رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
توجه العجوز صوب النافذة كالعادة ، يشاهد أشجار اللوز داخل حديقة دار العجزة ، يراقب العصفور الأصفر يغرِّد أناشيد الحياة متنقلا بين الأغصان .
كان كل صباح يشاهد ذلك الكناري يغرد لحنا جديدا يستقبل الشمس ، يحرك الغيم و يجعل الزهور تتراقص على نسمات الهواء العليل ... ابتسم العجوز و اغرورقت عيناه بالدموع ، بدا مسرورا جدا برؤية تلك اللوحة الفنية التي رسمها الكناري الضعيف رفقة خيوط شمس الفجر ، حتى أنه بدأ ينشد بعض الأغاني القديمة مما بقي عالقا في ذاكرته ....
انتهت الحفلة التي كان مجرد ضيف شرف بها ، و عاد الكناري إلى عشه ، فعادت تجاعيد وجه العجور تظهر ، و بدأ وجهه يُطوى و عيناه تترهلان ، تذكَّر مجددا و ككل أيامه داخل الدار ، يوم أتى به ولداه ، ووضعاه أمامها و بيده مبلغ زهيد ظنَّا أنه سيجعله ينسى تلك اللحظة ، لحظة رغبتهما في السفر و بيعهما المنزل مع عدم رغبتهما في الاحتفاظ به ، بعد أدائه مهمته بالإمضاء على توكيل ملكية شامل يُخوِّلهما التصرف بكل ممتلكاته .
تَخَدَّرت الوسادة كعادتها بدموعه ، و صمتت الغرفة تراقبه و هو ينحني ساجدا في الصلاة ، سائلا اللَّــه أن يُعين أبناءه على تحقيق ما
يرغبان به .
: بقلم
جهان الشراج
2012/01/24