أزمة الثقافة
في الواقع, روح الأمة هي الثقافة... عندما تفقد أمة ثقافتها, تفقد هويتها, وبعبارة أدق تفقد وجودها كله. لم تفقد أمة طوال التاريخ وجودها باجتياح عسكري مهما كان دموياً, ولم يستطع احتلال عسكري على مر التاريخ أن يستمر إن كانت الأمة المستعمرة تمتلك ثقافة المقاومة وإرادة الدفاع عن وجودها, ولم
يستطع أقوى وأعتى استعمار أن يغيّر ملامح أمة إلا إذا نجح في هزيمتها ثقافياً. لم تنجح كل محاولات الفرنسة في إلغاء هوية الجزائر العربية الإسلامية, لأن الشعب الجزائري, كانت لديه المناعة, ظل يربط بين جذوره العربية ومستقبله وكرامته و وجوده لجعل ثقافته العروبية الإسلامية حية نابضة بالقوة والممانعة, وهكذا.. انحسر المستعمر, وانتصرت الجزائر. -2- العراق يواجه محاولات شرسة ليس لتفكيكه جغرافياً وحسب, وإنما لتفكيك العراق ثقافياً, لأن العدو الأمريكي, يعلم قوة الثقافة في تماسك العراق و وحدته, فهو يعمل على إيقاظ ثقافة الطائفة والعرق والمذهب لتكون بديلاً عن ثقافة العروبة والإسلام.. -3- الثقافة العربية والإسلامية في أزمة.. أزمة من الداخل ومن الخارج.. وتواجه معارك خطيرة, لا أحد يستطيع أن يستشرف نهايتها, فالثقافة الأمريكية تدخل إلينا عبر بوابات منازلنا ونوافذها, وعبر الشارع والمدرسة والجامعة والمطعم, وعبر قيم وعادات جديدة في الأكل والشرب والحديث وطقوس الحب والنوم والاستيقاظ والتحية. -4- الثقافة ليست في الشعر والأدب والقصة والرواية وحسب, وإنما هي أيضاً في العادات والتقاليد, وفي السلام والكلام وطريقة النوم والأكل والتفكير, وفي قيم التعامل بين الناس, وفي تناغم العاشق مع حبيبته والزوج مع زوجته وأطفاله.. اعتقد. أننا مع مرور الوقت سنجد أنفسنا قد أصبحنا مشهداً من مشاهد الحياة الغربية في كل شيء, وفي اعتقادي أن كل أجهزة الأمن, وكل جدران الحدود, وكل البنادق المحشوة بالرصاص ليست قادرة على إغلاق هذا الفضاء المشحون بغبار الغرب الذري, وحدها الثقافة الممانعة تستطيع أن تقيم الحواجز, وتفعّل قوة مواجهة. -5- الأمريكيون يعملون على سقوط الثقافة الوطنية في العالم, مليارات الدولارات تنفق لتحطيم الثقافات الوطنية للشعوب, والأوروبيون لديهم الخوف نفسه الموجود لدى شعوب العالم الثالث من تفشي الثقافة الأمريكية, لهذا يحاول الأوروبيون التصدي لهذا الاجتياح الأمريكي بتعزيز ثقافاتهم الوطنية وحمايتها بمزيد من الإبداع الثقافي وبإيقاظ الحالة الوطنية. الثقافة العربية الإسلامية هي أكثر من غيرها في مرمى الأهداف الأمريكية والصهيونية, لأن هذه الثقافة هي القادرة على تحصين العرب والمسلمين وتعزيز دورهم في التاريخ, وحمايتهم من الاندثار أو من الهزيمة أمام المشروع الصهيوني التوسعي. -6- الجدل قائم حول مفهوم الثقافة وماهيتها وأهدافها ونظمها, والعلاقة بين الثقافة والمثقف.. وبين المثقف والسلطة.. الثقافة تتجاوز في مفهومها الواسع الأدب والفنون وتتخطاهما إلى العادات والتقاليد والقيم والمفاهيم الاجتماعية في السلام والتحية والكلام وعادات الأكل والشرب والتفاهم بين الناس. والمثقف ليس هو المتعلم أو الذي يعمل ذهنه وتفكيره في مجال من المجالات, وإنما هو الذي ينتج إبداعاً يوظف في مصلحة الأمة.. الأمة أولاً والعالم نهاية.. وليس العكس.. -7- ((من هو المثقف؟!)) سيظل هذا السؤال سؤالاً إشكالياً, ويطرح على الدوام مجموعة من الأسئلة.. هل هو الضائع التائه بين المقهى والمنزل, وبين العادات الوافدة والمحلية, بين مظهر الشعر الطويل والقصير, بين لفافة التبغ المحلية أو الأجنبية, بين ((البايب)) والنارجيلة, بين كأس العرق وكأس الشاي.. بين الذقن الطويلة أو القصيرة, بين الشارب المطلوق أو المحلوق.. مظاهر لا علاقة لها بالثقافة, إلا أنها باتت حالة إشكالية كبرى, المظهر الغريب بات جزءاً من إشكالية المثقف. في رأيي أن المثقف.. هو المدرك لوجع أمته.. والذي يعمل لتحويل هذا الوجع بعمل إبداعي إلى مشروع نهضوي عبر تنظيمات أو جماعات أو أحزاب أو مشاريع ثقافية تحتضن نبض الأمة وإرادتها و وجهها الحضاري المنفتح على الحب والتسامح والتفاعل والعطاء لتنهض الأمة كلها بكل أطيافها وبكل قدراتها لتجد نفسها في مضمار التفاعل مع الأمم الأخرى لبناء عالم يسوده الحب والتماسك والتراحم.
