فضاءات كفر الشيخ مفتاح

كفر الشيخ مفتاح

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
أحمد فتحى عمر الخولى
مسجــل منــــذ: 2013-01-01
مجموع النقط: 100.2
إعلانات


كيف نتعامل مع القرآن الكريم ؟

القرآن الكريم هو حبل الله المتين، هو النور المبين. يقول سبحانه وتعالى فى محكم التنزيل: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُبِينٍ) (الشعراء:193-195).
ويقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه إن النبى قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين" رواه مسلم. وهذه مدارسة بعنوان "كيف نتعامل مع القرآن الكريم" أجراها الأستاذ عمر عبيد حسنة مع علم من أعلام الفكر الإسلامى فضيلة الشيخ محمد الغزالى- رحمه الله- حول القرآن الكريم وكيفية استعادة دوره فى النهوض الحضارى.
أهمية النظر فى الآيات الكونية
يقول الشيخ الغزالى: كنت يوما فى الجو ونظرت إلى سحابة تشبه جبلا له نتوءات أمامى، وبدأت أفكر أين تصل هذه السحابة؟ وأين تكونت؟ وأى زرع سيخرج منها؟
وبلغ بى تصور وتسلسل الصور إلى أنه من يدرى فربما شربت كوبا من عصير البرتقال من مطر هذه السحابة وهى تنزل فى البلد الذى أصل إليه!!
فالقرآن يمنح المسلم رؤية كاملة ومنهجا متماسكا يجعل من الحياة خطوطا متوازية لا تصطدم مهما امتد الزمن؛ فتجعل العلم مع الإيمان أو تجعل ما وراء المادة مع المادة، أو تجعل السرائر الباطنة مع المشاعر الحسية لا فواصل بينها.
وهذا يجعلنى أنظر إلى الحياة الغربية نظرة فيها إنصاف، الحضارة الغربية احترمت الكون، وهذا أصل من أصول الإسلام وبدأت تدرسه ربما اقتربت من الفطرة فى بعض المراحل أكثر منا فنحن أمة أكلتها التقاليد التى صنعتها لنفسها، وصنعت قيودا على مسالكها.
فمن يريد الزواج عندنا مثلا لا يتزوج بيسر الإسلام وفطرته التى أصَّلها القرآن ولا حتى يتزوج بالفطرة البشرية الموجودة فى أوروبا مثلا: إنما يتزوج من خلال مجموعة القيود التى امتد سلطانها حتى هزمت أمامها القيم الدينية ولقد أصبح الزواج عندنا خراب بيت وانكسار ظهر.
الآثار المدمرة لتعطيل قانون السببية
ويضيف الشيخ الغزالى: نحن ما فهمنا سنن الله الكونية فى الأرض حسب منطق التجربة والاستقراء والملاحظة وهو المنطق القرآنى الذى عرف من كتاب ربنا ومن تطبيقات النبوة ولا أحسنا الاستفادة من سنن الله فى الحضارات والمجتمعات، وكانت النتيجة أن الأمة سقطت بقضها وقضيضها فى قبضة استعمار عالمى لا يرحم، وهى الآن تحاول الخلاص من شباكه وترمى بأجنحتها العالقة داخل الشباك دون أن تخرج.
لقد واجهت الأمة الاستعمار مواجهة عسكرية وسياسية لكن لم تنتبه إلى القضية الأخطر وهى أن الخلل الفكرى وانهيار عالم الأفكار، وعدم التبصر هو الذى يُمكِّن للاستعمار.
إن الأمة لن تخرج من الشباك إلا بقوانين مكتوبة عندها فى الوحى النازل عليها.
يجب عليها أن تدرسه وبالتالى يجب عليها أن تعيد حساباتها عن ماضيها بعد أن تعرضت للاضمحلال والانحلال، عندما فرطت فى سنن الله الكونية والاجتماعية، وظنت أن المواجهة العسكرية والسياسية العمياء فقط كافية فى استئناف النهوض.
مواطن الخلل
يبين لنا فضيلة الشيخ محمد الغزالى فى هذه المدارسة مواطن خلل الأمة فى فهم القرآن وتلقيه وسوء التعامل معه فيقول: جاء بعد ذلك من يقرأ آيات تسخير البحار للناس ولا يفكر فى أن يركب بحرًا. ونشأ عن هذا أن الأمة الإسلامية فى الأرض التى قال العلماء إن ثمانية أعشارها مياه، فى هذه المساحة الهائلة من البحار توجد عشرة آلاف أو عشرون ألفًا أو نحو ذلك من السفن اليوم ليس فيها غواصة إسلامية ولا حاملة طائرات إسلامية ولا سفينة مدنية كانت أو عسكرية تصنع فى مرفأ عربى أو إسلامى. ما معنى هذا؟
أهؤلاء لديهم إدراك لمعنى قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِى سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِىَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (الجاثية:12)، أو لقوله تعالى: (وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (النحل:16)؟
عندما كان "سير جينز" وهو عالم فلك بريطانى يقرأ معلومات عن الفلك على بعض المسلمين ويرتعش من حدة العاطفة التى ملكته وهو يُحدِّث عن الله وعن الإيمان بعظمته لما رأى من عظمة المجرات التى درسها كان أقرب للإسلام من كثير منا عندما درس السماء أما نحن فنكتفى من قوله تعالى: (وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (النحل:16) بأن الله لفتنا إلى أن هناك علامات فى الأرض والسماء لكن ما هى؟ وماذا صنعنا مع هذه العلامات؟ وما الوسائل والمبتكرات التى طورناها فى هذا الموضوع؟
إن غيرنا الآن يغزو الفضاء ويتخذ من غزو الفضاء منارات وعلامات لكى يسخر الحضارة له، أما نحن فوقوف! لابد من إحسان التعامل مع القرآن.
الدور المفقود للعلوم الاجتماعية والإنسانية
يقول شيخنا الغزالى: الذى أشعر من قديم أن فساد الحكم فى العالم الإسلامى له جذور ضاربة فى التاريخ، وأن سطوة الحكم الفردى كانت وراء، لا أقول ضمور الدراسات القرآنية، بل وراء ضمور الفقه نفسه. فالفقه تضخم حيث يجب أن يكون ضعيفا. الفقه الدستورى هو الذى جعل الأوروبيين يبحثون وراء سلطة قضائية وسلطة تشريعية وسلطة تنفيذية، أو هو الذى جعلهم يبحثون عن العقد الاجتماعى بين الحاكم والمحكوم.
هذا الكلام كاد يكون ميتا عندنا بعد الخلافة الراشدة لأن سطوة الحكم هى التى ألجمت الأفواه وجعلت الكلام فى فقه العبادات يبدئ ويعيد وجعلت الكلام فى كل ما يبعد عن الحاكم.
القرآن والعلم
يقول الأستاذ عمر عبيد حسنة: لم يكن العلم بمعناه المدرسى موضوع القرآن وإنما كان موضوعه الإنسان. فالقرآن محله الإنسان والعلم هو الموضع الذى ينظر الإنسان إليه ويكسبه بهداية الله. كيف يمكن الوصول إلى ذلك؟ يقول الغزالى: هناك شىء نأخذه مما قررناه سابقا وهو أن القرآن الكريم ينظر إليه ربنا جل جلاله على أنه يضارع الكون، كأن الكون إذا وضع فى كفة والقرآن فى كفة فكلاهما يوازى الآخر.
ذكرت يوما أنه عندما أراد ربنا أن يتكلم عن بركته وامتداد نعمه ذكر مرة القرآن ومرة الكون (تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ) (الملك:1)، (تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان:1).
الشهود التاريخى والشهود الحضارى
يقول الأستاذ عمر حسنة لقد عرض القرآن للتجربة البشرية من لدن آدم عليه السلام إلى الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم، بما يمكن أن نطلق عليه الشهود التاريخى. فإلى أى مدى يمكن أن نلتمس فى إشارات القرآن دعوة للانفتاح على الثقافات والحضارات العالمية والاستفادة منها لأنى أعتقد أن الغزو الفكرى شىء والتبادل المعرفى شىء آخر؟
ويوضح الشيخ الغزالى أن القصص هو ماضى الإنسانية، ولو فقدت أنا ذاكرتى أكون نصف مجنون، وسينتهى الأمر بى إلى الجنون، والإسلام اعتبر أن التاريخ الماضى هو عقل الإنسانية، فاستصحبه بكل ما فيه. والقرآن الكريم ذكر الحضارات الماضية وذكر الأمم الأولى، وذكر أسباب الازدهار وأسباب الانهيار، يقول تعالى: (هُوَ الَّذِى أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُم اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِم الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِى الأَبْصَارِ) (الحشر:2).
- لابد من الانفتاح على العالم. فأنا آسف إذ أقول إن العرب ظنوا أن القرآن لهم، ولم يخدموا عالميته كما يجب. خدمة العالمية قام بها بعض التجار، وبعض السياح، وبعض الذين يعبدون الله، فخدمة القرآن من الناحية العالمية جاءت شعبية ولم تجئ رسمية، وهذا خطأ بل العكس، حدث خطأ حكومى وهو أن الأمة الإسلامية استوردت ما عند الآخرين قبل أن تصدر ما لديها للآخرين وهذا خطأ، كان يجب أن تصدر لليونان والرومان تعاليم أو خلاصات أو على الأقل ترسل من يعلم اللغة العربية حتى تخدم عالمية القرآن، لابد أن يكون القرآن للبشرية جميعا.. هذا حق.
الطريق أحد ممرين:
1- إما أن تنقل التعاليم للغات الأخرى.
2- وإما أن تنقل أهل اللغات الأخرى إلى لغتك لكن قصرنا فى الأمرين.
لابد أن الأمة الإسلامية تكون فى حالة حضور وشهود حضارى كما قلت فى العالم كله ويكون لها بعثات تزود الوطن الأم أو الأمة العربية بالزاد لأن العرب هم دماء الإسلام وقلبه. ويوصف القرآن بأنه كتاب العربية الأول.
لابد أن تتلاقى تيارات الفكر العالمى عنده. وإذا لم يكن تيارنا قويا، فنحن نستحق ما يصيبنا فالإسلام إنما يعلو ولا يعلى عليه ببقائه إسلامًا فإذا تحول الإسلام- وهو دين العقل- إلى تقليد أعمى فى أرضه، فإنه لا يسمى إسلاما. لابد أن تكون أصول الإسلام القرآنية يانعة فى مجتمعه وأن تمتد ثمرته لتكون فى آفاق الأرض كلها.
بقلم: مجدى البدر

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة