زنزانة الموت فى طره
زنزانة الموت في طرة..
زنزانة الموت في طرة.. مــــــركز اعتقال الأطفال في داخلية مرسي
الاشتباكات- نصوير حسن محمد
لم يكن يحلم الرئيس السابق حسنى مبارك أن شخصا ما سيأتى من بعده يسهم فى تحسين صورته كما يفعل مرسى ونظامه الآن. النظام يختلف والتعذيب واحد. النظام يختلف والقمع أشد وأقسى. النظام يختلف ومشاهد القتل والسحل والتحرش بفتيات مصر مستمرة، وبشكل أكثر منهجية وتنظيما، لغرض واحد وهو قتل الثورة فى قلوب المصريين، ولكن عبثا ما يفعل الإخوان وداخليتهم ونظامهم، والمتظاهرون فى الميادين كل يوم يطالبون بالحرية والعدالة، ويحركهم الشعور بأن لا شىء تغير.
الثورة ما زالت فى القلوب والأفئدة، مهما حاولوا قتلها، هذه هى إرادة ثلاث ضحايا لا تتجاوز أعمارهم الـ18 عاما تم اختطافهم لارتدائهم «تيشرتا أسود»، حيث اشتبهوا فيهم بانتمائهم إلى جماعة الـ«بلاك بلوك». تم تعذيبهم عرايا بمعسكر «طرة»، والسطور القادمة تحمل ما هو أبشع.
شهادات الشباب تكشف سلسلة جرائم وحشية ترتكب من قبل رجال داخلية الإخوان لإرهاب الثوار والمعارضين (الأطفال منهم قبل الكبار، والسيدات منهم قبل الرجال). «التحرير» رصدت خلال الشهادات أربعة ليالى كاملة من التعذيب فى معسكر «طرة»، وهو المعسكر الذى شهد تعذيب ما بين 27 و30 معتقلا، بينهم 17 طفلا لا تتجاوز أعمارهم الـ15عاما، اعتمدت فيها «الداخلية» على منهج التعرية بالإكراه والتعذيب بالكهرباء والحبس الانفرادى.
طارق أحمد عبد الله، 18 عاما، وهو طالب فى الثانوية العامة، بدأ شهادته بليلة القبض عليه يوم 30 يناير فقال «كنت متجها مع صديق لى إلى دار القضاء للمشاركة فى مسيرة للتضامن مع بلاك بلوك، ووصلت قبل الميعاد، فلم أجد أحدا سوى الضباط وجنود الأمن المركزى، وفجأة عند مدخل مترو جمال عبد الناصر، فوجئنا بهجوم خمسة عساكر علينا لارتدائنا جواكيت سوداء، وسحلونا وشدونا من البنطلون داخل دار القضاء العالى، حيث وجدنا ضباط الشرطة يرتدون ملابس مدنية بالداخل ووجهوا لنا بعض الأسئلة فى ظل سب واضح بالدين والأم والأهل، وكانت الجمل التى تكررت كثيرا هى (إيه اللى وداكوا التحرير.. أنت ها تموت النهاردة.. قولوا تعرفوا مين من البلاك بوك)»، مؤكدا أن أول ما فعله الضباط داخل دار القضاء هو أن جعلهم يخلعون ملابسهم بالإكراه للتفتيش.
