من شعر الوعظ والحكمة قصيدة ابن رجب
قصيدة ابن رجب
من رسالته ذم قسوة القلب
...........
أفِـي دَارِ الخَـرَابِ تَظـلُّ تَبنِـي : وتَعمُـرُ مـَا لِعمـرَانٍ خُلِقـتَا
وَمَا تَركَـتْ لَكَ الأَيَّـامُ عُـذرًا : لَقَـد وَعَظَتـكَ لَكِنْ مَا اتَّعَظتَا
تُنَـادِي للـرَّحِيـلِ بِكُـلِّ حِينٍ : وَتُعلِـنُ إنَّمَـا المَقصُـودُ أنْـتَا
وتُسمِعُـكَ النِّـدَاءَ وأنـتَ لاَهٍ : عَنِ الدَّاعِي كأنَّـكَ مـَا سَمِعتَا
وتَعلَــمُ أنَّـهُ سَفـَرٌ بَعِيـدٌ : وعَن إِعـدَادِ زَادٍ قَـد غَفَلـتَا
تَنَـامُ وَطـالِـبُ الأيَّـامِ سَـاعٍ : ورَاءكَ لاَ يَنَـامُ فَكيـفَ نِمـتَا
مَعـائِـبُ هَـذِهِ الدُّنيَـا كَثِيـرٌ : وأنـتَ عَلَـى محبَّتِهَـا طُبِعـتَا
يَضِيعُ العُمـرُ فِـي لَعِـبٍ وَلهـوٍ : وَ لَـو أُعطِيـتَ عَقلاً مَا لَعِبتَا
فمَا بَعدَ الممَـاتِ سِـوَى جَحِيـمٍ : لِعـاصٍ أو نَعِيــمٍ إِن أَطعـتَا
ولسـت بـآملٍ ردًّا لِـدُنيَـا : فَتعملُ صَالِحًا فِيمَـا تَـركـتَا
وأوَّلُ مَـن ألُـومُ اليَـومَ نفسِـي : فَقَـد فَعَلـتْ نَظَائـِرَ مَا فَعلتَا
أيَـا نفسِي َ أَخـوضًا فِي المَعاصِي : وَبعـدَ الأربَعِيـنَ وغِـبَّ سِتَّا
وَأرجُو أَن يَطُولَ العُمـرُحَتَّـى : أَرى زَادَ الـرَّحِيـلِ وقَـد تأتَّى
أيَا غُصنَ الشَّذَاء تَمِيـلُ زَهـوًا : كأنَّكَ قَد مَضَى زَمـنٌ وعِشـتَا
عَلِمـتَ فَدَعْ سَبِيلَ الجَهلِ واحذَرْ : وَصحِّحْ قَد عَلِمتَ ومَـا عَمِلْـتَا
وَيَا مَن يَجمعُ الأَمـواَلَ قُلْ لِـي : أَيَمنَعُكَ الرَّدَى مَا قَـد جَمَعـتَا
وَيَـا مَـن يَبتَغِي أَمـرًا مُطَاعًـا : فيُسمَعُ نَافـِذٌ مَـن قـَد أَمَـرتَا
أَجَجْـتَ إلَـى الـوِلاَيَةِ لاَ تُبَالِي : أَجِـرْتَ عَلَـى البرِيَّةِ أَم عدَلتَا
ألاَ تَـدرِي بأنَّـكَ يَـومَ صَارَتْ : إِلَيـكَ بِغَيـرِ سِكِّيـنٍ ذُبِحـتَا
ولَيـسَ يَقُومُ فَرحةُ قَد تَـولَّـى : بِتَرحةِ يَومَ تَسمعُ قـَد عُـزِلـتَا
وَلاَ تُهمِـلْ فَـإنَّ الوَقتَ يَسـرِي : فإنْ لَم تَغتَنِمْـهُ فَقَـد أَضَعـتَا
تـَرَى الأيـَّامَ تُبلِـي كُلَّ غُصنٍ : وَتَطـوِي مِـن سُرُورِكَ مَا نَشَرْتَا
وَتَعلَـمُ إنَّمَـا الـدُّنيَـا مَنـامٌ : فَأحلَـى مَا تَكُـونُ إذَا انتبَهـتَا
فَكَيفَ تصدُّ عَن تَحصِيـلِ بَـاقٍ : وَبِالفَانِـي وزُخـرُفـِهِ شُغِلـتَا
هِيَ الدُّنيَـا إذَا سَـرَّتـكَ يَـومًا : تسُـوءُكَ ضِعـفَ مَا فِيهَا سُرِرتَا
تَغُـرُّكَ كـالسَّرابِ فأنتَ تَسرِي : إليـهِ ولَـيسَ تَشعُـرُ إن غُرِرتَا
وَأشهـدُ كَـم أبادَت مِن حَبِيبٍ : كـأنَّكَ آمٍـنٌ مِمَّـنْ شَهِـدتَا
وَتدْفِنُهُـم وَتـرجِعُ ذَا سُـرُورٍ : بِمَـا قـَد نِلتَ مِن إِرثٍ وَحزتا
وتَنسَاهُم وأنـتَ غَـدًا سَتَفنَـى : كـأنَّكَ مـَا خُلِقـتَ ولاَ وُجِدتَا
تُحدِّثُ عَنهُم وَتقُولُـوا كَـانُـوا : نَعـمْ كَانُوا كَمـاَ واللهِ كُنـتَـا
حَدِيثُك هم وأنتَ غدًا حَـدِيثٌ : لِغَيـرِهِم فَأحسِـن مَا استطَعـتَا
يَعُودُ المـرءُ بَعدَ المـوتِ ذِكـرًا : فَكُن حَسَن الحَدِيـثِ إذَا ذُكِـرتَا
سـلِ الأيَـامَ عَـن عَمْ وخالٍ : وَمَالَكَ والسُّـؤالُ وقَـد عَلِمـتَا
ألَسـتَ تَـرى دِيـارهُم خَواءً : فَقَـد أنكَرت منهَا مَا عـرَفـتا