أفرا

في صباح يوم العيد يستيقظ أهل القرية فجرا جميعا كبارا وصغارا , و بينما الأمهات يقمن بإعداد وجبة الفطور يقوم الأطفال بصنع اللعبة المخصصة لهذه المناسبة ,وهي (حروادي) ولعلكم تذكروني معي في الموضوع الأسبق (إسكار) , حينما وصل الموكب إلى (إيسيل) شرع الأطفال في جني القصب , الأن جاء دوره إنه سيستعمل في صنع (حروادي), وهي لعبة عبارة عن مروحة, تشبه تلك المرواحات المستعملة في ا إنتاج لطاقة الريحية , وتصنع من القصب والورق ويتم تلصيقها بالطحال, فقبل يوم العيد يقوم الأطفال بشراء الطحال عند الجزار ويتم تقسيمه فيما بينهم , وتتطلب عملية صنع (حروادي) مهارة لا يكتسبها الجميع ولذالك لابد من القيام بعدة تجارب عليها لمعرفة مدى جاهزيتها للتباري قبل الخروج من البيت والإلتحاق بالأطفال , وبعد التأكد من سلامة (حروادي) يتم الاجتماع حول المائدة لتناول وجبة الفطور .
وبعد تناول الوجبة يقوم الأطفال بالتجمع في ساحة تسمى (إيمي نيغرم) ويبدأ الركض ب (حروادي ) ويحاول كل واحد منهم إثبات فاعلية لعبته وأنها أفضل من لعب الآخرين .
أما رجال القرية وخاصة حملة القرآن الكريم أو (الطلبة) كما يطلق عليهم , فيذهبون إلى المقبرة للترحم على أمواتهم , و ذالك بتلاوة ما تيسر من الذكر الحكيم على قبورهم , والدعاء عليهم بالرحمة والمغفرة , ثم يتوجهون بعد ذالك إلى بيت أيت احميد , فقد أعدوا لهم وجبة الكسكس , وهي عادة دأب عليها أيت احميد في هذه المناسبة , يقيمونها كل سنة ترحما على جدهم و تسمى (تمحضارت), وبعد تناول الكسكس , ينطلق حملة القرأن في جولة إلى الحقول وهم يتلون القرآن الكريم ويرددون الأمداح النبوية .
أما الشباب فمنهمكون بالتدريبات قبل انطلاق السباق المخصص لهذه المناسبة , إنه سباق من نوع أخر, إنه سباق الحمير , فالشباب هم من يهتمون بهذا السباق , وقد أعد كل واحد منهم حماره للتباري في هذا الرهان السنوي الذي لا يخلوا من التشويق , فمن تمكن من ربح الرهان سيظل بطلا طوال السنة . وبعد انتهاء السباق يركض المتسابقون إلى مكان يسمى ( تلات نايت سيدي احمد أوعلي) لاختبار قدراتهم , حيث يوجد الخندق , فلمعرفة بلوغك سن الزواج ما عليك إلا أن تقفز على الخندق إلى الضفة الأخرى فإن تمكنت من تجاوز الخندق فمن حقك أن تتحدث في أمور الزواج , وإن لم تستطع فما عليك إلا أن تنتظر السنة القادمة وتجرب حظك من جديد .
أما البقية فيذهبون لزيارة أحد الأولياء الصالحين , رفقة الفرقة الفلكلورية على إيقاعات (أحيدوس).
أما الأمهات فيتسارعن مع الزمن لإعداد وجبة الغداء ليتفرغن بعد الظهر لزيارة الأقارب.
طقوس متعددة ومتنوعة فهنا الأطفال يلعبون (حروادي), وهناك حملة القرآن أو (الطلبة) يتلون القران , وهنالك الشباب يتسابقون بالحمير , وأهازيج الفلكلور تجوب الأزقة والشوارع , إنه مهرجان ثقافي بامتياز.
وفي المساء يجتمع الجميع في ساحة تسمى ( تيرحباي ) وتستمر السهرة الفلكلورية إلى وقت متأخر من الليل , ويختتم الحفل بالدعاء و المغفرة وطول العمر للجميع.