واستكمل طارق شهادته «كل واحد فينا يرفض الإهانة يضرب بالقلم والقفا والعصيان، وبعد مرور نصف الساعة خرجونا من باب خلفى لدار القضاء، فى حين أكد لنا ضابط أن الاحتجاز لن يزيد على نصف الساعة داخل سيارات الأمن المركزى، وطلب منا الجرى نحو السيارة حتى لا تلتقطنا كاميرات الصحفيين، واضطررت للجرى فعلا، ولكن الكاميرات صورت هذه اللحظة، وبداخل السيارة وجدت شابا فى سنى بكلية الحقوق اسمه أحمد فوزى واضح عليه آثار الضرب، وتركونا لمده تزيد على ساعة ونصف الساعة، وفجأة تحركت السيارة، قمنا ننظر من الشباك هددونا بالضرب، ثم وجدنا أنفسنا بداخل معسكر طرة، وفتشونا أكثر من مرة وكل مرة كانوا يجبروننا على خلع ملابسنا، والذى يرفع رأسه يُضرب بالقفا». «الزنزانة غير آدمية» بهذه الكلمات وصف طارق المكان الذى تم احتجازهم فيه، ومعه من 22 إلى 27 شابا تتراوح أعمارهم من 10 إلى 18 سنة، ومعظمهم مصابون بجروح وكسور، ويواصل «الزنزانة ضيقة لا تستوعب عدد المحتجزين، والأرض بها مياه، ووجدت بداخلها شابا ينزف دما من جميع جسمه ويصرخ، ويطلب منا الابتعاد عنه لإصابته بفيروس سى، خوفا من انتقال العدوى إلى المحتجزين، ووجدت آخر ملابسه ممزقة ويعانى من شبه كسر فى اليد، وعندما اقتربت منه وجدت (حسام) وهو صديق لى، ولكننى لم أتعرف عليه فى البداية من تورم عينيه، ورأيت بظهره علامات تعذيب بالعصا، وجروح بسبب سحل بالرأس والجسم»، ويضيف طارق «لم تكن فى الزنزانة بطانية، وعندما طلبنا ذلك أحضروا لنا واحدة صغيرة لا تكفى، لدرجة أن أكثر من 20 شابا ناموا غارقين فى دمائهم، والباقى قضى ليلته واقفا على قدميه». وفى الليلة الثانية (31 يناير)، وبعد مرور أكثر من 12 ساعة داخل المعسكر قدموا للمحبوسين الطعام، وكان عبارة عن صندوق قمامة -كما يصف طارق- فيقول «قدموا لنا عدسا ولم يقترب منه أحد، ثم طلبوا التحقيق مع ثلاثة من الذين تم القبض عليهم معى، واستغرق استجواب كل منهم نحو الساعتين، وبعد فترة بدأ التحقيق معى».
بدأ التحقيق مع طارق بقول الضابط «أنا بحب مصر، ولكن أنتو بتخربوا البلد.. البلد لو هاتخلص من السلطة، فربنا القادر على ذلك وحده.. واللى بتعملوه هايوديكوا فى داهية، ولو أنت عاوز تخرج من هنا قول لى على كل حاجة.. قول لى عن الأعضاء اللى معاك فى البلاك بوك»، أما طارق فرد عليه بجملة «أنا عضو فى 6 أبريل»، ثم سأله الضابط «لماذا حملت تيشيرت أسود وعليه صورة الشهداء ومكتوب عليه (يوم ما هافرط فى حقك هكون ميت أكيد)؟»، ويضيف طارق «واجهنى بالأحراز التى كانت فى شنطتى، وهى عبارة عن تيشيرت أسود، وكمامة مصنوعة يدويا وفارغ غاز، فقلت له عن سبب حملى لهذه الأشياء إن الغاز صعب وبيفقد الأعصاب من مسافة بعيدة»، الضابط هدده بأنه تم تصويره بحرق منشآت وبتخريب البلد بالاشتباكات، فأنكر طارق، فقال له الضابط «اعترف.. انت بتودى نفسك فى داهية». بعد التحقيقات نقلوا كل المحبوسين إلى قسم الأزبكية، وتركوا المصابين فى حالة خطيرة، يضيف طارق، قائلا «طوال ثلاثة أيام من الاعتقال كنا نسمع صوت آهات وصراخ تعذيب، وبعد الانتهاء من التحقيق رجعونا على الزنزانة وتم ترحيلى إلى قسم الأزبكية ليعاود الضباط التحقيق معى.
