هل الاستقرار فى مصر حلم ضائع ؟؟؟؟؟؟؟
عام مر وآخر تستقبله مصر، ينتظر فيه الشعب أن يحقق حلما طالما طال وكثر الحديث عنه على مدار 12 شهرا ولم يتحقق حتى الآن.
«الاستقرار» كان الحلم البطل عام 2012، فمن أجله شارك المصريون فى انتخابات رئاسية تمنوا أن تأتى لهم برئيس ونظام جديد يحققه لهم، وباسم «الاستقرار» استمر المجلس العسكرى فى فترته الانتقالية بالكامل، واستمرت حكومة الجنزورى رغم فشلها فى حل المشاكل الاقتصادية والأمنية والسياسية.
وباسمه أيضا حشد التيار الإسلامى لتمرير الدستور ودعا للاستفتاء عليه بـ«نعم» ورددوا هتافاتهم الشهيرة «نعم للدستور علشان العجلة تدور»، وباسمه نزل مؤيدو الرئيس إلى مختلف الميادين رافعين الشعارات للمطالبة بتأييد قراراته حتى يتحقق هذا الحلم، وبمفهوم مختلف رفض جزء آخر من الشعب هذا الاستقرار فنزلوا فى مظاهرات اعتراضًا على الرئيس فى التحرير وبسبب حالة عدم الاستقرار ظهرت على الخريطة ميادين جديدة تظاهر فيها الفريقان لأول مرة كالاتحادية ورابعة العدوية.
ومحافظات عديدة عانت كثيرا من فوضى عارمة وابتعد عنها الاستقرار مثل سيناء وبورسعيد وغيرهما من المحافظات التى شهدت أحداثا مؤسفة، وينتهى العام ويبقى بسطاء مصر فى انتظار تحقيق «حلم الاستقرار» الذى فشل الجميع فى الوصول إليه.
366 يوم «دعوة للاستقرار».. والنتيجة عنف وتظاهرات واحتجاجات وأزمات اقتصادية
هى السلاح الأبرز الذى اعتمدت عليه السلطة الحاكمة فى استقطاب عموم الجماهير لتأييد قراراتها لكى تستحق أن تكون بطلة العام وبجدارة، فعلى مدار 12 شهرا لم يخل حديث أى مسؤول من تصديرها للمواطن لتكون محركا رئيسيا فى الأحداث السياسية أو الاقتصادية.. «الاستقرار» تلك الكلمة الذهبية التى لم يختلف استخدامها بين المجلس العسكرى والإخوان المسلمين الذين تقاسموا الحكم خلال 2012، فقد كانت الركن الأساسى لاتخاذ أى قرار، أو تبرير الفشل، أو دفع الشعب لاختيار معين حتى ولو ارتبط بمصيرهم مثل الدستور. عام كامل كان وعد الاستقرار هو الحائط الذى تستند عليه دعوات التيار الإسلامى للوصول إلى بوابة الحكم، والتى تكرر ذكرها فى مواقف كثيرة لمحاولة جذب المواطنين، وهو ما ظهر جليا فى الدعوة لـ«نعم» لمجلس الشعب، «نعم» لحكومة الجنزورى، «نعم» لمجلس الشورى، «نعم» للانتخابات الرئاسية، و«نعم» للاستفتاء، الغريب فى الأمر أنها كانت أيضا نفس الأداة التى استخدمها المجلس العسكرى فى إبراز «لا» لمجلس الشعب، «لا» لحل حكومة الجنزورى، وكأن الجانبين اتفقا على أن يستخلصا رحيق عسلها أو يذوقا من مرارتها، وهو ما لم يختلف حتى بعد وصول مرسى للرئاسة، حيث ظلت أداة «الاستقرار» تميل إلى «نعم» أو «لا» حسب مصلحة السلطة الحاكمة.
فهل تحقق حلم الاستقرار فعلا على أرض الواقع أم كان مجرد وعد تحول إلى سراب؟ بعد انتهاء 2012 أصبح من الواجب أن تمثل «الاستقرار» أمام محكمة الشعب لتقدم كشف حساب 366 يوما، كانت وسيلة العسكر فى ترسيخ حكمهم، وأداة الإخوان فى تسلق كراسى السلطة وإقصاء معارضيهم.
استقرار «العسكرى» واشتباكات القوى السياسية
«مش عايزين الاحتفالات.. الأول حق اللى مات» هتافات هزت أرجاء ميادين مصر المختلفة فى الذكرى الأولى لثورة يناير، توجهت إليها مسيرات تجمع آلافا تمتلئ صدورهم بغضب عدم القصاص من قتلة الشهداء. خرجت المظاهرات تجمع بين فئاتها قوى سياسية انقسمت أهدافها من النزول بين تيار مدنى يطالب بإنهاء حكم العسكر وتيار إسلامى أصدر بياناته الرافضة للاحتجاج أو تنحى العسكر الذى برره بكلمته السحرية «الاستقرار». الاحتجاج على المجلس العسكرى كان بالنسبة للتيار الإسلامى فى ذلك الوقت يمثل حالة من الفوضى وعدم الاستقرار وعرقلة لمسيرته التى اقتطع شوطا كبيرا منها فى الاستحواذ على أغلبية مجلس الشعب، فأعلن كل من الحرية والعدالة والنور والجماعة الإسلامية والوسط نزولهم إلى الميادين من أجل حماية المنشآت واحتفالا بإنجازات الثورة التى ربطوا نجاحها بنجاحهم فى البرلمان. دعوة الاستقرار كانت بالنسبة لمعارضى استمرار العسكر نوعا آخر من السم المدسوس فى العسل، وبالفعل لم يدم الوضع كثيرا حتى نشبت الاشتباكات بين المحتفلين أمام منصة الإخوان فى التحرير والمعارضين اشتباكات ذكرى الثورة كانت الفتيل الذى أشعل بعد ذلك حرب الانقسامات بين شباب القوى السياسية ما بين مطالب بالتسليم الفورى للسلطة وبين مستعد للانتخابات الرئاسية لاستكمال العرس السياسى، على حد قولهم فى ذلك الوقت، ليتكرر مشهد الاشتباكات من جديد يوم 31 يناير حينما توجهت المسيرات الطلابية إلى مجلس الشعب لتسليم الأعضاء مطالبهم، قابلها حشود من شباب الإخوان تمنعهم من المرور بدعوى عدم التخريب.
استقرار حكومة بطعم دم شهداء بورسعيد
بسبب حكومة الجنزورى كانت أحداث مجلس الوزراء التى أدت إلى وفاة 44 متظاهرا وإصابة العشرات أبرزهم سحل «ست البنات»، لكن لم يمنع ذلك الحكومة من الاستمرار، خصوصا تأييدها من قبل مجلس الشعب، وخصوصا الأغلبية والذين باركوا استمرارها بدعوى الاستقرار، واعتبروا الجنزورى من القيادات القادرة على إدارة البلاد فى تلك الفترة الانتقالية. الأمر لم يكن مستقرا على الإطلاق فى الناحية الأخرى من الشارع، حيث بدأ أول تحديات الحكومة بمجزرة بورسعيد التى راح ضحيتها 74 من مشجعى النادى الأهلى فى مباراته مع النادى المصرى، هاج الشعب وخرجت المظاهرات المنددة بالحكومة، خصوصا فى ظل تخاذل الداخلية بالتسبب فى الأحداث، وعادت المظاهرات من جديد إلى ميدان التحرير احتكت مع الداخلية وصلت فيها الإصابات إلى 1500 مصاب وقتيل.
رفض العصيان المدنى
استقرار حكومة الجنزورى التى لم يدنها مجلس الشعب فى أحداث بورسعيد برضا أحزاب الأغلبية بدأت فى الانهيار مع وصف المتظاهرين أمام الداخلية بالبلطجية وتكذيب إطلاق الوزارة خرطوشا على المتظاهرين والتى أثارها النائب محمد أبوحامد، واستمرار الاعتصامات الفئوية أمام مجلس الوزراء دون حل، وتخبط حصول المصابين على مستحقاهم أو رد معاشات أهالى الشهداء، الأمر الذى أدى إلى ظهور الدعوات بالعصيان المدنى العام لرحيل العسكر والحكومة وتسليم السلطة. لكن ما سبق لم يمنع الإخوان من إصدار بيانهم الرافض للإضراب الذى اعتبروه ضد الاستقرار استجابة الشعب لعدم المشاركة فى الإضراب الذى لم يكتب له النجاح لم يعد عليه بأى شىء، حيث أقرت بعدها الحكومة تخفيض الموازنة بـ20 مليار جنيه وإعلان حالة التقشف، وظهرت وقتها أزمات نقص البنزين التى أشعلت الغضب فى الشوارع، بالإضافة إلى هروب الأمريكان المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى خارج مصر رغم إعلان الجنزورى أن مصر «لن تركع»، وظهور أزمات رفض المعونة الأمريكية فيما بعد.
انقلاب الإخوان على الحكومة
مع نهاية فبراير 2012 انقلب المشهد تماما، حيث أصدر مجلس الشعب قرارا بسحب الثقة من حكومة الجنزورى التى كان قد أقنع الشعب من قبل بتأييدها، بل طالبوا بحقهم فى تشكيل الحكومة من الأغلبية، واعتبر أن الحكومة فشلت فى حل مشكلات الانفلات الأمنى والمشكلات الاقتصادية لكن اجتماع عدد من أعضاء الحرية والعدالة مع الحكومة أعاد من جديد حالة الوئام بين الجانبين، وانتهى بالثناء على الجنزورى، وكان من أبرز أحداث تلك الفترة ما جرى يوم 2 مايو 2012 فى منطقة العباسية من تظاهرات بالقرب من وزارة الدفاع للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين، وإلغاء مادة تحصين لجنة انتخابات الرئاسة من الطعن، حيث اندلعت الاشتباكات فى ميدان العباسية بين معتصمين ومسلحين مجهولين، وقع فيها أكثر من 11 قتيلا وعشرات الجرحى من المتظاهرين، واتهم أنصار «حازم صلاح أبوإسماعيل» المجلس العسكرى بإرسال بلطجية من فلول الوطنى المنحل هاجموهم لفض الاعتصام.
الانتخابات الرئاسية وحل مجلس الشعب
مجلس الشعب الذى ثارت المظاهرات المعارضة لحله من القوى السياسية، خصوصا بعد إصدار المجلس العسكرى إعلانا دستوريا استحوذ فيه على جميع السلطات، كان السبب فى أزمة كبرى بين القوى الثورية بسبب عدم التفاته إلى إصدار قانون بعزل الفلول، مما مكن أحمد شفيق من خوض الانتخابات، وتجمع مؤيدو النظام السابق حوله حتى خاض الإعادة ضد مرسى مرشح الإخوان الذى تجمع حوله القوى الثورية من أجل عدم إعادة إنتاج النظام السابق.
انتخابات الرئاسة التى شارك فيها 26 مليون مصرى لم تكن مصدرا للاستقرار كما كان يتم الترويج، فمع تولى مرسى الرئاسة وتشكيل حكومة قنديل لم يقم بمحاكمة أعضاء المجلس العسكرى لقتلهم المتظاهرين كما كان يتوقع الشباب، بل منحهم القلادات، وعين الجنزورى مستشارا، مما أثار السخط ضد مرسى، الذى اكتمل بإعادة البرلمان المنحل، ثم تراجعه فى قراره، وهو الأمر الذى تكرر أيضا فى إقالة النائب العام وعودته. ولم تختف المشكلات من الشارع، من أزمات اقتصادية طاحنة من ارتفاع أسعار، وهبوط البورصة، وارتفاع حجم الدين المحلى والخارجى، وعجز الموازنة، فضلا على حوادث الاعتداء على الجيش فى سيناء، والهجوم على أقسام الشرطة بالعريش، وحوادث القطارات المتكررة التى كان أفجعها وفاة 47 طفلا فى قطار الموت بأسيوط وإصابة 13 آخرين، بالإضافة إلى حصول متهمى موقعة الجمل على البراءة.
فوضى الإعلان الدستورى وجنة الاستفتاء
فور إعلان دستورى أصدره مرسى استحوذ فيه على السلطة التشريعية وحصن قراراته التنفيذية ومنع الطعن عليها، تلاحقت الأزمات التى بدأت بالمظاهرات عند الاتحادية والتصعيد بالاعتصام الذى نزل إليه مؤيدو الرئيس لتحدث اشتباكات راح ضحيتها 10 وفيات وعشرات المصابين، قسمت القوى الثورية إلى فريقين، كلاهما يرفع السلاح فى وجه الآخر. خرج بعدها مرسى معلنا البدء فى الاستفتاء ونزل الشعب إلى الاستفتاء بدعوة التيار الإسلامى بأن «نعم» هى الاستقرار والجنة والشريعة، والتى انتهت نتيجتها بـ%63 بما يقر دستور ينتظر معه الشعب استقرار، لم تبدأ أى من ملامحه حتى الآن فى ظل استمرار التدهور الاقتصادى الذى يصل إلى إعلان الحكومة الإفلاس، خصوصا بعد تأجيل صندوق النقد الدولى لإقراض مصر، وتراجع المخزون الاحتياطى من التموين والمواد الغذائية.
القاهرة وسيناء وبورسعيد والمحلة ومطروح والإسكندرية محافظات هجرها الاستقرار
من بين محافظات الجمهورية، مر عام 2012 طويلا على ست محافظات بأحداث ضاع معها الاستقرار، وأصبحت الشوارع تئن من الفوضى، من اعتصامات واشتباكات وأحداث أراقت الدم ليقلق نوم أهل المدينة، من سبع وعشرين محافظة باتت القاهرة وشمال وجنوب سيناء وبورسعيد ومطروح والإسكندرية والغربية، هم الأكثر اضطرابا بين محافظات مصر بسبب الأحداث التى أرهقت كاهل شوارعها بحثا عن استقرار تمنوه أن يأتى فى 2012 ولكنه فضل تأجيل تحقيق الأمنيات إلى عام آخر. القاهرة أصبحت مثل عجوز أنهكها الاعتصامات فى ميدان التحرير، وانتقل القلق إلى محيط بورسعيد مرت بعامها الأسوأ بسبب تداعيات أحداث مقتل 73 شابا فى مباراة كرة قدم، والغربية أعلنت الاستقلال بمدينة المحلة احتجاجا على ممارسات جماعة الإخوان المسلمين، والإسكندرية شهدت أول حصار لمسجد بسبب حديث سياسى على المنبر، ونسيت مطروح هدوء الشاطئ الأبيض بسبب انفلات أمنى وحدود مفتوحة أمام مهربى بضائع وأسلحة، أصبحت متاحة فى يد الجميع، وبقيت سيناء فى اضطرابها تبحث عن تنفيذ وعود المسؤولين بتعمير لم ينفذ ومشاريع مازالت أرقاما على أوراق. تنتظر التحقق فى عام جديد يبدأ أيامه بعد ساعات، لا يعلم أحد كيف ستكون أحداثه.
القاهرة أنهكتها المليونيات.. وبورسعيد تشغلها أحداث المجزرة.. وسيناء إرهاب لا يتوقف.. ومطروح بوابة أسلحة مفتوحة.. والإسكندرية نسيت الهدوء.. والمحلة تتخلى عن جلباب الدولة
5 ديسمبر.. اشتباكات بين مؤيدى ومعارضى الرئيس بسبب الإعلان الدستورى وسقوط أكثر من 850 مصابا ومقبل 10 أشخاص
القاهرة.. المحافظة المنهكة
على أرصفة كورنيش نيل القاهرة، قد تتعثر قدمك فى كرسى وضعه شاب استغل حالة الانفلات ليبيع أى شىء يعيش منه، وفى المساحة الضيقة تجرى دراجات بخارية على أرصفة مخصصة لمشاة لا يجدوا مكانا للتحرك، إلا عرض الطريق الذى تجرى فيه سيارات تسابق بعضها لتصل أولا لهدفها قبل أن يشتد الزحام.
القاهرة اعتادت الفوضى فى السير والمرور طوال عمرها، ولكن الأمر اشتد سوءا خلال العام الماضى، وإن عاشت لفترة ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية على أمل يعود إليها بعض من استقرارها، بعدما وضع الرئيس مشاكل القمامة والمرور والأمن على رأس أولوياته فى المائة يوم الأولى من حكمه.
محافظة القاهرة عام 2012 احتفل أهلها فى ميدان التحرير بإنهاء حكم المجلس العسكرى وانتقال السلطة التنفيذية للدولة المدنية، ولكن لم يكن هذا العام أكثر استقرارا من سابقه بسبب توسع دائرة الأحداث واستمرار الاعتصام والتظاهر فى الميادين المختلفة بها ضد أى حدث يقع فى مصر ولم يكد الميدان يخلو ليومين حتى يمتلئ بخيام المعتصمين بداية من الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، واشتباكات على خلفية أحداث ستاد بورسعيد فى 1 فبراير، وصولا إلى الاحتفالات بفوز الدكتور مرسى برئاسة الجمهورية، وإلقائه خطابا بالميدان، ثم أحداث السفارة الأمريكية احتجاجا على الفيلم المسىء للنبى «محمد»، وتحول فعاليات إحياء ذكرى أحداث شارع محمد محمود إلى موجة جديدة من الاشتباكات بين المتظاهرين والأمن، انتشرت بعدها حركة الاحتجاجات فى القاهرة لتنتقل إلى محيط قصر الاتحادية الرئاسى، وأمام مسجد رابعة العدوية.
25 مارس.. عودة اللواء أحمد عبدالله إلى عمله بعدما تقدم باستقالته بعد أحداث الاستاد
بورسعيد.. مدينة قتلتها مباراة كرة قدم
مباراة كرة قدم أحالت حياة مدينة بورسعيد الساحلية إلى التجميد، توقف نشاطها التجارى وانخفضت نسبة الإقبال على أسواقها لدرجة أظهرتها خالية إلا من البائعين الذين لا توجد بيدهم حيلة سوى التحسر على الماضى، ورضخت المدينة تحت حالة من الحصار، وأصبح توقف النشاط التجارى أبرز وجوه مدينة المنطقة الحرة والبضائع المستوردة، بعدما تحول فوز النادى المصرى أحد أهم أسباب الفرحة لدى البورسعيدية إلى أكبر مصائبهم، وانتهى أفراد «ألتراس» المشجعين إلى متهمين فى قتل 74 شابا من مشجعى النادى الأهلى، وإصابة مئات آخرين وسط تقصير قوات الأمن بحماية المشجعين.
تبعيات مبارة كرة قدم زادت متاعب المدينة التى تبعد 190 كيلومترا عن القاهرة بحصار التجار وزيادة مشاكل 6 مناطق عشوائية، وما يقرب من 1000 أسرة تعيش على دخل ميناء بورسعيد الذى أصبح قلقا، وتوقف عمل «البمبوطية» بعد منع رسو السفن فى الميناء قبل مرورها عبر قناة السويس.
وتدهور الأحوال الاقتصادية لبورسعيد أثر على نفسية سكانها، مما جعلهم يختارون المرشح الرئاسى حمدين صباحى فى الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، وأحمد شفيق فى الثانية، ولكنها عادت لتخالف التوقعات وتختار الموافقة على مشروع الدستور فى الاستفتاء بنسبة %51.
وقع الحريق فى 10 إبريل الماضى وأدى لمقتل شخصين
مطروح محافظة تشتعل
تبدو محافظة مطروح هادئة أكثر من اللازم، تصلح لأن تكون مكانا رائعا لقضاء عطلة الصيف على شواطئها الواسعة، ولكن المحافظة استقبلت هذا العام الذى انتهى باعتصام سكان مدينة الضبعة النووية، مطالبين بحقهم فى أراضٍ سحبت ملكيتها منهم لصالح المشروع ولم يتم تعويضهم بشكل عادل، وكانت أبرز مظاهر غياب الأمن وعدم الاستقرار فى المحافظة ما حدث فى إبريل الماضى، عندما اشتبك عدد من المتظاهرين ضد رفع رسوم مرور السيارات مع قوات الأمن على طريق الهضبة «السلوم ليبيا الدولى» أسفر عن حرق مبنى التحريات العسكرية بالسلوم ومقتل شخصين، بالإضافة إلى حريق بـ50 فدانا بقرية المراقى بواحة سيوة قدرت الخسائر بـ 6 ملايين جنيه.
2 أغسطس.. استشهاد 16 ضابطا وجنديًا من قوات الأمن المصرية والاستيلاء على مدرعتين تابعتين للقوات المسلحة، إثر هجوم نفذه مجهولون مسلحون
سيناء.. المضطربة دائما
أيام قليلة قد تمر على محافظتى شمال وجنوب سيناء بدون أنباء عن هجوم على كمين للشرطة أو اشتباكات بين قبائل، ودوى انفجار على الحدود الشرقية، أو لا تستيقظ على تفجير لخط نقل الغاز الطبيعى إلى إسرائيل هذا هو حال شبه جزيرة سيناء خلال العام الماضى.
سيناء الباحثة عن الاستقرار وتمكين أهلها من ثرواتها وتمليك أراضيها، وقف أمامها النظام السابق طوال فترة حكمه باعتبارها منطقة مؤهلة للدخول فى صراع كونها منطقة شهدت حروبا طويلة، وتم تحديد التواجد العسكرى بها حسب اتفاقية السلام «كامب ديفيد» عام 1979، ومع انتشار جماعات مسلحة بها أعقاب ثورة 25 من يناير زادت حدة التوتر فيها، وشهدت المنطقة ما يقرب من مائة حادث هجوم على أكمنة الشرطة ومقتل جنود شرطة وقوات مسلحة فى حوادث متفرقة فى سيناء وأوقات مختلفة طوال العام.
14 ديسمبر.. حاصر المتظاهرون مسجد القائد إبراهيم احتجاجا على محتوى خطبة الشيخ المحلاوى
الإسكندرية عنف طال المساجد
محافظة الإسكندرية شهدت واحدة من أسوا أحداث العنف خلال هذا العام فى اشتباكات التى وقعت أمام مسجد القائد إبراهيم على مدار أسبوعين المرة الأولى يوم الجمعة 15 ديسمبر وقبل انطلاق المرحلة الأولى من الاستفتاء. حيث خرج آلاف المتظاهرين للتظاهر فى ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، اعتراضًا على مسودة الدستور وإصرار رئيس الجمهورية على إجراء الاستفتاء على الدستور فى موعده.
وردد المتظاهرون العديد من الهتافات الرافضة للدستور، ولجماعة الإخوان والمرشد، والرئيس محمد مرسى، وكانت خطبة الشيخ أحمد المحلاوى، إمام مسجد القائد إبراهيم، أحد أسباب الأزمة، حيث أكد البعض أنه دعا فى الخطبة للتصويت بنعم فى الاستفتاء، مما آثار غضب الكثيرين، وعقب الصلاة، حدثت مناوشات لفظية بين المؤيدين والمعارضين، تلاها تراشق بالحجارة، وقام عدد من المتظاهرين بمحاصرة مسجد القائد إبراهيم لمحاولة التعدى على الشيخ أحمد المحلاوى ومنعه من إلقائه كلمة للمصلين بعد الخطبة.
وتجددت هذه الاشتباكات مرة أخرى يوم الجمعة التالى بعد أن دعا الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل أتباعه للتوجه إلى الإسكندرية لأداء الصلاة هناك ما تسبب فى مواجهة جديدة بين معارضى الرئيس وعدد من المؤيدين.
7 ديسمبر.. طالب عدد من القوى السياسية بمدينة المحلة الكبرى الاستقلال عن مصر وتشكيل مجلس رئاسى
المحلة.. كفرت بالدولة وأعلنت الاستقلال
محافظة الغربية وتحديدا مدينة المحلة كانت إحدى المناطق التى كفرت بمفهوم الرئيس مرسى فى الاستقرار لدرجة دفعت هذه المدينة لإعلان استقلالها عن باقى محافظات مصر، حيث أعلنت القوى الثورية والحركات الشبابية عن استقلال مدينة المحلة عن محافظة الغربية وعن الجمهورية، والبدء بتشكيل مجلس رئاسى، اعتراضاً على قرارات الرئيس مرسى، بإعلانه الإعلان الدستورى، وإعلان الاستفتاء على الدستور فى 15 ديسمبر. بعد أن قاموا بمحاصرة مجلس مدينة المحلة، مرددين هتافات ضد الرئيس مرسى وجماعة الإخوان، مطالبين بإسقاط الإعلان الدستورى، وحل الجمعية التأسيسية، ورحيل مرسى وجماعته من الحكم.
وشهدت مدينة المحلة أحداث عنف قوية إثر محاولات المتظاهرين المعارضين لقرارات الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، اقتحام مقر حزب الحرية والعدالة، على خلفية الاشتباكات الدامية التى شهدتها منطقة قصر الاتحادية بين مؤيدى ومعارضى الإعلان الدستورى.
الأسعار ترتفع وأبواب العمل مغلقة.. وصراخات للمسؤولين: «اعملوا حاجه يرحمكم ربنا».. حسنين المراكبى: نفسى البلد تستقر لأننا عايشين فى بؤس وياريتنى أرجع لأيام عبدالناصر.. صبحى سائق قطار: قلت نعم للدستور ليتحقق الاستقرار.. عرفة سائق التاكسى: غياب الأمن وأزمة السولار والبنزين عصفا بلقمة عيشى.. و«الإخوان دخلوا من الباب والاستقرار نط من الشباك»
الاستقرار نعمة لا يشعر به الكثيرون، فهو إحساس يتحقق بعد تراكم عمل ضخم وتضافر مجهودات بين أفراد المجتمع الواحد ومؤسساته للشعور بالعدالة الاجتماعية، فى ملف العام التقت «اليوم السابع» بمجموعة من المواطنين الذين غاب عنهم الاستقرار طوال 2012 وأثرت عليهم الفوضى وعلى لقمة عيشهم وأحوالهم الصحية والاجتماعية.
عرفة محمود «55 عاما»، سائق تاكسى، عصفت به أزمات نقص البنزين المتكررة العام الماضى، كان ينتظر بالساعات أمام محطات البنزين كغيره من الآلاف من سائقى سيارات الأجرة، ليزداد يأسه فى وقف تدهور وضعه الاقتصادى الذى انخفض وفق قوله إلى صفر، لدرجة اضطراره إلى بيع الأرض التى تركها له والده لكى يسدد مصروفات منزله رغم أنه كان يعول عليها فى مساعدة أبنائه السبعة على الزواج.
غياب الأمن مشكلة أخرى زادت من الحمل على كاهل عرفة، فرغم توقف معاناته من تعديات رجال المرور عليه فى النظام السابق أو كما يقول «تلكيكهم» للسائقين من أجل فرض الغرامات، لم يتغير الوضع كثيرا خلال 2012 حيث أصبحت الشرطة غائبة تماما عن تأمين الشارع طوال أيام العام، وأصبح الشارع مرتعا للبلطجية الذين يبحثون عن صيد.. سرقة السيارات أمر ذاق مرارته عرفة على الطريق الدائرى ولم يستطع أن يحمى التاكسى إلا بمنح البلطجية 200 جنيه كانت فى جيبه، ويقول عرفة «دلوقتى برجع البيت من 3 العصر بعدما كنت أعمل فى الشارع حتى الفجر، وطول الوقت بمشى مرعوب رقبتى على أيدى».
عرفة مواطن بسيط لا يقرأ ولا يكتب و«مالوش فى السياسة»، على حد قوله، لكن هذا لا يمنعه من تكوين رأى معارض للإخوان الذين وصلوا إلى سدة الحكم العام الماضى، فقد نزل إلى انتخابات مجلس الشعب ليقول نعم للاستقرار لكنه لم يجد من أعضائه أثناء انعقاده إلا المشادات، ونزل من جديد إلى انتخابات الرئاسة ليقول نعم للاستقرار، لكنه لم يجد من مرسى بعد فوزه سوى تصريحات تقسم المصريين.
«الإخوان دخلوا من الباب والاستقرار نط من الشباك».. جملة ألقاها عرفة مازحا، وهو يشير إلى عسكرى مرور وصفه بـ«الغلبان» قائلا: العساكر غلابة زى أغلب الشعب ويتحملوا فساد سرقة 30 سنة من مبارك ونظامه، لكن الغريب أن وصول الإخوان إلى الحكم لم يغير أوضاعهم ولا أوضاع فئات الشعب الفقيرة، ولم يتخذوا أى قرار فى مصلحتنا على عكس مثلا عبدالناصر عندما تولى الرئاسة بعد ثورة 52، خد قرارات بسرعة فى صالح الفقراء والفلاحين، عشان كده فيه فرق بين حب الناس لمرسى وعبدالناصر وإذا استمرت الفجوة بيننا فى الاتساع ستقوم ثورة جديدة لكن هذه المرة ستكون الثورة على أيدى الجياع».
يبدأ يومه على ضفاف النيل يفرد شراع مركبه السياحى الصغير متمنيا أن يزداد عدد «طلعاته» كما كان الوضع من قبل، عم حسنين «المراكبى» ذو السادسة وسبعين عاما يعمل فى هذه المهنة منذ عشرات السنين لكن الوضع خلال هذا العام اختلف كثيرا فلم يعد يكسب من هذه المهنة الكثير.
يقول عم حسنين: «الرزق اللى بييجى يدوبك بيكفينى اليوم أنا وعيالى خلاص بقيت اطلع طلعة واحدة أو اتنين بالكتير أوى».
ويتابع عم حسنين: فى البداية كنت أعمل من بداية المساء وحتى الساعة الثامنة صباحا كان العمل لا يتوقف لكن حاليا من الممكن أن أبقى يوم كامل دون أن تتحرك المركب من مكانها.
وأضاف عم حسنين أنه حتى بعد انتخابات الرئاسة تخيل أن الوضع سيكون أفضل لكن حالة عدم الاستقرار الدائمة التى تشهدها البلاد أثرت بشكل سلبى على عمله.
وأكد أنه لم يعد هناك من يأتى للقيام برحلات نيلية سواء كانت أفواجاً عربية أو أجنبية، قائلا: «السياحة ماتت خالص».
ويضيف المراكبى حتى المصرى مش عايز يتفسح متسائلا: إزاى المصرى هيفكر يتفسح وهو عايش فى غلب؟
ويتمنى عم حسنين متحسرا عودة أيام عبدالناصر مرة أخرى لأنه ساوى بين الأغنياء والفقراء.
ووجه عم حسنين حديثه للرئيس مرسى «حاول أن توحد الناس كلها عشان تعمل حاجة للبلد دى».
السيد صبحى هيئة السكة الحديد صورة حية لعدم الاستقرار
«قلت نعم للدستور رغبة فى تحقيق الاستقرار وإصلاح حال البلد» هذه الكلمات قالها السيد صبحى سائق قطار وهى تعبر عن حالة عاشها المواطنون البسطاء طوال عام 2012 فبالرغم من أن العام حفل باضطرابات ساعدت على زعزعة الاستقرار، لكنهم حاولوا تخطيها طوال الوقت رغبة فى الاستقرار ليصبح هو وسيلة الهروب الآمن من أى أزمة.
عدم وجود استقرار حقيقى أمر لاحظه السيد فى كل مناحى حياته بدءا من عمله وصولا إلى منزله ويقول: «عدم الاستقرار الاقتصادى أدى إلى ارتفاع الأسعار مما أثر على بالسلب، فالحالة بصفة عامة غير مستقرة، خاصة مع ارتفع أسعار الملابس لو المصروفات الدراسية والدروس الخصوصية وفى المقابل لم نجد أى زيادات فى رواتبنا».
وأضاف السيد أن حالة عدم الاستقرار الاقتصادى أدت إلى حالة من الركود العام فى الدولة، ولذا لم تقم الهيئات بتزويد الرواتب بأى صورة من الصور.
عدم الاستقرار لم يتوقف عند هذا الحد، فكما يؤكد الأزمة الحقيقية فى عدم الاستقرار تكمن فى مسألة تحقيق الاستقرار الأمنى، ورغم مرور عامين على الثورة لم نشهد رجوعا للأمن فى الواقع، ويوضح ما حدث معه بسبب عدم الاستقرار الأمنى قائلا: أتخوف من الذهاب لمنزلى بعد الثانية عشرة ليلا، بسبب البلطجية المنتشرين فى الشوارع مما يضطرنى للنوم فى عملى حتى الصباح، خاصة أن منزلى فى إحدى قرى القناطر الخيرية، ومن الصعب السير فى الطريق إليها ليلا مع حالة التراخى الأمنى الموجودة.
عدم الاستقرار أيضا أثر بشكل سلبى على عمل السيد فى هيئة السكة الحديد، فهو يقول: «السكة الحديد بها حالة من عدم الاستقرار من كل الجوانب بداية من الناحية الإدارية وصولا إلى الناحية العملية».
فعدم الاستقرار وتغيير المسؤولين الإداريين من وقت لآخر أدى إلى عدم حل المشاكل الخاصة بالسكة الحديد سواء العربات أو الجرارات.
معتبرا أن الإضرابات والتظاهرات اليومية التى كانت تحدث طوال العام الماضى أحد مظاهر عدم الاستقرار فى العام الماضى، مما أدى إلى وقف عجلة الإنتاج حسب تعبيره والتأثير السلبى على الوضع الاقتصادى للدولة.
أما حوادث القطارات هذا العام فهى تشير إلى عدم الاستقرار بهيئة السكة الحديد، ويقول: حادثة مزلقان أسيوط ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لأن حال الهيئة غير مستقر ولا يوجد تطوير واضح فى المرافق، فأزمة المزلقانات يتم التعامل معها بشكل وقتى مع كل حادثة ثم يحدث تراخ شديد حتى إن القرارات التى اتخذها المسؤولون غير مجدية، ولن تساعد على حل المشكلة، وستتكرر الحوادث طالما لا يوجد اهتمام بهذا المرفق.
عدم الاستقرار بالدولة دفع السيد إلى قبول أى قرار تتخذه الدولة رغبة فى التطور، لذا فهو قال نعم فى الاستفتاء على الدستور، ويبرر هذا قائلا: «الاقتصاد فى حالة متدهورة والعملة الصعبة غير موجودة ولا أعرف لماذا لا يحدث استقرار أو تطوير».
استمرار الاعتصامات والمسيرات «يوقف حال» عمال وموظفى وسط البلد.. عشرات المحال تشكو الكساد وقلة الرزق.. وعائلة يونانية تبيع محل الأنتيكات مع نهاية العام.. ومديرها الخمسينى يبحث عن عمل فى آخر أيامه.. حمادة يتحايل على الفقر ببيع علم مصر وينتظر الوعود الانتخابية بالرخصة والفاترينة «الإزاز».. و«أحمد» يؤيد الثورة من أول يوم ويتنقل بين الوظائف بحثاً عن مستقبل أفضل
عام آخر من المليونيات بميدان التحرير، والاعتصامات المتكررة، التى أدت إلى إغلاق الميدان، كما أدت المسيرات من وإلى التحرير، إلى شلل شبه دائم فى منطقة وسط البلد، فقلت عملية البيع والشراء، وأغلق عدد من المحال، كما قل عدد السائحين، الذين كانوا يتوافدون بالآلاف لزيارة المتحف المصرى، ومن بعده ميدان التحرير، وكانت تعتمد عليهم أغلب البازارات بالميدان، وبائعى الأنتيكات والمشغولات اليدوية بوسط البلد، وعلى مستوى المواصلات، تحول وسط البلد إلى حلقة مغلقة، تدور فيه العربات، ولا تستطيع الإفلات من قبضته، إلا بشق الأنفس.
كان الجميع يتقبل ذلك فى الأيام الأولى من الثورة، لإسقاط النظام، وتحقيق عدد من مطالب الثورة العادلة، لكن استمرار الاعتصامات بالميدان، والانقسامات التى حدثت بين القوى الوطنية، أدى إلى «خراب بيوت مستعجل»، كما أكد ممدوح وهيب، الذى كان يدير محل أنتيكات قريبا من الميدان، والتقت به «اليوم السابع» أثناء تصفية المحل، استعدادا لبيعه، مع نهاية هذا العام، عم وهيب بدا عليه الحزن الشديد، فالرجل قضى 24 عاما مديرا للمحل، ولا يعلم الآن، كيف سيعول أسرته الصغيرة، ويكمل مسيرة أبنائه التعليمية؟!
ويقول عم وهيب، إن المحل مملوك لعائلة يونانية، منذ عام 1927، لكن الأحفاد قرروا تصفية أعمالهم فى مصر، وبيع المحل، بعد الخسائر المتوالية، التى وصلت إلى 180 ألف جنيه، ورغم أنه ليس بالمبلغ الكبير، فإن الأجانب لا يهتمون إلا بالمكسب، لذلك فهم يسارعون بتصفية أعمالهم، خاصة أن استمرار المظاهرات حول ميدان التحرير «قلق الرجل جدا»، وبات نادرا ما يحضر سياح أجانب للشراء.
ورغم مؤهل وهيب العالى، لكنه لا يعرف أين سيذهب الآن، فهو من ناحية لم يصل إلى سن المعاش بعد، ولا يستطيع أن يطالب هيئة التأمينات الاجتماعية بصرف معاشه، ومن ناحية أخرى لا يعرف كيف يبدأ البحث عن عمل، فى عمره هذا، وهيب كان من مؤيدى الثورة، لأنه كان يشعر بثقل النظام، لكنه الآن يرى أن المستقبل لن يأتى بخير، فالنظام الحالى لا يضمن الاستقرار، ولا يسعى لتوافق الشارع.
يكمل عم وهيب أنه قبل الثورة كان يتقاضى راتبا متوسطا، إضافة إلى عمولة جيدة، من حجم المبيعات، وقد قطعت تلك العمولة تماما بعد الثورة، إلا أنه كان متفائلا، ويأمل فى التغيير، حتى طغى تيار الإسلام السياسى على الحكم، وبدأ الاستقطاب الدينى، الذى وصل إلى ذروته خلال الانتخابات الرئاسية، وخاصة مرحلة الإعادة، حيث اقتنع وهيب بأن التصويت لصالح المرشح السابق للرئاسة أحمد شفيق، أفضل بكثير من التصويت لصالح مرشح الإخوان، الرئيس محمد مرسى، ويعكس موقف عم وهيب عجز تيارات الإسلام السياسى على طمأنة الأقباط، الذين تحققت بعض مخاوفهم الآن، بسبب الفتاوى المثيرة للضغائن، والتى تكرس الفرز الطائفى للمجتمع.
وفى وسط الاعتصام المستمر بميدان التحرير، تجد العاطل الذى فقد مورد رزقه بسبب الثورة، والثائر الذى مازال يحلم بتحقيق مطالب الثورة كاملة، وعدد غير قليل من أطفال الشوارع، ممن وجدوا فى الميدان الدفء والرحمة، وبالقرب من الكعكة الحجرية التى تتوسط الميدان، وقف حمادة على يبيع أعلام مصر، وينتظر الفرج من الله، فالمليونيات هى باب الرزق الأوفر، وباقى الأيام «يدوب بيجيب المصاريف»، محمد قبل الثورة كان موظف بإحدى الشركات، بدخل ثابت، ومستقبل مضمون، لكن الشركة بدأت فى تصفية الموظفين عقب الثورة، وفوجئ حمادة بأن راتبه ينقص بنسبة %30، وتزداد نسبة الاقتطاع فى الشهر التالى، بحجة الخسائر المتلاحقة، فما كان من حمادة إلا ترك العمل، والبحث عن مصدر آخر للرزق.
ويقول حمادة إنه اعتصم خلال الـ18 يوم قبل إسقاط النظام، وهناك وجد مهنته الجديدة، وهى بائع أعلام وتى شيرتات، ومنتجات أخرى عليها علم مصر، وشعار ثورة الـ25 من يناير، حمادة وجد فى مهنته الجديدة رزقا وفيرا، لكن الأمر لم يدم طويلا، فخلال العام الثانى من الثورة، قل الطلب كثيرا على بضاعته، لكن المليونيات تنشط الأمر من حين لآخر، إلا أن حمادة يفضل وظيفة ثابتة، بمرتب ثابت، مهما كان قليلا، المهم أن يضمن له توفير مصاريف بيته، بصورة معقولة.
وأحيانا يجد حمادة نفسه شاهدا على المشاجرات بين الباعة بالميدان، التى تمتد إلى استخدام الأسلحة البيضاء، إلا أن محمد يبتعد تماما عن المشاكل، لأنه يخشى على «أكل عيشه»، ويعلم أن هناك عددا غير قليل من البلطجية المندسين فى الميدان، بسبب غياب الأمن والرقابة، يقول حمادة إنه خلال الانتخابات الرئاسية، وعدته كثير من الحركات والأحزاب بمنحه رخصة، مقابل التصويت لصالح مرشح بعينه، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، ومازال حمادة يحلم هو وجميع بائعى وسط البلد، برخصة وفاترينة، توفر له أمانا نسبيا، وتقيه ملاحقة الأجهزة الأمنية، فى حالة ما تجددت قرارات المحافظة، بإخلاء منطقة وسط البلد من الباعة الجائلين.
وفى شارع عبدالخالق ثروت، بجانب مثلث الشغب، الذى يتكون من نقابة الصحفيين ونقابة المحامين ونادى القضاة، الذى كان يتطلب تواجدا مكثفا من قوات الأمن المركزى قبل قيام الثورة، بدأت محلات جديدة فى الظهور، بعد أن خفتت حدة التواجد الأمنى، وبات الشارع مفتوحا للمارة والبائعين، أحمد عادل، أحد الشباب الذى وجد فرصة للعمل كمدير فرع فى أحد محال الملابس الجديدة، وذلك بعد عدة أشهر، من استقالته من عمله بأحد فروع البنوك بمنطقة فيصل، بسبب نقله التعسفى إلى فرع البنك بمنطقة العياط، الأمر الذى أثقل على ميزانيته الشهرية.
يقول أحمد إنه كشاب لم يبلغ الـ24 بعد من عمره، كان متحمسا جدا لقيام الثورة، وغمره وقتها شعور جارف، بأن المستقبل يحمل كل الخير، حتى أنه سرعان ما قبل منصب مدير لمحل الملابس الجديدة، ليكون بالقرب من الميدان، ويستطيع المشاركة بين الحين، والآخر، فى المليونيات هناك، لكن سعادته بالثورة لم تستمر، فالإغلاق الدائم للميدان، والطرق المؤدية له، أدى إلى خفض راتبه الشهرى، بسبب الكساد الذى شهدته محلات وسط البلد، خلال العام الحالى، الذى كان يعتمد فى الأساس على نسبة لا بأس بها من أرباح المبيعات، حال أحمد يتشابه مع حال عشرات الشباب العاملين بوسط البلد، الذين باتوا منقسمين إلى فريقين، فريق يلعن الثورة، التى أنقصت من أرزاقهم، وفريق آخر يرفض مهاجمة الثورة، ويدعو الله سرا أن «يعدل الحال الواقف» منذ عامين.
2012 ترسم خريطة جديدة للتظاهرات.. أربعة ميادين تدخل السباق.. وثلاثة هجرها المتظاهرون.. «الاتحادية» محرك الأحداث.. «النهضة» و«رابعة العدوية» صوت مؤيدى الرئيس.. و«الدستورية» و«الإنتاج الإعلامى» أبطال الحصار.. . وانتهاء دور «مصطفى محمود» و«روكسى» و«العباسية»
ديسمبر 2012 تعطى جماعة الإخوان المسلمين الأوامر لآلاف المتظاهرين من كل المحافظات للتجمع فى ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة، يحتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين فى مليونية «الشرعية والشريعة» لتأييد قرارات الرئيس محمد مرسى رافعين شعارات «الشعب يريد تطبيق شرع الله» و«عاش الريس مرسى عاش والفساد دخل الإنعاش»، ثوار أحرار بتأييد القرار.. و«يا بديع يا بديع أنت تؤمر وإحنا نطيع»، ردًا على معارضيه الذين تظاهروا قبلهم بأيام فى ميدان التحرير للمطالبة بإلغاء الإعلان الدستورى وتأجيل الاستفتاء على الدستور.
بأيام قليلة تمر على هذا المشهد وتقرر القوى السياسية المعتصمة بالتحرير تغيير مكانها للتوجه إلى قصر الاتحادية فى مليونية الإنذار الأخير، لتأكيد رفضهم قرارات الرئيس فى رسالة منهم إلى أن احتجاجهم سيصل إلى عقر دار الرئيس وأمام القصر رافعين شعار «ده مش إعلان دستورى ده حكم ديكتاتورى».. «عيش، حرية، إسقاط التأسيسية».. «يسقط يسقط حكم المرشد».. «وبيع بيع بيع الثورة يا بديع».
المشهدان السابقان يرسمان خريطة جديدة لميادين التظاهرات فى نهاية هذا العام تدل على عدم استقرار الأوضاع خلال العام المنصرم، فلم يعد الأمر مقتصرا على ميادين التحرير ومصطفى محمود فقط كما هو الحال فى بداية الثورة.
مظاهرات الاتحادية شهدت اصطدام الطرفين المؤيدين والمعارضين، فى أحداث قد تكون هى الأسوأ على مدار هذا العام، بعد أن قرر الإخوان النزول إلى محيط القصر لحماية الرئيس، وفقا لما أكدوه ودخل مؤيدو الرئيس ومعارضوه فى اشتباكات دامية استمرت لعدة ساعات، وأسفرت عن مقتل 10 أشخاص وجرح العشرات، وسط انتقادات قوية للرئيس مرسى وجماعة الإخوان المسلمين التى سمحت بإشعال هذا الفتيل، بإعطاء أوامر لمؤيديها بالنزول إلى محيط القصر غير عابئة بما يمكن أن ينتج عن ذلك التصرف.
وسط هذه الانتقادات انسحب مؤيدو الرئيس من أمام قصر الاتحادية للانتقال إلى ميدان جديد تم اختياره وهو رابعة العدوية، الذى شهد تنظيم مظاهرات مؤيدة للرئيس بعيدا عن الاتحادية لمنع الصدام فى مليونية نعم للشرعية فى مسجدى رابعة العدوية وآل رشدان بمدينة نصر، والتى دعا إليها ائتلاف القوى الإسلامية للدفاع عن شرعية الرئيس محمد مرسى، وإعلان تأييدها لجميع قراراته.
وكان أبرز المشاركين فى هذه المليونية، جماعة الإخوان المسلمين، الجماعة الإسلامية، حزب الحرية والعدالة، حزب البناء والتنمية، حركة «حازمون»، والدعوة السلفية بالجيزة.
خلال هذه الأحداث أيضا لم تسلم بعض المؤسسات من الحصار والتظاهر وفقا لمبدأ العين بالعين الذى استخدمه التيار الإسلامى، ففى مقابل الاعتصام أمام قصر الاتحادية قرر عدد من مؤيدى الرئيس التظاهر أمام مقر مدينة الإنتاج الإعلامى والاعتصام أمامها، مطالبين بتطهير الإعلام ومهددين بأنه فى حالة أى محاولة لاقتحام قصر الاتحادية، سيتم اقتحام مدينة الإنتاج الإعلامى بالمقابل كذلك الحال بالنسبة للمحكمة الدستورية العليا التى حاصرها عدد من الإسلاميين على مدى أكثر من أسبوعين، للمطالبة بتطهير القضاء، الأمر الذى يعكس حالة من الفوضى الأمنية والمجتمعية.
وبرغم التوسع فى عدد الميادين فإن التحرير بقى القبلة الأولى للاعتراض على قرارات الرئيس، حيث حرص المتظاهرون على التواجد فيه بشكل مستمر قبل التوجه إلى أى وجهة أخرى.
فى حين اختفت إلى حد ما ميادين أخرى ظهرت فى بداية الثورة والتى كانت متعلقة بأتباع الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وعلى رأسها مصطفى محمود الذى لم يشهد خلال هذا العام تظاهرات، بالإضافة إلى ميدان العباسية وروكسى الذى نظمت فيه عدة مليونيات لتأييد المجلس العسكرى.
لعنة سياسات مبارك تطارد مرسى فى الطريق إلى الاستقرار.. الترويج لفكرة «نعم» من أجل الاستقرار استخدامها مبارك ويؤكد عليها مرسى.. والنتيجة فى الحالتين هى غياب التوزيع العادل للثروة
الاستقرار كانت كلمة مبارك فى تبرير سياساته الأمنية والاقتصادية، والاستقرار كلمة الرئيس مرسى فى مواجهة المعترضين على الدستور، مبارك حقق الاستقرار بالقبضة الأمنية والاحتكار السياسى والاقتصادى لفئة محددة داخل الحزب الوطنى. لكن هذه الطريقة أنتجت الإرهاب والفساد، ويحتاج أى نظام جديد فى مصر لتحقيق الاستقرار ولكن ليس بالطريقة التى اتبعها مبارك.
الدكتور سمير رضوان، وزير المالية الأسبق، يرى أن الطريقة التى تم بها تكوين الجمعية التأسيسية والانتهاء منه فى يوم واحد، خلق جوا سياسيا لا يمكن أن يؤدى إلى توافق.. مشيرا إلى أن التوافق على الدستور كان يجب أن يتعدى نسبة الثلثين مثلما يحدث فى بعض الدول مثل فرنسا، فى حين اكتفت مصر بنسبة %51 فقط، مع العلم أن الدستور ليس توافقيا، وهو ما اتضح من الانقسام فى الاستفتاء، وأكد صعوبة التوافق وصولا إلى الاستقرار السياسى وإنهاء حالة الارتباك مع وجود أكثر من %40 من الشعب لا يوافقون على الدستور. ثم إن عدم الوصول إلى الاستقرار بعد الدستور يرجع إلى الارتباك والتردد فى القرارات السياسية وعدم تحديد جهة واحدة لاتخاذ القرار.
رضوان يرى أن الوضع الاقتصادى أصبح حرجا وفى حالة سيئة، بعيدا عن التخويف من شبح الإفلاس، فالوضع الذى وصل إليه الجنيه أصبح سيئا للغاية، والاحتياطى النقدى يتآكل، والوضع الاقتصادى أمام العالم أصبح فاقدا للثقة، وهو ما جعل صندوق النقد الدولى يتراجع عن منح مصر القرض، وأحجمت الكثير من المؤسسات المالية عن الدخول للسوق بسبب عدم الاستقرار السياسى. ويرى رضوان أن «سبب الارتباك الحادث فى مصر الآن يرجع إلى تعدد السلطات الموجودة الآن بين سلطة حزب الحرية والعدالة وبين سلطة مؤسسة الرئاسة وسلطة المرشد العام للإخوان.
ويقارن بين نظامى الرئيس محمد مرسى والرئيس السابق مبارك فى التعامل مع ملف الاستقرار قائلا: إن نظام مبارك بكل ما فيه وما عليه لم يجرؤ على تحدى الدستور وأجرى استفتاء على التعديلات الدستورية ولم يتصد يوما لقرارات المحكمة الدستورية وهو ما يعنى وجود احترام مؤسسات الدولة، وهو ما كان يوفر فكرة الاستقرار للمواطنين لإدراكهم وجود دولة المؤسسات، وكان وقتها النظام يستمد شرعيته من احترامه لمؤسساته، وهو ما جعل مؤسسة مثل الجيش تحسم الموقف وقت الثورة ولا تنحاز للنظام لأنها ظلت مؤسسة قوية.. بينما جماعة الإخوان والرئيس محمد مرسى لا يبدون تفهما لمفهوم الدولة ويفضلون عليه فكرة الأمة والخلافة، وهو ما تسبب فى تجريف سلطة الدولة بسبب استدراجها فى بعض القضايا العربية مثل قضية فلسطين وحماس والتى ستظل مصر طرفا لن ينفصل يستنزف منها طاقتها السياسية ويسحب جزءا من استقرارها السياسى.
ويشير رضوان إلى أن مبارك كان يتحدث عن توفير الاحتياجات الرئيسية للمواطن مثل البوتاجاز ورغيف العيش والاستثمارات التى كانت بسب الاعتماد على رجال أعمال فى الوزارات وقدرتهم على جذب الاستثمارات، لكن مشكلة النظام السابق كانت أن العوائد الضخمة للاستثمارات لم تكن توزع توزيعا عادلا.. وتلك كانت أزمة مبارك. المواطن كان يسمع عن مشروعات واستثمارات وفرص لا تصل إلى جيبه فى النهاية.
ويرى رضوان أن مشكلة تنظيم الإخوان أنه تنظيم عمل لمدة 84 سنة تحت الأرض وفى الخفاء، وأمامه اختياران فى الحياة السياسية، الأول النموذج التصالحى والمعروف فى جنوب أفريقيا وقدمه نيلسون منديلا، الذى اختار التصالح مع رموز النظام السابق. والنموذج الثانى وهو النموذج الانتقامى من كل ما ينتمى للنظام القديم وهو ما يقوم به نظام الإخوان حتى الآن وتصورهم أنهم قادرون على فرض الخلافة على المجتمع المصرى ومحو هويته التى تكونت عبر 5 آلاف سنة و1400 سنة للهوية الإسلامية، وبالتالى فالهوية المصرية مركبة ويصعب تغيير ها.
أما الكاتب والباحث أحمد السيد النجار، رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، فيستبعد حدوث حالة من الاستقرار بعد تمرير الدستور مستشهدا بما حدث فى استفتاء مارس 2011 وما جاء بعده من اضطراب ولم تأت حالة الاستقرار التى انتظرها الشعب. ويرى أن الإخوان روجوا لفكرة أن «نعم» تعنى الاستقرار، وأن «لا» تعنى الفوضى، مما يعد نوعا من استغلال رغبة الشعب فى الاستقرار.. بينما انتظام عمل الدولة القوية لابد أن يقوم على الفصل الصحيح بين السلطات والتى تمنح الفرصة لمؤسسة القضاء أن تعمل، وأن تعمل السلطة التنفيذية بدورها وأن تقوم الحكومة بدورها.. أما ما يحدث الآن فى مصر من حصر جميع السلطات فى يد شخص واحد، فإنه لا ينتج فى النهاية حالة من الاستقرار، ويكرر نظام مبارك.
ويرى النجار أن عودة الاستقرار يرتبط بالفصل بين السلطات، ويطالب الرئيس مرسى بترك المؤسسات القضائية تمارس دورها، وأن يرفع يده عنها، ويبتعد عن السلطة التشريعية، وينهى الارتباك فى صناعة القرار. أما عن السياسة الاقتصادية فيرى النجار أنها نفس سياسات الرئيس المخلوع مبارك، فالموازنات التى تصدر عن الدولة موازنات رديئة. كان سابقا يقوم بها فى نظام مبارك الصف الأول من المجموعة الاقتصادية، مثل يوسف بطرس غالى، فى حين تصدر الموازنات الآن عن مديرى مكاتب الصف الثانى لمبارك، حيث كان الدكتور ممتاز السعيد، وزير المالية الحالى، مديرا لمكتب يوسف بطرس غالى.
قالوا عن الاستقرار
الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية
23 نوفمبر 2012: فى كلمة أمام المتظاهرين بقصر الاتحادية الخطوات التى اتخذتها بخصوص الإعلان الدستورى هدفها تحقيق الاستقرار السياسى والاجتماعى وتداول السلطة وهو ما أعمل من أجله.
1 ديسمبر 2012: أثناء حديثه لأعضاء الجمعية التأسيسية فى خطاب مراسم تسليم الدستور، طالب المؤيدين والمعارضين للدستور إلى اختيار ما يرضى ضمائرهم، وما يحقق للأجيال القادمة الاستقرار والعدالة الاجتماعية، وأنهى الرئيس كلمته بالآية الكريمة «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت»، ثم وجه التحية مرة ثانية للمستشار حسام الغريانى وأعضاء الجمعية وكل الحضور، متمنيا للشعب والوطن «الاستقرار والأمن والخير، قل عسى أن يكون قريبا إن شاء الله».
محمد سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب المنحل
25 ديسمبر 2012: أثناء عرضه تحليلا للمشهد السياسى الحالى بجامعة المنيا قال، إن المعارضة تساهم فى تعطيل الاستقرار السياسى بافتعال خلافات لا وجود لها على أرض الواقع، كما تحدث عن دور الإعلام السلبى فى إشعال الفتن وإزكاء الجدل السياسى لتحويله إلى صراع يقسم الوطن.
23 يناير 2012: استهل حديثه فى أول خطاباته بمجلس الشعب قائلا: هذه هى الديمقراطية التى علينا أن نحتكم إليها ونرتضى نتيجتها، هذه الديمقراطية التى غابت عن هذه القاعة لعقود طويلة، ولسوف تظل هذه الديمقراطية دائما مصدر قوة وشموخ مجلسنا الموقر، لقد فقدت مصر الكثير من أبنائها من أجل الحرية والديمقراطية والاستقرار والتنمية، ومن هنا أيها الإخوة والأخوات نعلن أننا لن نخون دماء الشهداء أبداً، لن نخون دماء إخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا.
المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع السابق
من أكثر الشخصيات التى تحدثت عن الاستقرار فى أغلب خطاباته، كما دعا إلى تحقيقه طوال الوقت، بل جاء عنوان حملة ترشيحه رئيسا للجمهورية العام الماضى تحت شعار الاستقرار وكان عنوانها «مطلب شعبى للاستقرار».
وهذا أبرز ما قاله عن الاستقرار
15 فبراير 2012: فى أثناء لقائه مع وفد البرلمان قال إن مصر تتعرض لمؤامرة كبرى، وإن الجميع يجب أن يتصدى لها لضمان نجاح الثورة فى تحقيق أهدافها، وأضاف أن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة يدعم الشرطة بكل قوة لاستعادة الأمن والاستقرار فى الشارع المصرى، كما حذر خلال اللقاء من الوضع الاقتصادى فى مصر، مشيرا إلى ضرورة عودة الأمن والاستقرار والاتجاه نحو العمل والإنتاج وإقامة المشروعات حتى يستعيد الاقتصاد المصرى قوته.
حازم صلاح أبوإسماعيل
3 يوليو 2012: فى لقاء بأحد البرامج التليفزيونية: لن أكون عبدا عند السلطة العسكرية، والمجلس العسكرى ارتكب جريمة نسف الاستقرار مرارا وتكرارا خاصة بإصداره الإعلان الدستورى المكمل 31 مايو 2012: إذا فاز شفيق فى الانتخابات الرئاسية لن يحدث استقرار وسيكون الاستقرار هو الضحية الأولى.
11 ديسمبر 2012: فى اعتصام أمام مدينة الإنتاج الإعلامى قال فى تصريحات صحفية، الاعتصام أمام مدينة الإنتاج الإعلامى هدفه تحقيق حالة من الاستقرار للنظام السياسى الحالى واستقرار أمن المؤسسات فى مصر، ونحن فى هذا الاعتصام مسؤولون عن إعادة الاستقرار التام الكامل لمصر، ووظيفة هذا الجمع هو تحقيق الاستقرار الشامل للنظام السياسى فى مصر حتى لا يكون عرضة للمخاطر.
الاستقرار فى أعين رجال السياسة.. صفحة انتهت مع 2012.. الحريرى: كلمة مطاطة لكسب المؤيدين.. والخرباوى: وسيلة لتخدير الشعوب.. المتحدث باسم الجبهة السلفية: المعارضة غير الرشيدة سبب عدم الاستقرار
الاستقرار الذى نشده مسئولو النظام سواء من العسكر أو من جماعة الإخوان المسلمين يختلف حوله رجال السياسة، فمنهم من يحمل المعارضة عواقب ما حدث من فوضى عمت مصر 2012، لأن المظاهرات التى قامت بها عطلت مشروع النهضة والارتقاء بالاقتصاد، ومنهم من يرى أن السبب هو عجز الأنظمة فى إدارة البلاد لافتقادها لرؤية واضحة تجاه معالجة الأزمات، وهو الرأى الذى يؤيده أبو العز الحريرى القيادى اليسارى، والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية، قال، "إن الأنظمة الحاكمة لا تبحث عن الاستقرار ولا تريد تحقيقه، ولكنها فقط تستخدمه كوسيلة لطمأنة الشارع، وتبرير ما تقوم به من أخطاء".
وضرب الحريرى مثالا على ذلك بما حدث فى العام الماضى الذى استخدم فيه المجلس العسكرى أثناء وجوده فى الحكم كلمة "استقرار"، فقط لتبرير الاضطرابات التى كانت موجودة طوال الفترة الانتقالية، الأمر نفسه ينطبق على الرئيس الدكتور محمد مرسى الذى لم يحاول بناء دولة تقوم على الاستقرار الحقيقى، وليس الاعتماد على التفوه بها لمجرد كسب مزيد من المؤيدين وتقليل فرص تأييد المعارضين فى الشارع.
أكد الحريرى، أن هذه الكلمة ما هى إلا شعارات مطاطة لضمان البقاء فى الحكم فقط دون محاولة لتحقيق تنمية لتطوير المجتمع.
فيما قال المحامى ثروت الخرباوى، إن كلمة "استقرار" استخدمت فى كل عقود الحكم المصرى الحديث منذ ثورة يوليو حتى الآن، كما أن الحكام اعتادوا على استخدامها لتخدير الشعوب، وإخفاء السلبيات الموجودة فى أنظمتهم، ولكن استخدامها يكون فى شكل شعارات للتأثير فى نفسية الشعوب فقط دون رغبة فى تطبيقها.
وأضاف الخرباوى، "تسعى الشعوب دوما للعيش فى استقرار وخاصة الشعب المصرى الذى يحيا منذ آلاف السنين بحالة استقرار، خاصة لأن الفوضى كلمة لا يرغب فى سماعها فقط ما بالك بالعيش فيها".
وتابع الخرباوى، النظام الحاكم الآن فهم هذه الطريقة واستخدامها بنفس الأسلوب، مضيفا عليها الشعار الإسلامى لجلب مزيد من الأصوات.
وعن الطريقة المثلى لتحقيق الاستقرار قال الخرباوى، إن الأنظمة الحالية لا تستطيع تطبيقه لأنها لا تملك أدواته، موضحا أن الباحث الحقيقى عن الاستقرار يسعى للتطوير من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو ما لم يحدث، لأن الحاكم لا يملك الفكر المناسب لبناء دولة تقوم أركانها على الاستقرار، كما أنه لا يملك الأدوات التى تساعده عليها.
ويرى خالد سعيد المتحدث باسم الجبهة السلفية، أن مهمة أى نظام تقوم على تحقيق الاستقرار، خاصة لأن عدم وجوده يشير إلى خلل فى النظام الحاكم، وبرر سعيد كثرة استخدام الأنظمة الحاكمة للاستقرار بأنه محاولة لتحقيقه، وإقناع المواطنين به.
وعن عدم قدرة الأنظمة الحاكمة فى مصر على تحقيق الاستقرار خلال العام الماضى، قال "أى نظام يأتى بعد ثورة يصعب عليه تحقيق الاستقرار لأن الأوضاع تكون مضطربة، وغير مستقرة، ويكون لدى الشعب طاقة للرفض والاعتراض"، مؤكدا أن هذا لا يمثل تبريرا للمجلس العسكرى أو نظام الدكتور محمد مرسى.
وأشار سعيد، إلى أن المعارضة غير الرشيدة تعد سببا رئيسيا فى عدم تحقيق الاستقرار بالضغط الدائم على النظام ومحاولة إفشال التجربة الإسلامية فى الحكم.
وعن سبل تحقيق الاستقرار قال، إن على النظام أولا الانحياز للبسطاء، واتخاذ خطوات سريعة لحل مشاكل الفقراء والمهمشين وسكان العشوائيات، بما يسهم إرساء العدالة الاجتماعية.
كما طالب باتخاذ إجراءات سريعة لحل مشاكل العمال والفلاحين، وتطهير الأجهزة السيادية فى الدولة مثل الداخلية.
«الاستقرار» كان الحلم البطل عام 2012، فمن أجله شارك المصريون فى انتخابات رئاسية تمنوا أن تأتى لهم برئيس ونظام جديد يحققه لهم، وباسم «الاستقرار» استمر المجلس العسكرى فى فترته الانتقالية بالكامل، واستمرت حكومة الجنزورى رغم فشلها فى حل المشاكل الاقتصادية والأمنية والسياسية.
وباسمه أيضا حشد التيار الإسلامى لتمرير الدستور ودعا للاستفتاء عليه بـ«نعم» ورددوا هتافاتهم الشهيرة «نعم للدستور علشان العجلة تدور»، وباسمه نزل مؤيدو الرئيس إلى مختلف الميادين رافعين الشعارات للمطالبة بتأييد قراراته حتى يتحقق هذا الحلم، وبمفهوم مختلف رفض جزء آخر من الشعب هذا الاستقرار فنزلوا فى مظاهرات اعتراضًا على الرئيس فى التحرير وبسبب حالة عدم الاستقرار ظهرت على الخريطة ميادين جديدة تظاهر فيها الفريقان لأول مرة كالاتحادية ورابعة العدوية.
ومحافظات عديدة عانت كثيرا من فوضى عارمة وابتعد عنها الاستقرار مثل سيناء وبورسعيد وغيرهما من المحافظات التى شهدت أحداثا مؤسفة، وينتهى العام ويبقى بسطاء مصر فى انتظار تحقيق «حلم الاستقرار» الذى فشل الجميع فى الوصول إليه.
366 يوم «دعوة للاستقرار».. والنتيجة عنف وتظاهرات واحتجاجات وأزمات اقتصادية
هى السلاح الأبرز الذى اعتمدت عليه السلطة الحاكمة فى استقطاب عموم الجماهير لتأييد قراراتها لكى تستحق أن تكون بطلة العام وبجدارة، فعلى مدار 12 شهرا لم يخل حديث أى مسؤول من تصديرها للمواطن لتكون محركا رئيسيا فى الأحداث السياسية أو الاقتصادية.. «الاستقرار» تلك الكلمة الذهبية التى لم يختلف استخدامها بين المجلس العسكرى والإخوان المسلمين الذين تقاسموا الحكم خلال 2012، فقد كانت الركن الأساسى لاتخاذ أى قرار، أو تبرير الفشل، أو دفع الشعب لاختيار معين حتى ولو ارتبط بمصيرهم مثل الدستور. عام كامل كان وعد الاستقرار هو الحائط الذى تستند عليه دعوات التيار الإسلامى للوصول إلى بوابة الحكم، والتى تكرر ذكرها فى مواقف كثيرة لمحاولة جذب المواطنين، وهو ما ظهر جليا فى الدعوة لـ«نعم» لمجلس الشعب، «نعم» لحكومة الجنزورى، «نعم» لمجلس الشورى، «نعم» للانتخابات الرئاسية، و«نعم» للاستفتاء، الغريب فى الأمر أنها كانت أيضا نفس الأداة التى استخدمها المجلس العسكرى فى إبراز «لا» لمجلس الشعب، «لا» لحل حكومة الجنزورى، وكأن الجانبين اتفقا على أن يستخلصا رحيق عسلها أو يذوقا من مرارتها، وهو ما لم يختلف حتى بعد وصول مرسى للرئاسة، حيث ظلت أداة «الاستقرار» تميل إلى «نعم» أو «لا» حسب مصلحة السلطة الحاكمة.
فهل تحقق حلم الاستقرار فعلا على أرض الواقع أم كان مجرد وعد تحول إلى سراب؟ بعد انتهاء 2012 أصبح من الواجب أن تمثل «الاستقرار» أمام محكمة الشعب لتقدم كشف حساب 366 يوما، كانت وسيلة العسكر فى ترسيخ حكمهم، وأداة الإخوان فى تسلق كراسى السلطة وإقصاء معارضيهم.
استقرار «العسكرى» واشتباكات القوى السياسية
«مش عايزين الاحتفالات.. الأول حق اللى مات» هتافات هزت أرجاء ميادين مصر المختلفة فى الذكرى الأولى لثورة يناير، توجهت إليها مسيرات تجمع آلافا تمتلئ صدورهم بغضب عدم القصاص من قتلة الشهداء. خرجت المظاهرات تجمع بين فئاتها قوى سياسية انقسمت أهدافها من النزول بين تيار مدنى يطالب بإنهاء حكم العسكر وتيار إسلامى أصدر بياناته الرافضة للاحتجاج أو تنحى العسكر الذى برره بكلمته السحرية «الاستقرار». الاحتجاج على المجلس العسكرى كان بالنسبة للتيار الإسلامى فى ذلك الوقت يمثل حالة من الفوضى وعدم الاستقرار وعرقلة لمسيرته التى اقتطع شوطا كبيرا منها فى الاستحواذ على أغلبية مجلس الشعب، فأعلن كل من الحرية والعدالة والنور والجماعة الإسلامية والوسط نزولهم إلى الميادين من أجل حماية المنشآت واحتفالا بإنجازات الثورة التى ربطوا نجاحها بنجاحهم فى البرلمان. دعوة الاستقرار كانت بالنسبة لمعارضى استمرار العسكر نوعا آخر من السم المدسوس فى العسل، وبالفعل لم يدم الوضع كثيرا حتى نشبت الاشتباكات بين المحتفلين أمام منصة الإخوان فى التحرير والمعارضين اشتباكات ذكرى الثورة كانت الفتيل الذى أشعل بعد ذلك حرب الانقسامات بين شباب القوى السياسية ما بين مطالب بالتسليم الفورى للسلطة وبين مستعد للانتخابات الرئاسية لاستكمال العرس السياسى، على حد قولهم فى ذلك الوقت، ليتكرر مشهد الاشتباكات من جديد يوم 31 يناير حينما توجهت المسيرات الطلابية إلى مجلس الشعب لتسليم الأعضاء مطالبهم، قابلها حشود من شباب الإخوان تمنعهم من المرور بدعوى عدم التخريب.
استقرار حكومة بطعم دم شهداء بورسعيد
بسبب حكومة الجنزورى كانت أحداث مجلس الوزراء التى أدت إلى وفاة 44 متظاهرا وإصابة العشرات أبرزهم سحل «ست البنات»، لكن لم يمنع ذلك الحكومة من الاستمرار، خصوصا تأييدها من قبل مجلس الشعب، وخصوصا الأغلبية والذين باركوا استمرارها بدعوى الاستقرار، واعتبروا الجنزورى من القيادات القادرة على إدارة البلاد فى تلك الفترة الانتقالية. الأمر لم يكن مستقرا على الإطلاق فى الناحية الأخرى من الشارع، حيث بدأ أول تحديات الحكومة بمجزرة بورسعيد التى راح ضحيتها 74 من مشجعى النادى الأهلى فى مباراته مع النادى المصرى، هاج الشعب وخرجت المظاهرات المنددة بالحكومة، خصوصا فى ظل تخاذل الداخلية بالتسبب فى الأحداث، وعادت المظاهرات من جديد إلى ميدان التحرير احتكت مع الداخلية وصلت فيها الإصابات إلى 1500 مصاب وقتيل.
رفض العصيان المدنى
استقرار حكومة الجنزورى التى لم يدنها مجلس الشعب فى أحداث بورسعيد برضا أحزاب الأغلبية بدأت فى الانهيار مع وصف المتظاهرين أمام الداخلية بالبلطجية وتكذيب إطلاق الوزارة خرطوشا على المتظاهرين والتى أثارها النائب محمد أبوحامد، واستمرار الاعتصامات الفئوية أمام مجلس الوزراء دون حل، وتخبط حصول المصابين على مستحقاهم أو رد معاشات أهالى الشهداء، الأمر الذى أدى إلى ظهور الدعوات بالعصيان المدنى العام لرحيل العسكر والحكومة وتسليم السلطة. لكن ما سبق لم يمنع الإخوان من إصدار بيانهم الرافض للإضراب الذى اعتبروه ضد الاستقرار استجابة الشعب لعدم المشاركة فى الإضراب الذى لم يكتب له النجاح لم يعد عليه بأى شىء، حيث أقرت بعدها الحكومة تخفيض الموازنة بـ20 مليار جنيه وإعلان حالة التقشف، وظهرت وقتها أزمات نقص البنزين التى أشعلت الغضب فى الشوارع، بالإضافة إلى هروب الأمريكان المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى خارج مصر رغم إعلان الجنزورى أن مصر «لن تركع»، وظهور أزمات رفض المعونة الأمريكية فيما بعد.
انقلاب الإخوان على الحكومة
مع نهاية فبراير 2012 انقلب المشهد تماما، حيث أصدر مجلس الشعب قرارا بسحب الثقة من حكومة الجنزورى التى كان قد أقنع الشعب من قبل بتأييدها، بل طالبوا بحقهم فى تشكيل الحكومة من الأغلبية، واعتبر أن الحكومة فشلت فى حل مشكلات الانفلات الأمنى والمشكلات الاقتصادية لكن اجتماع عدد من أعضاء الحرية والعدالة مع الحكومة أعاد من جديد حالة الوئام بين الجانبين، وانتهى بالثناء على الجنزورى، وكان من أبرز أحداث تلك الفترة ما جرى يوم 2 مايو 2012 فى منطقة العباسية من تظاهرات بالقرب من وزارة الدفاع للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين، وإلغاء مادة تحصين لجنة انتخابات الرئاسة من الطعن، حيث اندلعت الاشتباكات فى ميدان العباسية بين معتصمين ومسلحين مجهولين، وقع فيها أكثر من 11 قتيلا وعشرات الجرحى من المتظاهرين، واتهم أنصار «حازم صلاح أبوإسماعيل» المجلس العسكرى بإرسال بلطجية من فلول الوطنى المنحل هاجموهم لفض الاعتصام.
الانتخابات الرئاسية وحل مجلس الشعب
مجلس الشعب الذى ثارت المظاهرات المعارضة لحله من القوى السياسية، خصوصا بعد إصدار المجلس العسكرى إعلانا دستوريا استحوذ فيه على جميع السلطات، كان السبب فى أزمة كبرى بين القوى الثورية بسبب عدم التفاته إلى إصدار قانون بعزل الفلول، مما مكن أحمد شفيق من خوض الانتخابات، وتجمع مؤيدو النظام السابق حوله حتى خاض الإعادة ضد مرسى مرشح الإخوان الذى تجمع حوله القوى الثورية من أجل عدم إعادة إنتاج النظام السابق.
انتخابات الرئاسة التى شارك فيها 26 مليون مصرى لم تكن مصدرا للاستقرار كما كان يتم الترويج، فمع تولى مرسى الرئاسة وتشكيل حكومة قنديل لم يقم بمحاكمة أعضاء المجلس العسكرى لقتلهم المتظاهرين كما كان يتوقع الشباب، بل منحهم القلادات، وعين الجنزورى مستشارا، مما أثار السخط ضد مرسى، الذى اكتمل بإعادة البرلمان المنحل، ثم تراجعه فى قراره، وهو الأمر الذى تكرر أيضا فى إقالة النائب العام وعودته. ولم تختف المشكلات من الشارع، من أزمات اقتصادية طاحنة من ارتفاع أسعار، وهبوط البورصة، وارتفاع حجم الدين المحلى والخارجى، وعجز الموازنة، فضلا على حوادث الاعتداء على الجيش فى سيناء، والهجوم على أقسام الشرطة بالعريش، وحوادث القطارات المتكررة التى كان أفجعها وفاة 47 طفلا فى قطار الموت بأسيوط وإصابة 13 آخرين، بالإضافة إلى حصول متهمى موقعة الجمل على البراءة.
فوضى الإعلان الدستورى وجنة الاستفتاء
فور إعلان دستورى أصدره مرسى استحوذ فيه على السلطة التشريعية وحصن قراراته التنفيذية ومنع الطعن عليها، تلاحقت الأزمات التى بدأت بالمظاهرات عند الاتحادية والتصعيد بالاعتصام الذى نزل إليه مؤيدو الرئيس لتحدث اشتباكات راح ضحيتها 10 وفيات وعشرات المصابين، قسمت القوى الثورية إلى فريقين، كلاهما يرفع السلاح فى وجه الآخر. خرج بعدها مرسى معلنا البدء فى الاستفتاء ونزل الشعب إلى الاستفتاء بدعوة التيار الإسلامى بأن «نعم» هى الاستقرار والجنة والشريعة، والتى انتهت نتيجتها بـ%63 بما يقر دستور ينتظر معه الشعب استقرار، لم تبدأ أى من ملامحه حتى الآن فى ظل استمرار التدهور الاقتصادى الذى يصل إلى إعلان الحكومة الإفلاس، خصوصا بعد تأجيل صندوق النقد الدولى لإقراض مصر، وتراجع المخزون الاحتياطى من التموين والمواد الغذائية.
القاهرة وسيناء وبورسعيد والمحلة ومطروح والإسكندرية محافظات هجرها الاستقرار
من بين محافظات الجمهورية، مر عام 2012 طويلا على ست محافظات بأحداث ضاع معها الاستقرار، وأصبحت الشوارع تئن من الفوضى، من اعتصامات واشتباكات وأحداث أراقت الدم ليقلق نوم أهل المدينة، من سبع وعشرين محافظة باتت القاهرة وشمال وجنوب سيناء وبورسعيد ومطروح والإسكندرية والغربية، هم الأكثر اضطرابا بين محافظات مصر بسبب الأحداث التى أرهقت كاهل شوارعها بحثا عن استقرار تمنوه أن يأتى فى 2012 ولكنه فضل تأجيل تحقيق الأمنيات إلى عام آخر. القاهرة أصبحت مثل عجوز أنهكها الاعتصامات فى ميدان التحرير، وانتقل القلق إلى محيط بورسعيد مرت بعامها الأسوأ بسبب تداعيات أحداث مقتل 73 شابا فى مباراة كرة قدم، والغربية أعلنت الاستقلال بمدينة المحلة احتجاجا على ممارسات جماعة الإخوان المسلمين، والإسكندرية شهدت أول حصار لمسجد بسبب حديث سياسى على المنبر، ونسيت مطروح هدوء الشاطئ الأبيض بسبب انفلات أمنى وحدود مفتوحة أمام مهربى بضائع وأسلحة، أصبحت متاحة فى يد الجميع، وبقيت سيناء فى اضطرابها تبحث عن تنفيذ وعود المسؤولين بتعمير لم ينفذ ومشاريع مازالت أرقاما على أوراق. تنتظر التحقق فى عام جديد يبدأ أيامه بعد ساعات، لا يعلم أحد كيف ستكون أحداثه.
القاهرة أنهكتها المليونيات.. وبورسعيد تشغلها أحداث المجزرة.. وسيناء إرهاب لا يتوقف.. ومطروح بوابة أسلحة مفتوحة.. والإسكندرية نسيت الهدوء.. والمحلة تتخلى عن جلباب الدولة
5 ديسمبر.. اشتباكات بين مؤيدى ومعارضى الرئيس بسبب الإعلان الدستورى وسقوط أكثر من 850 مصابا ومقبل 10 أشخاص
القاهرة.. المحافظة المنهكة
على أرصفة كورنيش نيل القاهرة، قد تتعثر قدمك فى كرسى وضعه شاب استغل حالة الانفلات ليبيع أى شىء يعيش منه، وفى المساحة الضيقة تجرى دراجات بخارية على أرصفة مخصصة لمشاة لا يجدوا مكانا للتحرك، إلا عرض الطريق الذى تجرى فيه سيارات تسابق بعضها لتصل أولا لهدفها قبل أن يشتد الزحام.
القاهرة اعتادت الفوضى فى السير والمرور طوال عمرها، ولكن الأمر اشتد سوءا خلال العام الماضى، وإن عاشت لفترة ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية على أمل يعود إليها بعض من استقرارها، بعدما وضع الرئيس مشاكل القمامة والمرور والأمن على رأس أولوياته فى المائة يوم الأولى من حكمه.
محافظة القاهرة عام 2012 احتفل أهلها فى ميدان التحرير بإنهاء حكم المجلس العسكرى وانتقال السلطة التنفيذية للدولة المدنية، ولكن لم يكن هذا العام أكثر استقرارا من سابقه بسبب توسع دائرة الأحداث واستمرار الاعتصام والتظاهر فى الميادين المختلفة بها ضد أى حدث يقع فى مصر ولم يكد الميدان يخلو ليومين حتى يمتلئ بخيام المعتصمين بداية من الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، واشتباكات على خلفية أحداث ستاد بورسعيد فى 1 فبراير، وصولا إلى الاحتفالات بفوز الدكتور مرسى برئاسة الجمهورية، وإلقائه خطابا بالميدان، ثم أحداث السفارة الأمريكية احتجاجا على الفيلم المسىء للنبى «محمد»، وتحول فعاليات إحياء ذكرى أحداث شارع محمد محمود إلى موجة جديدة من الاشتباكات بين المتظاهرين والأمن، انتشرت بعدها حركة الاحتجاجات فى القاهرة لتنتقل إلى محيط قصر الاتحادية الرئاسى، وأمام مسجد رابعة العدوية.
25 مارس.. عودة اللواء أحمد عبدالله إلى عمله بعدما تقدم باستقالته بعد أحداث الاستاد
بورسعيد.. مدينة قتلتها مباراة كرة قدم
مباراة كرة قدم أحالت حياة مدينة بورسعيد الساحلية إلى التجميد، توقف نشاطها التجارى وانخفضت نسبة الإقبال على أسواقها لدرجة أظهرتها خالية إلا من البائعين الذين لا توجد بيدهم حيلة سوى التحسر على الماضى، ورضخت المدينة تحت حالة من الحصار، وأصبح توقف النشاط التجارى أبرز وجوه مدينة المنطقة الحرة والبضائع المستوردة، بعدما تحول فوز النادى المصرى أحد أهم أسباب الفرحة لدى البورسعيدية إلى أكبر مصائبهم، وانتهى أفراد «ألتراس» المشجعين إلى متهمين فى قتل 74 شابا من مشجعى النادى الأهلى، وإصابة مئات آخرين وسط تقصير قوات الأمن بحماية المشجعين.
تبعيات مبارة كرة قدم زادت متاعب المدينة التى تبعد 190 كيلومترا عن القاهرة بحصار التجار وزيادة مشاكل 6 مناطق عشوائية، وما يقرب من 1000 أسرة تعيش على دخل ميناء بورسعيد الذى أصبح قلقا، وتوقف عمل «البمبوطية» بعد منع رسو السفن فى الميناء قبل مرورها عبر قناة السويس.
وتدهور الأحوال الاقتصادية لبورسعيد أثر على نفسية سكانها، مما جعلهم يختارون المرشح الرئاسى حمدين صباحى فى الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، وأحمد شفيق فى الثانية، ولكنها عادت لتخالف التوقعات وتختار الموافقة على مشروع الدستور فى الاستفتاء بنسبة %51.
وقع الحريق فى 10 إبريل الماضى وأدى لمقتل شخصين
مطروح محافظة تشتعل
تبدو محافظة مطروح هادئة أكثر من اللازم، تصلح لأن تكون مكانا رائعا لقضاء عطلة الصيف على شواطئها الواسعة، ولكن المحافظة استقبلت هذا العام الذى انتهى باعتصام سكان مدينة الضبعة النووية، مطالبين بحقهم فى أراضٍ سحبت ملكيتها منهم لصالح المشروع ولم يتم تعويضهم بشكل عادل، وكانت أبرز مظاهر غياب الأمن وعدم الاستقرار فى المحافظة ما حدث فى إبريل الماضى، عندما اشتبك عدد من المتظاهرين ضد رفع رسوم مرور السيارات مع قوات الأمن على طريق الهضبة «السلوم ليبيا الدولى» أسفر عن حرق مبنى التحريات العسكرية بالسلوم ومقتل شخصين، بالإضافة إلى حريق بـ50 فدانا بقرية المراقى بواحة سيوة قدرت الخسائر بـ 6 ملايين جنيه.
2 أغسطس.. استشهاد 16 ضابطا وجنديًا من قوات الأمن المصرية والاستيلاء على مدرعتين تابعتين للقوات المسلحة، إثر هجوم نفذه مجهولون مسلحون
سيناء.. المضطربة دائما
أيام قليلة قد تمر على محافظتى شمال وجنوب سيناء بدون أنباء عن هجوم على كمين للشرطة أو اشتباكات بين قبائل، ودوى انفجار على الحدود الشرقية، أو لا تستيقظ على تفجير لخط نقل الغاز الطبيعى إلى إسرائيل هذا هو حال شبه جزيرة سيناء خلال العام الماضى.
سيناء الباحثة عن الاستقرار وتمكين أهلها من ثرواتها وتمليك أراضيها، وقف أمامها النظام السابق طوال فترة حكمه باعتبارها منطقة مؤهلة للدخول فى صراع كونها منطقة شهدت حروبا طويلة، وتم تحديد التواجد العسكرى بها حسب اتفاقية السلام «كامب ديفيد» عام 1979، ومع انتشار جماعات مسلحة بها أعقاب ثورة 25 من يناير زادت حدة التوتر فيها، وشهدت المنطقة ما يقرب من مائة حادث هجوم على أكمنة الشرطة ومقتل جنود شرطة وقوات مسلحة فى حوادث متفرقة فى سيناء وأوقات مختلفة طوال العام.
14 ديسمبر.. حاصر المتظاهرون مسجد القائد إبراهيم احتجاجا على محتوى خطبة الشيخ المحلاوى
الإسكندرية عنف طال المساجد
محافظة الإسكندرية شهدت واحدة من أسوا أحداث العنف خلال هذا العام فى اشتباكات التى وقعت أمام مسجد القائد إبراهيم على مدار أسبوعين المرة الأولى يوم الجمعة 15 ديسمبر وقبل انطلاق المرحلة الأولى من الاستفتاء. حيث خرج آلاف المتظاهرين للتظاهر فى ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، اعتراضًا على مسودة الدستور وإصرار رئيس الجمهورية على إجراء الاستفتاء على الدستور فى موعده.
وردد المتظاهرون العديد من الهتافات الرافضة للدستور، ولجماعة الإخوان والمرشد، والرئيس محمد مرسى، وكانت خطبة الشيخ أحمد المحلاوى، إمام مسجد القائد إبراهيم، أحد أسباب الأزمة، حيث أكد البعض أنه دعا فى الخطبة للتصويت بنعم فى الاستفتاء، مما آثار غضب الكثيرين، وعقب الصلاة، حدثت مناوشات لفظية بين المؤيدين والمعارضين، تلاها تراشق بالحجارة، وقام عدد من المتظاهرين بمحاصرة مسجد القائد إبراهيم لمحاولة التعدى على الشيخ أحمد المحلاوى ومنعه من إلقائه كلمة للمصلين بعد الخطبة.
وتجددت هذه الاشتباكات مرة أخرى يوم الجمعة التالى بعد أن دعا الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل أتباعه للتوجه إلى الإسكندرية لأداء الصلاة هناك ما تسبب فى مواجهة جديدة بين معارضى الرئيس وعدد من المؤيدين.
7 ديسمبر.. طالب عدد من القوى السياسية بمدينة المحلة الكبرى الاستقلال عن مصر وتشكيل مجلس رئاسى
المحلة.. كفرت بالدولة وأعلنت الاستقلال
محافظة الغربية وتحديدا مدينة المحلة كانت إحدى المناطق التى كفرت بمفهوم الرئيس مرسى فى الاستقرار لدرجة دفعت هذه المدينة لإعلان استقلالها عن باقى محافظات مصر، حيث أعلنت القوى الثورية والحركات الشبابية عن استقلال مدينة المحلة عن محافظة الغربية وعن الجمهورية، والبدء بتشكيل مجلس رئاسى، اعتراضاً على قرارات الرئيس مرسى، بإعلانه الإعلان الدستورى، وإعلان الاستفتاء على الدستور فى 15 ديسمبر. بعد أن قاموا بمحاصرة مجلس مدينة المحلة، مرددين هتافات ضد الرئيس مرسى وجماعة الإخوان، مطالبين بإسقاط الإعلان الدستورى، وحل الجمعية التأسيسية، ورحيل مرسى وجماعته من الحكم.
وشهدت مدينة المحلة أحداث عنف قوية إثر محاولات المتظاهرين المعارضين لقرارات الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، اقتحام مقر حزب الحرية والعدالة، على خلفية الاشتباكات الدامية التى شهدتها منطقة قصر الاتحادية بين مؤيدى ومعارضى الإعلان الدستورى.
الأسعار ترتفع وأبواب العمل مغلقة.. وصراخات للمسؤولين: «اعملوا حاجه يرحمكم ربنا».. حسنين المراكبى: نفسى البلد تستقر لأننا عايشين فى بؤس وياريتنى أرجع لأيام عبدالناصر.. صبحى سائق قطار: قلت نعم للدستور ليتحقق الاستقرار.. عرفة سائق التاكسى: غياب الأمن وأزمة السولار والبنزين عصفا بلقمة عيشى.. و«الإخوان دخلوا من الباب والاستقرار نط من الشباك»
الاستقرار نعمة لا يشعر به الكثيرون، فهو إحساس يتحقق بعد تراكم عمل ضخم وتضافر مجهودات بين أفراد المجتمع الواحد ومؤسساته للشعور بالعدالة الاجتماعية، فى ملف العام التقت «اليوم السابع» بمجموعة من المواطنين الذين غاب عنهم الاستقرار طوال 2012 وأثرت عليهم الفوضى وعلى لقمة عيشهم وأحوالهم الصحية والاجتماعية.
عرفة محمود «55 عاما»، سائق تاكسى، عصفت به أزمات نقص البنزين المتكررة العام الماضى، كان ينتظر بالساعات أمام محطات البنزين كغيره من الآلاف من سائقى سيارات الأجرة، ليزداد يأسه فى وقف تدهور وضعه الاقتصادى الذى انخفض وفق قوله إلى صفر، لدرجة اضطراره إلى بيع الأرض التى تركها له والده لكى يسدد مصروفات منزله رغم أنه كان يعول عليها فى مساعدة أبنائه السبعة على الزواج.
غياب الأمن مشكلة أخرى زادت من الحمل على كاهل عرفة، فرغم توقف معاناته من تعديات رجال المرور عليه فى النظام السابق أو كما يقول «تلكيكهم» للسائقين من أجل فرض الغرامات، لم يتغير الوضع كثيرا خلال 2012 حيث أصبحت الشرطة غائبة تماما عن تأمين الشارع طوال أيام العام، وأصبح الشارع مرتعا للبلطجية الذين يبحثون عن صيد.. سرقة السيارات أمر ذاق مرارته عرفة على الطريق الدائرى ولم يستطع أن يحمى التاكسى إلا بمنح البلطجية 200 جنيه كانت فى جيبه، ويقول عرفة «دلوقتى برجع البيت من 3 العصر بعدما كنت أعمل فى الشارع حتى الفجر، وطول الوقت بمشى مرعوب رقبتى على أيدى».
عرفة مواطن بسيط لا يقرأ ولا يكتب و«مالوش فى السياسة»، على حد قوله، لكن هذا لا يمنعه من تكوين رأى معارض للإخوان الذين وصلوا إلى سدة الحكم العام الماضى، فقد نزل إلى انتخابات مجلس الشعب ليقول نعم للاستقرار لكنه لم يجد من أعضائه أثناء انعقاده إلا المشادات، ونزل من جديد إلى انتخابات الرئاسة ليقول نعم للاستقرار، لكنه لم يجد من مرسى بعد فوزه سوى تصريحات تقسم المصريين.
«الإخوان دخلوا من الباب والاستقرار نط من الشباك».. جملة ألقاها عرفة مازحا، وهو يشير إلى عسكرى مرور وصفه بـ«الغلبان» قائلا: العساكر غلابة زى أغلب الشعب ويتحملوا فساد سرقة 30 سنة من مبارك ونظامه، لكن الغريب أن وصول الإخوان إلى الحكم لم يغير أوضاعهم ولا أوضاع فئات الشعب الفقيرة، ولم يتخذوا أى قرار فى مصلحتنا على عكس مثلا عبدالناصر عندما تولى الرئاسة بعد ثورة 52، خد قرارات بسرعة فى صالح الفقراء والفلاحين، عشان كده فيه فرق بين حب الناس لمرسى وعبدالناصر وإذا استمرت الفجوة بيننا فى الاتساع ستقوم ثورة جديدة لكن هذه المرة ستكون الثورة على أيدى الجياع».
يبدأ يومه على ضفاف النيل يفرد شراع مركبه السياحى الصغير متمنيا أن يزداد عدد «طلعاته» كما كان الوضع من قبل، عم حسنين «المراكبى» ذو السادسة وسبعين عاما يعمل فى هذه المهنة منذ عشرات السنين لكن الوضع خلال هذا العام اختلف كثيرا فلم يعد يكسب من هذه المهنة الكثير.
يقول عم حسنين: «الرزق اللى بييجى يدوبك بيكفينى اليوم أنا وعيالى خلاص بقيت اطلع طلعة واحدة أو اتنين بالكتير أوى».
ويتابع عم حسنين: فى البداية كنت أعمل من بداية المساء وحتى الساعة الثامنة صباحا كان العمل لا يتوقف لكن حاليا من الممكن أن أبقى يوم كامل دون أن تتحرك المركب من مكانها.
وأضاف عم حسنين أنه حتى بعد انتخابات الرئاسة تخيل أن الوضع سيكون أفضل لكن حالة عدم الاستقرار الدائمة التى تشهدها البلاد أثرت بشكل سلبى على عمله.
وأكد أنه لم يعد هناك من يأتى للقيام برحلات نيلية سواء كانت أفواجاً عربية أو أجنبية، قائلا: «السياحة ماتت خالص».
ويضيف المراكبى حتى المصرى مش عايز يتفسح متسائلا: إزاى المصرى هيفكر يتفسح وهو عايش فى غلب؟
ويتمنى عم حسنين متحسرا عودة أيام عبدالناصر مرة أخرى لأنه ساوى بين الأغنياء والفقراء.
ووجه عم حسنين حديثه للرئيس مرسى «حاول أن توحد الناس كلها عشان تعمل حاجة للبلد دى».
السيد صبحى هيئة السكة الحديد صورة حية لعدم الاستقرار
«قلت نعم للدستور رغبة فى تحقيق الاستقرار وإصلاح حال البلد» هذه الكلمات قالها السيد صبحى سائق قطار وهى تعبر عن حالة عاشها المواطنون البسطاء طوال عام 2012 فبالرغم من أن العام حفل باضطرابات ساعدت على زعزعة الاستقرار، لكنهم حاولوا تخطيها طوال الوقت رغبة فى الاستقرار ليصبح هو وسيلة الهروب الآمن من أى أزمة.
عدم وجود استقرار حقيقى أمر لاحظه السيد فى كل مناحى حياته بدءا من عمله وصولا إلى منزله ويقول: «عدم الاستقرار الاقتصادى أدى إلى ارتفاع الأسعار مما أثر على بالسلب، فالحالة بصفة عامة غير مستقرة، خاصة مع ارتفع أسعار الملابس لو المصروفات الدراسية والدروس الخصوصية وفى المقابل لم نجد أى زيادات فى رواتبنا».
وأضاف السيد أن حالة عدم الاستقرار الاقتصادى أدت إلى حالة من الركود العام فى الدولة، ولذا لم تقم الهيئات بتزويد الرواتب بأى صورة من الصور.
عدم الاستقرار لم يتوقف عند هذا الحد، فكما يؤكد الأزمة الحقيقية فى عدم الاستقرار تكمن فى مسألة تحقيق الاستقرار الأمنى، ورغم مرور عامين على الثورة لم نشهد رجوعا للأمن فى الواقع، ويوضح ما حدث معه بسبب عدم الاستقرار الأمنى قائلا: أتخوف من الذهاب لمنزلى بعد الثانية عشرة ليلا، بسبب البلطجية المنتشرين فى الشوارع مما يضطرنى للنوم فى عملى حتى الصباح، خاصة أن منزلى فى إحدى قرى القناطر الخيرية، ومن الصعب السير فى الطريق إليها ليلا مع حالة التراخى الأمنى الموجودة.
عدم الاستقرار أيضا أثر بشكل سلبى على عمل السيد فى هيئة السكة الحديد، فهو يقول: «السكة الحديد بها حالة من عدم الاستقرار من كل الجوانب بداية من الناحية الإدارية وصولا إلى الناحية العملية».
فعدم الاستقرار وتغيير المسؤولين الإداريين من وقت لآخر أدى إلى عدم حل المشاكل الخاصة بالسكة الحديد سواء العربات أو الجرارات.
معتبرا أن الإضرابات والتظاهرات اليومية التى كانت تحدث طوال العام الماضى أحد مظاهر عدم الاستقرار فى العام الماضى، مما أدى إلى وقف عجلة الإنتاج حسب تعبيره والتأثير السلبى على الوضع الاقتصادى للدولة.
أما حوادث القطارات هذا العام فهى تشير إلى عدم الاستقرار بهيئة السكة الحديد، ويقول: حادثة مزلقان أسيوط ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لأن حال الهيئة غير مستقر ولا يوجد تطوير واضح فى المرافق، فأزمة المزلقانات يتم التعامل معها بشكل وقتى مع كل حادثة ثم يحدث تراخ شديد حتى إن القرارات التى اتخذها المسؤولون غير مجدية، ولن تساعد على حل المشكلة، وستتكرر الحوادث طالما لا يوجد اهتمام بهذا المرفق.
عدم الاستقرار بالدولة دفع السيد إلى قبول أى قرار تتخذه الدولة رغبة فى التطور، لذا فهو قال نعم فى الاستفتاء على الدستور، ويبرر هذا قائلا: «الاقتصاد فى حالة متدهورة والعملة الصعبة غير موجودة ولا أعرف لماذا لا يحدث استقرار أو تطوير».
استمرار الاعتصامات والمسيرات «يوقف حال» عمال وموظفى وسط البلد.. عشرات المحال تشكو الكساد وقلة الرزق.. وعائلة يونانية تبيع محل الأنتيكات مع نهاية العام.. ومديرها الخمسينى يبحث عن عمل فى آخر أيامه.. حمادة يتحايل على الفقر ببيع علم مصر وينتظر الوعود الانتخابية بالرخصة والفاترينة «الإزاز».. و«أحمد» يؤيد الثورة من أول يوم ويتنقل بين الوظائف بحثاً عن مستقبل أفضل
عام آخر من المليونيات بميدان التحرير، والاعتصامات المتكررة، التى أدت إلى إغلاق الميدان، كما أدت المسيرات من وإلى التحرير، إلى شلل شبه دائم فى منطقة وسط البلد، فقلت عملية البيع والشراء، وأغلق عدد من المحال، كما قل عدد السائحين، الذين كانوا يتوافدون بالآلاف لزيارة المتحف المصرى، ومن بعده ميدان التحرير، وكانت تعتمد عليهم أغلب البازارات بالميدان، وبائعى الأنتيكات والمشغولات اليدوية بوسط البلد، وعلى مستوى المواصلات، تحول وسط البلد إلى حلقة مغلقة، تدور فيه العربات، ولا تستطيع الإفلات من قبضته، إلا بشق الأنفس.
كان الجميع يتقبل ذلك فى الأيام الأولى من الثورة، لإسقاط النظام، وتحقيق عدد من مطالب الثورة العادلة، لكن استمرار الاعتصامات بالميدان، والانقسامات التى حدثت بين القوى الوطنية، أدى إلى «خراب بيوت مستعجل»، كما أكد ممدوح وهيب، الذى كان يدير محل أنتيكات قريبا من الميدان، والتقت به «اليوم السابع» أثناء تصفية المحل، استعدادا لبيعه، مع نهاية هذا العام، عم وهيب بدا عليه الحزن الشديد، فالرجل قضى 24 عاما مديرا للمحل، ولا يعلم الآن، كيف سيعول أسرته الصغيرة، ويكمل مسيرة أبنائه التعليمية؟!
ويقول عم وهيب، إن المحل مملوك لعائلة يونانية، منذ عام 1927، لكن الأحفاد قرروا تصفية أعمالهم فى مصر، وبيع المحل، بعد الخسائر المتوالية، التى وصلت إلى 180 ألف جنيه، ورغم أنه ليس بالمبلغ الكبير، فإن الأجانب لا يهتمون إلا بالمكسب، لذلك فهم يسارعون بتصفية أعمالهم، خاصة أن استمرار المظاهرات حول ميدان التحرير «قلق الرجل جدا»، وبات نادرا ما يحضر سياح أجانب للشراء.
ورغم مؤهل وهيب العالى، لكنه لا يعرف أين سيذهب الآن، فهو من ناحية لم يصل إلى سن المعاش بعد، ولا يستطيع أن يطالب هيئة التأمينات الاجتماعية بصرف معاشه، ومن ناحية أخرى لا يعرف كيف يبدأ البحث عن عمل، فى عمره هذا، وهيب كان من مؤيدى الثورة، لأنه كان يشعر بثقل النظام، لكنه الآن يرى أن المستقبل لن يأتى بخير، فالنظام الحالى لا يضمن الاستقرار، ولا يسعى لتوافق الشارع.
يكمل عم وهيب أنه قبل الثورة كان يتقاضى راتبا متوسطا، إضافة إلى عمولة جيدة، من حجم المبيعات، وقد قطعت تلك العمولة تماما بعد الثورة، إلا أنه كان متفائلا، ويأمل فى التغيير، حتى طغى تيار الإسلام السياسى على الحكم، وبدأ الاستقطاب الدينى، الذى وصل إلى ذروته خلال الانتخابات الرئاسية، وخاصة مرحلة الإعادة، حيث اقتنع وهيب بأن التصويت لصالح المرشح السابق للرئاسة أحمد شفيق، أفضل بكثير من التصويت لصالح مرشح الإخوان، الرئيس محمد مرسى، ويعكس موقف عم وهيب عجز تيارات الإسلام السياسى على طمأنة الأقباط، الذين تحققت بعض مخاوفهم الآن، بسبب الفتاوى المثيرة للضغائن، والتى تكرس الفرز الطائفى للمجتمع.
وفى وسط الاعتصام المستمر بميدان التحرير، تجد العاطل الذى فقد مورد رزقه بسبب الثورة، والثائر الذى مازال يحلم بتحقيق مطالب الثورة كاملة، وعدد غير قليل من أطفال الشوارع، ممن وجدوا فى الميدان الدفء والرحمة، وبالقرب من الكعكة الحجرية التى تتوسط الميدان، وقف حمادة على يبيع أعلام مصر، وينتظر الفرج من الله، فالمليونيات هى باب الرزق الأوفر، وباقى الأيام «يدوب بيجيب المصاريف»، محمد قبل الثورة كان موظف بإحدى الشركات، بدخل ثابت، ومستقبل مضمون، لكن الشركة بدأت فى تصفية الموظفين عقب الثورة، وفوجئ حمادة بأن راتبه ينقص بنسبة %30، وتزداد نسبة الاقتطاع فى الشهر التالى، بحجة الخسائر المتلاحقة، فما كان من حمادة إلا ترك العمل، والبحث عن مصدر آخر للرزق.
ويقول حمادة إنه اعتصم خلال الـ18 يوم قبل إسقاط النظام، وهناك وجد مهنته الجديدة، وهى بائع أعلام وتى شيرتات، ومنتجات أخرى عليها علم مصر، وشعار ثورة الـ25 من يناير، حمادة وجد فى مهنته الجديدة رزقا وفيرا، لكن الأمر لم يدم طويلا، فخلال العام الثانى من الثورة، قل الطلب كثيرا على بضاعته، لكن المليونيات تنشط الأمر من حين لآخر، إلا أن حمادة يفضل وظيفة ثابتة، بمرتب ثابت، مهما كان قليلا، المهم أن يضمن له توفير مصاريف بيته، بصورة معقولة.
وأحيانا يجد حمادة نفسه شاهدا على المشاجرات بين الباعة بالميدان، التى تمتد إلى استخدام الأسلحة البيضاء، إلا أن محمد يبتعد تماما عن المشاكل، لأنه يخشى على «أكل عيشه»، ويعلم أن هناك عددا غير قليل من البلطجية المندسين فى الميدان، بسبب غياب الأمن والرقابة، يقول حمادة إنه خلال الانتخابات الرئاسية، وعدته كثير من الحركات والأحزاب بمنحه رخصة، مقابل التصويت لصالح مرشح بعينه، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، ومازال حمادة يحلم هو وجميع بائعى وسط البلد، برخصة وفاترينة، توفر له أمانا نسبيا، وتقيه ملاحقة الأجهزة الأمنية، فى حالة ما تجددت قرارات المحافظة، بإخلاء منطقة وسط البلد من الباعة الجائلين.
وفى شارع عبدالخالق ثروت، بجانب مثلث الشغب، الذى يتكون من نقابة الصحفيين ونقابة المحامين ونادى القضاة، الذى كان يتطلب تواجدا مكثفا من قوات الأمن المركزى قبل قيام الثورة، بدأت محلات جديدة فى الظهور، بعد أن خفتت حدة التواجد الأمنى، وبات الشارع مفتوحا للمارة والبائعين، أحمد عادل، أحد الشباب الذى وجد فرصة للعمل كمدير فرع فى أحد محال الملابس الجديدة، وذلك بعد عدة أشهر، من استقالته من عمله بأحد فروع البنوك بمنطقة فيصل، بسبب نقله التعسفى إلى فرع البنك بمنطقة العياط، الأمر الذى أثقل على ميزانيته الشهرية.
يقول أحمد إنه كشاب لم يبلغ الـ24 بعد من عمره، كان متحمسا جدا لقيام الثورة، وغمره وقتها شعور جارف، بأن المستقبل يحمل كل الخير، حتى أنه سرعان ما قبل منصب مدير لمحل الملابس الجديدة، ليكون بالقرب من الميدان، ويستطيع المشاركة بين الحين، والآخر، فى المليونيات هناك، لكن سعادته بالثورة لم تستمر، فالإغلاق الدائم للميدان، والطرق المؤدية له، أدى إلى خفض راتبه الشهرى، بسبب الكساد الذى شهدته محلات وسط البلد، خلال العام الحالى، الذى كان يعتمد فى الأساس على نسبة لا بأس بها من أرباح المبيعات، حال أحمد يتشابه مع حال عشرات الشباب العاملين بوسط البلد، الذين باتوا منقسمين إلى فريقين، فريق يلعن الثورة، التى أنقصت من أرزاقهم، وفريق آخر يرفض مهاجمة الثورة، ويدعو الله سرا أن «يعدل الحال الواقف» منذ عامين.
2012 ترسم خريطة جديدة للتظاهرات.. أربعة ميادين تدخل السباق.. وثلاثة هجرها المتظاهرون.. «الاتحادية» محرك الأحداث.. «النهضة» و«رابعة العدوية» صوت مؤيدى الرئيس.. و«الدستورية» و«الإنتاج الإعلامى» أبطال الحصار.. . وانتهاء دور «مصطفى محمود» و«روكسى» و«العباسية»
ديسمبر 2012 تعطى جماعة الإخوان المسلمين الأوامر لآلاف المتظاهرين من كل المحافظات للتجمع فى ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة، يحتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين فى مليونية «الشرعية والشريعة» لتأييد قرارات الرئيس محمد مرسى رافعين شعارات «الشعب يريد تطبيق شرع الله» و«عاش الريس مرسى عاش والفساد دخل الإنعاش»، ثوار أحرار بتأييد القرار.. و«يا بديع يا بديع أنت تؤمر وإحنا نطيع»، ردًا على معارضيه الذين تظاهروا قبلهم بأيام فى ميدان التحرير للمطالبة بإلغاء الإعلان الدستورى وتأجيل الاستفتاء على الدستور.
بأيام قليلة تمر على هذا المشهد وتقرر القوى السياسية المعتصمة بالتحرير تغيير مكانها للتوجه إلى قصر الاتحادية فى مليونية الإنذار الأخير، لتأكيد رفضهم قرارات الرئيس فى رسالة منهم إلى أن احتجاجهم سيصل إلى عقر دار الرئيس وأمام القصر رافعين شعار «ده مش إعلان دستورى ده حكم ديكتاتورى».. «عيش، حرية، إسقاط التأسيسية».. «يسقط يسقط حكم المرشد».. «وبيع بيع بيع الثورة يا بديع».
المشهدان السابقان يرسمان خريطة جديدة لميادين التظاهرات فى نهاية هذا العام تدل على عدم استقرار الأوضاع خلال العام المنصرم، فلم يعد الأمر مقتصرا على ميادين التحرير ومصطفى محمود فقط كما هو الحال فى بداية الثورة.
مظاهرات الاتحادية شهدت اصطدام الطرفين المؤيدين والمعارضين، فى أحداث قد تكون هى الأسوأ على مدار هذا العام، بعد أن قرر الإخوان النزول إلى محيط القصر لحماية الرئيس، وفقا لما أكدوه ودخل مؤيدو الرئيس ومعارضوه فى اشتباكات دامية استمرت لعدة ساعات، وأسفرت عن مقتل 10 أشخاص وجرح العشرات، وسط انتقادات قوية للرئيس مرسى وجماعة الإخوان المسلمين التى سمحت بإشعال هذا الفتيل، بإعطاء أوامر لمؤيديها بالنزول إلى محيط القصر غير عابئة بما يمكن أن ينتج عن ذلك التصرف.
وسط هذه الانتقادات انسحب مؤيدو الرئيس من أمام قصر الاتحادية للانتقال إلى ميدان جديد تم اختياره وهو رابعة العدوية، الذى شهد تنظيم مظاهرات مؤيدة للرئيس بعيدا عن الاتحادية لمنع الصدام فى مليونية نعم للشرعية فى مسجدى رابعة العدوية وآل رشدان بمدينة نصر، والتى دعا إليها ائتلاف القوى الإسلامية للدفاع عن شرعية الرئيس محمد مرسى، وإعلان تأييدها لجميع قراراته.
وكان أبرز المشاركين فى هذه المليونية، جماعة الإخوان المسلمين، الجماعة الإسلامية، حزب الحرية والعدالة، حزب البناء والتنمية، حركة «حازمون»، والدعوة السلفية بالجيزة.
خلال هذه الأحداث أيضا لم تسلم بعض المؤسسات من الحصار والتظاهر وفقا لمبدأ العين بالعين الذى استخدمه التيار الإسلامى، ففى مقابل الاعتصام أمام قصر الاتحادية قرر عدد من مؤيدى الرئيس التظاهر أمام مقر مدينة الإنتاج الإعلامى والاعتصام أمامها، مطالبين بتطهير الإعلام ومهددين بأنه فى حالة أى محاولة لاقتحام قصر الاتحادية، سيتم اقتحام مدينة الإنتاج الإعلامى بالمقابل كذلك الحال بالنسبة للمحكمة الدستورية العليا التى حاصرها عدد من الإسلاميين على مدى أكثر من أسبوعين، للمطالبة بتطهير القضاء، الأمر الذى يعكس حالة من الفوضى الأمنية والمجتمعية.
وبرغم التوسع فى عدد الميادين فإن التحرير بقى القبلة الأولى للاعتراض على قرارات الرئيس، حيث حرص المتظاهرون على التواجد فيه بشكل مستمر قبل التوجه إلى أى وجهة أخرى.
فى حين اختفت إلى حد ما ميادين أخرى ظهرت فى بداية الثورة والتى كانت متعلقة بأتباع الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وعلى رأسها مصطفى محمود الذى لم يشهد خلال هذا العام تظاهرات، بالإضافة إلى ميدان العباسية وروكسى الذى نظمت فيه عدة مليونيات لتأييد المجلس العسكرى.
لعنة سياسات مبارك تطارد مرسى فى الطريق إلى الاستقرار.. الترويج لفكرة «نعم» من أجل الاستقرار استخدامها مبارك ويؤكد عليها مرسى.. والنتيجة فى الحالتين هى غياب التوزيع العادل للثروة
الاستقرار كانت كلمة مبارك فى تبرير سياساته الأمنية والاقتصادية، والاستقرار كلمة الرئيس مرسى فى مواجهة المعترضين على الدستور، مبارك حقق الاستقرار بالقبضة الأمنية والاحتكار السياسى والاقتصادى لفئة محددة داخل الحزب الوطنى. لكن هذه الطريقة أنتجت الإرهاب والفساد، ويحتاج أى نظام جديد فى مصر لتحقيق الاستقرار ولكن ليس بالطريقة التى اتبعها مبارك.
الدكتور سمير رضوان، وزير المالية الأسبق، يرى أن الطريقة التى تم بها تكوين الجمعية التأسيسية والانتهاء منه فى يوم واحد، خلق جوا سياسيا لا يمكن أن يؤدى إلى توافق.. مشيرا إلى أن التوافق على الدستور كان يجب أن يتعدى نسبة الثلثين مثلما يحدث فى بعض الدول مثل فرنسا، فى حين اكتفت مصر بنسبة %51 فقط، مع العلم أن الدستور ليس توافقيا، وهو ما اتضح من الانقسام فى الاستفتاء، وأكد صعوبة التوافق وصولا إلى الاستقرار السياسى وإنهاء حالة الارتباك مع وجود أكثر من %40 من الشعب لا يوافقون على الدستور. ثم إن عدم الوصول إلى الاستقرار بعد الدستور يرجع إلى الارتباك والتردد فى القرارات السياسية وعدم تحديد جهة واحدة لاتخاذ القرار.
رضوان يرى أن الوضع الاقتصادى أصبح حرجا وفى حالة سيئة، بعيدا عن التخويف من شبح الإفلاس، فالوضع الذى وصل إليه الجنيه أصبح سيئا للغاية، والاحتياطى النقدى يتآكل، والوضع الاقتصادى أمام العالم أصبح فاقدا للثقة، وهو ما جعل صندوق النقد الدولى يتراجع عن منح مصر القرض، وأحجمت الكثير من المؤسسات المالية عن الدخول للسوق بسبب عدم الاستقرار السياسى. ويرى رضوان أن «سبب الارتباك الحادث فى مصر الآن يرجع إلى تعدد السلطات الموجودة الآن بين سلطة حزب الحرية والعدالة وبين سلطة مؤسسة الرئاسة وسلطة المرشد العام للإخوان.
ويقارن بين نظامى الرئيس محمد مرسى والرئيس السابق مبارك فى التعامل مع ملف الاستقرار قائلا: إن نظام مبارك بكل ما فيه وما عليه لم يجرؤ على تحدى الدستور وأجرى استفتاء على التعديلات الدستورية ولم يتصد يوما لقرارات المحكمة الدستورية وهو ما يعنى وجود احترام مؤسسات الدولة، وهو ما كان يوفر فكرة الاستقرار للمواطنين لإدراكهم وجود دولة المؤسسات، وكان وقتها النظام يستمد شرعيته من احترامه لمؤسساته، وهو ما جعل مؤسسة مثل الجيش تحسم الموقف وقت الثورة ولا تنحاز للنظام لأنها ظلت مؤسسة قوية.. بينما جماعة الإخوان والرئيس محمد مرسى لا يبدون تفهما لمفهوم الدولة ويفضلون عليه فكرة الأمة والخلافة، وهو ما تسبب فى تجريف سلطة الدولة بسبب استدراجها فى بعض القضايا العربية مثل قضية فلسطين وحماس والتى ستظل مصر طرفا لن ينفصل يستنزف منها طاقتها السياسية ويسحب جزءا من استقرارها السياسى.
ويشير رضوان إلى أن مبارك كان يتحدث عن توفير الاحتياجات الرئيسية للمواطن مثل البوتاجاز ورغيف العيش والاستثمارات التى كانت بسب الاعتماد على رجال أعمال فى الوزارات وقدرتهم على جذب الاستثمارات، لكن مشكلة النظام السابق كانت أن العوائد الضخمة للاستثمارات لم تكن توزع توزيعا عادلا.. وتلك كانت أزمة مبارك. المواطن كان يسمع عن مشروعات واستثمارات وفرص لا تصل إلى جيبه فى النهاية.
ويرى رضوان أن مشكلة تنظيم الإخوان أنه تنظيم عمل لمدة 84 سنة تحت الأرض وفى الخفاء، وأمامه اختياران فى الحياة السياسية، الأول النموذج التصالحى والمعروف فى جنوب أفريقيا وقدمه نيلسون منديلا، الذى اختار التصالح مع رموز النظام السابق. والنموذج الثانى وهو النموذج الانتقامى من كل ما ينتمى للنظام القديم وهو ما يقوم به نظام الإخوان حتى الآن وتصورهم أنهم قادرون على فرض الخلافة على المجتمع المصرى ومحو هويته التى تكونت عبر 5 آلاف سنة و1400 سنة للهوية الإسلامية، وبالتالى فالهوية المصرية مركبة ويصعب تغيير ها.
أما الكاتب والباحث أحمد السيد النجار، رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، فيستبعد حدوث حالة من الاستقرار بعد تمرير الدستور مستشهدا بما حدث فى استفتاء مارس 2011 وما جاء بعده من اضطراب ولم تأت حالة الاستقرار التى انتظرها الشعب. ويرى أن الإخوان روجوا لفكرة أن «نعم» تعنى الاستقرار، وأن «لا» تعنى الفوضى، مما يعد نوعا من استغلال رغبة الشعب فى الاستقرار.. بينما انتظام عمل الدولة القوية لابد أن يقوم على الفصل الصحيح بين السلطات والتى تمنح الفرصة لمؤسسة القضاء أن تعمل، وأن تعمل السلطة التنفيذية بدورها وأن تقوم الحكومة بدورها.. أما ما يحدث الآن فى مصر من حصر جميع السلطات فى يد شخص واحد، فإنه لا ينتج فى النهاية حالة من الاستقرار، ويكرر نظام مبارك.
ويرى النجار أن عودة الاستقرار يرتبط بالفصل بين السلطات، ويطالب الرئيس مرسى بترك المؤسسات القضائية تمارس دورها، وأن يرفع يده عنها، ويبتعد عن السلطة التشريعية، وينهى الارتباك فى صناعة القرار. أما عن السياسة الاقتصادية فيرى النجار أنها نفس سياسات الرئيس المخلوع مبارك، فالموازنات التى تصدر عن الدولة موازنات رديئة. كان سابقا يقوم بها فى نظام مبارك الصف الأول من المجموعة الاقتصادية، مثل يوسف بطرس غالى، فى حين تصدر الموازنات الآن عن مديرى مكاتب الصف الثانى لمبارك، حيث كان الدكتور ممتاز السعيد، وزير المالية الحالى، مديرا لمكتب يوسف بطرس غالى.
قالوا عن الاستقرار
الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية
23 نوفمبر 2012: فى كلمة أمام المتظاهرين بقصر الاتحادية الخطوات التى اتخذتها بخصوص الإعلان الدستورى هدفها تحقيق الاستقرار السياسى والاجتماعى وتداول السلطة وهو ما أعمل من أجله.
1 ديسمبر 2012: أثناء حديثه لأعضاء الجمعية التأسيسية فى خطاب مراسم تسليم الدستور، طالب المؤيدين والمعارضين للدستور إلى اختيار ما يرضى ضمائرهم، وما يحقق للأجيال القادمة الاستقرار والعدالة الاجتماعية، وأنهى الرئيس كلمته بالآية الكريمة «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت»، ثم وجه التحية مرة ثانية للمستشار حسام الغريانى وأعضاء الجمعية وكل الحضور، متمنيا للشعب والوطن «الاستقرار والأمن والخير، قل عسى أن يكون قريبا إن شاء الله».
محمد سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب المنحل
25 ديسمبر 2012: أثناء عرضه تحليلا للمشهد السياسى الحالى بجامعة المنيا قال، إن المعارضة تساهم فى تعطيل الاستقرار السياسى بافتعال خلافات لا وجود لها على أرض الواقع، كما تحدث عن دور الإعلام السلبى فى إشعال الفتن وإزكاء الجدل السياسى لتحويله إلى صراع يقسم الوطن.
23 يناير 2012: استهل حديثه فى أول خطاباته بمجلس الشعب قائلا: هذه هى الديمقراطية التى علينا أن نحتكم إليها ونرتضى نتيجتها، هذه الديمقراطية التى غابت عن هذه القاعة لعقود طويلة، ولسوف تظل هذه الديمقراطية دائما مصدر قوة وشموخ مجلسنا الموقر، لقد فقدت مصر الكثير من أبنائها من أجل الحرية والديمقراطية والاستقرار والتنمية، ومن هنا أيها الإخوة والأخوات نعلن أننا لن نخون دماء الشهداء أبداً، لن نخون دماء إخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا.
المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع السابق
من أكثر الشخصيات التى تحدثت عن الاستقرار فى أغلب خطاباته، كما دعا إلى تحقيقه طوال الوقت، بل جاء عنوان حملة ترشيحه رئيسا للجمهورية العام الماضى تحت شعار الاستقرار وكان عنوانها «مطلب شعبى للاستقرار».
وهذا أبرز ما قاله عن الاستقرار
15 فبراير 2012: فى أثناء لقائه مع وفد البرلمان قال إن مصر تتعرض لمؤامرة كبرى، وإن الجميع يجب أن يتصدى لها لضمان نجاح الثورة فى تحقيق أهدافها، وأضاف أن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة يدعم الشرطة بكل قوة لاستعادة الأمن والاستقرار فى الشارع المصرى، كما حذر خلال اللقاء من الوضع الاقتصادى فى مصر، مشيرا إلى ضرورة عودة الأمن والاستقرار والاتجاه نحو العمل والإنتاج وإقامة المشروعات حتى يستعيد الاقتصاد المصرى قوته.
حازم صلاح أبوإسماعيل
3 يوليو 2012: فى لقاء بأحد البرامج التليفزيونية: لن أكون عبدا عند السلطة العسكرية، والمجلس العسكرى ارتكب جريمة نسف الاستقرار مرارا وتكرارا خاصة بإصداره الإعلان الدستورى المكمل 31 مايو 2012: إذا فاز شفيق فى الانتخابات الرئاسية لن يحدث استقرار وسيكون الاستقرار هو الضحية الأولى.
11 ديسمبر 2012: فى اعتصام أمام مدينة الإنتاج الإعلامى قال فى تصريحات صحفية، الاعتصام أمام مدينة الإنتاج الإعلامى هدفه تحقيق حالة من الاستقرار للنظام السياسى الحالى واستقرار أمن المؤسسات فى مصر، ونحن فى هذا الاعتصام مسؤولون عن إعادة الاستقرار التام الكامل لمصر، ووظيفة هذا الجمع هو تحقيق الاستقرار الشامل للنظام السياسى فى مصر حتى لا يكون عرضة للمخاطر.
الاستقرار فى أعين رجال السياسة.. صفحة انتهت مع 2012.. الحريرى: كلمة مطاطة لكسب المؤيدين.. والخرباوى: وسيلة لتخدير الشعوب.. المتحدث باسم الجبهة السلفية: المعارضة غير الرشيدة سبب عدم الاستقرار
الاستقرار الذى نشده مسئولو النظام سواء من العسكر أو من جماعة الإخوان المسلمين يختلف حوله رجال السياسة، فمنهم من يحمل المعارضة عواقب ما حدث من فوضى عمت مصر 2012، لأن المظاهرات التى قامت بها عطلت مشروع النهضة والارتقاء بالاقتصاد، ومنهم من يرى أن السبب هو عجز الأنظمة فى إدارة البلاد لافتقادها لرؤية واضحة تجاه معالجة الأزمات، وهو الرأى الذى يؤيده أبو العز الحريرى القيادى اليسارى، والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية، قال، "إن الأنظمة الحاكمة لا تبحث عن الاستقرار ولا تريد تحقيقه، ولكنها فقط تستخدمه كوسيلة لطمأنة الشارع، وتبرير ما تقوم به من أخطاء".
وضرب الحريرى مثالا على ذلك بما حدث فى العام الماضى الذى استخدم فيه المجلس العسكرى أثناء وجوده فى الحكم كلمة "استقرار"، فقط لتبرير الاضطرابات التى كانت موجودة طوال الفترة الانتقالية، الأمر نفسه ينطبق على الرئيس الدكتور محمد مرسى الذى لم يحاول بناء دولة تقوم على الاستقرار الحقيقى، وليس الاعتماد على التفوه بها لمجرد كسب مزيد من المؤيدين وتقليل فرص تأييد المعارضين فى الشارع.
أكد الحريرى، أن هذه الكلمة ما هى إلا شعارات مطاطة لضمان البقاء فى الحكم فقط دون محاولة لتحقيق تنمية لتطوير المجتمع.
فيما قال المحامى ثروت الخرباوى، إن كلمة "استقرار" استخدمت فى كل عقود الحكم المصرى الحديث منذ ثورة يوليو حتى الآن، كما أن الحكام اعتادوا على استخدامها لتخدير الشعوب، وإخفاء السلبيات الموجودة فى أنظمتهم، ولكن استخدامها يكون فى شكل شعارات للتأثير فى نفسية الشعوب فقط دون رغبة فى تطبيقها.
وأضاف الخرباوى، "تسعى الشعوب دوما للعيش فى استقرار وخاصة الشعب المصرى الذى يحيا منذ آلاف السنين بحالة استقرار، خاصة لأن الفوضى كلمة لا يرغب فى سماعها فقط ما بالك بالعيش فيها".
وتابع الخرباوى، النظام الحاكم الآن فهم هذه الطريقة واستخدامها بنفس الأسلوب، مضيفا عليها الشعار الإسلامى لجلب مزيد من الأصوات.
وعن الطريقة المثلى لتحقيق الاستقرار قال الخرباوى، إن الأنظمة الحالية لا تستطيع تطبيقه لأنها لا تملك أدواته، موضحا أن الباحث الحقيقى عن الاستقرار يسعى للتطوير من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو ما لم يحدث، لأن الحاكم لا يملك الفكر المناسب لبناء دولة تقوم أركانها على الاستقرار، كما أنه لا يملك الأدوات التى تساعده عليها.
ويرى خالد سعيد المتحدث باسم الجبهة السلفية، أن مهمة أى نظام تقوم على تحقيق الاستقرار، خاصة لأن عدم وجوده يشير إلى خلل فى النظام الحاكم، وبرر سعيد كثرة استخدام الأنظمة الحاكمة للاستقرار بأنه محاولة لتحقيقه، وإقناع المواطنين به.
وعن عدم قدرة الأنظمة الحاكمة فى مصر على تحقيق الاستقرار خلال العام الماضى، قال "أى نظام يأتى بعد ثورة يصعب عليه تحقيق الاستقرار لأن الأوضاع تكون مضطربة، وغير مستقرة، ويكون لدى الشعب طاقة للرفض والاعتراض"، مؤكدا أن هذا لا يمثل تبريرا للمجلس العسكرى أو نظام الدكتور محمد مرسى.
وأشار سعيد، إلى أن المعارضة غير الرشيدة تعد سببا رئيسيا فى عدم تحقيق الاستقرار بالضغط الدائم على النظام ومحاولة إفشال التجربة الإسلامية فى الحكم.
وعن سبل تحقيق الاستقرار قال، إن على النظام أولا الانحياز للبسطاء، واتخاذ خطوات سريعة لحل مشاكل الفقراء والمهمشين وسكان العشوائيات، بما يسهم إرساء العدالة الاجتماعية.
كما طالب باتخاذ إجراءات سريعة لحل مشاكل العمال والفلاحين، وتطهير الأجهزة السيادية فى الدولة مثل الداخلية.