خالد الصفتي يكتب( صَدَق صفوت حجازي ..والخلافة الإسلامية قادمة! )
بقلم- خالد الصفتي
من ينظر في التاريخ بعمق - ولايكتفي بالقراءة و(السّرحان) والانطلاق بالخيال - سيصل إلى الكثير من القناعات، وغالباً سيفقد قدرته على الدّهشة والمفاجأة!
فما أصدق مقولة ذلك الشيخ الذي قد عجنه الدهر وحفر بصماته على وجهه: (لاجديد تحت الشمس)!
والتاريخ الإسلامي ثري وزاخر بالأحداث والصراعات والانتصارات والفتوحات، من يوم أن كانت بداية الخلافة الإسلامية بنظام الوراثة في عهد معاوية بن أبي سفيان الذي أسس الدولة الأموية، منذ 41 هـ وحتى 132 هـ، والتي قضى عليها الخليفة العباسي أبو العباس (السفاح) ثم وضع أركان الدولة العباسية، واستمرّت هذه الدولة طويلاً كدار لخلافة المسلمين في العالم من الصين إلى المغرب، حتى انتهت نهاية مأسوية على يد التتار سنة 656 هـ وقُتل فيها الخليفة الأخير في دولة بني عباس ''المستعصم بالله بن المستنصر'' قتلة مهينة بعد أن لفّوه في (سجادة) وركلوه بأقدامهم حتى الموت!
ثم دمّروا بغداد تدميراً، لم يتركوا فيها شيئاً على حاله، الذهب والأموال نهبوها، البيوت والقصور هدموها، حتى الكتب لم يهملوها فأحرقوها، والنساء والأطفال (ذبحوها)! وسالت دماء المسلمين أنهاراً حتى اصطبغ الفرات باللون الأحمر!
وظل المسلمون بلا خليفة حتى سنة 660 هـ، لكن السلطان ''بيبرس'' ملك مصر أراد للخلافة أن تعود غيرة منه على دينه وعلى قبلة المسلمين السياسية التي تلاشت بعد أن صاروا بلا خليفة يجمعهم ويوحدهم، فاستدعى ''المنتصر بالله أبو القاسم أحمد'' ابن الخليفة الظاهر بأمر الله من بغداد، واستقبله أحسن استقبال وقام بيبرس بإثبات نَسَبه فبايعه الناس وعاد لمقر الخلافة ببغداد، ولكنه قُتل بعدها بعدة أشهر في شهر محرم سنة 660 هـ، ولم يجد بيبرس بداً من نقل مقرّ الخلافة إلى مصر (المستقرة)، وتمت مبايعة ''أبو العباس الحاكم بأمر الله'' وأنزله بالبرج الكبير في القاهرة وخطب له على المنابر ونقش اسمه على العملات وانتقلت بذلك الخلافة من بغداد إلى مصر لتكون في حماية الديار المصرية وحماية الظاهر بيبرس، واستمرّت في عصر المماليك إلى سنة 923 هـ، حتى أنهاها السلطان العثماني سليم الأول في نفس العام الذي كان بداية لانتقال الخلافة إلى الأستانة حاضرة الدولة العثمانية!
وكانت الأعوام التالية أعوام خيرٍ وعزة للدولة الإسلامية خاصة تحت حكم السلطان (والخليفة) العظيم سليمان القانوني، ويكفي أن نذكر أن مركز الدولة الإسلامية في هذا العصر كان أقوى بكثير من مركز الولايات المتحدة الأمريكية الآن!
يكفي أن نعرض رده على رسالة استغاثة ملك فرنسا به عام 1526م عندما وقع أسيراً في يد الإسبان لتكشف عن قوة الدولة الإسلامية في ذلك العصر التليد:
نص الرسالة:
(الله العلي المعطي المغني المعين
بعناية حضرة عزة الله جلّت قدرته وعلت كلمته، وبمعجزات سيد زمرة الأنبياء، وقدوة فرقة الأصفياء محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم الكثيرة البركات، وبمؤازرة قدس أرواح حماية الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وجميع أولياء الله.
أنا سلطان السلاطين وبرهان الخواقين، أنا متوج الملوك ظلّ الله في الأرضين، أنا سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والبحر الأحمر والأناضول والروملّي وقرمان الروم، وولاية ذي القدرية، وديار بكر وكردستان وأذربيجان والعجم والشام ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب والعجم وبلاد المجر والقيصر وبلاد أخرى كثيرة افتتحتها يد جلالتي بسيف الظفر ولله الحمد والله أكبر
أنا السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد..
إلى فرانسيس ملك ولاية فرنسا:
وصل إلى أعتاب ملجأ السلاطين المكتوب الذي أرسلتموه مع تابعكم ''فرانقبان''، وأعلمنا أن عدوكم استولى على بلادكم، وأنكم الآن محبوسون، وتستدعون من هذا الجانب مدد العناية بخصوص خلاصكم، وكل ما قلتموه عرض على أعتاب سرير سدّتنا الملوكانية، وأحاط به علمي الشريف على وجه التفصيل، فصار بتمامه معلوماً. فلا عجب من حبس الملوك وضيقهم، فكن منشرح الصدر، ولا تكن مشغول الخاطر، فإننا فاتحون البلاد الصعبة والقلاع المحصنّة وهازمون أعداءنا، وإن خيولنا ليلاً ونهارًا مسروجة، وسيوفنا مسلولة، فالحقّ سبحانه وتعالى ييسر الخير بإرادته ومشيئته، وأما باقي الأحوال والأخبار تفهمونها من تابعكم المذكور، فليكن معلومكم هذا.
تحريرا في أوائل شهر آخر الربيعين سنة 932 من الهجرة النبوية الشريفة 1525 من الميلاد.. بمقام دار السلطنة العليّة القسطنطينية المحروسة المحمية.. انتهت).
- بمناسبة هذه الرسالة تحضرني لفتة ذكية بدرت من رئيس الوزراء التركي ''رجب طيب أردوجان'' عام 2011 عندما قدّم هدية تذكارية للرئيس الفرنسي ''نيكولا ساركوزي'' كان الغرض منها إحراجه وتذكيره بفضل تركيا على بلاده!
أراد أردوجان من وراء هذه الهدية أن يلقن ساركوزي درساً في كيفية التعامل مع الأمم الكبيرة بعد أن رفض أن يقوم بزيارة رسمية لتركيا كرئيسٍ لفرنسا، وأختار أن يزورها كرئيسٍ لمجموعة العشرين وأن تكون مدة الزيارة قصيرة جداً لا تتجاوز 6 ساعات مما أثار استياء تركيا فضلاً عن استيائها أصلاً من موقفه الرافض لانضمامها إلى عضوية (الاتحاد الأوروبي)!
والهدية كانت نسخة من هذه الرسالة التي وضعناها بالمقال، ولم ينسَ أن يذكّره بأن السلطان سليمان قد أوفى بوعده وأرسل إلى ملكهم قوة عسكرية حررته من الأسر!
- ولكن الدّول لاتبقى على حالها، فضلاً عن معاول الفساد والضعف التي ظلت تهدم قواعد الدولة عاماً بعد عام وقرناً بعد قرن، فتمكن الغرب بمعاونة اليهود في إنهاء هذه الدولة العظيمة على يد عميلهم (مصطفى كمال أتاتورك) في عهد آخر السلاطين العثمانيين ''محمد وحيد الدين'' في 27 رجب 1342هـ حين أعلن عن قيام جمهورية تركيا العلمانية، وتشتت المسلمون في أكثر من أربعين دولة انقضّت عليها دول الاستعمار كإرثٍ وتركةٍ تقاسمها الإنجليز والفرنسيون والإيطاليون والهولنديون والبرتغاليون والإسبان، وقُسّمت بالمسطرة في اتفاقية ''سايكس بيكو'' سنة 1916 م. ثم اتفاقية ''سان ريمو'' سنة 1920م، بعدما أعلنوا رسميا هزيمة الدولة العثمانية وسقوطها في العام 1924م.
وهكذا فإنه لم يمرّ على نهاية الخلافة الإسلامية مائة عامٍ حتى الآن، وهي في عُمر التاريخ (هنيهة)، ولايوجد ما يمنع من عودتها مرة أخرى ككيانٍ سياسيٍّ كبيرٍ يجمع كل بلاد الإسلام تحت رايةٍ واحدةٍ، ولكن!
وقبل أن نفصّل (لكن) هذه، يجب أن نلمّ بأسباب تداعي كل دولة من دول الخلافة على مدار هذا التاريخ الطويل، مع التسليم بأن لسقوط كل دولة منها أسبابها الخاصة، بيْد أن السبب المشترك بينها جميعاً هو الراحة والدّعة والتراخي التي يؤدي إليها طول الأمد، علاوة على الفساد والضعف العسكري..
كيف لا و(القوة العسكرية) كانت هي سبب قيام كل دولة في بدايتها وقبضها على راية الخلافة!
نعود من جديد إلى (لكن) وأهمس في أذن الشيخ ''صفوت حجازي'' بأني أوافقه في دعوته (الشهيرة) في هذا الشأن، وأوافق كل التيارات الإسلامية في أن الخلافة عائدةٌ بإذن الله، لكن متى؟ وعلى يد من؟
لن نتحدث عن واقع (مصر) أو عن واقع أي بلدٍ إسلامي في الوقت الراهن، فالحديث لن يضيف جديداً عما نعيشه ويعيشه مايزيد عن مليارٍ ونصف المليار من المسلمين في أركان كوكبنا الأرضي من ضعفٍ وهوانٍ وتبعية إجبارية للغرب!
الأكثر جدوى أن نتحدث عن (مقوّمات) الدولة الإسلامية (القادرة) على اتخاذ مثل هذه الخطوة بحزمٍ، وفرض إرادتها على العالم في هذا العصر!
فلابد أن تملك هذه الدولة من المقومات الاقتصادية والعسكرية والبشرية ما يجعل منها ندّاً للقوة الأولى في العالم سواء كانت (أميركا) أو غيرها، وقتها يكون اتخاذها لهذا (القرار) حُكماً نهائياً لا نقض فيه ولا إبرام وسيُفرض كقرارٌ إسلامي حر، لاتملك أي دولة أن تمنعه بالقوة طالما صدر من (منصّة القوة)!
هل تعود الخلافة على أيدي حكوماتً تعاني الوهن والجهل والفقر وبطالة شعوبها؟ هل تعود على أيدي بلاد لاتملك غذاءها ولا قرارها واقتصادها في الحضيض؟
لو أعلنّا (الجهاد) اليوم سنكون مثار سخرية وإشفاق كل شعوب الأرض، فلاتنسَ أيها (الشيخ السياسي) أن الله سبحانه أمرنا أن نأخذ بالأسباب، وقال في قرآنه الحكيم:
(وأعدّوا لهم ماستطعتم من قوة).. فهل أعددنا ما استطعنا؟!
نحن نعيش عصور يطلق عليها التاريخ (عصور اضمحلال)، فيجب على كل الأنظمة الإسلامية بلا استثناء إن أرادت الحديث عن (الخلافة الإسلامية) أن (تضغط على نفسها قليلاً) وتعلي قيمة العلم.. فبالعلم وحده يمكن أن تمثّل هذه الأنظمة بلاداً محترمة!
- زوبعة هدايا المؤسسة الصحفية العريقة لمبارك وآله ونظامه - تم تعاطيها بمنطقٍ معكوس، أو -على أقل تقدير- بمنطقٍ يغازل كارهي مبارك وما أكثرهم، فحديث الرسول الكريم (لعن الله الراشي والمرتشي) قدّم (الراشي) على المرتشي فالاثنان مجرمان، لكن جرم الراشي أكبر، والراشي هنا مؤسسة صحفية عُرف عنها الكثير من قضايا الفساد، وحوسب عدد من مسؤوليها عن رشاوى واختلاسات، وما إلى ذلك، فضلاً عن نظامها (العائلي) في تعيين موظفيها، حيث تنتشر فيها (العائلات العاملة) الأب والابن والأخ وربما الزوجة!
لم نسمع حتى الآن عن محاسبة المسؤول عن تقديم تلك (الرشاوى) وكأنه فعل شيئاً بريئاً طبيعياً، لاجُرم فيه!
من ينظر في التاريخ بعمق - ولايكتفي بالقراءة و(السّرحان) والانطلاق بالخيال - سيصل إلى الكثير من القناعات، وغالباً سيفقد قدرته على الدّهشة والمفاجأة!
فما أصدق مقولة ذلك الشيخ الذي قد عجنه الدهر وحفر بصماته على وجهه: (لاجديد تحت الشمس)!
والتاريخ الإسلامي ثري وزاخر بالأحداث والصراعات والانتصارات والفتوحات، من يوم أن كانت بداية الخلافة الإسلامية بنظام الوراثة في عهد معاوية بن أبي سفيان الذي أسس الدولة الأموية، منذ 41 هـ وحتى 132 هـ، والتي قضى عليها الخليفة العباسي أبو العباس (السفاح) ثم وضع أركان الدولة العباسية، واستمرّت هذه الدولة طويلاً كدار لخلافة المسلمين في العالم من الصين إلى المغرب، حتى انتهت نهاية مأسوية على يد التتار سنة 656 هـ وقُتل فيها الخليفة الأخير في دولة بني عباس ''المستعصم بالله بن المستنصر'' قتلة مهينة بعد أن لفّوه في (سجادة) وركلوه بأقدامهم حتى الموت!
ثم دمّروا بغداد تدميراً، لم يتركوا فيها شيئاً على حاله، الذهب والأموال نهبوها، البيوت والقصور هدموها، حتى الكتب لم يهملوها فأحرقوها، والنساء والأطفال (ذبحوها)! وسالت دماء المسلمين أنهاراً حتى اصطبغ الفرات باللون الأحمر!
وظل المسلمون بلا خليفة حتى سنة 660 هـ، لكن السلطان ''بيبرس'' ملك مصر أراد للخلافة أن تعود غيرة منه على دينه وعلى قبلة المسلمين السياسية التي تلاشت بعد أن صاروا بلا خليفة يجمعهم ويوحدهم، فاستدعى ''المنتصر بالله أبو القاسم أحمد'' ابن الخليفة الظاهر بأمر الله من بغداد، واستقبله أحسن استقبال وقام بيبرس بإثبات نَسَبه فبايعه الناس وعاد لمقر الخلافة ببغداد، ولكنه قُتل بعدها بعدة أشهر في شهر محرم سنة 660 هـ، ولم يجد بيبرس بداً من نقل مقرّ الخلافة إلى مصر (المستقرة)، وتمت مبايعة ''أبو العباس الحاكم بأمر الله'' وأنزله بالبرج الكبير في القاهرة وخطب له على المنابر ونقش اسمه على العملات وانتقلت بذلك الخلافة من بغداد إلى مصر لتكون في حماية الديار المصرية وحماية الظاهر بيبرس، واستمرّت في عصر المماليك إلى سنة 923 هـ، حتى أنهاها السلطان العثماني سليم الأول في نفس العام الذي كان بداية لانتقال الخلافة إلى الأستانة حاضرة الدولة العثمانية!
وكانت الأعوام التالية أعوام خيرٍ وعزة للدولة الإسلامية خاصة تحت حكم السلطان (والخليفة) العظيم سليمان القانوني، ويكفي أن نذكر أن مركز الدولة الإسلامية في هذا العصر كان أقوى بكثير من مركز الولايات المتحدة الأمريكية الآن!
يكفي أن نعرض رده على رسالة استغاثة ملك فرنسا به عام 1526م عندما وقع أسيراً في يد الإسبان لتكشف عن قوة الدولة الإسلامية في ذلك العصر التليد:
نص الرسالة:
(الله العلي المعطي المغني المعين
بعناية حضرة عزة الله جلّت قدرته وعلت كلمته، وبمعجزات سيد زمرة الأنبياء، وقدوة فرقة الأصفياء محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم الكثيرة البركات، وبمؤازرة قدس أرواح حماية الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وجميع أولياء الله.
أنا سلطان السلاطين وبرهان الخواقين، أنا متوج الملوك ظلّ الله في الأرضين، أنا سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والبحر الأحمر والأناضول والروملّي وقرمان الروم، وولاية ذي القدرية، وديار بكر وكردستان وأذربيجان والعجم والشام ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب والعجم وبلاد المجر والقيصر وبلاد أخرى كثيرة افتتحتها يد جلالتي بسيف الظفر ولله الحمد والله أكبر
أنا السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد..
إلى فرانسيس ملك ولاية فرنسا:
وصل إلى أعتاب ملجأ السلاطين المكتوب الذي أرسلتموه مع تابعكم ''فرانقبان''، وأعلمنا أن عدوكم استولى على بلادكم، وأنكم الآن محبوسون، وتستدعون من هذا الجانب مدد العناية بخصوص خلاصكم، وكل ما قلتموه عرض على أعتاب سرير سدّتنا الملوكانية، وأحاط به علمي الشريف على وجه التفصيل، فصار بتمامه معلوماً. فلا عجب من حبس الملوك وضيقهم، فكن منشرح الصدر، ولا تكن مشغول الخاطر، فإننا فاتحون البلاد الصعبة والقلاع المحصنّة وهازمون أعداءنا، وإن خيولنا ليلاً ونهارًا مسروجة، وسيوفنا مسلولة، فالحقّ سبحانه وتعالى ييسر الخير بإرادته ومشيئته، وأما باقي الأحوال والأخبار تفهمونها من تابعكم المذكور، فليكن معلومكم هذا.
تحريرا في أوائل شهر آخر الربيعين سنة 932 من الهجرة النبوية الشريفة 1525 من الميلاد.. بمقام دار السلطنة العليّة القسطنطينية المحروسة المحمية.. انتهت).
- بمناسبة هذه الرسالة تحضرني لفتة ذكية بدرت من رئيس الوزراء التركي ''رجب طيب أردوجان'' عام 2011 عندما قدّم هدية تذكارية للرئيس الفرنسي ''نيكولا ساركوزي'' كان الغرض منها إحراجه وتذكيره بفضل تركيا على بلاده!
أراد أردوجان من وراء هذه الهدية أن يلقن ساركوزي درساً في كيفية التعامل مع الأمم الكبيرة بعد أن رفض أن يقوم بزيارة رسمية لتركيا كرئيسٍ لفرنسا، وأختار أن يزورها كرئيسٍ لمجموعة العشرين وأن تكون مدة الزيارة قصيرة جداً لا تتجاوز 6 ساعات مما أثار استياء تركيا فضلاً عن استيائها أصلاً من موقفه الرافض لانضمامها إلى عضوية (الاتحاد الأوروبي)!
والهدية كانت نسخة من هذه الرسالة التي وضعناها بالمقال، ولم ينسَ أن يذكّره بأن السلطان سليمان قد أوفى بوعده وأرسل إلى ملكهم قوة عسكرية حررته من الأسر!
- ولكن الدّول لاتبقى على حالها، فضلاً عن معاول الفساد والضعف التي ظلت تهدم قواعد الدولة عاماً بعد عام وقرناً بعد قرن، فتمكن الغرب بمعاونة اليهود في إنهاء هذه الدولة العظيمة على يد عميلهم (مصطفى كمال أتاتورك) في عهد آخر السلاطين العثمانيين ''محمد وحيد الدين'' في 27 رجب 1342هـ حين أعلن عن قيام جمهورية تركيا العلمانية، وتشتت المسلمون في أكثر من أربعين دولة انقضّت عليها دول الاستعمار كإرثٍ وتركةٍ تقاسمها الإنجليز والفرنسيون والإيطاليون والهولنديون والبرتغاليون والإسبان، وقُسّمت بالمسطرة في اتفاقية ''سايكس بيكو'' سنة 1916 م. ثم اتفاقية ''سان ريمو'' سنة 1920م، بعدما أعلنوا رسميا هزيمة الدولة العثمانية وسقوطها في العام 1924م.
وهكذا فإنه لم يمرّ على نهاية الخلافة الإسلامية مائة عامٍ حتى الآن، وهي في عُمر التاريخ (هنيهة)، ولايوجد ما يمنع من عودتها مرة أخرى ككيانٍ سياسيٍّ كبيرٍ يجمع كل بلاد الإسلام تحت رايةٍ واحدةٍ، ولكن!
وقبل أن نفصّل (لكن) هذه، يجب أن نلمّ بأسباب تداعي كل دولة من دول الخلافة على مدار هذا التاريخ الطويل، مع التسليم بأن لسقوط كل دولة منها أسبابها الخاصة، بيْد أن السبب المشترك بينها جميعاً هو الراحة والدّعة والتراخي التي يؤدي إليها طول الأمد، علاوة على الفساد والضعف العسكري..
كيف لا و(القوة العسكرية) كانت هي سبب قيام كل دولة في بدايتها وقبضها على راية الخلافة!
نعود من جديد إلى (لكن) وأهمس في أذن الشيخ ''صفوت حجازي'' بأني أوافقه في دعوته (الشهيرة) في هذا الشأن، وأوافق كل التيارات الإسلامية في أن الخلافة عائدةٌ بإذن الله، لكن متى؟ وعلى يد من؟
لن نتحدث عن واقع (مصر) أو عن واقع أي بلدٍ إسلامي في الوقت الراهن، فالحديث لن يضيف جديداً عما نعيشه ويعيشه مايزيد عن مليارٍ ونصف المليار من المسلمين في أركان كوكبنا الأرضي من ضعفٍ وهوانٍ وتبعية إجبارية للغرب!
الأكثر جدوى أن نتحدث عن (مقوّمات) الدولة الإسلامية (القادرة) على اتخاذ مثل هذه الخطوة بحزمٍ، وفرض إرادتها على العالم في هذا العصر!
فلابد أن تملك هذه الدولة من المقومات الاقتصادية والعسكرية والبشرية ما يجعل منها ندّاً للقوة الأولى في العالم سواء كانت (أميركا) أو غيرها، وقتها يكون اتخاذها لهذا (القرار) حُكماً نهائياً لا نقض فيه ولا إبرام وسيُفرض كقرارٌ إسلامي حر، لاتملك أي دولة أن تمنعه بالقوة طالما صدر من (منصّة القوة)!
هل تعود الخلافة على أيدي حكوماتً تعاني الوهن والجهل والفقر وبطالة شعوبها؟ هل تعود على أيدي بلاد لاتملك غذاءها ولا قرارها واقتصادها في الحضيض؟
لو أعلنّا (الجهاد) اليوم سنكون مثار سخرية وإشفاق كل شعوب الأرض، فلاتنسَ أيها (الشيخ السياسي) أن الله سبحانه أمرنا أن نأخذ بالأسباب، وقال في قرآنه الحكيم:
(وأعدّوا لهم ماستطعتم من قوة).. فهل أعددنا ما استطعنا؟!
نحن نعيش عصور يطلق عليها التاريخ (عصور اضمحلال)، فيجب على كل الأنظمة الإسلامية بلا استثناء إن أرادت الحديث عن (الخلافة الإسلامية) أن (تضغط على نفسها قليلاً) وتعلي قيمة العلم.. فبالعلم وحده يمكن أن تمثّل هذه الأنظمة بلاداً محترمة!
- زوبعة هدايا المؤسسة الصحفية العريقة لمبارك وآله ونظامه - تم تعاطيها بمنطقٍ معكوس، أو -على أقل تقدير- بمنطقٍ يغازل كارهي مبارك وما أكثرهم، فحديث الرسول الكريم (لعن الله الراشي والمرتشي) قدّم (الراشي) على المرتشي فالاثنان مجرمان، لكن جرم الراشي أكبر، والراشي هنا مؤسسة صحفية عُرف عنها الكثير من قضايا الفساد، وحوسب عدد من مسؤوليها عن رشاوى واختلاسات، وما إلى ذلك، فضلاً عن نظامها (العائلي) في تعيين موظفيها، حيث تنتشر فيها (العائلات العاملة) الأب والابن والأخ وربما الزوجة!
لم نسمع حتى الآن عن محاسبة المسؤول عن تقديم تلك (الرشاوى) وكأنه فعل شيئاً بريئاً طبيعياً، لاجُرم فيه!