسعى من ناحية واضحة إلى جعل المجتمع يكتسب ثقافة جديدة تودي بالقضاء على عاداته وتقاليده وإنما حاربت ذلك بشتى الطرق فبيد دخول المستعمر ومعه هذه الشحنة الثقافية الجديدة كانت المحظرة الأوجفتية على غرار غيرها من المحاظر الوطنية لهذه الحمولة بالمرصاد لحد صدور فتوى من بعض شيوخ المحاظر بحرمة التدنس بهذه الثقافة .
ومع الأهمية الكبيرة التي يكنها سكان أوجفت لهذه الأسماء اللامعة لم تدخل التاريخ من زاوية شهيرة بل إن البعد التاريخي تجاهلها بقدر ما عرف غيرها من الجيران .
إلا أنه على العموم لا يستطيع المؤرخ إغلاق نافذة الزمن والتاريخ أمام مظهر أوجفت القديم فالشواهد لا يزال بعضها حيا ولا يحتاج إلا إلى لفتة من مهتم ، ينفض عنه غبار التقادم ويدمجه في كتب تاريخ العصور ألامعة من تاريخ الأمة الشنقيطية المشترك
ثم إذا عرج إلى مخطوطات أوجفتية قديمة لن يقول أن لفوتوشوب يفبرك بل يولد إذا ما اعتبرها دليلا على القدم. فطيلة تلك العقود و القرون التي عاشها الأوجفتيون لم يكونون يبالون بالافتخار بقدم أرضهم لأنهم يعلمون أن الطبيعة لها دليل مثبت للشرعية التاريخية .
وقد كانوا محقين إلا أنه كان هناك
من لا يصغي للطبيعة ولا يعرف كيف يتعامل مع أدلتها . وتلك الأسماء اللامعة التي احترمها الأوجفتيون ،أمسها يفيد يومها .
اليوم أصبح لأوجفت جيل جديد ، سافر إلى المدن .... درس في الجامعات....حمل الشهادات....، ليدافع عن مكانتها التاريخية ويساهم في نهضتها لتشكل وحدة فريدة من وحدات المجتمع الموريتاني ولتكون مرآة عاكسة للتاريخ من المرايا المجسدة لأمس الوطن.
فمشكور سعي هؤلاء الشباب وأولئك الشيوخ وشكرا لتلك الأسماء اللامعة، ولتلك الطبيعة الدالة ، وشكرا لصاحب الفضل خالق الطبيعة والأسماء اللامعة .
وفي الختام أتمنى أن أكون قد جعلتك أخي القارئ في تلك الصورة التي تعبر بوضوح عن أمس نموذج المدن التاريخية أوجفت في ولاية آدرار
بقلم محمد ولد اسلم ولد أباه