أهمية تربية الأبناء - الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
أهمية تربية الأبناء
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من نعمة الأولاد من بنين وبنات واعلموا أن هذه النعمة فتنة للعبد واختبارله فإما منحة تكون قرة عين في الدنيا والآخرة سرور للقلب وانبساط للنفس وعون على مكابد الدنيا وصلاح يحدوهم إلى البر في الحياة وبعد الممات اجتماع في الدنيا على طاعة الله واجتماع في الآخرة في دار كرامة الله اسمعوا الله يقول ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرئ بما كسب رهين ) يعني بذلك تبارك وتعالى أن الذرية إذا كانت في درجة نازلة عن ذرية الآباء في الجنة فإنهم يلحقون بهم في الدرجات العليا حتى يحصل الاجتماع في الآخرة كما حصل الاجتماع في الدنيا أيها الأخوة إن من أسباب هذه المنحة العميمة أن يقوم الوالد من أم وأب والأب هو المسئول الاول لانه راع في أهله ومسئول عن رعيته يقوم كل من الوالدين على الأولاد من بنين وبنات بما يجب عليه من رعاية وعناية وتربية صالحة ليخلف بعده ذرية صالحة تنفعه وتنفع المسلمين وذلك أن العبد إذا أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الخلق ومع حسن النية والاستعانة بالله وكثرة الدعاء واللجوء إلى الله يحصل الخير الكثير والتربية الصالحة اسمعوا الله يقول في وصف عباد الرحمن ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ) إنهم لم يسالوا ذلك إنهم لم يسالوا ذلك قاعدين عن فعل الأسباب فان العقل والشرع كل منهما يقتضي أنك إذا سالت الله شيئا فلا بد أن تفعل ما تقدر عليه من أسبابه إن الإنسان لو سأل الله رزقا لسعى في أسبابه ولو سأل الله ذرية لسعى في حصول الزوجة ولو سال الله علما لسعى في طلبه ولو سال الله الجنة لسعى في العمل الصالح الموصل إليها وهكذا إذا سال الإنسان ربه ذرية صالحة تكون قرة عين له فلا بد أن يسعى بما يقدر عليه من أسباب ذلك لتكون نعمة الأولاد منحة أما الشطر الثاني من نعمة الأولاد فإن هذه النعمة قد تكون محنة وعناء وشقاء وشراً على الأهل والمجتمع وذلك من أسبابه الكبيرة ألا يقوم الوالدان بما أوجب الله عليهما من رعاية وعناية وتربية صالحة يهمل الرجل أولاده فلا يحسن التربية فيهم فلا يحسنون اليه بالبر جزاء وفاقا ففاته نفعهم في الدنيا والآخرة وأصبح من الخاسرين وليكونن من النادمين ( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة الا ذلك هو الخسران المبين) وإننا لنعجب وأنتم تعجبون معنا أن يضل أقوام فيعتنون بتنمية أموالهم ورعايتها وصيانتها وحفظها واشغال أفكارهم وأبدانهم والانشغال بأموالهم عن راحتهم ومنامهم ومع ذلك ينسون أهلهم وأولادهم وإني لسائلهم ما قيمة هذه الأموال بالنسبة للأهل والأولاد أليس من الأجدر بهؤلاء أن يخصصوا شيئا من قواهم الفكرية والجسمية لتربية أهليهم وأولادهم حتى يكونوا بذلك شاكرين لنعمة الله ممتثلين لأمر الله فإن الله يقول ( يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) إن الله تعالى جعل لكم الولاية في هذه الآية وحملكم المسؤولية فأمركم أن تقوا أنفسكم وأهليكم تلك النار المزعجة لم يأمركم أن تقوا أنفسكم فحسب بل أنفسكم وأهليكم وإنك لتعجب أن هؤلاء المضيعين لأمر الله في حق أولادهم وأهليهم لو أصابت نار الدنيا طرفا من ولده أو كادت لسعى بكل ما يستطيع لدفعها وهرع إلى كل طبيب للشفاء من حرقها واما نار الآخرة فلا يحاول أن يخلص أولاده وأهله منها لا أدري أهو في شك من ذلك أم هو متهاون أم هو مستكبر نسال الله للجميع الهداية أيها الأخوة إن على كل واحد منا أن يراقب أهله وأولاده في حركاتهم وسكناتهم في أصحابهم واخلائهم حتى يكون على بصيرة من أمرهم وعلى يقين في اتجاهاتهم وسيرهم فيقر ما يراه من ذلك صالحا وينكر ما يراه فاسدا ويكلمهم بصراحة ويأخذ منهم بصراحة ويرد عليهم ولا يغضب عليهم إذا كانوا غير معجبين له ولكن يحاول إصلاحهم واقناعهم بالأدلة المرضية من الكتاب والسنة والعقل السليم ولا يعرضنهم فان ذلك من البلاء إن الإنسان إذا لم يقم على مراقبة أهله وأولاده وتربيتهم تربية صالحة فمن الذي يقوم عليهم هل يقوم عليهم أباعد الناس هل يقوم عليهم من لا صلة له فيهم؟ أن يتركوا هؤلاء الأولاد والأغصان الغضة تعصف بها الرياح تعصف بها رياح الأفكار المضللة والاتجاهات المنحرفة والأخلاق الهدامة فينشأ من هؤلاء جيل فاسد لا يرعى لله ولا للناس حرمة ولا حقوقا جيل فوضوي متهور لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا متحررا من كل رق الا من رق الشيطان منطلقا من كل قيد الا من قيد الشهوة والطغيان نعم لا بد أن تكون هذه النتيجة لمن أضاع حق الله في أهله وأولاده إلا أن يشاء الله أيها الأخوة إن بعض الناس يقول معتذرا أنا لا أستطيع تربية أولادي لأنهم كبروا وتمردوا علي جوابنا إلى ذلك أن نقول لو سلمنا هذا العذر جدلا أو سلمناه حقيقة واقعة ثم فكرنا في الأمر لوجدنا أنك السبب في سقوط هيبتك من نفوسهم لأنك أضعت أمر الله فيهم في أول أمرهم فتركتهم يتصرفون كما يشاءون لا تسألهم عن أحوالهم ولا تأنس بالاجتماع إليهم لا تجتمع معهم على غداء ولا عشاء ولا غيرهما فوقعت الفجوة بينك وبين أولادك فنفروا منك ونفرت منهم فكيف تطمع بعد ذلك أن ينقادوا لك أو يأخذوا بتوجيهاتك ولو أنك اتقيت الله في أول الأمر وقمت بتربيتهم على الوجه الذي أمرت لأصلح الله لك أمر الدنيا والآخرة (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ) أيها الناس لقد كانت المدارس تأخذ وقتا كثيرا من أوقات الأولاد وتتحمل عبئا ثقيلا من تربيتهم أما الان وقد أغلقت المدارس أبوابها وحلت أيام إجازة الصيف فإن الأولاد سيجدون فراغا كبيرا سيجدون فراغا فكريا ووقتيا فعلينا أن نحاول ملء هذا الفراغ واستغلال هذه الفرصة من أعمار شبابنا بما يكون نافعا لهم حتى لا تخمل أفكارهم أو يستغلوها بما يكون لغوا أو ضارا إنه يمكن استغلال هذه الفرصة بقراءة الكتب النافعة كل بحسب طبقته وما يتحمله عقله أو بمراجع مقررات السنة التي نجح إليها أو بأعمال نافعة من بيع وشراء ومساعدة الأب في أعماله وعلينا أن نضاعف جهودنا في مراقبتهم وتربيتهم وأن نشعر بأن العبء ثقل علينا حتى ننمي هذه المضاعفة وإن على شبابنا من ذكور وإناث أن يستغلوا هذه الفرص بما يكون نافعا لهم وأن يحذروا غاية الحذر من مطالعة الكتب والمجلات والصحف التي تحمل في طياتها معاول الفساد والهدم من أفكار منحرفة وأخلاق سافلة وأزياء بعيدة عن الزي الإسلامي وعلينا أن نحذر السفر إلى بلاد لا يستفيد من وراءها لا نستفيد من وراءها الا صرف النفقات الباهظة وإضاعة الوقت فيما لا فائدة فيها بل ما فيه مضرة أحيانا في الدين والخلق وها هي بلادنا ولله الحمد فيها من وسائل الراحة والمتعة ما يكفي مع سلامة الإنسان مما يخشى خطره في السفر إلى بلاد أخرى احذروا السفر إلى بلاد أخرى ولا سيما بلاد الكفار فإنها هدم للأخلاق والعقائد ولذلك نرى كما يرى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز أن السفر إلى بلاد الكفر محرم الا إذا كان هناك ضرورة وكان للإنسان دين يحميه من الشهوات وعلم يدفع به الشبهات وبدون هذه الشروط الثلاثة لا نرى حل السفر إلى بلاد الكفار لما في ذلك من المضرة الحاضرة أو المترقبة نسأل الله تعالى أن يحمينا وإياكم