حقيقة التوكل على الله
السؤال للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
ما حقيقة التوكل على الله ؟
أجاب - رحمه الله تعالى - : حقيقة التوكل على الله عز وجل تفويض أمرك إلى الله، كما قال الله تعالى عن مؤمن آل فرعون: (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله) . أن يفوض الإنسان أمره إلى الله، ويصدق في الاعتماد عليه في جلب المنافع ودفع المضار، ويثق في الله عز وجل وبوعده، ويفعل الأسباب الشرعية والحسية التي أمر الله بها، هذا هو التوكل. وأنت إذا اعتمدت على ربك على هذا الوصف فإن الله تعالى حسبك وكافيك؛ لقول الله تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) . ونحن نقر بذلك-أي: بالتوكل على الله، أو بما يتضمنه- في كل صلاة، نحن نقول في كل صلاة: (إياك نعبد وإياك نستعين) . والاستعانة تستلزم تفويض الأمر إلى الله عز وجل، وأنه ليس لنا حول ولا قوة ولا قدرة على العبادة إلا بمعونة الله، ولكن لا بد من فعل الأسباب الموصلة إلى المقصود، شرعية كانت أم حسية. فمن قال: أنا أعتمد على الله وأتوكل عليه في حصول الولد، ولم يتزوج كان كاذبا في توكله، لا بد أن يتزوج، والزواج هو الوسيلة الشرعية لحصول الولد. ومن قال: أنا أعتمد على الله، وألقى نفسه في النار، أو ألقى نفسه في اليم وهو لا يعرف السباحة، نقول: أنت كاذب، لا بد أن تفعل الأسباب الواقية من النار أو من الغرق. ولهذا كان سيد المتوكلين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كان يأخذ بالأسباب الحسية مع صدق توكله على الله، فكان عليه الصلاة والسلام في الحرب يلبس الدرع، والدرع عبارة عن درع من حديد يقي السهام والحراب، وربما لبس درعين زيادة في الوقاية، كما فعل ذلك يوم أحد. فلا بد من فعل الأسباب النافعة، شرعية كانت أم قدرية حسية، من أجل أن يحصل لك المقصود في اعتمادك على الله عز وجل.
فتاوى نور على الدرب
للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -