عبد الحميد الجمال
عبد الحميد الجمال
الدكتور محمد رفعت الإمام
مقال منشور بآريك عدد مايو 2011
عبد الحميد الجمال ( 1934-2008 ) المترجم المصري الذي فاقت أعماله الخمسين عملا نقلها عن اللغة الإنجليزية، جاءت متنوعة في مجالات عدة مابين الرواية الأدبية والرواية التاريخية ، وكتب متخصصة في التاريخ سواء المصري أو العالمي ، وكذلك العديد من الكتب الدينية والثقافية بشكل عام. بدأ الجمال مشواره في مجال الترجمة منذ عام 1976 وتميزت اختياراته للأعمال التي قدمها للمكتبة العربية بأنها من ضمن الأعمال الأدبية التي نالت رواجا وشهرة واسعة ، ومعظمها من تأليف كتاب معروفين ، بل إن الكثير منها حصل علي جوائز عالمية مرموقة مثل نوبل وبوليتزر في الآداب ، فضلا عن قيامه بترجمة العديد من الأعمال التي تسرد الظواهر التاريخية المصرية من وجهة نظر بعض المستشرقين أو الكتاب الغربيين .
اشتهر الجمال بأسلوبه السردي البسيط والممتع في ذلك الوقت ، وكذلك استخدامه لغة سهلة وبسيطة تقدم الأعمال الأدبية بأسلوب سلس إلي القارئ العربي، وهو ما أجمع عليه جميع النقاد الذين تصدوا لترجماته بالقراءة والنقد والتحليل طوال مشوار عطائه الذي امتد لأكثر من ثلاثين عاما، وذلك في محاولة لمد جسر من التواصل بين الثقافتين العربية والعالمية قائمة علي إحداث نوع من التواصل الفكري مع الآخر . الغريب أن المترجم الراحل تنبأ بأنه يوما ما سوف تشهد المنطقة العربية حالة من الغضب الشعبي ضد الأنظمة الديكتاتورية ومحاولات التحرر منها ، فوقع اختياره علي آخر كتاب قام بترجمته وهو ( ثورات أمريكا الأسبانية ) الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، الذي يعرض لتاريخ كفاح شعوب أمريكا ( الأسبانية ) اللاتينية والثورات التي قاموا بها مع سرد تضحيات أبطال هذه الثورات ، كما تعرض الكتاب لجدوى حركات التحرر في العالم الثالث في ظل هيمنة الديكتاتورية وغياب الديمقراطية الحقيقة .
وجدير بالتسجيل أن ترجمات الجمال قد صدرت في أكبر دور النشر بمصر من قبيل (( دار الهلال)) و(( الهيئة المصرية للكتاب ))و(( المشروع القومي للترجمة ))التابع للمجلس الأعلى للثقافة علاوة علي كبريات دور النشر الخاصة . ومن أبرز أعماله : ترجمة رواية (( دروس من التنفس ))، وهي رواية حائزة علي جائزة بوليتزر للأديبة الأمريكية " آن تيلر" ، ورواية (( عام وفاة ريكاروريس)) للكاتب البرتغالي " خوسيه ساراماجو" الحائز علي جائزة نوبل في الآداب عام 1998 ، رواية ((النسر)) للأمريكية " مادلين لينجيل" الحائزة علي جائزة بوليتزر ، دراسات في التاريخ الاجتماعي لمصر الحديثة لجابريل بيير، رواية (( الصعود إلي السطح)) للأديبة الكندية مرجريت أتوود رئيسة اتحاد الكتاب في كندا والتي حصلت علي جائزة بوكر الأدبية...إلخ.
ومن واقع هذه التجربة الطويلة في عالم الآداب والترجمة أكد الجمال علي أنه ينبغي أن يكون المترجم متمكنا من اللغة العربية فهذا هو الأساس، بمعني أن المترجم ينبغي أن يكون متفردا في اللغة العربية بدرجة اكبر بكثير تمكنه من اللغة التي ينقل منها إلي العربية والتي يجب أن يتقنها تماما في ذات الوقت للوصول إلي المعني الدقيق، فالترجمة هي إعادة خلق بمعني أنها في نفس الوقت درجة إبداع الشعر والتأليف بوجه عام .
ولد المترجم الراحل عبد الحميد الجمال بقرية " الجمالة " التابعة لمركز الشهداء بمحافظة المنوفية في يناير 1934 . حصل علي ليسانس في الفلسفة من كلية الآداب جامعة القاهرة في عام 1957 . عمل مدرسا للغة الإنجليزية في بداية حياته في كل من السعودية وقطاع غزة (( فلسطين)). ثم عمل مديرا عاما للسياحة بمحافظة مرسي مطروح، كما عمل مترجما بمنظمة اليونسكو علي مدار أكثر من عشرين عاما، وتوفي في أبريل 2008 عن عمر يناهز الرابعة والسبعين، وقد أمضي معظم هذه السنوات فيما يشبه الصومعة محاولا نقل الفكر والإبداع الغربي للقارئ العربي تاركا وراءه ثروة إبداعية من الأفكار والمعلومات والرؤي الإبداعية. ومن آرائه التي كان يعلنها دوما ويختم به كتبه المترجمة أن هناك فجوة في العلوم والآداب والفنون بين العالم العربي والعالم الغرب/ الأمريكي في حدود مائة عام . وأنه يمكن سد هذه الفجوة من خلال الترجمة من اللغات المختلفة إلي اللغة العربية، وبالتالي فغن الأمر يتطلب إنشاء هيئة عليا للترجمة علي مستوي العالم العري كله.
الدكتور محمد رفعت الإمام
مقال منشور بآريك عدد مايو 2011
عبد الحميد الجمال ( 1934-2008 ) المترجم المصري الذي فاقت أعماله الخمسين عملا نقلها عن اللغة الإنجليزية، جاءت متنوعة في مجالات عدة مابين الرواية الأدبية والرواية التاريخية ، وكتب متخصصة في التاريخ سواء المصري أو العالمي ، وكذلك العديد من الكتب الدينية والثقافية بشكل عام. بدأ الجمال مشواره في مجال الترجمة منذ عام 1976 وتميزت اختياراته للأعمال التي قدمها للمكتبة العربية بأنها من ضمن الأعمال الأدبية التي نالت رواجا وشهرة واسعة ، ومعظمها من تأليف كتاب معروفين ، بل إن الكثير منها حصل علي جوائز عالمية مرموقة مثل نوبل وبوليتزر في الآداب ، فضلا عن قيامه بترجمة العديد من الأعمال التي تسرد الظواهر التاريخية المصرية من وجهة نظر بعض المستشرقين أو الكتاب الغربيين .
اشتهر الجمال بأسلوبه السردي البسيط والممتع في ذلك الوقت ، وكذلك استخدامه لغة سهلة وبسيطة تقدم الأعمال الأدبية بأسلوب سلس إلي القارئ العربي، وهو ما أجمع عليه جميع النقاد الذين تصدوا لترجماته بالقراءة والنقد والتحليل طوال مشوار عطائه الذي امتد لأكثر من ثلاثين عاما، وذلك في محاولة لمد جسر من التواصل بين الثقافتين العربية والعالمية قائمة علي إحداث نوع من التواصل الفكري مع الآخر . الغريب أن المترجم الراحل تنبأ بأنه يوما ما سوف تشهد المنطقة العربية حالة من الغضب الشعبي ضد الأنظمة الديكتاتورية ومحاولات التحرر منها ، فوقع اختياره علي آخر كتاب قام بترجمته وهو ( ثورات أمريكا الأسبانية ) الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، الذي يعرض لتاريخ كفاح شعوب أمريكا ( الأسبانية ) اللاتينية والثورات التي قاموا بها مع سرد تضحيات أبطال هذه الثورات ، كما تعرض الكتاب لجدوى حركات التحرر في العالم الثالث في ظل هيمنة الديكتاتورية وغياب الديمقراطية الحقيقة .
وجدير بالتسجيل أن ترجمات الجمال قد صدرت في أكبر دور النشر بمصر من قبيل (( دار الهلال)) و(( الهيئة المصرية للكتاب ))و(( المشروع القومي للترجمة ))التابع للمجلس الأعلى للثقافة علاوة علي كبريات دور النشر الخاصة . ومن أبرز أعماله : ترجمة رواية (( دروس من التنفس ))، وهي رواية حائزة علي جائزة بوليتزر للأديبة الأمريكية " آن تيلر" ، ورواية (( عام وفاة ريكاروريس)) للكاتب البرتغالي " خوسيه ساراماجو" الحائز علي جائزة نوبل في الآداب عام 1998 ، رواية ((النسر)) للأمريكية " مادلين لينجيل" الحائزة علي جائزة بوليتزر ، دراسات في التاريخ الاجتماعي لمصر الحديثة لجابريل بيير، رواية (( الصعود إلي السطح)) للأديبة الكندية مرجريت أتوود رئيسة اتحاد الكتاب في كندا والتي حصلت علي جائزة بوكر الأدبية...إلخ.
ومن واقع هذه التجربة الطويلة في عالم الآداب والترجمة أكد الجمال علي أنه ينبغي أن يكون المترجم متمكنا من اللغة العربية فهذا هو الأساس، بمعني أن المترجم ينبغي أن يكون متفردا في اللغة العربية بدرجة اكبر بكثير تمكنه من اللغة التي ينقل منها إلي العربية والتي يجب أن يتقنها تماما في ذات الوقت للوصول إلي المعني الدقيق، فالترجمة هي إعادة خلق بمعني أنها في نفس الوقت درجة إبداع الشعر والتأليف بوجه عام .
ولد المترجم الراحل عبد الحميد الجمال بقرية " الجمالة " التابعة لمركز الشهداء بمحافظة المنوفية في يناير 1934 . حصل علي ليسانس في الفلسفة من كلية الآداب جامعة القاهرة في عام 1957 . عمل مدرسا للغة الإنجليزية في بداية حياته في كل من السعودية وقطاع غزة (( فلسطين)). ثم عمل مديرا عاما للسياحة بمحافظة مرسي مطروح، كما عمل مترجما بمنظمة اليونسكو علي مدار أكثر من عشرين عاما، وتوفي في أبريل 2008 عن عمر يناهز الرابعة والسبعين، وقد أمضي معظم هذه السنوات فيما يشبه الصومعة محاولا نقل الفكر والإبداع الغربي للقارئ العربي تاركا وراءه ثروة إبداعية من الأفكار والمعلومات والرؤي الإبداعية. ومن آرائه التي كان يعلنها دوما ويختم به كتبه المترجمة أن هناك فجوة في العلوم والآداب والفنون بين العالم العربي والعالم الغرب/ الأمريكي في حدود مائة عام . وأنه يمكن سد هذه الفجوة من خلال الترجمة من اللغات المختلفة إلي اللغة العربية، وبالتالي فغن الأمر يتطلب إنشاء هيئة عليا للترجمة علي مستوي العالم العري كله.