تواضع لله يرفعك
قد ينشد معظمنا العزة والمجد على هذه الأرض لكن الكبرياء إذا ما لزمه الغرور واحتقار الآخرين بات تكبرا مذموما ورب العزة سبحانه نهى عن ذلك في حديث قدسي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : < قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار> ،
فكما انه ليس من حق الإنسان أن يفرح لما لم يكن هو خالقه وفاعله من محاسن ومواهب قد أوتيها كالجمال والحسب والموهبة وغيرها فكذلك ليس من حقه الاعتزاز بما هو ضان انه صنعه بنفسه كالمال وعمل الخير مثلا لان كل ذلك بتقدير وتدبير من الخالق عز وجل فتخيل لو قدر لك أن تكون فقيرا معدوما أو تكون ممن عصى فتعمل بعمل أهل النار والعياذ بالله فالإسلام نعمة من الله وكفى بها نعمة، والله يقول في سورة الحجرات :
< يمنون عليك أن اسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين >. فالله هو المنعم والرازق لكل شيء و كل شيء إلى زوال في هذه الدنيا وأحوال هذه الدنيا دولة : وتلك الأيام نداولها بين الناس......فعلى الإنسان أن يحمد الله ويسأله حسن الخاتمة وأن يتواضع له كي يرفعه كيف لا وقد كان جبريل ناصح للرسول ص ذات مرة في حديث:
Haut du formulaire
عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَلَكٌ لَمْ يَعْرِفْهُ ، فَقَالَ : إِنَّ رَبَّكَ يُخَيِّرُكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ نَبِيًّا عَبْدًا ، أَمْ نَبِيًّا مَلِكًا ؟ فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ تَوَاضَعْ ، فَقَالَ : " بَلْ نَبِيًّا عَبْدًا " . فقال الرسول بعدها لصحابته : فعرفت انه لي ناصح.Bas du formulaire
ومن جهة أخرى فلا يحتقر من هو اقل منه شأنا مهما علت مكانته فهو فقير إلى الله كما الآخر، والفقير فقير الآخرة حيث أوضح رسول الله أن الفقراء هم أسياد أهل الجنة في حديث: عن ابن عباس وعمران بن الحُصين رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم : << اطلعتُ في الجنة فرأيتُ أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء>> متفق عليه من رواية ابن عباس، ورواه البخاري أيضاً من رواية عمران بن الحُصين.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :<< يدخل . الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام>> رواه الترمذي وقال : حديث صحيح ، في حين انه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. ومنه فكل ما يتوجب على الإنسان، أن يدرك منة الله عليه فيقول في كل حال ربي أني لما أنزلت إلي من خير فقير، و أن لا ينسى انه من حرص على الدنيا حرم منها ومن أعرض عنها أتته وهي راغمة. سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا، فتواضع لله يرفعك.
وبالنظر إلى واقع الحياة نجد فعلا أن العظماء لا يزدادون بتواضعهم وخفض جناحهم للناس إلا رفعة وسموا، بينما تجد المنتفخين بالكبر واحتقار الناس لا يزدادون إلا دناءة وحقارة والتكبر مثله كمثل الطير يحلق، كلما علا ازداد صغرا في أعين الناس
ملئ السنابل ينحنين تواضعا ....... والفارغات رؤوسهن شوامخ