الزهد في الدنيا
( الزهد في الدنيا)
عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه –
قال: جاء رجل إلى النبي - صلّى الله عليه وسلم - ، فقال: ( يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس )؛ فقال:( ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس ).
حديث حسن، رواه ابن ماجه:4102، وغيره بأسانيد حسنة.
...........
شرح الحديث :
عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي قال: جاء رجل إلى النبي - صلّى الله عليه وسلم - ولم يبين اسم الرجل؛ لأنه ليس هناك ضرورة إلى معرفته إذ أن المقصود معرفة الحكم ومعرفة القضية فقال: ( يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس )
وهذا الطلب لا شك أنه مطلب عالي يطلب فيه السائل ما يجلب محبة الله له وما يجلب محبة الناس له، وهو مطلب كل مسلم
فقال له النبي - صلّى الله عليه وسلم - : ( ازهد في الدنيا )
يعني: اترك في الدنيا ما لا ينفعك في الآخرة وهذا يتضمن أنه يرغب في الآخرة؛ لأن الدنيا والآخرة ضرتان إذا زهد في إحداهما فهو راغب في الأخرى بل هذا يتضمن أن الإنسان يحرص على القيام بأعمال الآخرة من فعل الأوامر وترك النواهي ويدع ما لا ينفعه في الآخرة من الأمور التي تضيع وقته ولا ينتفع بها.
أما ما يكون سبباً لمحبة الناس فقال - صلّى الله عليه وسلم - : ( ازهد فيما عند الناس يحبك الناس ) فلا يطلب من الناس شيئاً ولا يتشوق إليه ولا يستشرف له ويكون أبعد الناس عن ذلك حتى يحبه الناس؛ لأن الناس إذا سئل الإنسان ما في أيديهم استثقلوه وكرهوه، وإذا كان بعيداً عن ذلك فإنهم يحبونه.
* من فوائد هذا الحديث:
- حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على سؤال النبي - صلّى الله عليه وسلم - فيما ينفعهم.
- أن الإنسان بطبيعة الحال يحب أن يحبه الله وأن يحبه الناس ويكره أن يمقته الله ويمقته الناس فبين النبي - صلّى الله عليه وسلم - ما يكون به ذلك.
- أن من زهد في الدنيا أحبه الله؛ لأن الزهد في الدنيا يستلزم الرغبة في الآخرة، وقد سبق معنى الزهد: وأنه ترك ما لا ينفع في الآخرة.
- أن الزهد فيما عند الناس سبب في محبة الناس لك.
- أن الطمع في الدنيا والتعلق بها سبب لبغض الله للعبد وأن الطمع فيما عند الناس والترقب له يوجب بغض الناس للإنسان، والزهد فيما في أيديهم هو أكبر أسباب محبتهم.