رسالة إلى الحبيب
رسالة إلى الحبيب
فؤاد المحنبي
صَلَواتٌ يَضِيْقُ عَنْها الفَضاءُ : لِلشَّفِيعِ الخِتامِ فَهْوَ الضِّياءُ
عَرَّجَ القَلْبُ والحُرُوْفُ الظِّماءُ : نَحْوَ فَيْضِ الهُدَى وَشِيْءَ ارْتِواءُ
كَيْفَ لا والنَّشِيْدُ ذابَ اشْتِياقاً : لِسَنا أحْمَدٍ وَطابَ اللِّقاءُ
يا حَبِيْبَ الرَّحْمَنِ يا مَنْ تَسامَى : بِسُمُوِّ العَلِيِّ جَلَّ العَطاءُ
شاءَهُ قَبْلَ خَلْقِهِ الخَلْقَ أوْفَى : أدَباً فاقْتَدَتْ بِهِ الأنْبِياءُ
يَعْبُرُ الحَرْفُ مِنْ شِغافِ فُؤَادِي: يا حَبِيْبِي فَتُسْتَثارُ الدِّماءُ
وَيَثُوْرُ الدُّخانُ مِنْ كَلِماتِي : وَيَلُوْحُ الإعْجازُ وَهْوَ هُراءُ
فانادَيْكَ والبُحُوْرُ صَحارَى : يا كَمالَ الأنْوارِ عَزَّ الوَفاءُ
لَمْ يُحِطْ غَيْرُ ربُّنا بِكَ قَدَراً : وَتَعالَتْ عَنْ عَجْزِنا الأنْبَاءُ
جِئْتَ مَدّاً مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ يَسْعَى : وَجَلالاً تَمْشِيْ بِهِ الأعْضاءُ
واصْطَفاكَ العَلِيُّ بِالقُرْبِ مِنْهُ : قابَ قَوْسَيْنِ هَكَذا العَلْياءُ
واصْطَفاكَ القَهارُ كَيْ يَقْهَرَ اللَّيْـ : ـلَ فَبِيْدَتْ أجْنادُهُ السَّوداءُ
واصْطَفَتْكَ الأسْماءُ كُلٌّ بِما فِيـ : ـكَ وَمِنْكَ الصِّفاتُ والأسْماءُ
ألْهَمَتْ ذاتَكَ المَتابَ أبَانا : إذْ غَوَى فاهْتَدَى وَحُقَّ البَلاءُ
أنْتَ مَعَنْى الهُدَى بِكُلِّ زَمانٍ : والنَّبِيُّوْنَ كُلُّهُمْ شُهَداءُ
ما نَسُوْا المَوْقِفَ الذِيْ عاهَدُوْا فِيـ : ـهِ وَلَوْ جِئْتَ لا يَكُوْنُ انْكِفاءُ
ذاكَ أمْرٌ مِنَ العَزِيْزِ لِيُدْرَى : دِيْنُهُ الفَذُّ والصِّراطُ السَّواءُ
فِيكَ رُوْحِيْ يا مَهْبِطَ الرُّوْحِ ذابَتْ : واسْتَفاضَتْ مِنْ قَلْبِيَ الأضْواءُ
أتَحَراكَ فِي قُرَيْشٍ وَفِيما : عَرَضُوْهُ وَما أجابَ الوَلاءُ
واذا ما راوْهُ مُلْكاً تَدانَى : بِرُؤَاهُمْ إذْ أنَّهُمْ جُهَلاءُ
فِي أكُفٍّ لا الشَّمْسُ تُوْزَنُ فِيْها: بَلْ وَكُلُّ الدُّنْيا لَدَيْها هَبَاءُ
فِي انْهِيارٍ لِراسِياتِ المَعاييْـ : ـرِ لَدَيْهِمْ وَكَيْفَ يُرْسَى البِناءُ
فِي رِجالٍ يُطارِدُوْنَ المَنايا : لِخُلُوْدٍ أبْقَى وَهُمْ سُعَداءُ
أتَحَراكَ فِي عَبِيْدٍ مُلُوْكٍ : ما ثَنَتْهُمْ عَنْ حُبِّكَ الضَّراءُ
كُلُّ سَوْطٍ يُعَزِّزُ الرُّوْحَ فِيهِمْ : فَتَمُوْتُ السِّياطُ والأشْلاءُ
أحَدٌ رَبُّهُمْ ، نِداهُمْ ، هَواهُمْ : أحَدٌ كُلُّهُمْ وَلاتَ انْثِناءُ
سَيِّدَ الخَلْقِ ما شَهِدْتُ خُبَيْباً : رَبِحَ البَيْعُ كَيْفَ يُؤْتَى شِراءُ
يَتَمَشَّى عَلَى نُيُوْبِ قَضاءٍ : شاءَهُ حُبُّهُ فَنِعْمَ الوَفاءُ
يا رَسُوْلَ النُّوْرِ المُبِيْنِ أنِلْنِي : نَظْرَةً يَغْبِطُوْنَها الشُّعَراءُ
واصْطَنَعْنا كَما اصْطَنَعْتَ رِجالاً : مِنْ حَدِيْدٍ لَكِنَّهُمْ أنْقِياءُ
هُمْ أشِداءُ حِيْنَ يَغْضَبُ رَبِّيْ : وَلِيَرْضَى ما بَيْنَهُمْ رُحَماءُ
أيْنَ مِنا تَراحُمٌ كانَ ظِلاًّ : فَقَدَتْهُ الجِياعُ والضُّعَفاءُ؟
أيْنَ مِنا عُثَمانُ إذْ بَاعَ لِلَّـ : ـهِ؟ وايْنَ التُّقَى والاسْتِحْياءُ؟
عُدْ إلَيْنا يا سَيِّدَ الخَلْقِ خُلْقاً : فِي أُناسٍ هُمْ بَيْنَنا زُعَماءُ
وَصَلاةٌ عَلَيْكَ تَتْلُوْ سَلاماً : يا نَهاراً دُكَّتْ بِهِ الظَّلْماءُ