وثيقة نبذ مرسى
ما نحتاجه الآن ممن نثق بهم ونعدهم ضمير الثورة وشبابها المتجرد الذى لا يطمع فى شىء سوى نجاحها، هو البحث عن مخرج عملى.. وثيقة نبذ العنف التى لا أتنكر لها وقد وقعت عليها، هى مسعى طيب وسلوك راقٍ يليق بأصحابه، إلا أن الجرح الآن أكثر عمقا من أن يداوى بالمسكنات، يستدعى الأمر جراحة عاجلة وإلا سيظل المريض ينزف إلى أن يموت. مرسى جاء بالانتخاب وهذا يمنحه شرعية نعم، إلا أننا بعد عقد القران الشرعى اكتشفنا أن العريس «مابيعرفش»، نريده أن يستمر لكنه يثبت كل يوم أنه لا يستطيع، هذا الرجل فاشل، وغير مؤهل، وضعيف، ولا يستطيع القيام بأعباء المرحلة، واستمراره نزيف للثورة سيودى بحياتها ويعيدنا إلى المربع «مبارك» الذى هو أدنى من الصفر.
لا أزايد على وطنية أحد ممن يتصورون فى استمرار «مرسى» نجاحاً للتجربة الديمقراطية، وفى رحيله بغير الصندوق فشلاً لها، كما لا أشكك فى هذه الدرجة من الوعى السياسى، وقد كان هذا رأيى إلى وقت قريب، وقد تحملت فى سبيله الكثير من المزايدات، وكنت على استعداد لتحمل المزيد، إلا أن المتغيرات على الأرض تدفعنا دائما إلى إعادة النظر، وفقاً لما نتمناه ونخطط له ونكتب من أجله لبلادنا، لا وفقاً لترهات المزايدين، فما أهون شأنهم!
التجربة الديمقراطية الآن تعانى من خطر حقيقى، يتفوق بمراحل على هذا الذى نخشاه فى حال سقوط النظام. التجربة فى بداياتها، ومصر التى لم تشم رائحة الديمقراطية فى تاريخها الحديث تحتاج إلى صيغة «نموذجية» ترسخ لأصول وقواعد سليمة يمكننا أن نبنى عليها صرح الدولة القوية ونحن مطمئنون، وما يحدث الآن ليس سوى الاستبداد المحض باسم الصندوق، والانبطاح السياسى والاقتصادى والتبعية للمشروع الأمريكى باسم الثورة، ما معنى أن تأتى الديمقراطية بالاستبداد، والثورة بالتبعية؟ ما معنى أن نرسخ فى التربة السياسية المصرية نموذجا يخبرنا أن الفوز فى الانتخابات معناه التوقيع على بياض، وأن من حق الرئيس أن يفعل ما يشاء حتى إذا ذهب مرسى وجاء غيره وحاول أن يعيد الكرة فعارضناه كان الجواب أنه رئيس منتخب والمنتخب لا يسأل عما يفعل وهم يسألون؟!
إن الذين يرهبوننا بأنهم سيسقطون أى رئيس قادم إذا أسقطنا هذا الرجل الفاشل، كانوا يوما جزءاً من أعباء هذه الثورة تحمله الشباب بشجاعة ونجحوا، وهم الآن جزء من تحديات مرحلة ما بعد سقوط مرسى، على الرئيس القادم -أيا كان هو- أن يتحمله بدوره، وألا يتقدم لهذا المنصب إلا وهو يعلم أنه سيسأل عنه، وليس عليه إلا أن يؤدى بشكل يجعله أقرب إلى الناس بمنجزه الحاضر على الأرض من هؤلاء، وفى هذه الحالة فإن معارضتهم للقادم لن تشكل خطرا حقيقيا، وسرعان ما سنتجاوز هذه العقبة كما تجاوزناها من قبل، خاصة أن أصحابها لا عهد لهم بالثورات وإسقاط الأنظمة، ولا يفعلونها إلا بعد أن يفعلها الناس، ولا يكونوا أبداً البادئين!
مرسى الآن خطر على الدولة بضعفه وتبريراته، وخطر على الديمقراطية بسوء أدائه وقلة خبرته، وخطر على الثورة بانصرافه عن مطالبها وإعادة إنتاجه لنظام مبارك وعجزه عن الخروج من عباءة الدولة العميقة، وما مضى من وقت كان كافيا للبدء وما يمثله للناس من بشائر تدفعهم للصبر والأمل وانتظار الغد، إلا أن هذا لم يحدث، ولا يعنى مزيد من الصبر إلا مزيداً من الفشل.
محمد طلبة رضوان
لا أزايد على وطنية أحد ممن يتصورون فى استمرار «مرسى» نجاحاً للتجربة الديمقراطية، وفى رحيله بغير الصندوق فشلاً لها، كما لا أشكك فى هذه الدرجة من الوعى السياسى، وقد كان هذا رأيى إلى وقت قريب، وقد تحملت فى سبيله الكثير من المزايدات، وكنت على استعداد لتحمل المزيد، إلا أن المتغيرات على الأرض تدفعنا دائما إلى إعادة النظر، وفقاً لما نتمناه ونخطط له ونكتب من أجله لبلادنا، لا وفقاً لترهات المزايدين، فما أهون شأنهم!
التجربة الديمقراطية الآن تعانى من خطر حقيقى، يتفوق بمراحل على هذا الذى نخشاه فى حال سقوط النظام. التجربة فى بداياتها، ومصر التى لم تشم رائحة الديمقراطية فى تاريخها الحديث تحتاج إلى صيغة «نموذجية» ترسخ لأصول وقواعد سليمة يمكننا أن نبنى عليها صرح الدولة القوية ونحن مطمئنون، وما يحدث الآن ليس سوى الاستبداد المحض باسم الصندوق، والانبطاح السياسى والاقتصادى والتبعية للمشروع الأمريكى باسم الثورة، ما معنى أن تأتى الديمقراطية بالاستبداد، والثورة بالتبعية؟ ما معنى أن نرسخ فى التربة السياسية المصرية نموذجا يخبرنا أن الفوز فى الانتخابات معناه التوقيع على بياض، وأن من حق الرئيس أن يفعل ما يشاء حتى إذا ذهب مرسى وجاء غيره وحاول أن يعيد الكرة فعارضناه كان الجواب أنه رئيس منتخب والمنتخب لا يسأل عما يفعل وهم يسألون؟!
إن الذين يرهبوننا بأنهم سيسقطون أى رئيس قادم إذا أسقطنا هذا الرجل الفاشل، كانوا يوما جزءاً من أعباء هذه الثورة تحمله الشباب بشجاعة ونجحوا، وهم الآن جزء من تحديات مرحلة ما بعد سقوط مرسى، على الرئيس القادم -أيا كان هو- أن يتحمله بدوره، وألا يتقدم لهذا المنصب إلا وهو يعلم أنه سيسأل عنه، وليس عليه إلا أن يؤدى بشكل يجعله أقرب إلى الناس بمنجزه الحاضر على الأرض من هؤلاء، وفى هذه الحالة فإن معارضتهم للقادم لن تشكل خطرا حقيقيا، وسرعان ما سنتجاوز هذه العقبة كما تجاوزناها من قبل، خاصة أن أصحابها لا عهد لهم بالثورات وإسقاط الأنظمة، ولا يفعلونها إلا بعد أن يفعلها الناس، ولا يكونوا أبداً البادئين!
مرسى الآن خطر على الدولة بضعفه وتبريراته، وخطر على الديمقراطية بسوء أدائه وقلة خبرته، وخطر على الثورة بانصرافه عن مطالبها وإعادة إنتاجه لنظام مبارك وعجزه عن الخروج من عباءة الدولة العميقة، وما مضى من وقت كان كافيا للبدء وما يمثله للناس من بشائر تدفعهم للصبر والأمل وانتظار الغد، إلا أن هذا لم يحدث، ولا يعنى مزيد من الصبر إلا مزيداً من الفشل.
محمد طلبة رضوان