فضاءات شنهور

شنهور

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
الطيب سيد أحمد محمد
مسجــل منــــذ: 2011-02-13
مجموع النقط: 1458.41
إعلانات


حول معجزة نبي الله هود - عليه السلام -

حول معجزة نبي الله هود - عليه السلام -

..........

جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر .. الحديث"

وهذا يثبت من دون شك أن لكل نبي آية، لكن كتاب الله - عز وجل - ذكر لنا قصصًا لأنبياء وحدد فيها المعجزات التي أجراها الله على أيديهم، وذكر قصصًا لأنبياء دون أن يذكر شيئًا عن معجزاتهم، وسكت عن أنبياء كثر أجملهم إجمالا بقوله – تعالى - في سورة غافر: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ )

ولا ينبغي التكلف في البحث عما لم يذكره القرآن الكريم من قصص الأنبياء ومعجزاتهم مما لا يترتب عليه عمل أو حكم شرعي ، يقول الإمام الشاطبي: " كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأعني بالعمل: عمل القلب وعمل الجوارح، من حيث هو مطلوب شرعا".

و بالنسبة لمعجزة نبي الله هود - عليه السلام - فإنهم قد جاءتهم آيات من الله - سبحانه - بدليل قوله – تعالى - في سورة هود: "وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ .. الآية"

قال ابن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير":

قولهم: "ما جئتنا ببينة" بهتان، لأنه أتاهم بمعجزات،

لقوله - تعالى - : "وتلك عادٌ جحدوا بآيات ربهم"،

وإن كان القرآن لم يذكر لنا آية معينة لهود - عليه السلام -، ولعل آيته أنّه وعدهم عند بعثته بوفرة الأرزاق والأولاد واطّراد الخصب وفرة مطردة لا تنالهم في خلالها نكبة ولا مصيبة بحيث كانت خارقة لعادة النعمة في الأمم

وذهب بعض العلماء إلى أن معجزة هود العظمى هي " قوة ثقته بالله - تعالى - وتوكله عليه واعتماده" مما جعله لا يبالي بقوة قومه وشدة بطشهم وعتوهم، فتحداهم علناً بتلك المعجزة الباهرة قائلا لهم، هذه بينتي التي جئتكم بها.

قال الله - تعالى - قاصاً علينا ما دار بينهم في السورة التي سميت باسمه - عليه السلام - :

قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ

هود: الآيات من 53 إلى 56.

قال الألوسي في تفسيره:

وأياً مّا كان فذاك من أعظم المعجزات بناء على ما قيل: إنه كان عليه السلام مفرداً بين جمع عتاة جبابرة عطاش إلى إراقة دمه يرمونه عن قوس واحدة، وقد خاطبهم بما خاطبهم وحقرهم وآلهتهم وهيجهم على ما هيجهم فلم يقدروا على مباشرة شيء مما كلفوه، وظهر عجزهم عن ذلك ظهوراً بيناً .

وقال ابن القيم في تفسيره:

إن من أخفى آيات الرسل آيات هود عليه السلام حتى قال له قومه: يا هود ما جئتنا ببينة. ومع هذا فبينته من أظهر البينات .

وقد أشار إليها بقول الله تعالى على لسانه: إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ

فهذا من أعظم الآيات أن رجلا واحدا يخاطب أمة عظيمة بهذا الخطاب غير جزع ولا فزع ولا خوار بل واثق مما قاله جازم به، قد أشهد الله أولا على براءته من دينهم ومما هم عليه إشهاد واثق به معتمد عليه معلم لقومه أنه وليه وناصره وأنه غير مسلطهم عليه. انتهى كلام ابن القيم.

قال ابن أبي العز الحنفي في "شرح العقيدة الطحاوية":

هذا من أعظم الآيات: أن رجلاً واحدًا يخاطب أمة عظيمة بهذا الخطاب ، غير جزع ولا فزع ولا خوَّار ، بل هو واثق بما قاله ، جازم به ، فأشهد الله أولاً على براءته من دينهم وما هم عليه ، إشهاد واثق به معتمد عليه ، معلم لقومه أنه وليه وناصره وغيرُ مسلِّط هم عليه.

ثم أشهدهم إشهاد مجاهر لهم بالمخالفة أنه بريء من دينهم وآلهتهم التي يوالون عليها ويعادون عليها ويبذلون دماءهم وأموالهم في نصرتهم لها ، ثم أكد ذلك عليهم بالإستهانة لهم واحتقارهم وازدرائهم . ولو يجتمعون كلهم على كيده وشفاء غيظهم منه ، ثم يعاجلونه ولا يمهلونه لم يقدروا على ذلك إلا ما كتبه الله عليه . ثم قرر دعوتهم أحسن تقرير، وبين أن ربه – تعالى - وربهم الذي نواصيهم بيده هو وليه ووكيله القائم بنصره وتأييده ، وأنه على صراط مستقيم ، فلا يخذل من توكل عليه وأقر به ، ولا يشمت به أعداءه .

فأي آية وبرهان أحسن من آيات الأنبياء- عليهم السلام - و براهينهم وأدلتهم؟ وهي شهادة من الله – سبحانه-لهم بَيَّنَها لعباده غاية البيان.

والله – تعالى – أعلى وأعلم


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة