مصر تحت حكم بنى إسرائيل الجدد"خالد البرى"
الإخوان يشبِّهون كل حاكم مصرى لا ينتمى إليهم بفرعون، والإعلاميين بسحرة فرعون، وكل كارثة تحلّ على مصر باللعنات التسع التى أصابتها بسبب «ظلمها لبنى إسرائيل». ويربُّون أبناءهم على الاقتداء ببنى إسرائيل، يوسف (على خزائن الأرض) وموسى (القوى الأمين)، ويستقون أحكامهم من أفعال بنى إسرائيل فى مصر، ويتزوجون من أنفسهم لا من الفلاليط المصريين، كما كان يفعل بنو إسرائيل، ويسوقون وعود نصر المستضعفين التى خاطب بها إلهُ إسرائيل بنيه. لكنهم يغضبون إن قلنا عليهم إنهم بنو إسرائيل الجدد. أليس هذا غريبا؟
الإسلامجية لا يدركون الفارق الشاسع بين دلالة الكلام عند القائل، ودلالته عند السامع. لقد أعطوا أنفسهم مطلق البراح لتطبيق آيات شعب الله المختار على أنفسهم. دون أن ينتبهوا إلى أنهم -فى تزكيتهم لأنفسهم- يتهمون من حولهم، وينفرونهم ويُقْصونهم. تماما كما حدث مع اليهود فى الأزمنة القديمة. دون أن ينتبهوا إلى أن خطابهم يترجَم عند السامعة إلى حكم طائفى، كحكم العلويين فى سوريا أو حكم السُّنة فى العراق، أو تسلط الشيعة على لبنان، أو حكم البيض لجنوب إفريقيا. كلها أوجه لنفس العنصرية. دون أن ينتبهوا إلى أن الخصوم -نحن- لا يعنينا أن تحاول القضاء علينا باستخدام نص مقدس أم لا. فى كل الأحول سنقاومك. لذا فحقيقة الوضع الآن، مع هذا الخطاب الإسلامجى، أن بنى إسرائيل، بدل أن يهربوا من «بطش فرعون»، وينشقّ لهم البحر، ويتيهوا فى الصحراء، ثم يذهبوا إلى أرضهم الموعودة، قد بقوا فى مصر، وحكموها.
بنو إسرائيل الجدد من الإسلامجية لا يعنيهم هذا الكلام، إنما أريد أن أنبه المصريين. هذه قصة قديمة يُعاد إنتاجها بنهاية أسوأ. إذ إن بنى إسرائيل الجدد فى حكمهم القصير قد أظهروا من قساوة القلب، ومن النفور من المصريين، ما فاق إسرائيل نفسها. واسمعى إلى شيوخهم وقواعدهم وهى تعلق على المواطن المصرى الذى عُرِّى وسُحل على أيدى شرطتهم أمام «الاتحادية». من أول «كانوا حرقوه» وصولا إلى «كان لازم يصلبوه». وتذكّرى قصة المصرى الذى قتله موسى الإسرائيلى لمجرد أنه كان يتعارك مع إسرائيلى آخر. فى القصة الحاضرة، فإن موسى بدل أن يقتل المصرى ويهرب قد صار حاكما لمصر، يقتل من يشاء ويبقى. باختصار: هؤلاء الناس يعتبرون أنفسهم بنى إسرائيل ضد فرعون وسحرة فرعون وقوم فرعون (المصريين)، وما علينا إلا أن نعتبرهم كذلك بالفعل وأن ندافع عن مصر.
إن استدعاء الخطاب الدينى، فى الحالة المصرية بالذات، يفيد الإسلامجية مؤقتا، لكنه سينقلب عليهم لأنه يصيب المصريين بارتباك. المصرية قد تسمع قصة فرعون وموسى وهى فى المسجد، فتتعاطف معه كنبىّ، لكنه تعاطُف درامىّ، كتعاطف مع مسلسل تليفزيونى. أما حين يحاول الإسلامجية تطبيق نفس القصص على الحياة اليومية للمصريين، فهنا الكارثة. وعلى المصريين العاديين، من غير طائفة الإسلامجية أن ينتبهوا.
ثم إن المصريين -ما عدا الإسلامجية- يحبون الفراعنة، ويتباهون بهم. كإنسان اغترب عن مصر ?? سنة، لم يكن لى من مجال للفخر إلا ما فعله الفراعنة. ونحن نسمى منتخباتنا الرياضية الفراعنة. ونعرف أن الفراعنة لا يزالون ينفقون علينا إلى يومنا هذا. فهل يتخيل إنسان أن نكره أجدادنا الذين ننعم فى خيراتهم إلى الآن، وأن نحب أحفاد بنى إسرائيل، أو أولاد عمومتهم، الذين كانت مصر بالنسبة إليهم «خَرَاجًا وجزية»؟! هل هذا معقول؟!
اختبار بسيط. اذهبى إلى فصل دراسى فى أى مجتمع غريب، والعبى لعبة. اطلبى من طفل مصرى أن يرسم رسمة واحدة تعرّف بقية الأطفال ما هى بلده. لو رسم حاجة غير الأهرامات أبقى مابافهمش حاجة. ولو رسم الأهرامات يبقى الإسلامجية -بنو إسرائيل الجدد- مايفهموش حاجة، ولا هيفهموا. والصراع بيننا وبينهم سيستمر حتى ننتصر لمصر، على أتباع يعقوب، بغض النظر عما يظنونه بأنفسهم وما يظنونه بنا. وستتكرر مشاهد «الاتحادية»، مهما ندد السياسيون بالعنف، حتى ينزل بنو إسرائيل عن حكم مصر، أو يعودوا عن طائفيتهم.
رغم كل المساوئ، هى فرصة جيدة لكى يدرك شعب مصر -فى عهد التدوين والتوثيق- كيف كان «يُحكم» فى ظل الدولة الإسلامية. هكذا يفعل فيه الإسلامجية الذين تربُّوا فى بلده، فما بالكم ماذا كان يفعل فينا الغرباء.
الإسلامجية لا يدركون الفارق الشاسع بين دلالة الكلام عند القائل، ودلالته عند السامع. لقد أعطوا أنفسهم مطلق البراح لتطبيق آيات شعب الله المختار على أنفسهم. دون أن ينتبهوا إلى أنهم -فى تزكيتهم لأنفسهم- يتهمون من حولهم، وينفرونهم ويُقْصونهم. تماما كما حدث مع اليهود فى الأزمنة القديمة. دون أن ينتبهوا إلى أن خطابهم يترجَم عند السامعة إلى حكم طائفى، كحكم العلويين فى سوريا أو حكم السُّنة فى العراق، أو تسلط الشيعة على لبنان، أو حكم البيض لجنوب إفريقيا. كلها أوجه لنفس العنصرية. دون أن ينتبهوا إلى أن الخصوم -نحن- لا يعنينا أن تحاول القضاء علينا باستخدام نص مقدس أم لا. فى كل الأحول سنقاومك. لذا فحقيقة الوضع الآن، مع هذا الخطاب الإسلامجى، أن بنى إسرائيل، بدل أن يهربوا من «بطش فرعون»، وينشقّ لهم البحر، ويتيهوا فى الصحراء، ثم يذهبوا إلى أرضهم الموعودة، قد بقوا فى مصر، وحكموها.
بنو إسرائيل الجدد من الإسلامجية لا يعنيهم هذا الكلام، إنما أريد أن أنبه المصريين. هذه قصة قديمة يُعاد إنتاجها بنهاية أسوأ. إذ إن بنى إسرائيل الجدد فى حكمهم القصير قد أظهروا من قساوة القلب، ومن النفور من المصريين، ما فاق إسرائيل نفسها. واسمعى إلى شيوخهم وقواعدهم وهى تعلق على المواطن المصرى الذى عُرِّى وسُحل على أيدى شرطتهم أمام «الاتحادية». من أول «كانوا حرقوه» وصولا إلى «كان لازم يصلبوه». وتذكّرى قصة المصرى الذى قتله موسى الإسرائيلى لمجرد أنه كان يتعارك مع إسرائيلى آخر. فى القصة الحاضرة، فإن موسى بدل أن يقتل المصرى ويهرب قد صار حاكما لمصر، يقتل من يشاء ويبقى. باختصار: هؤلاء الناس يعتبرون أنفسهم بنى إسرائيل ضد فرعون وسحرة فرعون وقوم فرعون (المصريين)، وما علينا إلا أن نعتبرهم كذلك بالفعل وأن ندافع عن مصر.
إن استدعاء الخطاب الدينى، فى الحالة المصرية بالذات، يفيد الإسلامجية مؤقتا، لكنه سينقلب عليهم لأنه يصيب المصريين بارتباك. المصرية قد تسمع قصة فرعون وموسى وهى فى المسجد، فتتعاطف معه كنبىّ، لكنه تعاطُف درامىّ، كتعاطف مع مسلسل تليفزيونى. أما حين يحاول الإسلامجية تطبيق نفس القصص على الحياة اليومية للمصريين، فهنا الكارثة. وعلى المصريين العاديين، من غير طائفة الإسلامجية أن ينتبهوا.
ثم إن المصريين -ما عدا الإسلامجية- يحبون الفراعنة، ويتباهون بهم. كإنسان اغترب عن مصر ?? سنة، لم يكن لى من مجال للفخر إلا ما فعله الفراعنة. ونحن نسمى منتخباتنا الرياضية الفراعنة. ونعرف أن الفراعنة لا يزالون ينفقون علينا إلى يومنا هذا. فهل يتخيل إنسان أن نكره أجدادنا الذين ننعم فى خيراتهم إلى الآن، وأن نحب أحفاد بنى إسرائيل، أو أولاد عمومتهم، الذين كانت مصر بالنسبة إليهم «خَرَاجًا وجزية»؟! هل هذا معقول؟!
اختبار بسيط. اذهبى إلى فصل دراسى فى أى مجتمع غريب، والعبى لعبة. اطلبى من طفل مصرى أن يرسم رسمة واحدة تعرّف بقية الأطفال ما هى بلده. لو رسم حاجة غير الأهرامات أبقى مابافهمش حاجة. ولو رسم الأهرامات يبقى الإسلامجية -بنو إسرائيل الجدد- مايفهموش حاجة، ولا هيفهموا. والصراع بيننا وبينهم سيستمر حتى ننتصر لمصر، على أتباع يعقوب، بغض النظر عما يظنونه بأنفسهم وما يظنونه بنا. وستتكرر مشاهد «الاتحادية»، مهما ندد السياسيون بالعنف، حتى ينزل بنو إسرائيل عن حكم مصر، أو يعودوا عن طائفيتهم.
رغم كل المساوئ، هى فرصة جيدة لكى يدرك شعب مصر -فى عهد التدوين والتوثيق- كيف كان «يُحكم» فى ظل الدولة الإسلامية. هكذا يفعل فيه الإسلامجية الذين تربُّوا فى بلده، فما بالكم ماذا كان يفعل فينا الغرباء.