المصدر: جريدة الوحدة / سليم عبود
يستطع أقوى وأعتى استعمار أن يغيّر ملامح أمة إلا إذا نجح في هزيمتها ثقافياً. لم تنجح كل محاولات الفرنسة في إلغاء هوية الجزائر العربية الإسلامية, لأن الشعب الجزائري, كانت لديه المناعة, ظل يربط بين جذوره العربية ومستقبله وكرامته و وجوده لجعل ثقافته العروبية الإسلامية حية نابضة بالقوة والممانعة, وهكذا.. انحسر المستعمر, وانتصرت الجزائر. -2- العراق يواجه محاولات شرسة ليس لتفكيكه جغرافياً وحسب, وإنما لتفكيك العراق ثقافياً, لأن العدو الأمريكي, يعلم قوة الثقافة في تماسك العراق و وحدته, فهو يعمل على إيقاظ ثقافة الطائفة والعرق والمذهب لتكون بديلاً عن ثقافة العروبة والإسلام.. -3- الثقافة العربية والإسلامية في أزمة.. أزمة من الداخل ومن الخارج.. وتواجه معارك خطيرة, لا أحد يستطيع أن يستشرف نهايتها, فالثقافة الأمريكية تدخل إلينا عبر بوابات منازلنا ونوافذها, وعبر الشارع والمدرسة والجامعة والمطعم, وعبر قيم وعادات جديدة في الأكل والشرب والحديث وطقوس الحب والنوم والاستيقاظ والتحية. -4- الثقافة ليست في الشعر والأدب والقصة والرواية وحسب, وإنما هي أيضاً في العادات والتقاليد, وفي السلام والكلام وطريقة النوم والأكل والتفكير, وفي قيم التعامل بين الناس, وفي تناغم العاشق مع حبيبته والزوج مع زوجته وأطفاله.. اعتقد. أننا مع مرور الوقت سنجد أنفسنا قد أصبحنا مشهداً من مشاهد الحياة الغربية في كل شيء, وفي اعتقادي أن كل أجهزة الأمن, وكل جدران الحدود, وكل البنادق المحشوة بالرصاص ليست قادرة على إغلاق هذا الفضاء المشحون بغبار الغرب الذري, وحدها الثقافة الممانعة تستطيع أن تقيم الحواجز, وتفعّل قوة مواجهة. -5- الأمريكيون يعملون على سقوط الثقافة الوطنية في العالم, مليارات الدولارات تنفق لتحطيم الثقافات الوطنية للشعوب, والأوروبيون لديهم الخوف نفسه الموجود لدى شعوب العالم الثالث من تفشي الثقافة الأمريكية, لهذا يحاول الأوروبيون التصدي لهذا الاجتياح الأمريكي بتعزيز ثقافاتهم الوطنية وحمايتها بمزيد من الإبداع الثقافي وبإيقاظ الحالة الوطنية. الثقافة العربية الإسلامية هي أكثر من غيرها في مرمى الأهداف الأمريكية والصهيونية, لأن هذه الثقافة هي القادرة على تحصين العرب والمسلمين وتعزيز دورهم في التاريخ, وحمايتهم من الاندثار أو من الهزيمة أمام المشروع الصهيوني التوسعي. -6- الجدل قائم حول مفهوم الثقافة وماهيتها وأهدافها ونظمها, والعلاقة بين الثقافة والمثقف.. وبين المثقف والسلطة.. الثقافة تتجاوز في مفهومها الواسع الأدب والفنون وتتخطاهما إلى العادات والتقاليد والقيم والمفاهيم الاجتماعية في السلام والتحية والكلام وعادات الأكل والشرب والتفاهم بين الناس. والمثقف ليس هو المتعلم أو الذي يعمل ذهنه وتفكيره في مجال من المجالات, وإنما هو الذي ينتج إبداعاً يوظف في مصلحة الأمة.. الأمة أولاً والعالم نهاية.. وليس العكس.. -7- ((من هو المثقف؟!)) سيظل هذا السؤال سؤالاً إشكالياً, ويطرح على الدوام مجموعة من الأسئلة.. هل هو الضائع التائه بين المقهى والمنزل, وبين العادات الوافدة والمحلية, بين مظهر الشعر الطويل والقصير, بين لفافة التبغ المحلية أو الأجنبية, بين ((البايب)) والنارجيلة, بين كأس العرق وكأس الشاي.. بين الذقن الطويلة أو القصيرة, بين الشارب المطلوق أو المحلوق.. مظاهر لا علاقة لها بالثقافة, إلا أنها باتت حالة إشكالية كبرى, المظهر الغريب بات جزءاً من إشكالية المثقف. في رأيي أن المثقف.. هو المدرك لوجع أمته.. والذي يعمل لتحويل هذا الوجع بعمل إبداعي إلى مشروع نهضوي عبر تنظيمات أو جماعات أو أحزاب أو مشاريع ثقافية تحتضن نبض الأمة وإرادتها و وجهها الحضاري المنفتح على الحب والتسامح والتفاعل والعطاء لتنهض الأمة كلها بكل أطيافها وبكل قدراتها لتجد نفسها في مضمار التفاعل مع الأمم الأخرى لبناء عالم يسوده الحب والتماسك والتراحم.
المصدر: جريدة الوحدة / سليم عبود