مما يفسد ديننا ودنيانا وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أمر خطير يفعله بعض الطلاب في كتب دروسهم إنهم يرمون هذه الكتب في الأسواق تداس بالأرجل والنعال بل يرمونها في المزابل مع الأقذار والأوساخ إنهم يرمون هذه الكتب غير مبالين بما فيها مع أنها قد يكون فيها كلام الله أو تفسير كلام الله أو أحاديث رسول الله أو شرح أحاديث رسول الله أو كلام لاهل العلم يتضمن شرح أحكام الله وكل هذا إهانة لهذه الكتب ووضع لقدرها فعلى المؤمن أن يتقي الله وأن يعظم ما أوجب الله تعظيمه حتى يكون قائما بشكر الله عز وجل ليزيده من فضله وإذا انتهى الطالب من ذكر أو أنثى من هذه الكتب فليدخرها عنده أو يهديها لمن ينتفع بها أو يبعها وإذا لم تكن صالحة لذلك فليحرقها إن شاء إحراقا كاملا لا يبقى منها شئ أما أن يرميها في المزابل والأسواق فهذا غير لائق ليس من شكر نعمة الله التي سهلها لنا حتى أكملنا بها الدراسة اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن توفقنا للقيام بما أوجبت علينا وأن نكون من عبادك المخبتين الصادقين البارين يا رب العالمين إنك جواد كريم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم نلاقيه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فإنه لا يخفى علينا جميعا ما حصل من الأمر المنكر العظيم من تفجير المفجرات في مدينة الخبر في شرقي هذه المملكة وقد تكلمنا عن هذا في خطبة الجمعة الماضية وبينا أضرار ذلك ومفاسده ولا شك أن كل إنسان ينكر ذلك ويرى أنه من الأمور العظيمة في هذه البلاد الآمنة ولهذا اقتضت الحال أن يجتمع هيئة كبار العلماء للنظر في هذا الأمر المنكر وإصدار ما يرونه ملائما ومناسبا للشريعة الإسلامية وإننا بناء على ما جاءنا من المسئولين عن شئون المساجد نقرأ إليكم هذا نقرا لكم هذا البيان الصادر من هيئة كبار العلماء بنصه يقول البيان : ( الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه أما بعد فإن مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في جلسته الاستثنائية العاشرة المنعقدة في مدينة الطائف يوم السبت الثالث عشر من شهر صفر عام تسعة عشر وأربعمائة وألف استعرض حادث التفجير الواقع في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية مساء الثلاثاء التاسع من شهر صفر عام سبعة عشر وأربعمائة وألف وما حصل بسبب ذلك من قتل وتدمير وترويع واصابات لكثير من الناس من المسلمين وغيرهم وإن المجلس بعد النظر والدراسة والتأمل قرر بالإجماع ما يلي أولا أن هذا التفجير عمل إجرامي محرم شرعا بإجماع المسلمين وذلك للأسباب الآتية : أولا في هذا التفجير هتك لحرمات الإسلام المعلومة منه بالضرورة هتك لحرمة الأنفس المعصومة وهتك لحرمة الأموال وهتك لحرمات الأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم وغدوهم ورواحهم وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها وما أبشع وأعظم جريمة من تجرأ على حرمات الله وظلم عباده وأخاف المسلمين والمقيمين بينهم فويل له ثم ويل له من ذا بالله ونقمته ومن دعوة تحيط به نسال الله تعالى أن يكشف ستره وأن يفضح أمره . ثانيا أن النفس المعصومة في حكم شريعة الإسلام هي كل مسلم وكل من بينه وبين المسلمين أمان ما قال الله تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) وقال سبحانه في حق الكافر الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ) فإذا كان الكافر الذي له أمان وقتل خطأ فيه الدية والكفارة فكيف إذا قتل عمدا فان الجريمة تكون اعظم والإثم يكون أكبر وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة )فلا يجوز التعرض لمستأمن بأذى فضلا عن قتله في مثل هذه الجريمة النكراء وهذا وعيد شديد لمن قتل معاهدا وأنه كبيرة من الكبائر المتوعد عليها بعدم دخول القاتل الجنة نعوذ بالله من الخذلان ثالثا أن هذا العمل الإجرامي يتضمن أنواعا من المحرمات في الإسلام بالضرورة من غدر وخيانة وبغي وعدوان واجرام آثم وترويع للمسلمين وغيرهم كل هذه قبائح منكرة يأباها ويبغضها الله ورسوله والمؤمنون ثانيا يعني من المواد إن المجلس إذ يبين تحريم هذا العمل الإجرامي في الشرع المطهر فإنه يعلن للعالم أن الإسلام برئ من هذا العمل وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر برئ منه وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة فهو يحمل إثمه وجرمه فلا يحتسب عمله على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام المعتصمين بالكتاب والسنة المتمسكين بحبل الله المتين وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه محذرة من مصاحبة اهله قال الله عز جل ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ) وقال الله تعالى ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا في الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يكشف ستر هؤلاء الفعلة المعتدين اللهم أكشف سترهم يا رب العالمين اللهم نسالك أن تكشف سترهم حتى يقضى فيهم بالحق تتمة البيان يقول وأن يمكن فيهم لينفذ فيهم حكم شرع الله المطهر وأن يكف البأس عن هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وحكومته وجميع أولياء أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد وقمع الفساد والمفسدين وأن ينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمته وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ثم توقيعات الهيئة جميعا الا فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله سبيع فإنه كان مسافرا ولكنه قد كلم هاتفيا وأخبر انه مع الجماعة وهذا أمر الا شك فيه ولا يمكن أحد الا أن يوافق على مضمون هذا البيان الصادر من أعلى هيئة علمية في هذه المملكة نسال الله تعالى أن يوفق ولاة أمورها لما فيه صلاح الدنيا والآخرة ونسال الله تعالى ألا يعيد على هذه البلاد مكروها وأن يحميها بالإسلام ويحمي الإسلام بها إنه جواد كريم وإنني بهذه المناسبة أقول إنه يجب علينا أن ندع القيل والقال والخوض فيما لا ينبغي أن يقال وان لا نتشكك في مثل هذه الأمور التي تصدر من هيئات عليا في هذه المملكة وأعلموا أن سلاح اللسان اعظم السلاح ولهذا لما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل بما أوصى به من أمور الدين قال له صلى الله عليه وسلم ( أفلا أدلك على ملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه وقال كف عليك هذا قلت يا رسول الله وأنا لمؤاخذين بما نتكلم به قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) عليكم أيها الأخوة بالدعاء لولاة الأمر بما فيه صلاحهم وصلاح العباد فإن صلاح الراعي صلاح للرعية نسال الله تعالى أن يصلح ولاة أمورنا من الأمراء والعلماء والوزراء والكبراء إنه على كل شئ قدير وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة اجتمعوا ولا تتفرقوا اجتمعوا على دين الله اجتمعوا على ما فيه الصلاح في دينكم ودنياكم فإن يد الله على الجماعة ومن شذ، شذ في النار وأكثروا من الصلاة والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم فإن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين عن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم أما بعد فقد قال الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله-
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من نعمة الأولاد من بنين وبنات واعلموا أن هذه النعمة فتنة للعبد واختبارله فإما منحة تكون قرة عين في الدنيا والآخرة سرور للقلب وانبساط للنفس وعون على مكابد الدنيا وصلاح يحدوهم إلى البر في الحياة وبعد الممات اجتماع في الدنيا على طاعة الله واجتماع في الآخرة في دار كرامة الله اسمعوا الله يقول ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرئ بما كسب رهين ) يعني بذلك تبارك وتعالى أن الذرية إذا كانت في درجة نازلة عن ذرية الآباء في الجنة فإنهم يلحقون بهم في الدرجات العليا حتى يحصل الاجتماع في الآخرة كما حصل الاجتماع في الدنيا أيها الأخوة إن من أسباب هذه المنحة العميمة أن يقوم الوالد من أم وأب والأب هو المسئول الاول لانه راع في أهله ومسئول عن رعيته يقوم كل من الوالدين على الأولاد من بنين وبنات بما يجب عليه من رعاية وعناية وتربية صالحة ليخلف بعده ذرية صالحة تنفعه وتنفع المسلمين وذلك أن العبد إذا أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الخلق ومع حسن النية والاستعانة بالله وكثرة الدعاء واللجوء إلى الله يحصل الخير الكثير والتربية الصالحة اسمعوا الله يقول في وصف عباد الرحمن ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ) إنهم لم يسالوا ذلك إنهم لم يسالوا ذلك قاعدين عن فعل الأسباب فان العقل والشرع كل منهما يقتضي أنك إذا سالت الله شيئا فلا بد أن تفعل ما تقدر عليه من أسبابه إن الإنسان لو سأل الله رزقا لسعى في أسبابه ولو سأل الله ذرية لسعى في حصول الزوجة ولو سال الله علما لسعى في طلبه ولو سال الله الجنة لسعى في العمل الصالح الموصل إليها وهكذا إذا سال الإنسان ربه ذرية صالحة تكون قرة عين له فلا بد أن يسعى بما يقدر عليه من أسباب ذلك لتكون نعمة الأولاد منحة أما الشطر الثاني من نعمة الأولاد فإن هذه النعمة قد تكون محنة وعناء وشقاء وشراً على الأهل والمجتمع وذلك من أسبابه الكبيرة ألا يقوم الوالدان بما أوجب الله عليهما من رعاية وعناية وتربية صالحة يهمل الرجل أولاده فلا يحسن التربية فيهم فلا يحسنون اليه بالبر جزاء وفاقا ففاته نفعهم في الدنيا والآخرة وأصبح من الخاسرين وليكونن من النادمين ( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة الا ذلك هو الخسران المبين) وإننا لنعجب وأنتم تعجبون معنا أن يضل أقوام فيعتنون بتنمية أموالهم ورعايتها وصيانتها وحفظها واشغال أفكارهم وأبدانهم والانشغال بأموالهم عن راحتهم ومنامهم ومع ذلك ينسون أهلهم وأولادهم وإني لسائلهم ما قيمة هذه الأموال بالنسبة للأهل والأولاد أليس من الأجدر بهؤلاء أن يخصصوا شيئا من قواهم الفكرية والجسمية لتربية أهليهم وأولادهم حتى يكونوا بذلك شاكرين لنعمة الله ممتثلين لأمر الله فإن الله يقول ( يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) إن الله تعالى جعل لكم الولاية في هذه الآية وحملكم المسؤولية فأمركم أن تقوا أنفسكم وأهليكم تلك النار المزعجة لم يأمركم أن تقوا أنفسكم فحسب بل أنفسكم وأهليكم وإنك لتعجب أن هؤلاء المضيعين لأمر الله في حق أولادهم وأهليهم لو أصابت نار الدنيا طرفا من ولده أو كادت لسعى بكل ما يستطيع لدفعها وهرع إلى كل طبيب للشفاء من حرقها واما نار الآخرة فلا يحاول أن يخلص أولاده وأهله منها لا أدري أهو في شك من ذلك أم هو متهاون أم هو مستكبر نسال الله للجميع الهداية أيها الأخوة إن على كل واحد منا أن يراقب أهله وأولاده في حركاتهم وسكناتهم في أصحابهم واخلائهم حتى يكون على بصيرة من أمرهم وعلى يقين في اتجاهاتهم وسيرهم فيقر ما يراه من ذلك صالحا وينكر ما يراه فاسدا ويكلمهم بصراحة ويأخذ منهم بصراحة ويرد عليهم ولا يغضب عليهم إذا كانوا غير معجبين له ولكن يحاول إصلاحهم واقناعهم بالأدلة المرضية من الكتاب والسنة والعقل السليم ولا يعرضنهم فان ذلك من البلاء إن الإنسان إذا لم يقم على مراقبة أهله وأولاده وتربيتهم تربية صالحة فمن الذي يقوم عليهم هل يقوم عليهم أباعد الناس هل يقوم عليهم من لا صلة له فيهم؟ أن يتركوا هؤلاء الأولاد والأغصان الغضة تعصف بها الرياح تعصف بها رياح الأفكار المضللة والاتجاهات المنحرفة والأخلاق الهدامة فينشأ من هؤلاء جيل فاسد لا يرعى لله ولا للناس حرمة ولا حقوقا جيل فوضوي متهور لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا متحررا من كل رق الا من رق الشيطان منطلقا من كل قيد الا من قيد الشهوة والطغيان نعم لا بد أن تكون هذه النتيجة لمن أضاع حق الله في أهله وأولاده إلا أن يشاء الله أيها الأخوة إن بعض الناس يقول معتذرا أنا لا أستطيع تربية أولادي لأنهم كبروا وتمردوا علي جوابنا إلى ذلك أن نقول لو سلمنا هذا العذر جدلا أو سلمناه حقيقة واقعة ثم فكرنا في الأمر لوجدنا أنك السبب في سقوط هيبتك من نفوسهم لأنك أضعت أمر الله فيهم في أول أمرهم فتركتهم يتصرفون كما يشاءون لا تسألهم عن أحوالهم ولا تأنس بالاجتماع إليهم لا تجتمع معهم على غداء ولا عشاء ولا غيرهما فوقعت الفجوة بينك وبين أولادك فنفروا منك ونفرت منهم فكيف تطمع بعد ذلك أن ينقادوا لك أو يأخذوا بتوجيهاتك ولو أنك اتقيت الله في أول الأمر وقمت بتربيتهم على الوجه الذي أمرت لأصلح الله لك أمر الدنيا والآخرة (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ) أيها الناس لقد كانت المدارس تأخذ وقتا كثيرا من أوقات الأولاد وتتحمل عبئا ثقيلا من تربيتهم أما الان وقد أغلقت المدارس أبوابها وحلت أيام إجازة الصيف فإن الأولاد سيجدون فراغا كبيرا سيجدون فراغا فكريا ووقتيا فعلينا أن نحاول ملء هذا الفراغ واستغلال هذه الفرصة من أعمار شبابنا بما يكون نافعا لهم حتى لا تخمل أفكارهم أو يستغلوها بما يكون لغوا أو ضارا إنه يمكن استغلال هذه الفرصة بقراءة الكتب النافعة كل بحسب طبقته وما يتحمله عقله أو بمراجع مقررات السنة التي نجح إليها أو بأعمال نافعة من بيع وشراء ومساعدة الأب في أعماله وعلينا أن نضاعف جهودنا في مراقبتهم وتربيتهم وأن نشعر بأن العبء ثقل علينا حتى ننمي هذه المضاعفة وإن على شبابنا من ذكور وإناث أن يستغلوا هذه الفرص بما يكون نافعا لهم وأن يحذروا غاية الحذر من مطالعة الكتب والمجلات والصحف التي تحمل في طياتها معاول الفساد والهدم من أفكار منحرفة وأخلاق سافلة وأزياء بعيدة عن الزي الإسلامي وعلينا أن نحذر السفر إلى بلاد لا يستفيد من وراءها لا نستفيد من وراءها الا صرف النفقات الباهظة وإضاعة الوقت فيما لا فائدة فيها بل ما فيه مضرة أحيانا في الدين والخلق وها هي بلادنا ولله الحمد فيها من وسائل الراحة والمتعة ما يكفي مع سلامة الإنسان مما يخشى خطره في السفر إلى بلاد أخرى احذروا السفر إلى بلاد أخرى ولا سيما بلاد الكفار فإنها هدم للأخلاق والعقائد ولذلك نرى كما يرى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز أن السفر إلى بلاد الكفر محرم الا إذا كان هناك ضرورة وكان للإنسان دين يحميه من الشهوات وعلم يدفع به الشبهات وبدون هذه الشروط الثلاثة لا نرى حل السفر إلى بلاد الكفار لما في ذلك من المضرة الحاضرة أو المترقبة نسأل الله تعالى أن يحمينا وإياكم مما يفسد ديننا ودنيانا وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أمر خطير يفعله بعض الطلاب في كتب دروسهم إنهم يرمون هذه الكتب في الأسواق تداس بالأرجل والنعال بل يرمونها في المزابل مع الأقذار والأوساخ إنهم يرمون هذه الكتب غير مبالين بما فيها مع أنها قد يكون فيها كلام الله أو تفسير كلام الله أو أحاديث رسول الله أو شرح أحاديث رسول الله أو كلام لاهل العلم يتضمن شرح أحكام الله وكل هذا إهانة لهذه الكتب ووضع لقدرها فعلى المؤمن أن يتقي الله وأن يعظم ما أوجب الله تعظيمه حتى يكون قائما بشكر الله عز وجل ليزيده من فضله وإذا انتهى الطالب من ذكر أو أنثى من هذه الكتب فليدخرها عنده أو يهديها لمن ينتفع بها أو يبعها وإذا لم تكن صالحة لذلك فليحرقها إن شاء إحراقا كاملا لا يبقى منها شئ أما أن يرميها في المزابل والأسواق فهذا غير لائق ليس من شكر نعمة الله التي سهلها لنا حتى أكملنا بها الدراسة اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن توفقنا للقيام بما أوجبت علينا وأن نكون من عبادك المخبتين الصادقين البارين يا رب العالمين إنك جواد كريم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم نلاقيه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فإنه لا يخفى علينا جميعا ما حصل من الأمر المنكر العظيم من تفجير المفجرات في مدينة الخبر في شرقي هذه المملكة وقد تكلمنا عن هذا في خطبة الجمعة الماضية وبينا أضرار ذلك ومفاسده ولا شك أن كل إنسان ينكر ذلك ويرى أنه من الأمور العظيمة في هذه البلاد الآمنة ولهذا اقتضت الحال أن يجتمع هيئة كبار العلماء للنظر في هذا الأمر المنكر وإصدار ما يرونه ملائما ومناسبا للشريعة الإسلامية وإننا بناء على ما جاءنا من المسئولين عن شئون المساجد نقرأ إليكم هذا نقرا لكم هذا البيان الصادر من هيئة كبار العلماء بنصه يقول البيان : ( الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه أما بعد فإن مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في جلسته الاستثنائية العاشرة المنعقدة في مدينة الطائف يوم السبت الثالث عشر من شهر صفر عام تسعة عشر وأربعمائة وألف استعرض حادث التفجير الواقع في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية مساء الثلاثاء التاسع من شهر صفر عام سبعة عشر وأربعمائة وألف وما حصل بسبب ذلك من قتل وتدمير وترويع واصابات لكثير من الناس من المسلمين وغيرهم وإن المجلس بعد النظر والدراسة والتأمل قرر بالإجماع ما يلي أولا أن هذا التفجير عمل إجرامي محرم شرعا بإجماع المسلمين وذلك للأسباب الآتية : أولا في هذا التفجير هتك لحرمات الإسلام المعلومة منه بالضرورة هتك لحرمة الأنفس المعصومة وهتك لحرمة الأموال وهتك لحرمات الأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم وغدوهم ورواحهم وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها وما أبشع وأعظم جريمة من تجرأ على حرمات الله وظلم عباده وأخاف المسلمين والمقيمين بينهم فويل له ثم ويل له من ذا بالله ونقمته ومن دعوة تحيط به نسال الله تعالى أن يكشف ستره وأن يفضح أمره . ثانيا أن النفس المعصومة في حكم شريعة الإسلام هي كل مسلم وكل من بينه وبين المسلمين أمان ما قال الله تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) وقال سبحانه في حق الكافر الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ) فإذا كان الكافر الذي له أمان وقتل خطأ فيه الدية والكفارة فكيف إذا قتل عمدا فان الجريمة تكون اعظم والإثم يكون أكبر وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة )فلا يجوز التعرض لمستأمن بأذى فضلا عن قتله في مثل هذه الجريمة النكراء وهذا وعيد شديد لمن قتل معاهدا وأنه كبيرة من الكبائر المتوعد عليها بعدم دخول القاتل الجنة نعوذ بالله من الخذلان ثالثا أن هذا العمل الإجرامي يتضمن أنواعا من المحرمات في الإسلام بالضرورة من غدر وخيانة وبغي وعدوان واجرام آثم وترويع للمسلمين وغيرهم كل هذه قبائح منكرة يأباها ويبغضها الله ورسوله والمؤمنون ثانيا يعني من المواد إن المجلس إذ يبين تحريم هذا العمل الإجرامي في الشرع المطهر فإنه يعلن للعالم أن الإسلام برئ من هذا العمل وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر برئ منه وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة فهو يحمل إثمه وجرمه فلا يحتسب عمله على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام المعتصمين بالكتاب والسنة المتمسكين بحبل الله المتين وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه محذرة من مصاحبة اهله قال الله عز جل ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ) وقال الله تعالى ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا في الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يكشف ستر هؤلاء الفعلة المعتدين اللهم أكشف سترهم يا رب العالمين اللهم نسالك أن تكشف سترهم حتى يقضى فيهم بالحق تتمة البيان يقول وأن يمكن فيهم لينفذ فيهم حكم شرع الله المطهر وأن يكف البأس عن هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وحكومته وجميع أولياء أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد وقمع الفساد والمفسدين وأن ينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمته وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ثم توقيعات الهيئة جميعا الا فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله سبيع فإنه كان مسافرا ولكنه قد كلم هاتفيا وأخبر انه مع الجماعة وهذا أمر الا شك فيه ولا يمكن أحد الا أن يوافق على مضمون هذا البيان الصادر من أعلى هيئة علمية في هذه المملكة نسال الله تعالى أن يوفق ولاة أمورها لما فيه صلاح الدنيا والآخرة ونسال الله تعالى ألا يعيد على هذه البلاد مكروها وأن يحميها بالإسلام ويحمي الإسلام بها إنه جواد كريم وإنني بهذه المناسبة أقول إنه يجب علينا أن ندع القيل والقال والخوض فيما لا ينبغي أن يقال وان لا نتشكك في مثل هذه الأمور التي تصدر من هيئات عليا في هذه المملكة وأعلموا أن سلاح اللسان اعظم السلاح ولهذا لما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل بما أوصى به من أمور الدين قال له صلى الله عليه وسلم ( أفلا أدلك على ملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه وقال كف عليك هذا قلت يا رسول الله وأنا لمؤاخذين بما نتكلم به قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) عليكم أيها الأخوة بالدعاء لولاة الأمر بما فيه صلاحهم وصلاح العباد فإن صلاح الراعي صلاح للرعية نسال الله تعالى أن يصلح ولاة أمورنا من الأمراء والعلماء والوزراء والكبراء إنه على كل شئ قدير وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة اجتمعوا ولا تتفرقوا اجتمعوا على دين الله اجتمعوا على ما فيه الصلاح في دينكم ودنياكم فإن يد الله على الجماعة ومن شذ، شذ في النار وأكثروا من الصلاة والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم فإن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين عن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم أما بعد فقد قال الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله-