أحداث عقــــــارب
أحداث عقارب ... بين العفوية ورسائل لتطوير الإدارة الأمنية
الأحداث التي جدت بمعتمدية عقارب من و لاية صفاقس على إثر وفاة شاب في مقتبل العمر في حادث مرور تميزت عن بقية الأحداث في البلاد بعبقرية شباب عقارب الذي إستطاع أن يحميها من كل التجاذبات السياسية او العروشية وأن يبعث بها عدة رسائل أهمها الدعوة إلى إعادة النظر في منهجية تعامل الهيكل الأمني مع المواطنين وخاصة التخلي عن السلوكيات الموروثة من العهد البائد لدى الإدارة المنية و لدى الكثير من العناصر فيها...
مساء يوم الجمعة 17 جانفي الماضي توفي أحد أبناء عقارب وشبابها إثر حادث مرور جد على الطريق الوطنية رقم 14، الشاب الهالك وحيد الكوني رحمه الله بائع الذرة تعرفه الناس بتعلق أبنائهم به ، يتهافتون عليه للحصول على بعض الحلوى والذرة ، تجده دائما أمام أبواب المدارس مبتسما يبحث عن رضى الناس و محبة الأطفال ليقتات من وراء كلماته الطيبة وعمله البسيط رزقه و عائلته المميزة ببساطة أفرادها وميلهم للمرح والفرح...
حادث المرور كان عرضيا ومفاجئ لأعوان الحرس الوطني و للهالك رحمه الله والذي كان ممتطيا دراجته النارية، حيث صدمته سيارة الأمن التابعة لسلك الحرس الوطني وبالتحديد لمركز الأمن بعقارب ، هذا المركز الذي بدوره كان يتخبط في مشاكل كبيرة أهمها نقص في الأعوان و خاصة المعدات اللوجستية والعتاد طالما طالب الأهالي وسلط الإشراف بتطويره وتحسين وضعيته ..
إنتشر خبر وفاة وحيد الكوني بسرعة في كامل البلدة فتهافت أقارب الهالك و أهله و جموع من الشباب من أصدقائه ومن مستفسر و من مشاهد و غيرهم.. تهافتوا على مركز الأمن الهزيل للتأكد من النبإ و للمطالبة بالتحقيق و كان في مركز الأمن أنذاك قلة من أعوان، في البداية حاول الأعوان مواساة أهله وأقاربه وذويه و إقناع الحاضرين بعرضية الحادث وعفويته ، وأخبروهم أن العون السائق قد تم إيقافه وأن الحادث قضاء من الله وهذا قدر وعمر المتوفي رحمه الله ..
في بضع سويعات تكاثفت الجموع من صغير و كبير وتعالت الأصوات وبدأت ملامح الفوضى ، طالب أعوان الأمن بتعزيز من قوات فرق التدخل لحماية المشهد من كل إنفلات أمني.. فتغير المشهد من مواساة وحديث صبر و تعزية ونقاشات ومطالبة بالتحقيق في ملابسات الحادث و بحث عن حلول لتهدئة الأجواء..إلى مشهد مؤلم وحزين وحارق و عنيف.. فإذا ببوابل من القنابل السيلة للدموع (الكروموجان) كحل إرتأته القيادة الأمنية الميدانية لتفريق الجموع قابله البعض من الحاصرين و من الشباب بوابل من الحجارة تهاطلت على مركز الأمن و أاعوان قوات التدخل..
وتواصلت المواجهات بين شباب عقارب وقوات التدخل لساعات متأخرة من الليل من يوم الجمعة ، ثم شهدت قليلا من الهدوء في صباح يوم السبت ، وتجددت في شكل كر و فر في مساء السبت و تحول مسرح المواجهات من أمام مركز إلى شوارع المدينة و منها إلى مختلف الأزقة و الأحياء وهو ما أزعج الأهالي بإنتشار الدخان الكثيف للقنابل المسيلة للدموع ... وتغيب عن المشهد وجوه التعقل من الطرفين و خاصة عندما تعالت أصوات الشباب بضرورة طرد الترسانة الأمنية رد عليها بعض العناصر من قوات الأمن بسلوكيات إستفزازية وألفاظ نابية و سب و شتم وغيرها من التصرفات التي ورثوها و تربوا عليها منذ زمن العهد البائد عند البعض منهم.. بين تمسك البعض الآخر من قوات الأمن بإطلاق أكثر ما يمكن من القنابل المسيلة من الدموع...
حاول المعتمد ورئيس البلدية و جموع من العقلاء من مختلف أطياف المجتمع المدني تهدئة الأجواء، ثم التحقت بهم عضو المجلس التأسيسي السيدة حبيبة التركي ابنة المنطقة ، وسارعوا جميعا لطرح حلول تحول دون تأزم المسالة و تصعيدها ، المحتجون من الشباب و الأهالي تعهدوا بحماية البلدة وأهلها ومؤسساتها والإلتزام بالهدوء وبتوقف جميع مظاهر الفوضى شريطة مغادرة قوات الأمن للبلدة كما طالبوا بحضور فرقة من الجيش تساعدهم على ذلك، وأعتبروا أن قوات الحرس الوطني هي طرف في الحادث وهي التي بادرت و إختارت التصعيد .. وبإتفاق مع السيد والي صفاقس لإنجاح هذه المبادرة و حضرت بالمنطقة فرقة من الجيش لاقت ترحيبا من المواطنين .. وتم عرض الإقتراح على قوات الدخل من الحرس الوطني لكن بعض العناصر من قوات الحرس و بعض قياداتهم الميدانية رفضوا الإنسحاب و أعتبروه إخلالا بواجبهم في حماية مقر مركز الحرس الوطني مؤكدين قدرتهم للسيطرة على الوضع بما لديهم من تعزيزات أمنية ..فقوبلت القنوات السلمية والحوارية بالرفض مما زاد في تأزيم المشهد وإحتقان المحتجين من الشباب ...فوصل الأمر أشده في ظهيرة يوم الأحد 19 جانفي وسدت المنافذ في الشوارع أمام سيارات الأمن وتزايد عدد المحتجين ... فأنقسمت عناصر الأمن بين مؤيد للتحاور وبين رافض... حتى اضطرت وحدات الأمن لمغادرة البلدة تاركين قياداتهم داخل مركز الحرس الوطني.. فتهافت الشباب داخل مبنى المركز .. وأخرجوا ما فيه من أسلحة و سلموها إلى فرق الجيش الرابضة بوسط المدينة.. وعمد بعض الشباب إلى حماية السيد رئيس منطقة الحرس الوطني و نائب رئيس مركز عقارب وحتم نقلهم سالمين إلى أقرب مسجد إلى أن تم نقلهم فيما بعد إلى مدينة صفاقس... وفي بضع لحظات ،شباب عقارب الواعي و المتحلي بمسؤولياته أمام وطنه، يشكل و يكون فرق سعت إلى فتح مداخل المدينة.. و انطلقت في حملات نظافة لشوارع المدينة من كل ما تركته الأحداث من شوائب و مخلفات... ثم تشكلت فرق ولجان لحماية المدينة في ظل الفراغ الأمني وتعهد الشباب بالرباط على ذلك إلى أن تستقر الأمور و تفعل الحلول.. وقد أوشكت الأمور أن تتأزم بشديد إثر تصريحات بعض و سائل الإعلام وخاصة الوطنية 2 التي إتهمت شباب عقارب بالنهب و السرقة في نشرة أنبائها المسائية من يوم الأحد، فضلا عن الوطنية 1 التي لوحت إلى الإضراب العام كخيار لأهالي عقارب أثناء حوارها مع والي صفاقس في نشرة أنباء الثامنة في تغطية أحداث عقارب.. مع أن فكرة الإضراب العام لم تطرح و لم يشار إليها في زخم كل الأحداث.. وتسبب ذلك في غياب العديد من أساتذة المعاهد نتج عنه فوضى لدى بعض التلاميذ إستطاع شباب عقارب السيطرة عليها و إعادة التهدئة ...وبذلك خيبت بعض وسائل الإعلام أمال العديد من المواطنين مما دفع بأطياف من المجتمع المدني برفع دعوى قضائية ضدها.
شباب عقارب من خلال سلوكه الراقي والمسؤول في تعاطيه مع الأحداث التي جدت ببلدته قد أرسل بعدة رسائل إلى كل مسؤول و موظف في الإدارة التونسية بما في ذلك الأمنية بضرورة الإلتزام بما حققته الثورة وخاصة إحترام كرامة التونسيين والإبتعاد عن الطرق والمنهجيات العملية الموروثة منذ الأزمنة البائدة و التي عهدوها و تربوا عليها...
وأن الشباب التونسي قادر على تطهير المؤسسات والإدارات من كل متمسك بتقاليد الماضي والحنين إلى العهود البالية و سيسعى إلى مساعدة الداعين إلى الإصلاح من داخل مؤسساتنا ، حتى تتحقق كل أهداف ثورته المجيدة..في إطار بناء الجمهورية الثانية في كنف الحرية و احترام حق الاختلاف و نبذ الخلاف تجمعه راية واحدة حب الوطن وحصن ثورته من كل ردة وحماية امتدادها و تواصلها لتحقيق كل أهدافها ا مستمدة آليتها من مبادئ عفوية ينسجها ويرسم مناهجها شبابنا بنفسه..
بقلم علي بنــمسمية
إبن عقارب
الأحداث التي جدت بمعتمدية عقارب من و لاية صفاقس على إثر وفاة شاب في مقتبل العمر في حادث مرور تميزت عن بقية الأحداث في البلاد بعبقرية شباب عقارب الذي إستطاع أن يحميها من كل التجاذبات السياسية او العروشية وأن يبعث بها عدة رسائل أهمها الدعوة إلى إعادة النظر في منهجية تعامل الهيكل الأمني مع المواطنين وخاصة التخلي عن السلوكيات الموروثة من العهد البائد لدى الإدارة المنية و لدى الكثير من العناصر فيها...
مساء يوم الجمعة 17 جانفي الماضي توفي أحد أبناء عقارب وشبابها إثر حادث مرور جد على الطريق الوطنية رقم 14، الشاب الهالك وحيد الكوني رحمه الله بائع الذرة تعرفه الناس بتعلق أبنائهم به ، يتهافتون عليه للحصول على بعض الحلوى والذرة ، تجده دائما أمام أبواب المدارس مبتسما يبحث عن رضى الناس و محبة الأطفال ليقتات من وراء كلماته الطيبة وعمله البسيط رزقه و عائلته المميزة ببساطة أفرادها وميلهم للمرح والفرح...
حادث المرور كان عرضيا ومفاجئ لأعوان الحرس الوطني و للهالك رحمه الله والذي كان ممتطيا دراجته النارية، حيث صدمته سيارة الأمن التابعة لسلك الحرس الوطني وبالتحديد لمركز الأمن بعقارب ، هذا المركز الذي بدوره كان يتخبط في مشاكل كبيرة أهمها نقص في الأعوان و خاصة المعدات اللوجستية والعتاد طالما طالب الأهالي وسلط الإشراف بتطويره وتحسين وضعيته ..
إنتشر خبر وفاة وحيد الكوني بسرعة في كامل البلدة فتهافت أقارب الهالك و أهله و جموع من الشباب من أصدقائه ومن مستفسر و من مشاهد و غيرهم.. تهافتوا على مركز الأمن الهزيل للتأكد من النبإ و للمطالبة بالتحقيق و كان في مركز الأمن أنذاك قلة من أعوان، في البداية حاول الأعوان مواساة أهله وأقاربه وذويه و إقناع الحاضرين بعرضية الحادث وعفويته ، وأخبروهم أن العون السائق قد تم إيقافه وأن الحادث قضاء من الله وهذا قدر وعمر المتوفي رحمه الله ..
في بضع سويعات تكاثفت الجموع من صغير و كبير وتعالت الأصوات وبدأت ملامح الفوضى ، طالب أعوان الأمن بتعزيز من قوات فرق التدخل لحماية المشهد من كل إنفلات أمني.. فتغير المشهد من مواساة وحديث صبر و تعزية ونقاشات ومطالبة بالتحقيق في ملابسات الحادث و بحث عن حلول لتهدئة الأجواء..إلى مشهد مؤلم وحزين وحارق و عنيف.. فإذا ببوابل من القنابل السيلة للدموع (الكروموجان) كحل إرتأته القيادة الأمنية الميدانية لتفريق الجموع قابله البعض من الحاصرين و من الشباب بوابل من الحجارة تهاطلت على مركز الأمن و أاعوان قوات التدخل..
وتواصلت المواجهات بين شباب عقارب وقوات التدخل لساعات متأخرة من الليل من يوم الجمعة ، ثم شهدت قليلا من الهدوء في صباح يوم السبت ، وتجددت في شكل كر و فر في مساء السبت و تحول مسرح المواجهات من أمام مركز إلى شوارع المدينة و منها إلى مختلف الأزقة و الأحياء وهو ما أزعج الأهالي بإنتشار الدخان الكثيف للقنابل المسيلة للدموع ... وتغيب عن المشهد وجوه التعقل من الطرفين و خاصة عندما تعالت أصوات الشباب بضرورة طرد الترسانة الأمنية رد عليها بعض العناصر من قوات الأمن بسلوكيات إستفزازية وألفاظ نابية و سب و شتم وغيرها من التصرفات التي ورثوها و تربوا عليها منذ زمن العهد البائد عند البعض منهم.. بين تمسك البعض الآخر من قوات الأمن بإطلاق أكثر ما يمكن من القنابل المسيلة من الدموع...
حاول المعتمد ورئيس البلدية و جموع من العقلاء من مختلف أطياف المجتمع المدني تهدئة الأجواء، ثم التحقت بهم عضو المجلس التأسيسي السيدة حبيبة التركي ابنة المنطقة ، وسارعوا جميعا لطرح حلول تحول دون تأزم المسالة و تصعيدها ، المحتجون من الشباب و الأهالي تعهدوا بحماية البلدة وأهلها ومؤسساتها والإلتزام بالهدوء وبتوقف جميع مظاهر الفوضى شريطة مغادرة قوات الأمن للبلدة كما طالبوا بحضور فرقة من الجيش تساعدهم على ذلك، وأعتبروا أن قوات الحرس الوطني هي طرف في الحادث وهي التي بادرت و إختارت التصعيد .. وبإتفاق مع السيد والي صفاقس لإنجاح هذه المبادرة و حضرت بالمنطقة فرقة من الجيش لاقت ترحيبا من المواطنين .. وتم عرض الإقتراح على قوات الدخل من الحرس الوطني لكن بعض العناصر من قوات الحرس و بعض قياداتهم الميدانية رفضوا الإنسحاب و أعتبروه إخلالا بواجبهم في حماية مقر مركز الحرس الوطني مؤكدين قدرتهم للسيطرة على الوضع بما لديهم من تعزيزات أمنية ..فقوبلت القنوات السلمية والحوارية بالرفض مما زاد في تأزيم المشهد وإحتقان المحتجين من الشباب ...فوصل الأمر أشده في ظهيرة يوم الأحد 19 جانفي وسدت المنافذ في الشوارع أمام سيارات الأمن وتزايد عدد المحتجين ... فأنقسمت عناصر الأمن بين مؤيد للتحاور وبين رافض... حتى اضطرت وحدات الأمن لمغادرة البلدة تاركين قياداتهم داخل مركز الحرس الوطني.. فتهافت الشباب داخل مبنى المركز .. وأخرجوا ما فيه من أسلحة و سلموها إلى فرق الجيش الرابضة بوسط المدينة.. وعمد بعض الشباب إلى حماية السيد رئيس منطقة الحرس الوطني و نائب رئيس مركز عقارب وحتم نقلهم سالمين إلى أقرب مسجد إلى أن تم نقلهم فيما بعد إلى مدينة صفاقس... وفي بضع لحظات ،شباب عقارب الواعي و المتحلي بمسؤولياته أمام وطنه، يشكل و يكون فرق سعت إلى فتح مداخل المدينة.. و انطلقت في حملات نظافة لشوارع المدينة من كل ما تركته الأحداث من شوائب و مخلفات... ثم تشكلت فرق ولجان لحماية المدينة في ظل الفراغ الأمني وتعهد الشباب بالرباط على ذلك إلى أن تستقر الأمور و تفعل الحلول.. وقد أوشكت الأمور أن تتأزم بشديد إثر تصريحات بعض و سائل الإعلام وخاصة الوطنية 2 التي إتهمت شباب عقارب بالنهب و السرقة في نشرة أنبائها المسائية من يوم الأحد، فضلا عن الوطنية 1 التي لوحت إلى الإضراب العام كخيار لأهالي عقارب أثناء حوارها مع والي صفاقس في نشرة أنباء الثامنة في تغطية أحداث عقارب.. مع أن فكرة الإضراب العام لم تطرح و لم يشار إليها في زخم كل الأحداث.. وتسبب ذلك في غياب العديد من أساتذة المعاهد نتج عنه فوضى لدى بعض التلاميذ إستطاع شباب عقارب السيطرة عليها و إعادة التهدئة ...وبذلك خيبت بعض وسائل الإعلام أمال العديد من المواطنين مما دفع بأطياف من المجتمع المدني برفع دعوى قضائية ضدها.
شباب عقارب من خلال سلوكه الراقي والمسؤول في تعاطيه مع الأحداث التي جدت ببلدته قد أرسل بعدة رسائل إلى كل مسؤول و موظف في الإدارة التونسية بما في ذلك الأمنية بضرورة الإلتزام بما حققته الثورة وخاصة إحترام كرامة التونسيين والإبتعاد عن الطرق والمنهجيات العملية الموروثة منذ الأزمنة البائدة و التي عهدوها و تربوا عليها...
وأن الشباب التونسي قادر على تطهير المؤسسات والإدارات من كل متمسك بتقاليد الماضي والحنين إلى العهود البالية و سيسعى إلى مساعدة الداعين إلى الإصلاح من داخل مؤسساتنا ، حتى تتحقق كل أهداف ثورته المجيدة..في إطار بناء الجمهورية الثانية في كنف الحرية و احترام حق الاختلاف و نبذ الخلاف تجمعه راية واحدة حب الوطن وحصن ثورته من كل ردة وحماية امتدادها و تواصلها لتحقيق كل أهدافها ا مستمدة آليتها من مبادئ عفوية ينسجها ويرسم مناهجها شبابنا بنفسه..
بقلم علي بنــمسمية
إبن عقارب