فضاءات كفر الشيخ مفتاح

كفر الشيخ مفتاح

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
أحمد فتحى عمر الخولى
مسجــل منــــذ: 2013-01-01
مجموع النقط: 100.2
إعلانات


أيام البراءة

«قولوا لأمى ماتزعليش
وحياتى عندك ماتعيطيش
قولولها معلش يا أمى
أموت أموت وبلدنا تعيش
أمانة تبوسولى إيديها
وتسلمولى على بلادى
فى جسمى نار ورصاص وحديد
عَلَمك فى إيدى واسمى شهيد
باودّع الدنيا وشايفك
[يا مصر حلوة ولابسة جديد]
لآخر نَفَس فيّا بنادى
باموت وانا بحب بلادى
طايرين ملايكة حواليا طير
لحظة فراقك يا حبيبتى غير هامشى معاهم وهاسيبك
وأشوف يا مصر وشّك بخير
قالولى يا امّا ع الجنة
قلت لهم الجنة بلادى».
هل تذكرون تلك الكلمات التى شدا بها شهيدٌ، كآخر ما يودّع به مصرَ وهو فى طريقه للسماء؟ هل تذكرون كم ظلّت تذبحُ قلوبَنا على مدى الشهور منذ انطلاق الثورة؟ كلمات ملأتنا بوجع نورانىّ لأن شعوراً بالرجاء وانتظار الغد الأجمل يمتزج بذلك الوجع فيصنع كيمياء سماوية فريدة. جرّبوا أن تسمعوها الآن، وخبّرونى عن شعوركم! انسلَّ خيطُ الرجاء من المزيج فتحوّل الوجعُ النورانى إلى مرارة صافية ممزوجة بالندم والخيبة. جميعنا يشعرُ بأنه خُدع. سُرقت أحلامُنا. فما بال شعور الشهيد والمُصاب؟!
بالأمس، تحدثتُ إلى كاتب تلك الأغنية وشاديها الفنان «عزيز الشافعى». سألتُه: هل كان يتصور، وهو يكتب تلك الكلمات، أن الثورة تلك العظيمة، ستُسفِرُ عمّا نعيشه الآن من خراب؟ سألته هل انكسر حلمُه؟ سـألتُه: تُرى هل يرقد الشهيدُ فى سلام، وهو يرى ما وصلت إليه مصرُ التى جاد من أجلها بدمه؟ هل ندم؟ هل يطارده صوتُ ذلك الشهيد مثلما يطاردنى؟ سألته عن أم الشهيد ماذا عساها تقول وهى ترى دمَ ابنها أُريقَ هدراً؟ سألته: هل «مصر حلوة ولابسة جديد»، كما تنبأت أغنيته؟ فأجابنى بأغنيته الجديدة، التى لا تقلُّ عن سابقتها ذبحاً.
«إنتى دولة/ مش تكية ومش مقاولة/ إنتى حرّة/ فوق جبين الدهر غُرّة/ إنتى حتّة من شهيدك/ إنتى نغمة من نشيدك/ إنتى ستّ الكلّ بلدى/ متخلقش اللى يبقى سيدك/ واللى عاداكى/ مهما باعك واستباحك/ يوم يومين/ ولا حتى يا حبيبتى شهور سنين/ ف النهاية إنتى باقية وهو ماشى/ ف النهاية إنتى مصر/ هوّ مين؟»
أحبُّ أن أعود إلى الأغنية الأولى كلما ضربنى الحنينُ إلى «أيام البراءة» فى بداية الثورة. أعود إلى الأمل «بمصر حلوة ولابسة جديد»، قبل أن أُفيق على مصر يضربها الظلامُ من كل صوب، بعدما سرقها لصوصُ الثورات والثروات. أتذكّر «أيام البراءة» وأحاولُ أن أقبضَ صورة مصرَ التى فى خاطرى: ديمقراطية، متحضّرة، قانونية، عادلة، عالِمة، مُصنّعة، مُصدّرة، تحترم المرأة، والطفل، والمعوّق. أحلم بمصر من دون عبارة: «وحدة وطنية»، لأنها تذكّرنى بالانقسام والعنصرية والشِّقاق.
كنتُ حتى الأمس أقول إن الثورة الجميلة سُرقت. الآن أقولُ إن الثورة بعدُ لم تبدأ. من أول السطر، ونبدأ الثورةَ بعد قليل.
" أحمد فتحى الخولى "

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة