فضاءات كفر الشيخ مفتاح

كفر الشيخ مفتاح

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
أحمد فتحى عمر الخولى
مسجــل منــــذ: 2013-01-01
مجموع النقط: 100.2
إعلانات


فاروق جويدة: الصكوك والخطايا العشر


لا أدري لماذا يصر البعض على إقحام الدين في كل شأن من شئون حياتنا حتى ان أساء ذلك لقدسية الدين ومكانته في قلوب الناس؟ .. ان للأديان آفاقها الربانية التي ينبغي ان نحلق بها بعيدا عن شطط المغامرين ومزايدات المصالح وأوكار الفتن .. أخر صيحات هذا التدخل المغرض ما يتردد الآن حول الصكوك الإسلامية التي تنوي الحكومة إصدارها.. وبعد ان رفض مجمع البحوث الإسلامية الفكرة بدأ تشكيل لجنة من المشايخ ودار الإفتاء وكأن هناك مؤامرة للوقيعة بين الأزهر الشريف ودار الإفتاء وهذا سلوك لا يليق مما جعل فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب يؤكد رفضه الكامل لهذا المشروع الذي يهدد أصول الدولة وممتلكات الشعب ورغم هذا بدأ الحديث مرة أخرى عن إصدار الصكوك بدون صفتها الإسلامية وهنا يجب ان نتوقف عند عدد من النقاط:
أولا: ما مبرر السرعة الشديدة رغم عدم الوضوح والشفافية في طرح فكرة الصكوك في هذا التوقيت على الأخص دون دراستها من كل جوانبها الإقتصادية والإجتماعية والدينية ايضا؟
ثانيا: ان هذه الصكوك تعيد لأذهاننا تجربة مريرة مع شركات توظيف الأموال التي تسترت بالدين ونهبت اموال الناس واغرقت الحكومات المتتالية في ازمات كثيرة.. كانت تجربة شركات توظيف الأموال واحدة من المآسي الطويلة في حياة الملايين من المصريين.. والغريب ان الصكوك تمارس نفس اللعبة من حيث الهدف والغاية والمرجعية الدينية الإسلامية.
ثالثا: قبل ثورة يناير مباشرة حاول النظام السابق الترويج لعملية مشابهة للصكوك ولكن بلا غطاء ديني حينما فكرت الحكومة في إصدار ما يشبه الصكوك للمواطنين لضمان حقهم في ملكية اصول الدولة وقيل يومها ان كل مواطن مصري سوف يحصل على ما يثبت ملكيته لمبلغ من المال يتراوح بين 300 و500 جنيه، وكان الواضح ان هذا المشروع يهدف إلى بيع ما بقي من اصول الدولة المصرية من المشروعات والمنشآت والأراضي وتوزيع جزء من حصيلة البيع على المواطنين.. وخرج الرأي العام المصري رافضا المشروع على أساس انه يهدف إلى سيطرة عدد من رجال الأعمال والمسئولين على ما بقي من اصول الدولة المصرية.. في تقديري ان عملية الصكوك الإسلامية استنساخ لشركات توظيف الأموال وصكوك الحكومة المصرية قبل الثورة لأن الهدف واحد وهو جمع مدخرات المواطنين أو بيع اصول الدولة.
رابعا: لا أحد يعرف حتى الآن ما الجهة التي تقف وراء مشروع الصكوك الإسلامية: هل هي الحكومة ولماذا لم تعلن ذلك رسميا.. ومتى تطرح المشروع على الرأي العام.. وماذا عن القانون الذي يناقشه مجلس الشورى.. وهل جاء للمجلس من الحكومة ام انه تسرب بصورة سرية لا أحد يعرف عنها شيئا؟.. مازال هناك غموض شديد حول مصدر هذا المشروع.. والأخطر من ذلك ما علاقة مجموعة المشايخ الذين يتصدرون للدفاع عن الصكوك الإسلامية بعلم الاقتصاد؟.. كل هذه الجوانب ينبغي ان تكون واضحة لنا حتى لا نعود مرة أخرى إلى دوائر الغموض وعدم الشفافية.
خامسا: هناك تعارض شديد بين الأوعية الادخارية في مؤسسات الدولة.. نحن امام صكوك لا أحد يعرف جهات إصدارها حتى الأن.. وامام شهادات استثمار تصدرها البنوك.. وامام اذون خزانة يصدرها البنك المركزي وامام سندات حكومية وامام اسهم تباع في البورصة.. فما هي العلاقة بين هذه الأوعية.. ان لكل وعاء منها مصدر معروف وضمانات واضحة وسوق تباع فيها ولكن الصكوك حتى الأن غير معروفة الهوية ولا أحد يعلم الأسواق التي ستباع فيها أو تشترى منها.. وبجانب هذا ما ضمانات حماية هذه الصكوك.. وماذا يفعل المواطن إذا اراد بيعها واسترداد قيمتها..
سادسا: ان الواضح الآن ان هذه الصكوك تضع امامها هدفا وهو اجتذاب اموال المواطنين في البنوك وجلب مدخراتهم وبدلا من ان تحمل اسم شهادة استثمار فهي تحمل اسم صك إسلامي.. وفي هذه المنطقة يجري الترويج لفكرة ان فوائد البنوك حرام وتدخل في باب الربا وان الصكوك الإسلامية هي الوسيلة الشرعية للاستثمار.. ورغم عشرات الفتاوى من علماء المسلمين بأن فوائد البنوك حلال وليس فيها شبهة الحرام إلا ان التشكيك فيها بدأ يأخذ شكلا من أشكال الهجوم على البنوك لعل ذلك يدفع المواطنين إلى الهروب بأموالهم من حرام البنوك إلى حلال الصكوك.
سابعا: لا أحد يعرف ما هي المشروعات التي ستصدر هذه الصكوك الإسلامية: هل هي مؤسسات ومشروعات قائمة سيتم الترويج لبيعها في صورة صكوك أم انها مشروعات جديدة تماما ولا علاقة لها بالأصول القديمة؟.. فإذا كانت المشروعات القديمة هي الهدف فقد عدنا إلى مشروع بيع اصول الدولة وتوزيعها على المواطنين وهو المشروع الذي رفضه الرأي العام المصري قبل الثورة؟.. وإذا كان الهدف هو تحويل مدخرات المواطنين في الجهاز المصرفي إلى مصادر أخرى فهذا إجراء خطير لا أحد يعرف نتائجه وخاصة إذا ادركنا ان الودائع في البنوك المصرية تجاوزت التريليون جنيه مصري وهي اموال الشعب الغلبان.. وهنا ينبغي ان تكون هناك ضوابط لمحاولات نقل الثروة من البنوك إلى الصكوك.
ثامنا: لا ينبغي على الإطلاق إقحام الدين في كل شيء وخاصة ان حكاية الصكوك الإسلامية تطرح سؤالا بريئا عن حق الأخوة المسيحيين في شراء هذه الصكوك.. وهل هي قاصرة على المسلمين وإذا كان ذلك صحيحا فهل نحن في حاجة إلى المزيد من الحساسيات والإنقسامات بين ابناء المجتمع الواحد؟.. ان الغطاء الديني للمشروع يحرمه من ان يكون عملا مصريا وطنيا خالصا لوجه الوطن بكل فئاته الاجتماعية والدينية.
تاسعا: إذا كان الهدف من إصدار الصكوك الإسلامية جمع بعض الأموال لتغطية العجز في الميزانية ومواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تواجهها مصر فإن ذلك يعني ان الحكومة تتبع نفس اساليب العهد البائد في التحايل على المواطن المصري بكل الأساليب ابتداء برفع الأسعار وانتهاء بالضرائب مرورا على الصكوك وفي هذه الحالة فإن مشروع الصكوك بهذه الصورة لا يمثل مشروعا اقتصاديا انتاجيا يغطي إحتياجات ضرورية في الدولة بل سيكون وسيلة سريعة للخروج من مأزق العجز في الميزانية.
عاشرا: هناك مشروع قانون آخر يجري الحديث عنه وهو مشروع تحصيل الزكاة من المواطنين وهو ايضا مشروع غامض وقد عارضت النص عليه في الدستور قبل ان أنسحب من اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور إلا ان الحديث عن هذا المشروع طفا على السطح مرة أخرى في سياق متزامن مع قضية الصكوك ولا أدري كيف نفكر في مشروع للزكاة وهناك قوانين للضرائب.. بكل انواعها، وهل يعني ذلك ان المواطن المصري سيدفع الزكاة.. مع الضرائب وعلى أي أساس سيكون ذلك، وما هي الجهة التي ستقوم بتحصيل الزكاة وما حدودها وكيف يمكن التنسيق بين الضرائب والزكاة.. والأخطر من ذلك ماذا عن تحصيل الزكاة من الإخوة المسيحيين وهل ستكون زكاة أم جزية؟..
< مثل هذه الأفكار التي يطرحها البعض دون دراسة أو تفكير ويلقي بها إلى الحكومة أو مجلس الشورى تحتاج إلى أكثر من وقفة لأكثر من سبب: انها تخلط بين الدين والسياسة في أشياء ينبغي ان نتركها للمتخصصين من الخبراء في شئون الاقتصاد والإستثمار والإدارة وينبغي ألا نترك مثل هذه القضايا لمشايخنا الأفاضل لأنها بعيدة تماما عن إختصاصاتهم وخاصة إذا كان الأزهر الشريف قد رفضها شكلا وموضوعا.
< لا أجد مبررا للسرعة في مثل هذه الأمور سواء في الحكومة أو مجلس الشورى لأن مثل هذه القضايا يمكن ان تترتب عليه نتائج في غاية الخطورة على المستوى الاقتصادي ومصر لا ينقصها المزيد من الأزمات.
< رغم التعديل الوزاري الأخير مازالت الحكومة بلا مجموعة إقتصادية متخصصة وهذا بكل تأكيد يترك فراغا شديدا في السياسة الإقتصادية ويفتح الأبواب امام إجتهادات كثيرة من اطراف عدة على المستوى السياسي والديني والمطلوب ان نترك القرار لأصحاب الإختصاص لأنهم الأقدر على إدارة شئون هذا الوطن.
لا داعي للعبث أو التحايل على مدخرات المواطنين.. فتكفيهم متاعب الحياة وقسوة الظروف.
.. ويبقى الشعر
ماذا تـبـقــى من ضياء الصبح
في عين الوطن؟..
والشمس تـجمع ضوءها المكسور
والصبح الطريد
رفات قديس يفتش عن كفن
النيل بين خرائب الزمن اللقيط
يسير منكسرا علـي قدمين عاجزتين
ثم يطل في سأم ويسـأل عن سكن
يتسول الأحلام بين الناس
يسألهم وقد ضاقت به الأيام
من منا تغير.. ؟
وجه هذي الأرض.. أم وجه الزمن
في كل يوم يشطرون النهر
فـالعينـان هاربتان في فزع
وأنف النيل يسقط كالشـظايا
والفـم المسجون أطـلال
وصوت الريح يعصف بالبدن
قدمان خـائرتان, بطـن جائع
ويد مكبـلة.. وسيف أخرس
باعوه يوما في المزاد بلا ثمن
النـيـل يرفع راية العصيان
في وجه الدمامة.. والتنطـع.. والعفـن
ماذا تـبقـي من ضيـاء الصبح
في عين الوطن؟..
الآن فوق شـواطيء النـهر العريق
يموت ضوء الشمس
تصمت أغنيات الطير.. ينـتـحر الشجر
خـنقـوا ضياء الصبح في عين الصغار
ومزقوا وجه القمر..
باعوا ثبات النـهر في سوق النـخاسة
أسكتوا صوت المطـر..
في كـل شبر وجه ثعبان بلـون الموت
ينفث سمه بين الحفر..
في كـل عين وجه جلاد يطل ويختفي
ويعود يزأر كالقـدر..
صلـبوا علي الطـرقات
أمجاد السنين الخضر
باعوا كـل أوسمة الزمان البـكر
عمرا.. أو تـرابا.. أو بشر..
أتري رأيتم كيف يولد عندنا
طفل وفي فمه حجر
لـم يبق شـيء للطـيور
عـلـي ضفـاف النـيل
غير الحزن يعصف بالجوانح
زمن العصافير الجميلة قد مضي
وتحكـمت في النهر أنياب جوارح
زمن القراصنة الكـبار
يطل في حزن العيون..
وفي انطفاء الحلم..
في بؤس الملامح..
ماذا تـبـقـي من ضياء الصبح
في عين الوطن
زمن الفوارس قد مضي..
قل للخيول تـمهـلي في السير
فالفرسان تسقط في الكمائن
قل للنـوارس حاذري في الطير
إن الريح تعصف بالسفائن
قـل للطيور بأن وجه الموت قناص
يطوف الآن في كل الأماكن
ويـل لماء النهر حين يجيء منكسرا
وفي فـزع يهادن
ماذا تـبـقي من ضياء الصبح
في عين الوطن
والنهر مسجون وطيف الحلم
بين ربوعه يجري ويصرخ في ألم
لم يبق شيء فوق أطـلال الشواطيء
غير عصفور كـسير كان يشدو بالنغـم
لـم يبق بين حدائق الأطفال
غير فـراشة بيضاء ماتت
حين حاصرها العدم
لـم يبق غير كتائب الجهـل العتيق
تطل في خبث.. وتـضحك في سأم
من باع لليل الطـويل عيونـنـا
من أخرس الكـلمات فينا
من بحد السيف ينتهك القلم..
ذا سيبقـي بعد موت النـهر
غير شجيرة صفراء تبحث عن كفن
ماذا سيبقـي بعد قـتـل الفـجر
غير سحابة سوداء
تبكي فوق أطـلال الوطن؟
ماذا سيبقـي من رفات الصبح
غـير شراذم الليل القبيح
تـحوم في وجه الزمن؟
يا أيها اللــيل الطـويل
ماذا يضيرك إن تركت الصبح يلـهو
فـوق أعنـاق الحدائق..
ماذا يضيرك إن غرست القـمح في وطني
وحطـمت المشانق؟
في كـل بيت في مدينتنا سرادق
ماذا يضيرك أن يعود العدل فينا شامخـا
ويطوف مرفوعا علـي ضوء البيارق
ماذا يضيرك أن يعود النورس المقـهور
يصدح في السماء.. فلا تطارده البنـادق؟
ماذا يضيرك أن تعود قـوافل الأحلام
تسـكن في العيون
ماذا يضيرك أن يصير الحرف حرا
لا قيود.. ولا سياط.. ولا سجون؟..
يا أيها النـهر الجـليل
أنا من بلاطك مستقيل..
أنا لن أغنـي في سجون القـهر
واللـيل الطويل
أنا لن أكون البلبل المسجون
في قـفص ذليل
أنا لن أكون الفارس المهزوم
يجري خلف حـلم مستحيل..
مازال دمع النيل في عيني
دماء لا تجف.. ولا تسيل
الآن أعلن.. أن أزمنة التنطـع
أخرست صوتي
وأن الخــــــيل مـــــــــــــاتت
عندما اخـتنق الصهيل
يا أيها النهر الجـليل
إن جئت يوما شامخا..
ستـعود في عيني.. نيل..

قصيدة "أغنية للوطن" سنة 1996

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة