كلانا على خير
( وَكِلَانَا عَلَىَ خَيْرِ )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان الفضيل بن عياض وعبد الله بن المبارك صاحبين لا يفترقان
وكانا عالمين زاهدين .
فعنَّ لعبد الله بن المبارك فخرج للقتال والرباط في الثغور
وبقي الفضيل بن عياض في الحرم يصلي ويتعبد
وفي يوم رق فيه القلب وأسبلت الدمعة
كتب الفضيل إلى ابن المبارك كتاباً يدعوه فيه إلى المجيء والتعبد في الحرم والاشتغال بالذكر وقراءة القرآن
فلما قرأ ابن المبارك الكتاب
أخذ رقعة وكتب إلى الفضيل :
يَا عَابَدَ الْحَرَمَيْنِ لَوْ أَبَصِرْتَنَـــــا : لَعَلِمْتَ أَنَّكَ فِيْ الْعِبَادَةِ تَلْعَـُُبُ
مَنْ كَانَ يَخْضِبُ خَدَّهُ بِدُمُوْعْــهِ : فَنُحَوُرُنَا بِدِمَائِنَا تَتَخّضِـــــــــبُ
أَوْ كَانَ يُتْعِبُ خَيْلَهُ فِيْ بَاطِــلِ : فَخُيُولُنَا يَوْمَ الْصَّبِيْحَةِ تَتَعَـــــبُ
رِيَحُ الْعَبِيرِ لَكُمْ وَنَحْنُ عَبَيِّرُنَـــا : رَهَجُ الْسَّنَابِكِ وَالْغُبَارُ الْأَطُّـيْبُ
وَلَقَدْ أَتَانَا مِنْ مَقَالِ نُبَيِّنِّـــــــــا : قَوْلٌ صَحِيْحٌ صَادِقٌ لَا يَكْــــــذِبِبُ
لَا يَسْتَوِيَ وَغُبَارُ خَيِلٌ الْلَّهُ فِيْ : أَنْفِ امْرِيْءٍ وَدُخَانُ نَارٍ تَلَّهُـــبُ
هَذَا كِتَابُ الْلَّهِ يَنْطِقُ بَيْنَنَــــــــا : لَيْسَ الْشَّهِيْدُ بِمَيِّتٍ لَا يَكُــــذِبُ
ثم قال :
إِنْ مِنْ عِبَادٍ مَنْ فَتَحَ الْلَّهُ فِيْ الصِّيَامِ فَيَصُومُ مَا لَا يَصُوْمُهُ غَيْرُهِ
وَمِنْهُمْ مَنْ فُتِحَ لَهُ فِيْ قِرَاءَةِ الْقُرْآَنِ
وَمِنْهُمْ مَنْ فُتِحَ لَهُ فِيْ طَلَبِ الْعِلْمِ
وَمِنْهُمْ مَنْ فَتَحَ لَهُ فِيْ الْجِهَادِ
وَمِنْهُمْ مَنْ فُتِحَ لَهُ فِيْ قِيَامِ الْلَّيْلِ
وَلَيْسَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ بِأَفْضَلِ مِمَّا أَنَا عَلَيْهِ .
وَمَا أَنَا عَلَيْهِ لَيْسَ بِأَفْضَلِ مِمَّا أَنْتَ عَلَيْهِ .
وَكِلَانَا عَلَىَ خَيْرِ.