وبعد مرور نصف الساعة من التحقيق مع كل معتقل من الثلاثة أشار طارق إلى أن المحامين أكدوا على الإفراج «وفجأة جاءت مكالمة هاتفية من الرئاسة أو النائب العام ترفض إخلاء سبيلنا إلا بعد التحريات عنا بالأمن الوطنى، وبعد مرور أكثر من خمس ساعات، واقتربت الساعة من الثانية عشرة بعد منتصف الليل، جاءت مكالمة ثانية من النائب العام للتحريات عنا بالمخابرات العامة»، قائلا «كل تهمتنا التيشيرت الأسود» واعترض المحامون على التسويف فى قرار إخلاء السبيل.
فى الليلة الثالثة انتظر طارق واثنان آخران قرار الإفراج ولكن حتى العصر لم يتم استدعاؤهم، فأصيب بحالة هيستريا وصراخ وطرق أبواب الزنزانة بصوت عال، ولم يستجب أحد له، ولكن كان رد العسكر عليه بالسباب إلى أن جاء ضابط ومعه نحو 15 عسكرىا وقال «فى إيه أنا افتكرت حد معاكو مات من الضرب»، وعندما سأله طارق عن سبب عدم الإفراج عنهم كما تم وعدهم فكان الرد «خليك ساكت»، وعندما طلب من الضابط الاتصال بأحد المحامين فعاقبه بالحبس الانفرادى.
وفى الليلة الرابعة تم الإفراج عن ثلاثة فقط الذين تم تصويرهم لحظة اعتقالهم وإصابتهم إصابات سطحية، بعد أن تم اتهامهم بالانضمام إلى البلاك بوك وإجبارهم على كتابة الحسابات الخاصة بهم على مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك».
وبعد أربعة أيام خرج منها طارق متهما بالانضمام إلى البلاك بوك لارتدائه جاكيت أسود ولحمله تيشيرت للشهداء خرج متسائلا «أين دستور الإخوان الذى يدعى حفظ كرامة الإنسان؟»، مؤكدا أن ما تم مع المعتقلين يؤكد أن الشعب يعيش بلا دولة وبلا قانون فى ظل حكم الإخوان، وفى ظل ممارسات لا تليق بالثورة وفى ظل دستور شكلى، خصوصا بعد عدم احترام الإخوان للقوانين والدستور فى ظل احتجاز شباب وأطفال الأمن المركزى دون عرضهم على النيابة قبل الترحيل.
كما وجه طارق رسالة إلى وزير الداخلية »يا حبيب العادلى الثانى.. الشعب المصرى مش بيخاف»، مؤكدا على أن الرئيس محمد مرسى يلجأ إلى وزير الداخلية لإجهاض الثورة لظنه أن العنف يولد الخوف، ولكنه لم يتعلم من الدرس وأن العنف يولد العنف، مؤكدا أن البلاك بوك ظهرت من اللجوء إلى العنف مع المتظاهرين والمعارضين لدولة المرشد والذى راح فى عهدهم العشرات من الشهداء ولم تمر سنة واحدة على حكمهم.
حسام الدين محمد المراسل الصحفى فى «موقع مباشر 6 أبريل» بعد أن رآه طارق بالمعسكر لينتقل اسمه من قائمه المفقودين إلى المعتقلين، وبعد مرور ثلاثة أيام آخرين تم العثور على اسمه ضمن كشف معتقلين سيتم التحقيق معهم فى النيابة ثم إخلاء سبيله بكفالة 500 جنيه مساء يوم الإثنين 4 فبراير، لنكتشف خروجه بعلامات تعذيب بظهره ورأسه وشرخ بالرجل. حسام أكد أنه كان فى طريقه إلى إرسال صور وفيديوهات عن الاشتباكات والمسيرة إلى الموقع الإلكترونى يوم 30 يناير ففوجئ بهجوم ثلاثة بزى مدنى على شاب لارتدائه جاكيت أسود وضربه بالعصيان وسحله وجره مسافة كبيرة حتى سيارة الأمن المركزى ومنها إلى سجن طرة الذى قضى فيه سبع ليالى ما بين آلام السحل والضرب وما بين التعذيب النفسى باحتجازهم فى غرفة مكتوب عليها «الحجر الصحى»، ولا توجد بها أماكن تهوية ودماء تنزف من نحو 27 معتقلا أحدهما مصاب بفيروس «سى».
استقبال معسكر طرة لحسام خلال 14 ساعة بحلق الشعر وخلع نصف الملابس بالإكراه وبالضرب والسب الذى يزداد قساوة وشراسة إذا طلب الاتصال بأحد من أهله قائلا «اللى يعترض بيموت ضرب». وروى حسام عن سبع ساعات عاشها من الرعب من الأنين والأهات والصراخ من أصوات التعذيب بالسحل والضرب والسباب، واستكملت بإهانته وفقا لشعوره بالتعرى بالإكراه مؤكدا أن معسكر طرة أغلب من فيه من القصر من بينهم شاب يرتدى جاكيتا أسود ممزقا وبنطلون جينز ودائم البكاء.. وتحت مسمى «عنابر الموت» روى حسام عن الغرف المغلقة التى يتم إجبار المعتقلين على خلع ملابسهم والبقاء بالملابس الداخلية فقط، فيقول «ويتم رش المياه علينا وتركنا عرايا والعساكر بيضربونا فى كل الضلوع، قلعونا هدومنا وكل اللى موجود قلع واتضرب واللى يعترض بيتضرب زيادة وسط صراخ أطفال أعمارهم ما بين 13-15 بالغرف المغلقة المجاورة»، وخروج منها صوت متواصل من الصراخ من جراء التعذيب ورأى جرحا عميقا لشاب وآخر عينيه بها تورم والأجسام جميعها إصابات من الضرب، مشيرا إلى أن الغرفة كانت محروقة بأكملها ولم يعطوا لنا فرصة الاتصال بأهالينا وطلبت من عسكرى قال لى «الضابط مانع».
ما بين 22- 27 معتقلا احتجز محمد خالد، 17 سنة، بمعسكر طرة الذى اشتهر على صفحات الإخوان على «فيسبوك» أنه من ضمن أحد قيادات البلاك بلوك رغم أنه لم ينتمى إليهم ولكن لارتدائه تيشيرت أسود اتهمه بالانضمام لهم وبدأ التحقيقات معه عن سبب ارتدائه لملابس سوداء وعن سبب النزول الميدان، وخلال التحقيقات سأله الضابط «قولى يا عم السياسى بقى بتنزلوا الميدان ليه؟» وجاء رده «لما تبطلوا الافترا اللى بتعملوه فى الشعب.. لما تبطلوا ترموا جثث الثوار فى الزبالة.. لما تبطلوا تعروا فى الناس»، فعاقبه بإجراء التحقيق لمدة تزيد على ساعة واقفا واستدعى مجندا ليكمل عليه الضرب على الوجه والرأس.
خالد أكد رواية طارق برؤية شاب تم تعذيبه فى اليوم أكثر من المرة بالكهرباء، وعلى نحو 17 طفلا بالزنزانة وجميعهم مضروبون كما روى عن الطريقة الذى تم اعتقاله بها وتبين من روايته أنه كان يسير يوم الأربعاء 30 يناير بالقرب من دار القضاء قبل حدوث الاشتباكات وفوجئ بسحله لداخل دار القضاء والذى وجد بداخلها فرق 777 الملثمة. ووجه رسالة إلى الرئيس محمد مرسى «مصر ما زالت ثائرة وستظل ثائرة والثورة مستمرة ولن تنكسر بالتعذيب والإرهاب». ورأى الدكتور محمد هاشم، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، فى تحليل نفسيات الجنود الأمن المركزى الذين تحولوا داخل المعسكرات إلى جلادى النظام، قائلا «الصغار يتنافسون فى الإيذاء الجسدى والنفسى ويتفننون فى إرضاء الكبار، ومن خلال رسم صورهم الجسدية وبذاءة لسانهم وقساوة نفوسهم وخلوهم من أى إحساس إنسانى.
http://egy-n.com/news/v/4778?v=1
زنزانة الموت في طرة.. مــــــركز اعتقال الأطفال في داخلية مرسي
الاشتباكات- نصوير حسن محمد
لم يكن يحلم الرئيس السابق حسنى مبارك أن شخصا ما سيأتى من بعده يسهم فى تحسين صورته كما يفعل مرسى ونظامه الآن. النظام يختلف والتعذيب واحد. النظام يختلف والقمع أشد وأقسى. النظام يختلف ومشاهد القتل والسحل والتحرش بفتيات مصر مستمرة، وبشكل أكثر منهجية وتنظيما، لغرض واحد وهو قتل الثورة فى قلوب المصريين، ولكن عبثا ما يفعل الإخوان وداخليتهم ونظامهم، والمتظاهرون فى الميادين كل يوم يطالبون بالحرية والعدالة، ويحركهم الشعور بأن لا شىء تغير.
الثورة ما زالت فى القلوب والأفئدة، مهما حاولوا قتلها، هذه هى إرادة ثلاث ضحايا لا تتجاوز أعمارهم الـ18 عاما تم اختطافهم لارتدائهم «تيشرتا أسود»، حيث اشتبهوا فيهم بانتمائهم إلى جماعة الـ«بلاك بلوك». تم تعذيبهم عرايا بمعسكر «طرة»، والسطور القادمة تحمل ما هو أبشع.
شهادات الشباب تكشف سلسلة جرائم وحشية ترتكب من قبل رجال داخلية الإخوان لإرهاب الثوار والمعارضين (الأطفال منهم قبل الكبار، والسيدات منهم قبل الرجال). «التحرير» رصدت خلال الشهادات أربعة ليالى كاملة من التعذيب فى معسكر «طرة»، وهو المعسكر الذى شهد تعذيب ما بين 27 و30 معتقلا، بينهم 17 طفلا لا تتجاوز أعمارهم الـ15عاما، اعتمدت فيها «الداخلية» على منهج التعرية بالإكراه والتعذيب بالكهرباء والحبس الانفرادى.
طارق أحمد عبد الله، 18 عاما، وهو طالب فى الثانوية العامة، بدأ شهادته بليلة القبض عليه يوم 30 يناير فقال «كنت متجها مع صديق لى إلى دار القضاء للمشاركة فى مسيرة للتضامن مع بلاك بلوك، ووصلت قبل الميعاد، فلم أجد أحدا سوى الضباط وجنود الأمن المركزى، وفجأة عند مدخل مترو جمال عبد الناصر، فوجئنا بهجوم خمسة عساكر علينا لارتدائنا جواكيت سوداء، وسحلونا وشدونا من البنطلون داخل دار القضاء العالى، حيث وجدنا ضباط الشرطة يرتدون ملابس مدنية بالداخل ووجهوا لنا بعض الأسئلة فى ظل سب واضح بالدين والأم والأهل، وكانت الجمل التى تكررت كثيرا هى (إيه اللى وداكوا التحرير.. أنت ها تموت النهاردة.. قولوا تعرفوا مين من البلاك بوك)»، مؤكدا أن أول ما فعله الضباط داخل دار القضاء هو أن جعلهم يخلعون ملابسهم بالإكراه للتفتيش.
واستكمل طارق شهادته «كل واحد فينا يرفض الإهانة يضرب بالقلم والقفا والعصيان، وبعد مرور نصف الساعة خرجونا من باب خلفى لدار القضاء، فى حين أكد لنا ضابط أن الاحتجاز لن يزيد على نصف الساعة داخل سيارات الأمن المركزى، وطلب منا الجرى نحو السيارة حتى لا تلتقطنا كاميرات الصحفيين، واضطررت للجرى فعلا، ولكن الكاميرات صورت هذه اللحظة، وبداخل السيارة وجدت شابا فى سنى بكلية الحقوق اسمه أحمد فوزى واضح عليه آثار الضرب، وتركونا لمده تزيد على ساعة ونصف الساعة، وفجأة تحركت السيارة، قمنا ننظر من الشباك هددونا بالضرب، ثم وجدنا أنفسنا بداخل معسكر طرة، وفتشونا أكثر من مرة وكل مرة كانوا يجبروننا على خلع ملابسنا، والذى يرفع رأسه يُضرب بالقفا». «الزنزانة غير آدمية» بهذه الكلمات وصف طارق المكان الذى تم احتجازهم فيه، ومعه من 22 إلى 27 شابا تتراوح أعمارهم من 10 إلى 18 سنة، ومعظمهم مصابون بجروح وكسور، ويواصل «الزنزانة ضيقة لا تستوعب عدد المحتجزين، والأرض بها مياه، ووجدت بداخلها شابا ينزف دما من جميع جسمه ويصرخ، ويطلب منا الابتعاد عنه لإصابته بفيروس سى، خوفا من انتقال العدوى إلى المحتجزين، ووجدت آخر ملابسه ممزقة ويعانى من شبه كسر فى اليد، وعندما اقتربت منه وجدت (حسام) وهو صديق لى، ولكننى لم أتعرف عليه فى البداية من تورم عينيه، ورأيت بظهره علامات تعذيب بالعصا، وجروح بسبب سحل بالرأس والجسم»، ويضيف طارق «لم تكن فى الزنزانة بطانية، وعندما طلبنا ذلك أحضروا لنا واحدة صغيرة لا تكفى، لدرجة أن أكثر من 20 شابا ناموا غارقين فى دمائهم، والباقى قضى ليلته واقفا على قدميه». وفى الليلة الثانية (31 يناير)، وبعد مرور أكثر من 12 ساعة داخل المعسكر قدموا للمحبوسين الطعام، وكان عبارة عن صندوق قمامة -كما يصف طارق- فيقول «قدموا لنا عدسا ولم يقترب منه أحد، ثم طلبوا التحقيق مع ثلاثة من الذين تم القبض عليهم معى، واستغرق استجواب كل منهم نحو الساعتين، وبعد فترة بدأ التحقيق معى».
بدأ التحقيق مع طارق بقول الضابط «أنا بحب مصر، ولكن أنتو بتخربوا البلد.. البلد لو هاتخلص من السلطة، فربنا القادر على ذلك وحده.. واللى بتعملوه هايوديكوا فى داهية، ولو أنت عاوز تخرج من هنا قول لى على كل حاجة.. قول لى عن الأعضاء اللى معاك فى البلاك بوك»، أما طارق فرد عليه بجملة «أنا عضو فى 6 أبريل»، ثم سأله الضابط «لماذا حملت تيشيرت أسود وعليه صورة الشهداء ومكتوب عليه (يوم ما هافرط فى حقك هكون ميت أكيد)؟»، ويضيف طارق «واجهنى بالأحراز التى كانت فى شنطتى، وهى عبارة عن تيشيرت أسود، وكمامة مصنوعة يدويا وفارغ غاز، فقلت له عن سبب حملى لهذه الأشياء إن الغاز صعب وبيفقد الأعصاب من مسافة بعيدة»، الضابط هدده بأنه تم تصويره بحرق منشآت وبتخريب البلد بالاشتباكات، فأنكر طارق، فقال له الضابط «اعترف.. انت بتودى نفسك فى داهية». بعد التحقيقات نقلوا كل المحبوسين إلى قسم الأزبكية، وتركوا المصابين فى حالة خطيرة، يضيف طارق، قائلا «طوال ثلاثة أيام من الاعتقال كنا نسمع صوت آهات وصراخ تعذيب، وبعد الانتهاء من التحقيق رجعونا على الزنزانة وتم ترحيلى إلى قسم الأزبكية ليعاود الضباط التحقيق معى.
وبعد مرور نصف الساعة من التحقيق مع كل معتقل من الثلاثة أشار طارق إلى أن المحامين أكدوا على الإفراج «وفجأة جاءت مكالمة هاتفية من الرئاسة أو النائب العام ترفض إخلاء سبيلنا إلا بعد التحريات عنا بالأمن الوطنى، وبعد مرور أكثر من خمس ساعات، واقتربت الساعة من الثانية عشرة بعد منتصف الليل، جاءت مكالمة ثانية من النائب العام للتحريات عنا بالمخابرات العامة»، قائلا «كل تهمتنا التيشيرت الأسود» واعترض المحامون على التسويف فى قرار إخلاء السبيل.
فى الليلة الثالثة انتظر طارق واثنان آخران قرار الإفراج ولكن حتى العصر لم يتم استدعاؤهم، فأصيب بحالة هيستريا وصراخ وطرق أبواب الزنزانة بصوت عال، ولم يستجب أحد له، ولكن كان رد العسكر عليه بالسباب إلى أن جاء ضابط ومعه نحو 15 عسكرىا وقال «فى إيه أنا افتكرت حد معاكو مات من الضرب»، وعندما سأله طارق عن سبب عدم الإفراج عنهم كما تم وعدهم فكان الرد «خليك ساكت»، وعندما طلب من الضابط الاتصال بأحد المحامين فعاقبه بالحبس الانفرادى.
وفى الليلة الرابعة تم الإفراج عن ثلاثة فقط الذين تم تصويرهم لحظة اعتقالهم وإصابتهم إصابات سطحية، بعد أن تم اتهامهم بالانضمام إلى البلاك بوك وإجبارهم على كتابة الحسابات الخاصة بهم على مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك».
وبعد أربعة أيام خرج منها طارق متهما بالانضمام إلى البلاك بوك لارتدائه جاكيت أسود ولحمله تيشيرت للشهداء خرج متسائلا «أين دستور الإخوان الذى يدعى حفظ كرامة الإنسان؟»، مؤكدا أن ما تم مع المعتقلين يؤكد أن الشعب يعيش بلا دولة وبلا قانون فى ظل حكم الإخوان، وفى ظل ممارسات لا تليق بالثورة وفى ظل دستور شكلى، خصوصا بعد عدم احترام الإخوان للقوانين والدستور فى ظل احتجاز شباب وأطفال الأمن المركزى دون عرضهم على النيابة قبل الترحيل.
كما وجه طارق رسالة إلى وزير الداخلية »يا حبيب العادلى الثانى.. الشعب المصرى مش بيخاف»، مؤكدا على أن الرئيس محمد مرسى يلجأ إلى وزير الداخلية لإجهاض الثورة لظنه أن العنف يولد الخوف، ولكنه لم يتعلم من الدرس وأن العنف يولد العنف، مؤكدا أن البلاك بوك ظهرت من اللجوء إلى العنف مع المتظاهرين والمعارضين لدولة المرشد والذى راح فى عهدهم العشرات من الشهداء ولم تمر سنة واحدة على حكمهم.
حسام الدين محمد المراسل الصحفى فى «موقع مباشر 6 أبريل» بعد أن رآه طارق بالمعسكر لينتقل اسمه من قائمه المفقودين إلى المعتقلين، وبعد مرور ثلاثة أيام آخرين تم العثور على اسمه ضمن كشف معتقلين سيتم التحقيق معهم فى النيابة ثم إخلاء سبيله بكفالة 500 جنيه مساء يوم الإثنين 4 فبراير، لنكتشف خروجه بعلامات تعذيب بظهره ورأسه وشرخ بالرجل. حسام أكد أنه كان فى طريقه إلى إرسال صور وفيديوهات عن الاشتباكات والمسيرة إلى الموقع الإلكترونى يوم 30 يناير ففوجئ بهجوم ثلاثة بزى مدنى على شاب لارتدائه جاكيت أسود وضربه بالعصيان وسحله وجره مسافة كبيرة حتى سيارة الأمن المركزى ومنها إلى سجن طرة الذى قضى فيه سبع ليالى ما بين آلام السحل والضرب وما بين التعذيب النفسى باحتجازهم فى غرفة مكتوب عليها «الحجر الصحى»، ولا توجد بها أماكن تهوية ودماء تنزف من نحو 27 معتقلا أحدهما مصاب بفيروس «سى».
استقبال معسكر طرة لحسام خلال 14 ساعة بحلق الشعر وخلع نصف الملابس بالإكراه وبالضرب والسب الذى يزداد قساوة وشراسة إذا طلب الاتصال بأحد من أهله قائلا «اللى يعترض بيموت ضرب». وروى حسام عن سبع ساعات عاشها من الرعب من الأنين والأهات والصراخ من أصوات التعذيب بالسحل والضرب والسباب، واستكملت بإهانته وفقا لشعوره بالتعرى بالإكراه مؤكدا أن معسكر طرة أغلب من فيه من القصر من بينهم شاب يرتدى جاكيتا أسود ممزقا وبنطلون جينز ودائم البكاء.. وتحت مسمى «عنابر الموت» روى حسام عن الغرف المغلقة التى يتم إجبار المعتقلين على خلع ملابسهم والبقاء بالملابس الداخلية فقط، فيقول «ويتم رش المياه علينا وتركنا عرايا والعساكر بيضربونا فى كل الضلوع، قلعونا هدومنا وكل اللى موجود قلع واتضرب واللى يعترض بيتضرب زيادة وسط صراخ أطفال أعمارهم ما بين 13-15 بالغرف المغلقة المجاورة»، وخروج منها صوت متواصل من الصراخ من جراء التعذيب ورأى جرحا عميقا لشاب وآخر عينيه بها تورم والأجسام جميعها إصابات من الضرب، مشيرا إلى أن الغرفة كانت محروقة بأكملها ولم يعطوا لنا فرصة الاتصال بأهالينا وطلبت من عسكرى قال لى «الضابط مانع».
ما بين 22- 27 معتقلا احتجز محمد خالد، 17 سنة، بمعسكر طرة الذى اشتهر على صفحات الإخوان على «فيسبوك» أنه من ضمن أحد قيادات البلاك بلوك رغم أنه لم ينتمى إليهم ولكن لارتدائه تيشيرت أسود اتهمه بالانضمام لهم وبدأ التحقيقات معه عن سبب ارتدائه لملابس سوداء وعن سبب النزول الميدان، وخلال التحقيقات سأله الضابط «قولى يا عم السياسى بقى بتنزلوا الميدان ليه؟» وجاء رده «لما تبطلوا الافترا اللى بتعملوه فى الشعب.. لما تبطلوا ترموا جثث الثوار فى الزبالة.. لما تبطلوا تعروا فى الناس»، فعاقبه بإجراء التحقيق لمدة تزيد على ساعة واقفا واستدعى مجندا ليكمل عليه الضرب على الوجه والرأس.
خالد أكد رواية طارق برؤية شاب تم تعذيبه فى اليوم أكثر من المرة بالكهرباء، وعلى نحو 17 طفلا بالزنزانة وجميعهم مضروبون كما روى عن الطريقة الذى تم اعتقاله بها وتبين من روايته أنه كان يسير يوم الأربعاء 30 يناير بالقرب من دار القضاء قبل حدوث الاشتباكات وفوجئ بسحله لداخل دار القضاء والذى وجد بداخلها فرق 777 الملثمة. ووجه رسالة إلى الرئيس محمد مرسى «مصر ما زالت ثائرة وستظل ثائرة والثورة مستمرة ولن تنكسر بالتعذيب والإرهاب». ورأى الدكتور محمد هاشم، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، فى تحليل نفسيات الجنود الأمن المركزى الذين تحولوا داخل المعسكرات إلى جلادى النظام، قائلا «الصغار يتنافسون فى الإيذاء الجسدى والنفسى ويتفننون فى إرضاء الكبار، ومن خلال رسم صورهم الجسدية وبذاءة لسانهم وقساوة نفوسهم وخلوهم من أى إحساس إنسانى.
http://egy-n.com/news/v/4778?v=1