من الرئيس مرسى الى الشعب المصرى
نشر الكاتب "شريف عبد الهادي" على صفحته خطابا قام بتأليفه ليصل للرئيس محمد مرسي وقال أنها رؤيته في حل الأزمة الحالية .
وكان نص الخطاب كالتالي:
لن أقل هذه المرة أهلي وعشيرتي؛ بل شعبي وسادتي الذين أقسمت أن أكون خادما لهم.. تحية طيبة وبعد.
أتحدث لكم اليوم حديثا خاصا في ظل ظروف عصيبة تمر بها البلاد، وقد انقسم الصف، وتبعثر الشمل، وصارت البلاد كريشة في مهب الريح.
لا أدري في حقيقة الأمر من منكم يسمعني الآن بحسن نية وظن، ومن يسخر ويتهم ويتهكم قبل أن ينتهي الحديث؛ لكني أقسم لكم وأمام رب العالمين -علام النوايا والغيوب- أن حديثي هذا من القلب الذي تمزق من فرط ما تمر به مصر، كنانة الله، وبداخلي أمل أن ننقذ سويا ما يمكن إنقاذه، ونفتح صفحة جديدة، بها شكل الوطن الذي حلمنا به وتمنيناه جميعا.
وبدون الدخول في مقدمات طويلة، واستطراد ممل في الحديث، فقد قررت إقالة الحكومة الحالية، وإسناد تشكيل الحكومة الجديدة للمعارضة المصرية، على أن يتباحثوا بينهم ليستقروا على رئيس الحكومة في أقرب وقت ممكن، وفي حال توافر المؤهلات العلمية والفكرية اللائقة، فسنعطيه صلاحياته كاملة لتشكيل الحكومة.
وفيما يتعلق بالدستور المصري الذي يردد البعض أنه لا يمثلهم نظرا لوجود بعض مواد الخلافية فيه، فقد قررت الاجتماع بكافة الأطياف المنسحبة من اللجنة التأسيسية للدستور بنفسي، ومعي رئيس اللجنة المستشار حسام الغرياني وعدد من فقهاء القانون في اجتماع يبث على الهواء مباشرة لعرض مستجدات الأمر على الشعب أولا بأول، ومتابعة إزالة الخلاف واللغط حول الدستور المستفتي عليه شعبيا.
وأعدكم بإزالة كافة العقبات والخلافات داخل الدستور، حتى يشعر كل مصري أن هذا الدستور يمثله ويعبر عنه.. رجلا كان أم أمرأة.. مسلما أم قبطيا.. طفلا أم شابا أم كهلا.
وفيما يتعلق بحقوق وواجبات الإخوة الأقباط الذين يشعرون بالإقصاء فهناك لقاء خاص بالأنبا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية، وعدد من الأساقفة والمفكرين المسيحيين، لمعرفة مطالبهم ومشكلاتهم، والعمل على سرعة حلها، حتى يشعر كل مصري أن مصر أم الدنيا هي وطنه، بلا أي تمييز طائفي أو عنصري، حيث يقف الجميع على أرضية ثابتة من الحقوق والواجبات والمواطنة.
إخواني المواطنون.. لقد سمعت كثيرا عن مطالبكم بتقنين جماعة الإخوان المسلمين، حتى تصبح لها هوية قانونية، وها قد أمرت بتقنين أوضاع الجماعة ونشر ذلك التقنين في الجريدة الرسمية للبلاد، لعرضها على الشعب والقوى السياسية، حتى تقر أعينكم وتطمئن قلوبكم أن ولائي لمصر والمصريين جميعا، وليست لفصيل أو تيار محدد حتى وإن وصلت لسدة الحكم من خلاله.
ومثلما وعدت قبل أن أصل إلى الحكم وأصبح خادما للشعب المصري، أن دماء شهدائنا ومصابينا في رقبتي، وحاولت الوفاء بهذا العهد من خلال تعيين النائب العام الحالي، إلا أن هذا التعيين قد قوبل بالرفض والاستنكار، لذا ها أنا ذا أنزل على رغباتكم، وأقر باحترام استقلال السلطة القضائية، وآمر بإقالة النائب العام الحالي، مع إسناد مهمة تعيين النائب العام الجديد للمجلس الأعلى للقضاء.
وفور الاستقرار على نائب عام جديد، سيتم إعادة فتح التحقيقات في كافة القضايا المتعلقة برموز النظام السابق في ظل ما توفر حاليا من أدلة جديدة قد تغير مسار القضايا سواء المحكوم فيها أو التي لازالت تنظر في ساحات القضاء.
أما بخصوص الشهداء والمصابين الذين سقطوا في الفترة الانتقالية عقب تنحي الرئيس المخلوع، سواء في أحداث مسرح البالون، أو محمد محمود أو مجلس الوزراء وغيرهم، فسيتم التحقيق في كافة الأدلة المتوفرة لدينا، ولن نستثني أحدا من التحقيق أو الحساب، لذا فقد أصدرت قرارا جمهوريا بمنع سفر كل من المشير محمد حسين طنطاوي، والفريق سامي عنان، حرصا على الشفافية والوضوح، ولنترك القضاء يأخذ مجراه.
وفيما يتعلق بالجرائم والدماء التي سالت في عهدي فسيتم التحقيق فيها فورا، طالبا ممن كل من لديه أي دليل أو فيديو أو صورة أو وثيقة بسرعة تقديمها للعدالة.
أبناء الشعب المصري العظيم.. أعلم تماما أن بعضكم من فرط المحنة والألم، لم يعد يبالي سوى بلقمة العيش وتوفير أدنى متطلبات الحياة الكريمة، لذا فمعظم المطالب الفئوية واحتجاجات العمال واعتصاماتهم يمكن حلها بتجاوز المحنة الاقتصادية، ومن هنا أبشركم جميعا بأن الوضع لن يبقى هكذا، وأتعهد بزيادة الدخول؛ بل بمضاعفاتها خلال الفترة المقبلة، عن طريق وضع جدول اقتصادي يستغل كافة وموارد مصر، ويبحث في كافة المشروعات الواجب القيام بها من أجل نهضة هذا البلد، ثم طرح المشروعات التي تحتاج إلى ميزانيات ضخمة إلى اكتتاب شعبي للمصريين فقط، على أن يتم بدء زيادة الأجور ومضاعفتها فور زيادة الإنتاج والدخل القومي، بما يضع الكرة في ملعبنا جميعا حكومة وشعبا، حتى نطرح بدورنا تطوير المؤسسات الحكومية ونزيد المشروعات القومية، وتعملون بدوركم على زيادة الإنتاج حتى تجنوا ثمار تعبكم ونهضة بلادكم.
وفيما يتعلق بالجانب الأمني، فقد أصدرت أوامري بإعادة هيكلة وزارة الداخلية لتصبح جهازا مستقلا أسوة بالدول المتقدمة، وطرحت الأمر للدراسة والتعديل من جانب المتخصصين، سواء الخبراء الأمنيين أو الخبراء في علوم الإدارة.
إخواني وأخواتي من الشعب المصري العظيم.. إن مصر لديها الكثير من الكفاءات العلمية وأصحاب الخبرات الفريدة الذين استفادت منهم الدول المتقدمة، في شتى مجالات العلوم والفكر الإنساني، لذا أناشدهم جميعا بالعودة لبلادهم وتقديم يد العون وإمدادنا بكامل خبراتهم وسنقدم لهم الدعم الكامل، ونبذل معهم قصارى جهدنا لتحويل أفكارهم ومقترحاتهم إلى واقع.
أناشد المهندس هاني عازر بالرجوع لتطوير مترو الأنفاق.. أناشد الدكتور سمير نجيب بانوب في وضع أسس نظام التأمين الصحي الشامل في مصر كما فعلها في الولايات المتحدة، بعد رسم السياسات الصحية وإدارة المستشفيات.. أناشد كل مصري ومصرية لديهم فكرة أو مقترح داخل أو خارج مصر أن يتقدموا إلى جهاز "تطوير مصر" الذي أصدرت قرارا جمهوريا بإنشائه لاستقبال أفكاركم، ومقترحاتكم، ومشروعاتكم، لتحويلها إلى واقع أفضل ينشل مصر من كبوتها وعثرتها.
إخواني المصريون.. أخواتي المصريات.. لقد وعدناكم بنهضة مصر، وعلينا الالتزام بما وعدنا حتى نفي بالأمانة ونخفف من ثقل الحساب حين نقف بين يدي المولى عز وجل يوم الحساب.. لا أنكر الخطأ أو التقصير، وهذا وارد في أي دولة بالعالم، لكني أحاول التطهر بين أيديكم الآن، وأعتذر عما بدر مني، وأطلب منكم وأطالبكم أن تعينونني في رأب الصدع ولم الشمل.
دعونا نطوي صفحة الماضي ولا نلتفت إلى إلقاء التهم وتبادل الاتهامات، ونبدأ من حيث نقاط الاتفاق حتى نصل للمصلحة العليا للبلاد وننحي باقي المصالح والأطماع الشخصية، على الأقل في المرحلة الحالية التي انقسم فيها المصريون، إذ أننا نعلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، مع الوعد بعدم الترشح لولاية ثانية؛ لكن على الأقل دعونا نبني مصر في هذه الولاية الحالية ونسلمها لمن يقع عليه اختيار الأغلبية في حال أفضل ليمضي بها قدما نحو التقدم والنهضة، وكلي استعداد لتقديم نفسي للمحاكمة بعد انتهاء مدتي حتى تقتصوا مني إن لم أحقق ما التزمت بتقديمه وتحقيقه، وأطالبكم أيضا بتنفيذ ما عليكم تجاه بلدكم العظيم مصر، حيث أن المسئولية مشتركة، وتقع على كاهلنا جميعا.
والله ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.